عمر قشاش
الحوار المتمدن-العدد: 899 - 2004 / 7 / 19 - 06:14
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
تتميز ذكرى الأول من أيار هذا العام في ظل التوتر السياسي الذي يسود المنطقة نتيجة السياسة العدوانية ضد الشعوب وبعد مرور عام على عدوان الإمبريالية الأمريكية وحليفتها بريطانيا وغزوهما العراق وتدمير بنيته التحتية, حرباً عدوانية مستمرة ضد الشعب العراقي المناضل في سبيل التحرر والاستقلال ورغم كل الظروف العربية والدولية التي رافقت الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق فإن المقاومة العراقية المسلحة والمدنية ضد الاحتلال, انطلقت وانتشرت بسرعة وهي توجه ضربات نوعية لقوى العدوان والغزو, ومستمرة حتى تنسحب القوات الغازية من العراق.
وتتميز أيضاً بعد احتلال العراق بتزايد الاعتداءات الصهيونية وجرائمها الوحشية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني وتدمير المنازل واغتيال قادة المقاومة الفلسطينية, وتمارس دولة الصهاينة هذه الأعمال الإجرامية, بدعم وتشجيع من الولايات المتحدة الأمريكية, إن الإمبريالية الأمريكية تخوض حرباً عدوانيةضد شعوب البلدان النامية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب ومحاربة أسلحة الدمار الشامل, ونشر الديمقراطية وواضح أن هذه شعارات كاذبة تخفي النوايا العدوانية ضد الشعوب بهدف السيطرة والاستغلال, إن هذه السياسة العدوانية هي تعبير عن أزمة وتفسخ النظام الرأسمالي المعولم من سماته وخصائصه. إن سمات الرأسمالية الأمريكية وطبيعتها العدوانية, ناتجة عن طبيعة الرأسمالية ذاتها القائمة على الاستغلال والاستعباد, وأن احتلال العراق هو جزء من المخطط الاستعماري القديم الجديد من أجل إعادة تقسيم واحتواء الوطن العربي لصالح الإمبريالية العالمية والصهيونية ـ وإسرائيل .
إن مشروع الشرق الأوسط الاستعماري الذي تسعى أمريكا لفرضه على شعوب المنطقة, تحت شعارات ومسميات مختلفة هو نفس المشروع الاستعماري السابق (الحلف التركي الباكستاني الذي كان يضم عراق نوري السعيد) في أعوام خمسينيات القرن الماضي, وقد كان هدفه احتواء حركة التحرر الوطني العربية الصاعدة آنذاك, وضم البلدان العربية إلى الحلف, وإقامة قواعد عسكرية في هذه البلدان العربية ضد الاتحاد السوفياتي تحت شعار محاربة الشيوعية, وقد رفضه جمال عبد الناصر, وشن حملة سياسية ضده, كما رفضته سورية, حيث كان الشعب يتمتع بحرياته الديمقراطية.أما الآن فإن مشروع الشرق الأوسط الاستعماري بقي نفسه, هدفه السيطرة على البلدان العربية واستقلالها وتمزيقها, ولكن الآن, تحت شعارات كاذبة مختلفة عن السابق ـ مكافحة الإرهاب, وقضية أسلحة الدمار الشامل, وقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إن الطبيعة العدوانية لأمريكا معروفة لدى الشعوب, فالاستعمار الأمريكي قلعة الإرهاب الدولي, وأيادي قادته ملوثة بدماء الشعوب, وجرائمهم ومؤامراتهم ضد الدول النامية وشعوب العالم لا تحصى.
إن السياسة العدوانية المدمرة, التي تمارسها أمريكا في الحروب العدوانية في الميدان الدولي ضد الشعوب, تشوه الإنجازات العظيمة الكبرى التي أنجزتها الرأسمالية في كافة الميادين العلمية والتقنية والمعرفية, والتي ينبغي أن تستخدم لخدمة الإنسان وسعادته وحريته ولتحقيق الأمن والسلام لشعوب العالم, وليس للحرب العدوانية والدمار, لا تستطيع الرأسمالية الأمبريالية أن تعيش بدون حروب استعمارية عدوانية لأنها من طبيعتها ...
إن انهيار الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية لم يوقف أزمة الرأسمالية وتفسخها, بل زاد في عدوانيتها وغطرستها ووحشيتها ولجوئها إلى الخيار العسكري العدواني ضد الشعوب, بدلاً من الحوار والحل السياسي للخلافات بين الدول, وذلك لفرض سيطرتها الاقتصادية والعسكرية على الشعوب, إن السياسة العدوانية التي تمارسها أمريكا ضد الشعوب أصبحت مصدر خطر يهدد السلام وأمن الشعوب وحريتها وسيادتها.
ولمواجهة السياسة العدوانية الأمريكية, فإن الشعوب تعلن عن رفضها لهذه السياسة, وتعبر عن ذلك بالمظاهرات اليومية التي تجري في العالم تعبيراً عن تضامنها الأممي, ونضالها المستمر ضد نهج العولمة الأمريكي العدواني ضد مصالح الشعوب.
وتتجلى عدوانية الرأسمالية الدولية في العشر سنوات الأخيرة من القرن الماضي في داخل بلدانها في هجومها على مكاسب الطبقة العاملة وجماهير الشغيلة التي حققتها عبر نضال عشرات السنين, وقد انخفضت النفقات المخصصة للخدمات الاجتماعية والصحة العامة والتعليم والضمانات الاجتماعية, ثم تفاقمت أزمة البطالة المستعصية على الحل, وازداد جيش العاطلين عن العمل يقدر بـ/45/ مليون عامل, والتضخم النقدي وأثره على انخفاض القدرة الشرائية للأجور كما أن ازدياد نفقات التسلح في البلدان الرأسمالية هو أحد مظاهر أزمة النظام الرأسمالي العالمي.
إن مواجهة أهداف ومخططات وعدوانية الإمبريالية الأمريكية والصهيونية وممارسة الضغوط على شعبنا العربي ترافق بعجز الأنظمة العربية وتخاذلها وعدم اتخاذها موقفاً جدياً تجاه الضغوط الأمريكية, والاعتداءات الوحشية وحرب الابادة ضد الشعب الفلسطيني الأمر الذي شجع الصهاينة على زيادة حدة جرائمهم واعتداءاتهم المستمرة.
إن الشعوب قادرة على الدفاع عن الوطن والتصدي للمعتدين, لذا مطلوب من النظام العربي الاستبدادي رفع القيود المفروضة على الشعب وإطلاق الحريات الديمقراطية له, للدفاع عن الوطن.
إن الدفاع عن الوطن مرتبط أيضاً بالدفاع عن مصالح الجماهير الشعبية وحقوقها ومصالحها ومن أجل الحرية والديمقراطية وتحسين الحياة المعيشية للشعب.
ولتحقيق هذه المطالب يتطلب النضال لزيادة جميع رواتب الشغيلة بسواعدهم وأدمغتهم في سورية.
في سورية نظام رأسمالي مركب من مؤسسات ومعامل الدولة (قطاع دولة) ومن معامل ومؤسسات القطاع الخاص الصناعي والتجاري والزراعي.
إن الدخل الوطني في سورية هو حصيلة كامل الخيرات المادية في المجتمع خلال سنة واحدة, وإن توزيع الدخل الوطني يجري بطريقة تعسفية واستبدادية غير عادلة.
إن برجوازية الدولة الطفيلية المتفسخة والمرتشية, تحصل من خلال موقعها في مراكز قيادية على حصة كبيرة من الدخل الوطني, والطبقة البرجوازية من كبار الصناعيين والتجار المتحالفين مع برجوازية الدولة يحصلون أيضاً على حصة كبيرة من الدخل الوطني, وقد نمت هذه الطبقات وترعرت في أحضان النظام القائم, وقد أصبح بعضها يملك مئات الملايين, بل المليارات من الليرات السورية.
أما الشغيلة من العمال والفلاحين الفقراء والمثقفين العاملين لدى مؤسسات الدولة المختلفة, ولدى القطاع الخاص فإن حصتهم من الدخل الوطني ضئيلة جداً, ويحصلون عليها من خلال العمل الذي يؤدونه.
هذا إذا علمنا أن قوى العمل الصناعي والزراعي والتجاري الموجودة في سورية الآن تقدر بـ (5) ملايين شخص.
إن مستوى الأجور في سورية هو أدنى من كل الدول المجاورة, لذلك فإن هذا الموضوع يتطلب إعادة النظر في توزيع الدخل الوطني بطريقة, لا نقول عادلة, بل معقولة (لأن ظلماً كبيراً واقع على جميع الشغيلة) من خلال رفع الرواتب والأجور, ورفع الحد الأدنى للأجور في قطاع الدولة, الذي هو /4/ آلاف ليرة بما فيها المحروقات, إلى /8/ آلاف ليرة في قطاع الدولة.
وزيادة بقيمة الرواتب والأجور بنسب تتراوح بين 90 – 100 % لمواجهة موجة الغلاء المفاجئة, وارتفاع أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية بنسب تتراوح من 20 إلى 50 % ....
إن النضال من أجل تحسين أوضاع جميع العاملين, وتأمين العمل للعاطلين عن العمل, (يقدر عددهم حسب مصادر حكومية ب / 600 / ألف) هو واجب وطني يتطلب من الدولة تطوير البنية التحتية للاقتصاد الوطني وإصلاح قطاع الدولة وتحسين وتطوير أدائه ومردوده ومحاربة الفساد والرشوة كل ذلك من أجل زيادة الدخل الوطني.
إن تحقيق هذه المطالب يتطلب إصلاحاً جدياً في البلاد.
إن الإصلاح الذي تحتاجه سورية للخروج من أزمتها هو في السياسة ويحتاج إلى إجراء تغيير ديمقراطي في البلاد. وذلك بإطلاق الحريات الديمقراطية للشعب, ووقف العمل بقانون الطوارئ, وإصدار قانون ديمقراطي للأحزاب, وقانون ديمقراطي للصحافة والإفراج عن المعتقلين السياسيين, معتقلي الرأي.
إن تحقيق ذلك هو في مصلحة تحصين الوطن, ويساهم في تلاحم القوى الوطنية الديمقراطية لتعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة ضغوط ومؤامرات الأمبريالية الأمريكية والصهيونية
عاش الأول من أيار يوم النضال والتضامن الأممي لجميع الشغيلة بسواعدهم وأدمغتهم, في العالم ضد قوى العدوان الإمبريالي, من أجل الحرية والديمقراطية والسلام ومن أجل حياة أفضل للإنسان.
#عمر_قشاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟