أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - آنري آستييه - الجذور العميقة للعلمانية الفرنسية















المزيد.....

الجذور العميقة للعلمانية الفرنسية


آنري آستييه

الحوار المتمدن-العدد: 897 - 2004 / 7 / 17 - 08:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فرنسا ليست البلد الغربي الوحيد الذي يصر على الفصل بين الكنيسة والدولة - غير أنها تدافع عن هذا الفصل بضراوة تفوق غيرها من الدول. فالعلمانية في فرنسا هي أقرب مفهوم بديل لدى أذهان الفرنسيين عن "دين الدولة" وقد كانت وظلت من المبادئ الرئيسية للفكر التقدمي للبلاد منذ القرن الثامن عشر. وحتى هذا اليوم، فإن أي شيء يشتم منه رائحة اعتراف رسمي، أي من جانب الدولة، بدين ما - مثل السماح بالحجاب في مدارسها - يعد أمرا لا يقبله الكثير من الفرنسيين البتة. وحتى من يعارضون فرض حظر على الحجاب يعارضون ذلك تحت اسم صورة أكثر حداثة ومرونة من العلمانية. ويمكن النظر إلى الإرث العلماني في فرنسا على أنه أثر جانبي للكاثوليكية الفرنسية، حيث طالما نظر التقدميون الفرنسيون إلى المنبر الديني على أنه عدو، وليس منبرا بين منابر التعبير، خلافا للوضع في بعض البلدان البروتستانتية. ومفكرو التنوير الفرنسيين مثل فولتير وديديرو ومونتيسكيو نظروا إلى الدين على أنه عامل تفريق وإظلام وتعصب. الجمهورية الثالثة وجاءت الثورة الفرنسية لتجلب صداما مباشرا بين الكنيسة والدولة، فقد صادرت الثورة أوقاف الكنيسة وجعلت رجال الدين يقسمون بالولاء للجمهورية الفرنسية. وخلال الثورة وخلال فترة الإمبراطورية الفرنسية التي تلتها قاوم الفاتيكان النمط الجمهوري الذي كانت باريس تسعى لفرضه في أنحاء أوروبا. وكان أن زحف الجيش الفرنسي على روما مرتين، مرة في 1798 ومرة في 1809، حيث اعتقل من رفض الانصياع من البابوات. وتوصل نابليون بونابرت إلى درجة من التوافق مع الكنيسة، والتي أصبحت خاضعة لسلطة الدولة - وإن تُركت وشأنها طالما اقتصرت على الأمور الروحية. واستمر هذا النوع من الاتفاق، والذي عرف باسم الكونكوردا، لقرن من الزمان، وفي عام 1905 ومع تجدد حركة التحفز ضد رجال الدين، أعلنت الجمهورية الثالثة مرسوما يقضى بالفصل بين الكنيسة والدولة. مواطنون فرادى ويعني قانون الفصل الحياد الصارم للدولة فيما يتعلق بالشؤون الدينية، فالدولة الفرنسية لا تسمح بالدعوة لأي دين في الأبنية العامة، وبالتأكيد في مدارسها حيث يجري تدريس مواطني الغد. وتضرب فكرة الإصرار على خلو المدارس من أي صبغة دينية بجذورها في لب مفهوم المواطنة الفرنسية. وطالما اعترفت الجمهورية بالأفراد، وليس بجماعات؛ حيث يدين المواطن الفرنسي بولائه للأمة، وليس لديه هوية عرقية أو دينية رسمية أمام الدولة. ورغم أن هذا الأمر اشتط أحيانا، مثلما كان رعايا المستعمرات في يوم ما يلقنون أن أسلافهم كانوا من الغال - وهم الشعب الأصلي للفرنسيين - إلا أن هذا المنظور للمواطنة جامع مانع وغير تمييزي. وفي هذا الإطار يتم النظر إلى الحظر على الرموز الدينية في المدارس، إذ يأتي اتفاقا مع جذور أقدم للعلمانية الفرنسية. وفي عام 1937 أمر وزير التعليم آنئذ مديري المدارس بالإبقاء على كافة الرموز الدينية خارج مؤسسات التعليم. وفي ذلك اليوم لم يثر هذا الأمر جدلا، بل واجه معارضة واهنة وسط خضم مجتمع علماني دعم أمر الدولة بهذا الصدد. فجوة بين الأجيال وفي الستينات والسبعينات بدأت حركة هجرات ضخمة من مستعمرات فرنسا في شمال أفريقيا مما دفع بتحدي جديد. 1789: الثورة الفرنسية

1789 و1809: الجيش الفرنسي يزحف على روما 1905: قانون الفصل بين الكنيسة والدولة 1937: أمر للمدارس باستبعاد الرموز الدينية 1989: المحكمة العليا تقضي بعدم مشروعية حظر الرموز الدينية في المدارس 1994: وزير التعليم يقول إن بإمكان المدارس حظر الرموز "البارزة" ديسمبر/كانون أول 2003: الرئيس الفرنسي يدعم حظر الرموز الدينية غير أن هذا لم يؤد إلى التشكيك في العلمانية الفرنسية، فالمهاجرون الأوائل لم يكن لديهم الرغبة في أن يجدوا في فرنسا التي قصدوها رجال الدين الذين خلفوهم وراءهم. والكثيرون من هؤلاء المهاجرين القدامي يصدمون الآن حينما يجدون أولادهم يتبنون ممارسات إسلامية متحفظة، وهؤلاء تصدروا الدعوات المنادية بحظر الحجاب في المدارس. غير أن الجيل الثاني والثالث الأصغر من المهاجرين يرون الأمور بشكل مختلف، فقد عاشوا في فرنسا ولم يعهدوا غيرها، وعاشوا في مناطق محرومة داخلها، وبالنسبة للكثيرين فإن التشدد والحجاب يعتبران وسيلة للتعبير عن الغضب ولتأكيد هوية مختلفة. ولا يعرف على وجه التحديد عدد الفرنسيين المسلمين، ويرجح أن الرقم الذي يتم تداوله كثيرا وهو خمسة ملايين مسلم مبالغ فيه. غير أن الانتخابات الأخيرة لمجالس تمثيلية تشير إلى أن المسلمين المتشددين المعادين للعلمانية يتحدثون بصوت أعلى من زعمائهم الأكبر سنا والأكثر اعتدالا. انشقاق وأمام هذا التحدي غير المسبوق بالنسبة لفرنسا، وجدت المؤسسة الفرنسية نفسها منقسمة، فالتقليديون داخلها شددوا على ضرورة تمسك الجمهورية بالمبادئ العلمانية الآن تماما كما كان في الماضي بوجه الملوك الذي حكموا بزعم الحق الإلهي في القرون السالفة. ويقولون إن الحجاب على الأخص لا يمكن القبول به في المدارس لأنه يمثل وسيلة دعاية لصورة غير متسامحة من الإسلام ورمزا لقمع النساء. غير أن أنصار الحداثة على الجانب الآخر قالوا إن فرض الحظر لن يكون من شأنه إلا تقوية المتشددين، وأشاروا إلى أن مبادئ العلمانية ليست منقوشة على حجر ويمكن أن تقبل باستثناءات. فعلى سبيل المثال أبقى إقليما الألزاس واللورين - اللذان كانا ضمن ألمانيا حينما تم فصل الكنيسة عن الدولة في عام 1905 - بنظام الكونكوردا الذي يسمح لرجال الدين بتلقي رواتب من الحكومة. تطورات وقد ساد الكثير من التخبط فيما يتعلق بأمر الحجاب في المدارس، بين شد وجذب. ففي عام 1989 ألقت المحكمة الفرنسية العليا بثقلها وراء أنصار الحداثة، حيث حكمت بأن فرض حظر في المدارس على الإشارات الدينية "غير قانوني"، وهو الحكم الذي يظل ساريا حتى صدور مرسوم قانوني بخلاف ذلك. غير أن المحكمة نفسها أقرت بإمكان طرد طالب أو طالبة لارتداء علامة دينية تصل إلى حد الدعوة إلى دين معين أو التبشير به. وفي عام 1994 قال وزير التعليم إن الرموز "البارزة التي تحمل علامة التفاخر" يمكن حظرها، وترك الأمر لتفسير مديري المدارس. وأخيرا أعرب الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن دعمه لقرار بحظر الحجاب والقلنصوة اليهودية والصلبان الكبيرة في المدارس.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- يائير جولان: اليهود يرتكبون مذابح بحق الفلسطينيين في الضفة
- لماذا لم يعد اليهود الأميركيون على قلب رجل واحد؟
- عودة -حسم-.. هل تتجدد تهديدات الإخوان للأمن المصري؟
- هل تختفي الدراسات العربية والإسلامية من جامعات أوروبا بسبب ا ...
- السلطات المصرية تعتقل خلية لحركة حسم والإخوان تنفي ارتباطها ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات ...
- أول اتصال هاتفي بين بابا الفاتيكان الجديد والرئيس الفلسطيني ...
- الرئيس الفلسطيني يطلب من بابا الفاتيكان مناشدة العالم وقف قت ...
- -سلوشنز- تجدد تسهيلات بنكية إسلامية قيمتها 1.5 مليار ريال
- المصارف الإسلامية في سوريا تنتزع الريادة من نظيراتها التقليد ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - آنري آستييه - الجذور العميقة للعلمانية الفرنسية