صالح جاووش أوغلو
الحوار المتمدن-العدد: 894 - 2004 / 7 / 14 - 05:33
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
تختتم مجلة "التايم" الأمريكية في عددها الأخير مقالا رئيسيا لها عن فيلم مايكل مور الوثائقي" فهرنهايت 911 " بعبارة تدل على مأزق جديد تواجهه أدارة الرئيس جورج بوش الحالية بسبب الفيلم حيث يترك المقال القارئ بالتساؤل التالي: "هل بالأمكان أن يكون حلم مايكل مور كابوسا لجورج بوش؟ " .
حلم مايكل مور في هذا الفيلم يتجسد بشكل خاص في أنتقاده لسياسة بوش الخارجية وتحريض الجمهور الأمريكي على عدم الأدلاء بأصواتهم له في الأنتخابات الأمريكية القادمة في شهر نوفمبر-تشرين الثاني من هذا العام. يبدو ان حلم مور هذا آخذ في التبلور والتجسدالتدريجي في الواقع وخلق الكوابيس لبوش وأدارته فعلا. ففي الأسبوع الأول من عرضه في دور السينما الأمريكية حقق فيلم مور أيرادا غير متوقعا حيث وصل الى أربعة وعشرين مليون دولار. أما في الأسبوع الثاني من العروض فقد جاوز الخمسين مليونا. ويتوقع أن تصل أيرادات الفيلم في الأسبوع الثالث الى مئة مليون. هذه الأرقام تشير الى النجاح الساحق للفيلم بين قطاعات الجمهور الأمريكي الكبير والمتباين في نفس الوقت. فحسب التقارير الصحفية فان مشاهدي الفيلم لم يقتصر على الرواد التقليديين من اليسار والليبراليين لمثل هذه الأفلام بل جاوزهم وأستقطب أهتمام الكثيرين من الجمهور المحافظ وخصوصا في الولايات الجنوبية والمدن الصغيرة.
وحول صحة التهم الموجهة لبوش وأدارته في هذا الفيلم فأن مور، بالأضافة الى أعتماده على تحليلاته الشخصية اللاذعة لمجريات الأمور لا ينسى تضمين فيلمه للأدلة والحقائق وذلك لدعم وجهات نظره. أن الكثير من هذه الأدلة والحقائق سبق وأن تناولته العديد من وسائل الأعلام المناهضة للأعلام السائد وخصوصا في الولايات المتحدة الا انها لم تخلق اي حرج يذكر للرئيس الأمريكي جورج بوش وأدارته مثلما خلقه فيلم مور " فهرنهايت 911 " .
على الرغم من أن نجاح الفيلم يعود بالدرجة الأولى على قدرة مورفي شد أنتباه جمهوره بأسلوبه الساخر واللاذع وتناوله للمواضيع التي تهم قطاعات كبيرة سواء في الولايات المتحدة أو العالم الا انه يبدو ان الأدارة الأمريكية الحالية قد ساهمت بشكل او بآخرفي تحريض الجمهور لمشاهدة فيلمه الأخير وذلك بردودها وتصريحاتها المتحدية والسلبية أزاء الفيلم وشخص مور. ففي رسالة له على موقعه الشخصي يقول مور ان " محرري الأخبار (في وسائل الأعلام) أخبروه بأن العاملين في البيت الأبيض قد أغمروهم بالرسائل الألكترونية والمكالمات الهاتفية في محاولة منهم للخروج من المأزق (الذي أحدثه الفيلم لهم) وذلك بالتهجم عليه وعلى فيلمه ". وفي نفس الرسالة يسخر مور من دان بارتليت المتحدث بأسم الرئيس جورج بوش الذي هاجم الفيلم على الرغم من عدم مشاهدته للفيلم. يقول مور " في وقت لاحق ، أعلن بارتليت من على شبكة ال سي ان ان بأن هذا الفيلم لا يحتاج منا مشاهدته كي نعلم بأنه ملئ بالحقائق المزيفة " . وأمعانا منه في السخرية من البيت الأبيض يقول مور بأن الذين في البيت الأبيض محقين في تصريحهم هذا " حيث أنهم لم يحتاجوا الى رؤية قطعة واحدة من اسلحة الدمارالشامل (في العراق) قبل ان يرسلوا ابناءنا الى الموت " .
وبعيدا عن هجوم مور على بوش والهجوم المضاد من أدارة بوش على مور، فأن المعركة بين الطرفين أخذت زخما آخرا بعد أن تحول عرض الفيلم في أمريكا الى مناسبة أستغلها الكثيرون من مقدمي البرامج الكوميدية والترفيهية للسخرية من الرئيس الأمريكي جورج بوش. فمقدم البرنامج الترفيهي الليلي المشهور ديفيد لترمان والمعروف بسخريته اللاذعة لجورج بوش قال ساخرا" بأن بوش، في معرض ملاحظاته عن الفيلم، قد تذمر قائلا بأن نسبة97% فقط من مجموع كل التهم الموجهة ضدي من قبل مورصحيحة".
بالأضافة الى الموقف السلبي لأدارة بوش أزاء الفيلم والذي أضاف زخما الى أشتهار الفيلم فأن نجاح مور في أيصال مايفكر به الى الجمهور العريض يعود الى اسباب عديدة أخرى منها اختياره المناسب لأداته الأعلامية. أن وسيلة أو أداة نقل المادة أو الفكرة أو المعلومة للجمهورتلعب دورا مهما في نشر تلك الأفكار أو المعلومات. فمعلوم أن الوسائل المرئية لها قوة أكبرمن الوسائل المقروؤة والمسموعة في نشر المعلومة أو الفكرة بين قطاعات واسعة من الجمهور ولا تحتاج الى جهد كبير من الجمهور لتلقي المعلومة أو الفكرة وخصوصا أذا كانت المادة المعروضة ترفيهيا وساخرا مثل فيلم مور. ومع ذلك يجب علينا أن لا ننسى دور القوى والعوامل السياسية في أنتشار ونجاح هذا الفيلم. ان فيلم مور هذا قد نال الجائزة الأولى في مسابقة كان السينمائية قبل مدة قصيرة من عرضه في الكثير من مدن العالم والولايات المتحدة. فعلى الرغم من أعجاب أعضاء لجنة التحكيم في كان بفيلم مور وأعطاءهم له جائزة السعفة الذهبية فأن الأمر لم يخلو من دوافع وميول وأسباب سياسية. فبعد فوز الفيلم بالجائزة الأولى لم يخف العديد من المراقبين والناقدين شكهم في أن حصول الفيلم للجائزة جاء نتيجة الخصام السياسي بين جاك شيراك و جورج بوش حول أحتلال العراق. كذلك أدعى العديد من الناقدين بأن البعض في لجنة التحكيم قد أنحازلفيلم مايكل مور وذلك للتوافق الفكري والمبدأي بينهم وبين مور. وأخيرا و على الرغم من مسعى الأدارة الأمريكية وأستعمال نفوذها لدى كبرى شركات الأنتاج والتوزيع السينمائي لمنع عرض الفيلم الا ان مسعاها باء بالفشل وفتح الأبواب أمام مور كي يغدو حلمه كابوسا لجورج بوش.
#صالح_جاووش_أوغلو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟