بسبب سلوكه الكردي تم فصله من معسكر صيفي – كوباني

هوشيار كوباني

الحوار المتمدن-العدد: 885 - 2004 / 7 / 5 - 02:32
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

في كل سنة تقام معسكرات صيفية في سوريا لطلاب الناجحين إلى الصف الثاني الثانوي، وهي معسكرات عسكرية عقائدية خدمية، ولمدة ثلاثة أسابيع، والتي تم نسخه من الأنظمة الاشتراكية التوتاليتارية، بعد اغتصاب السلطة من قبل التصحيح المجيد.
تتوزع برنامج المعسكر اليومي في النهار بين التدريبات العسكرية والمحاضرات العفلسدية والخدمات التنظيفية للشوارع و الأحياء وبزيهم الطلابي العسكري وفي الليل تتم المناوبة للحراسة، حراسة قلعة الصمود و التصدي.
هذا وكان ذلك قبل ثورة التطوير و التحديث، والتي طورها وحدثها إلى معسكرات عسكرية عقائدية معلوماتية بدلا من الخدمات التنظيفية.
الخدمات كان على شكل تدهين حواجز الارصفه و تنظيف الحدائق العامة و تدهين الشجيرات داخل المدن و تكنيس الشوارع الرئيسية منها و الفرعية.
ففي منطقة كوباني الكردية/معربة إلى –عين العرب-/ لا وجود لحدائق العامة/ما عدا الحديقة الوحيدة و التي مساحتها 1600مم وهي مستثمره/ كما يفتقد المدينة إلى شجيرات و حواجز أرصفه، إلا أن الشوارع وحدها كان هي شغل الشاغل للطلاب، لمشقة عملهم إذ كان يعملون تحت عمودية الشمس التموزية المحرقة، ويكنسون شارعاً شارعاً ويخدمون بروح المسؤولية و ذلك كله تحت الشعار/كلنا جنود الأسد – كلنا شبيبة الأسد- كلنا عمال النظافة – كلنا عساكر البعث – كلنا باسل عفواً كلنا حيدرا /، و يرجعون إلى بيوتهم بعد انتهاء دوام وهم ماندليون الوجه أقرب منه إلى وجههم الحقيقي.
لذا استبشروا طلابنا الأعزاء بالثالوث المحدثة لإضافة المعلوماتية الغربية بدلا من هذه الخدمات الشرقية الاشتراكية المرحومة.
لكن سرعان ما تلاشت فرحتهم و استبشارهم بالمعلوماتية والانترنت وما ادراك ما انترنت، بعد أن فهموا بأن المعلوماتية هي على وزن الاستخباراتية وليس الانترنتية وما شابه ذلك من صنيع العولمة و الإمبريالية، فالحكمة البعثية تقول (أعطني خبراً أعطك خبزاً)-الله يرحمك يا جبران-.
وفي هذا الصيف وفي معسكرات إلى الأبد والتي بدأت في اليوم الأحد /27/6/2004 وتحديدا في اليوم الرابع، أي الأربعاء 30/6/2004 ولإملاء وقت فراغهم، تجمع بعض الطلاب وأخذ كل واحد منهم يسترجع ذكرياته بتلك الأغاني العاطفية وكل منهم أصبح يتمايل مع أمواج عواطفه وهو يغنيها بكل أشجانه وخاصة أغنية مطربهم المحبوب الفنان رشيد صوفي و أغنيته البارزة لدى جميع أهالي كوباني، كباراً و صغاراً وهي أغنية Xwezîya hêvî pêk batana و تعني /ليت تتحقق الآمال / كذلك أغنية Gulistana dil و تعني حديقة القلب.
لكن سرعان ما استفاقوا من نشوتهم على صوت مشرفهم بعد وصوله الخبر بما يغنون، فطلب المشرف فاضل كوردان /كوردان –Kurdane - وهي كلمة كردية تعني كالأكراد / وهو الكردي لحماً و دماً و العفلسدي روحاً و فكراً ، إلى الاجتماع .
إخلاصا لأسياده و للايدولوجيتهم الشوفينية بدأ بشرح شريعة أسياده وبيان محرمات من محللاته في هذا الوطن المئخاذ.
و باعتبار اللغة الكردية ممنوع و محرم دستورياً و عفلقياً، سواء تسمية كان أو طرباً أو تحليماً، لخطورته على الوجود خير امة أخرجت للناس، فاعزهم و حزرهم لان لا يرتكب حماقات مرة أخرى و الغناء بلغتهم الأم.
استغرابه و دهشته لم يمنع فضوليه أن يسأل( احد طلاب) سائلاً:بأي اللغة نغني ؟
أجابه قوردان:بأي اللغة كان.
رد طالب سائلاً:أنغني بالتركي مثلاً؟
أجابه قوردان:نعم بالتركي أو إنكليزي/ اميركي كان أم بريطاني/ و الأفضل بالعربي.
وعندما ذكر كل تلك اللغات، ضاربا عرض الحائط، كلاً من رشيد وشفان إلى فقي وجوان.............فارضاً مادونا وهوليا افشر والأفضلية كان من نصيب نانسي عجرم..!!!
تجرأ الطالب بيان أحمد بن نظمي سائلا مشرفه العفلسدي:لماذا لا نغني بالكردي حصراً؟
أجابه قوردان : هذا لا يعنيك ، أنت تنفذ فقط .
سأله بيان: أنفذ ماذا، وكيف لا يعنيني وأنا كردي !؟
أجابه قوردان:هناك أوامر من الأعلى بهذا الخصوص.
رد سائلا بيان: ماذا تعني الأعلى، أرشدني إليهم لاستفسر منهم الأمر ؟
أجابه ساخراً قوردان: لا تستعجل سوف نرى غداّ.
وفي اليوم التالي أي الخميس /1/7 كالعادة أتوا إلى معسكرهم، المعسكر الصمود و التصدي، وكان الغد لناظره القريب، وإذ بإعلان معلق في لوحة الإعلانات معلناً فصل الطالب بيان أحمد بن نظمي مبررا بسبب سوء سلوكه في المعسكر، علماً الفصل يعني الرسوب في صفه.
تقبل الطالب بيان مثله مثل هذا الشعب بملاينه العشرين، بعربه وكرده، الأمر الواقع وذلك بفصله بقرار جائر، ليس إلا لخرقه الشريعة الشوفينية البعثية، بغنائه بلغته الأم وتمسكه بتراثه.
خرج وتاركا خلفه المعسكر وذكرياته، و عاما دراسيا من عمره، وهو يغني مع نفسه Xwezîya hêvî pêk batana ...
الملحوظة
كان بيان أحمد من ضمن الذين تم اعتقالهم على خلفية الانتفاضة القامشلي، وكان ضيفا عند فرع الأمن العسكري – بحلب – وافرج عنه بعد يومين من اعتقاله، بعد غداء دسم و عشاء يعلمه الله..

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات