أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد جبر شنان - الفنان سعد الموسوي عاشق دهشة الطين














المزيد.....

الفنان سعد الموسوي عاشق دهشة الطين


عبد جبر شنان

الحوار المتمدن-العدد: 2909 - 2010 / 2 / 6 - 12:10
المحور: الادب والفن
    


"إن الممتازين في الفلسفة أو الشعر أو الفن كلهم من ذوي المزاج المكتئب أو الجنون الساكن"
-أرسطو-


يعتمد سعد الموسوي في سرد رؤاه الطفولية على ومضات بصرية، تكتب صمته البليغ وانحناءات صخب فراغها الواعي بلغة تشكيلية مبتكرة.
لقد اكتشف سعد مبكرا وعورة اللون، وظل يرصد اللامتناهي من والمبهم فيه، وأطال التحديق بمصائر موجودات تاريخه الشخصاني، وتراث بلده العتيق ... لذلك لم يوهم نفسه كثيرا بالمعنى، ولم يعول عليه فبدا نصه البصري لا يعنيه الأسلوب بقدر ماتثيره الأسئلة.
إنه فنان لا يعرف السكينة، يتأمل جدوى الهدم الذي تنحاز إليه مرئياته، ويشعرك انه يتوغل فيما وراء الرسم، ويخترق عتمات الأزمنة، ويؤرخ لأيام إضافية مخترعة من عندياته، فيعتمد انتقائية القلق، وغياب التسميات المبهرة، واستغرابه الركون إلى المصطلح.
لقد استطاع سعد الموسوي بفرادة شخصية أن يحول اليومي إلى تجريد، إلى لمسة وكثافة لا تحتاجان إلى استبطان .. انه يطمح لتدوين مستحيلات أسلافه وألغازهم وطلاسمهم العصية على الإمساك .. جسدها على سطح اللوحة كسراب أو حريق جسد مبهور بالاختفاء والظهور، وبحفر في كيان عالم مثقل بالغربة، وقاصر عن الوصول لذاكرة جسده. لوحته ساكنة تحت إبهام متعمد، لكنها ضاجة بالصمت.
بقصدية واعية تبدو كائنات لوحاته تتحرك بغرائبية مبتكرة، إنه يكسي فضاء لوحته بإضاءات شكلية تجعل صمت لونه مسموعاً، بل أشد سطوعاً من ضوء فراغه الذي يكتسح فسحة وجوده.
اللوحة لديه تبدأ من النهاية، وتتمحور حول جوهر قصي، يرتد دائماً إلى البدايات الأولى، وكذلك يوغل بالامتداد الرافديني الفاجع الذي يقترب من يقظة غارقة في الماضوية المبصرة. تكويناته المستفزة تحتمل أكثر من تأويل، والمشهد التشكيلي لديه غير محدد بإطار اللوحة وغير مختصر بماهية مهيمنة كون لوحته تتمرد على إطارها لتصطدم بالمتلقي وتسحبه عنوة لخول فضاءاتها البنائية ورموزاتها المتآخية والمتضادة معاً.
يشعرك هذا الفنان بأن ألوانه عطشى، ولوحاته تقف بوجهك مستفزة ومستفهمة. لوحاته تقترب كثيراً من الإمساك بالحبل السري للدهشة و لا تجازف بكشفه في سماءاتها. الفنان سعد الموسوي يصغي بصمت مبدع إلى الأسئلة لأنه سليل راقصي معبد أور، ووريث وداعتهم، وقد نثر بهاء انحناءات الجسد في أقاصي لوحاته، وتركها تتماوج في فورة مثقلة بالحنين وتتدلى مثل عناقيد أو حتوف.
في لوحاته يتابع بجدية ذاكرة الجسد وأسراره ونزواته، إنه يسعى ليثير الحس الجمالي للجسد، وإيماءاته وكيف تنقلب رشاقة رقصه إلى هوس وانفلاتات جسدية ليؤكد ما قاله روجيه غارودي من أن الرقص هو جُماع الفنون كلها.
سعد الموسوي صائغ لوحات جوال، وحكاياته بأسرها الطين وبذخه. إنه يتذمر من الوضوح، ويكره التفسير، وينبذ التكرار، ولا يغض الطرف غن الترهات .. إنه لا يرتكز على تقنيات محددة ومتشابهة، ولذلك نرى انه في أكثر من لوحة يفترض محذوفات يتعين على المشاهد أن يستكملها، لكن ليس بالضرورة أن يملأ فراغاتها كمتلق بوعي تقليدي.
لوحته تتوخى الصدمة دائماً .. الصدمة التي تخلخل قناعات المشاهد، وأفق وعيه، ومرتكزات فهمه السكوني ... لوحته تطمح لإرساء معاييرها الخاصة التي تتناسب مع إيقاع وسائلها البصرية. سياق اللوحة لديه يحتمل الاستفاضة والتنقل والتجاوز مع نصوصه النفسية الصامتة التي لم يقلها بعد.
الحياة تبهر الفنان، وفراغ اللوحة يستفزه بوصفه تهذيباً للصمت. إنه يستمد لوحته من تفتيت مشاهداته غير المتكئة على المباشرة، لذلك تبدو أليفة توهم المشاهد العادي بالوضوح، لكن قاريء نصه البصري المتمعن يتهيب الخول إلى عالمه، ويخشى لحظة الاصطدام به.
لوحته تفترض نواة فضاءات، وتحتمل زوايا ووجهات نظر ... لوحته تكتظ لأمكنة وسرد يصل حد انه يتحجدث عن زمن قادم، ويشعرك بأنه يرتطم أكثر الأحيان بجدار اسمه الرعب، وقد يكون أقسى ما يعكسه رعب الحرية، لذا فإن لوحاته لا تعرف حدوداً آمنة، ولا تثأر من أحد، لكنها تتمسك بفرادتها.



#عبد_جبر_شنان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد جبر شنان - الفنان سعد الموسوي عاشق دهشة الطين