أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناظم حكمت - الكتاب ذو الغلاف الجلدي














المزيد.....

الكتاب ذو الغلاف الجلدي


ناظم حكمت

الحوار المتمدن-العدد: 2868 - 2009 / 12 / 25 - 12:17
المحور: الادب والفن
    



في ضوء القمر ليلة البارحة
مثل درويش اختل عقله
مثل درويش انطفأت شمعته، انقلب مقعده رأسا على عقب
قرأت طوال ساعات
في ذلك الكتاب المعروف
ذي الغلاف الجلدي الممزق والمزركش...

كلما قلبت الصفحات الصفراء التي تفوح منها رائحة العفن
لذلك الكتاب النائم في الأحضان الممزقة
للغلاف الجلدي المزركش
تخيلت انني انما أنبش احد القبور.
خطوطه اليدوية الناعمة امتلأت بالحياة
واظهرت الوجوه المرسومة في الاساطير :
تحول ابليس الى افعى، حواء نجحت في اغواء آدم،
شاهدت الروح الملعونة التي قتلت اختها.
ترنحت سفينة خشبية عملاقة في المحيطات،
شاهدت نوحاً ينتظر الحمائم من الآفاق.
عقب اسماعيل استخرجت زمزم من الرمال.
في طور سينا رفع موسى ذراعيه الى السماء.
حين ضرب بعصاه شق بحر القلزم
فاهتدى بنو اسرائيل إلى الطرق المؤدية للقدس.
أطلق زكريا ذكره
مع آهة لا آخر لها
ولد عيسى، اهدت مريم
بكرها الى اللـه.
فتحت المدينة ذراعيها لمحمد القرشي.
تحولت كربلاء الى مقبرة من النار للحسين...
مع تقليب الصفحات
كل هؤلاء انتصبوا ثم سقطوا تباعا
غاب القمر واطلت الشمس
واتقدت النار في قلبي
ثم القيت بالكتاب
ذي الغلاف الجلدي المزركش والممزق
في بئر عمياء
لعله يدفن في نومة أبدية...

أسفي علينا فقد كنا طوال قرون ضحايا للتضليل!
نرى الخطوط المرسومة في الظلام
نراها ونتمسح بها،
اسفي علينا، اسفي فقد احترقنا مثل قنديل...
لم تأتنا النجدة من السماء، ولا لقينا منها ذرة من الرحمة.
ما قدّم موسى وعيسى ومحمد
للعبيد الكادحين الاّ سطراً من الدعاء، وشيئا من عبق البخور،
مع التوجيه الى الطرق المؤدية للجنات الخرافية.
فلا الأذلن المرفوع خمس مرات، ولا اجراس انجيلوس
استطاعت أن تحرر الكادحين المعدمين من قيودهم.
مازلنا عبيداً، ويوجد لنا سادة،
مازالت الجدران ذوات الحجارة الملعونة المغطاة بالفطر
تفصل ابناء الارض إلى جماعتين
العبيد...، والسادة.
مازال السيد يصدر الأوامر، ومازال العبد يكدح.
مازال العبيد محرومين
حتى من فضلات وبقايا مولئد السادة الفضية،
ومن خبزهم الابيض مثل الثلج
من أباريقهم المملوءة بالخمر.
مازلنا نمضي مساء كل يوم في ظل العبودية
نمضي الى بيوتنا حاملين قليلاً من الخبز الحاف،
وحين يتسلل المطر من ثقوب اسطحة منازلنا
نرتجف تحت لحفنا الممزقة
منتظرين الشمس حتى نأخد منها قسطا من الدفء
مثل قطيع من الكلاب المريضة المندسة ببعضها،
محاريثنا ومطارقنا مع كدحنا الطويل،
مع معاولنا الدائبة على الانين منذ قرون،
قد أفرحت قلب التربة السوداء
وتكللت الشجرة المعروفة باسم الدنيا بالأزهار والورود
مثل حسناء فتية طرية تستسلم للعاشق.
نحن نموت جوعاً تحت هذه الشجرة
أما السادة فيجمعون كل ثمراتها واحدة واحدة
وهم يبرزون انيابهم المفعمة بالتهديد ...

السادة، الاغوات، الاولياء، النساك
ليخنقوا جميعاً بين احضان الظلام والفراغ الأبديين،
يكفينا نهج بسيط، قانون واضح، حق جلي
على طريق النور للأرواح الطاهرة هو :
مـــن يعـمــل يــأكـــــل


1921






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العملاق ذو العينين الزرقاوين


المزيد.....




- كتارا تطلق مسابقة جديدة لتحويل الروايات إلى أفلام باستخدام ا ...
- منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة تحتفي بأسبوع ...
- اختيار أفضل كلمة في اللغة السويدية
- منها كتب غسان كنفاني ورضوى عاشور.. ترحيب متزايد بالكتب العرب ...
- -دليل الهجرة-.. رحلة جاكلين سلام لاستكشاف الذات بين وطنين ول ...
- القُرْنة… مدينة الأموات وبلد السحر والغموض والخبايا والأسرار ...
- ندوة في اصيلة تسائل علاقة الفن المعاصر بالمؤسسة الفنية
- كلاكيت: معنى أن يوثق المخرج سيرته الذاتية
- استبدال بوستر مهرجان -القاهرة السينمائي-.. ما علاقة قمة شرم ...
- سماع الأطفال الخدج أصوات أمهاتهم يسهم في تعزيز تطور المسارات ...


المزيد.....

- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناظم حكمت - الكتاب ذو الغلاف الجلدي