أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتيحة الشرع - عطر شبعاد المرأة العراقية.














المزيد.....

عطر شبعاد المرأة العراقية.


فتيحة الشرع

الحوار المتمدن-العدد: 2861 - 2009 / 12 / 17 - 18:13
المحور: الادب والفن
    


في إحدى ليالي العراق الصيفية الحارة جسدا وروحا، ومن إحدى شرفات بيت جميل تحرسه نخلات باسقات كان ينبعث صوت إمرأة وهي تُعاتب، توقف هذا العابر لا ليتنصت بل لأن العبارات المنبعثة كان تأثيرها في عقله أكثر من تأثير العطر على غدة الليمبي.

سمعها تقول:

"لماذا يلبسُك الغرور كلما شممت رائحة عطري المفضل و تظن أنني وضعته خصيصا حتى يداعب شعيرات أنفك ويطير خيالك ليحط على أغصاني.

أَوَ ليس لأنوثتي حق عليّ كلّما خَفَتَ بريقها أُلَمِعُها؟

أوَ تنسى أن وجهي تشحَب ألوانه تحت تأثير عواصف مزاجك وضغوطاتك. أحتاج من حين لآخر للمسات حتى ولو كانت من بَرْنيق تُعيدُ لعواطفي المستنزَفة بعضا من بريقها.

تعرف جيدا أن حاسة شمي قوية تحتفظ بما مضى ، وتعرف جيدا أن أنفي شامخ يعشق الطيب من الروائح ولا أقصد الماركات بقدر ما أقصد أصالةَ العطر وما تُوحيه."



تذكر هذا العابر طفولته حين كان يدس رأسه تحت رداء جدته الأرملة فيتسلل أنفه عبر فتحة عنق فستانها التقليدي ويلامس بعضا من حرير صدرها.

كانت رائحة البخور التي تفوح منها تعجبه كثيرا فيمارس فعل الشم خِلسة...



تذكر هذا العابر حين نجح في الابتدائية، وكيف عاد جاريا إلى البيت يحمِلُ البشرى لأمه التي كانت ترى في نجاحه انتصارا على حرمانها من التعليم. رمته الفرحة على صدرها فارتطم به أنفه لتقابله رائحة الياسمين وزهر الليمون.

كانت أمه تُنقع الزهور وتستحم بمائها، لم تملك في غرفة نومها قارورة عطر. ولأن والده كان دائم الغياب، كان هذا الصغير يخشى الظلام فيهرب ليلا إلى حضن والدته ويمارس فعل الشم خلسة وهو مندس في حضنها.



دعته يوما صديقة لتناول فنجان قهوة، كانت المرة الأولى منذ بداية عهد صداقتهما التي تطورت فيما بعد، وكانت الصديقة تخجل من فقرها وكان هو يزداد إعجابا بأنوثتها وحبها للكتب والفن.

كانت المناسبة خطبة أختها، وكان البيت جد متواضع، إلا أن الشاب كان أسير الدهشة وهو يرى في كل ركن من البيت بقايا علب وأواني ملئت بمختلف أنواع نباتات الزينة المزهرة ...هذا مسك الليل وهذا قرنفل وهذا نرجس وغيرها.

فرغم البساطة إلا أن الرائحة كانت تُزيّن المكان فاستمتع وهو يرتشف كأس القهوة بممارسة فعل الشم خلسة.



سافر يوما إلى بلد الجن والملائكة باريس، بقي أياما طيبة بين أحفاد بودلير، وعندما قرر العودة فكر أن يحمل هدايا للأهل والأحبة.

نصحوه بشراء العطور الباريسية الفاخرة المعروضة داخل واجهات الشارع اللاتيني وكعادته لم يقاوم سحر العطر فدفع الثمن باهظا بدل من شمه خلسة.

قالوا له أن الباريسيات يضعن بعض نقط مستخلص زهرة اللوتس وزهرة الخزامى وزهور أخرى هنا...وهنا ...طبعا في الأماكن الحساسة...

تذكر هذا العابر ما قرأه كثيرا عن زوجات ملوك الحضارات التي تعاقبت بين نهري دجلة والفرات وتذكر قصة شبعاد التي يحكي عنها الرجال للرجال والنساء للنساء طبعا...يحكون كيف كان عطرها هو السحر الذي أسَرَت به الرجال. كانت فاتنة ونرجسية وكان حولها من يتربص بها فحولت عطرها إلى سلاح تذود به عن تاج الرأس و بسطة العرش.

وبينما هذا العابر غارق في عبق ذكرياته عَلاَ صوت المرأة ثانية وهي تقول:" هل فهمت الآن لماذا تحتاج المرأة أن تعشق العطر؟ حتى وإن أخطأت رسائلُه العنوان تبقي أنوثتها هي من يستحق ذلك قبل كل شيىء..."

مضى هذا العابر وكلّه عزم على أن يُعيد كل حساباته دون استثناء في تعامله مع عطر حبيبته...






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتيحة الشرع - عطر شبعاد المرأة العراقية.