عن ماذا سيعلن بوش؟

خالد أبو يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 172 - 2002 / 6 / 26 - 06:52
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

يبدو ان القيادة الأميركية تفرعنت بعد أن هيمنت على العالم باسم محاربة الإرهاب والديمقراطية والاقتصاد الحر إلى آخر هذه الخزعبلات التي تمارسها أمريكا على العالم بغض النظر عمن يجلس في البيت الأبيض أو من يحكم الديمقراطيين أو الجمهوريين، وتخرج لنا كل يوم ببدعة والبدع كما هو معروف لا يصدقها سوى الضعفاء!

واَخر هذه البدع بدعة الدولة الفلسطينية المؤقتة دولة بلا حدود دائمة لكي يتسنى لشارون وامثاله انتهاك سيادة هذه الدولة متى شاءوا أيضا باسم محاربة الإرهاب... دولة مؤقتة للفلسطينيين لانهم حسب الفهم الأميركي ذو التفكير الشاروني لا يملكون مقومات دولة؟

أو أن الإدارة الأميركية وشارون مقتنعين تماما أن الإعلان عن إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة والوصول إلى السلام العادل في المنطقة، وهذا يعني بشكل أوتوماتيكي إنهاء حالة الحرب والعدوان اللذان بنيت عليهم دولة إسرائيل أي بشكل أوضح لا يعد هناك مبرر لوجود امريكي في المنطقة ولا لوجود أمثال شارون في الحكم وهذا ما لا يريده شارون وبوش معا.

الرئيس بوش خلال لقاءاته الأخيرة مع بعض قادة دول الشرق الأوسط كرر أكثر من مرة عبارة أن الرئيس عرفات خيب ظنه وأمله بماذا لا أحد يعرف بالضبط؟ ماذا يريد بوش من عرفات حتى يكون عند حسن ظنه؟ هل المطلوب التنازل عن المحرمات الفلسطينية؟ أن هذا لن يحدث أبدا لان المحرمات الفلسطينية ملك لكل الشعب

الفلسطيني ولا أحد يملك الحق بالتنازل عنها!! أم أن المطلوب أن يعلن عرفات أن الشعب الفلسطيني يحتل الضفة الغربية وقطاع غزة وسوف يعمل على طردهم من بيوتهم كما يريد شارون!! هل المطلوب من عرفات أن يتوجه بنداء إلى اللاجئين الفلسطينيين في الشتات لكي يقوموا بانتحار جماعي وعند ذلك سيسقط حق العودة!

هل المطلوب من عرفات الاعتراف بان القدس عاصمة إسرائيل؟ هل هذا هو المطلوب من عرفات تنفيذه حتى يقبله بوش وشارون؟

ان شر البلية ما يضحك الاميركان يتحدثون عن السلام في المنطقة وعن تهدئة الأوضاع لكي يتسنى للمعنيين استئناف عملية السلام ويذرفون دموع التماسيح على الشعب الفلسطيني وبنفس الوقت يمنحون عصابة شارون ضوءا أخضرا لاقتحام الأراضي الفلسطينية ويغضون النظر عما يرافق ذل! ك من قتل وتهجير واعتقال لابناء الشعب الفلسطيني ويبررون ذلك لشارون بحجة الدفاع عن النفس ويمولون بشكل غير مباشر بناء الجدار العازل الذي ذكر كوندوليزا رايس بمعازل الهنود الحمر في الولايات المتحدة، والذي يعمل على إجهاض أي مشروع لدولة فلسطينية على أراضى1967.

الاميركان كانوا ومازالوا يمارسون سياسية المعايير المزدوجة يقدمون الدعم المطلق لإسرائيل بتبنيهم كل ما تطلبه منهم ويتعاملون معها كحليف استراتيجي وحيد بالمنطقة فماذا ننتظر بعد كل ما تقدم من بوش أن يعلن؟ لا شئ سوى التشدق بإيجاد حل سلمي لقضية الشرق الأوسط كما تراه إسرائيل وغير ذلك لن يكون هناك أي جديد.

كسر إرادة الشعب الفلسطيني من المستحيلات وهو بعكس ما يتمنى أعدائه يزداد كل يوم صلابة و إرادة والضغوط التي تمارس عليه لا تأثير لها كما هو واضح للجميع عشر سنوات من المباحثات وعشرات الاتفاقيات التي وقعت ذهبت أدراج الرياح لان شارون لم يوقع على أوسلو بالتالي هو غير ملزم به!! والسؤال المنطقي الذي يفرض نفسه ما هو مصير اتفاقية كامب ديفيد مع مصر واتفاقية وادي عربة مع الأردن؟ هل سيكون مصيرهم مثل أوسلو بعد فترة من الزمن؟ لقد اثبت التجربة بشكل قاطع أن الولايات المتحدة فقدت دورها كراعي لعملية السلام ولمن يريدوا أن يحجبوا الشمس بغربال وبالأخص لمن ينافس إسرائيل في المنطقة في الولاء للولايات المتحدة نقول أن الولايات المتحدة لا تضمن سوى المصالح الإسرائيلية و لا تعمل إلا على تحقيق الأهداف الإسرائيلية، وتفرض على الجانب الفلسطيني بشكل خاص والعربي بشكل عام تقديم تنازلات ثمنا لسلام مفقود مع عدو لا يحترم توقيعه على أي معاهدة.

عن ماذا سيعلن بوش؟ عن دويلة تقام في منطقة أ و ب!! عن دويلة مؤقتة تعيش حتى إسقاط صدام حسين وبعد ذلك تخرج للنور الخارطة السياسية الجديدة للمنطقة والتي ستكرس الهيمنة الأميركية على المنطقة ومقدراتها ليس هناك أي مبادرة أميركية لحل قضية الشرق الأوسط بل هناك عملية تسويف ومماطلة ووعود كاذبة من اجل كسب الوقت وان كل ما يريد أن يقوله بوش هو عبارة عن ترجمة لما يقوله شارون باللغة العبرية إلى اللغة الإنكليزية.

يجب الاعتراف أن التحركات السياسية الأميركية في المنطقة تنصب في إطار دعم إسرائيل اللامحدود لمواجهة الدول العربية مجتمعة، واشنطن تريد ب! إعلانها المسموم أن ترش الرماد في العيون بإعطائها وعود كاذبة من اجل تخدير الشارع العربي والفلسطيني بالدولة المؤقتة والهدف الأساسي من كل هذا هو تطبيع العلاقة بين إسرائيل والدول العربية وتحقيق الأمن لإسرائيل وتحضير المنطقة للعدوان على العراق وهنا تتقاطع المصالح الأميركية مع الإسرائيلية ومصالح البعض من العرب الذي يتهافت لخدمة الولايات المتحدة بالمنطقة.

عن ماذا سيعلن بوش؟ هل سيلد الجبل فأراً؟

*كاتب فلسطيني يقيم في موسكو.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل