أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالامير الركابي - في ((حسنات)) الغزو والعدوان















المزيد.....

في ((حسنات)) الغزو والعدوان


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 172 - 2002 / 6 / 26 - 06:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


بمناسبة الحديث عن الاصلاح المطلوب من السلطة الفلسطينية إجراؤه داخل بنيتها وأدائها قال أحد المعلقين إن لا ضير من ان يتم تحقيق هذا المطلب الضروري تحت <<ضغط الخارج>> وأورد سجلا طويلا يعود الى عهد السلطان عبد الحميد كله محطات وأدلة على ان لا إصلاح في تاريخنا الا تحت هاجس الضغط من الخارج. نسي هذا الكاتب ان يلاحظ بأن الاصلاح الذي يفرضه الخارج ولا تدعمه آليات داخلية لن يكون إصلاحا وبكلمة فهو وان جرى الحديث عنه او أعلن ووضع في قوانين ومشاريع وبرامج لن يتحقق فعليا، لكن هذا لا يعني ان الضغط والتهديد الخارجيين هما ليسا من أهم العوامل التي توقظ الديناميات وتؤدي الى تسريع ظهور الأمم والشعوب لا بل ان كل الباحثين في هذا المجال من التاريخ والتاريخ الحديث يتفقون على ان للتهديد والعدوان حسنات هي أشبه بالقوانين التي تنتج ما يعاكسها ويضادها..
وأسوأ ما يمكن حدوثه لشعب او أمة ان تتعرض هذه للعدوان ولا تكون قادرة على استنهاض طاقاتها وقدراتها ومخزون وعيها وتاريخها، وهو ما قد يحدث أحيانا وما قد ظل يحدث ويتكرر على مدى قرون خاصة هنا في عالمنا العربي المعرض دائما بسبب موقعه للغزو والذي يتداخل تاريخه مع آليات نابعة من هذه الظاهرة التي هي ثابتة من ثوابت تاريخه وكانت حاضرة بقوة في انتكاساته المديدة الطويلة وفي نهضاته الكبرى وفي مقدمتها أعظم ثوراته الكونية التي تحققت بظهور الرسالة في جزيرة العرب عند لحظة لا يخفى على أحد مقدار ما كانت تجسده على مستوى استحكام السيطرة وتمدد الطوق المضروب من قبل الامبراطوريات الكبرى المعروفة وقتها الى الحد الذي صار يهدد آخر المعاقل المستعصية فيكاد يخنق الجزيرة العربية ويخترقها.
لم يكن المؤرخون العرب ميالين على ما يبدو الى النظر في مثل هذه الظاهرة وفي صلتها بالديناميات الحضارية العربية، ولو فعل هؤلاء على الاغلب لوجدوا ما يستحق الاهتمام ولأوضحوا لنا وميزوا بين صنفين من ردود الأفعال على التحديات، صنف يترافق مع توفر ونضوج عوامل نهوض ذاتي داخلي يستفزها التحدي الخارجي وتتضافر عندها الاسباب والعوامل الضرورية فتتحول الى نهضة وصنف آخر يأتي عنده التحدي ولا تكون العوامل الداخلية مهيأة ولا ناضجة فلا تصدر ردود أفعال هامة او تنبثق انواع منها أقل من ان تفضي الى انقلابات او تسجل بدايات نهضات، ومن الحتمي قطعا ان الأمر بهذا الخصوص يظل يقترن باتجاهات وأشكال الوعي وبدرجاته في اللحظات الموعودة وبالأخص عندما تشتد موجة التحدي بحيث يمكن لهذا الجانب بالذات ان يلقي بظلاله على العملية التاريخية برمتها.
وبالمقارنة بين حالتين من تاريخنا المعاصر فإن الوضع العربي الراهن لم يعد ينطوي على البعد الذي يظهر حسنات الغزو ويجسدها ومنذ بضعة عقود غابت من الثقافة العامة ومن الموقف السياسي نغمة او قناعة النهوض الحتمي بسبب الغزو وبالرغم منه، وانطفأت توهجات ظلت مستعرة على مدى اكثر من قرن ونصف القرن مضت على حملة نابليون على مصر، وفي السنوات الاخيرة أصبحت التصادمات مع الخارج موصولة بالأسوأ، فحلم الوحدة الكبرى انتهى الى دول قطرية وهذه تشارف اليوم على ما هو أسوأ وأدنى. وكمثال صارخ فان حالة العراق لا تشير الى ثورة يؤججها اليوم وقع العدوان والحصار، واحتمالات تكرار العدوان تثير في الاذهان كوارث وليس آفاق ينتقل العراق بموجبها نحو عتبات من التطور الذي ستفرضه شروط عمليته التاريخية الوطنية ومتطلبات تطوره واستعدادات قواه الحية.
وبدل هذا فان نذر التمزق وضياع الوحدة الكيانية والمجتمعية هي ما يتبادر لأذهان الجميع كحصيلة شبه مؤكدة سوف يفضي إليها العدوان الاميركي المقبل اذا وقع. ومع رسوخ مثل هذا الاعتقاد فان الشلل العام يصبح سيد الموقف عراقيا وعربيا، وهذه تداعيات لا توفر مناخا يمكن ان تطرح فيه اسئلة من قبيل: هل ان الامر الراسخ في الاذهان عن نتائج الغزو والمواجهة العراقية الاميركية والعربية الاميركية اليوم هي حصيلة واقع قائم بالفعل او انها من افرازات وعي شقي سائد، افرازات أزمة أفكار طالت وان واقع اليوم هو نفسه واقع الامس حتى وان كانت التصورات او الاعتقادات الشائعة تتحدث عن نتائج واحتمالات اخرى..
أبعد من ذلك ربما كان الواقع متقدما الآن على الافكار، هذه الاخيرة لا تقول ذلك، ولا يمكنها الاعتراف به لا بل هي لا تستطيع ولا تريد ذلك اطلاقا، ولكن المعاينة بقدر ما يتعلق الامر بالواقع العراقي لا تقبل الشك، ومع ان الموقف الأعم في الاوساط الفكرية والسياسية العربية يفضل النظر الى الحالة العراقية حسب الخانة التي قررها لها ضمن ترسيمات منظور جرى نحته وتخصيصه لها على مدى عقود طويلة من تاريخ الافكار العراقية والعربية، وهذا ما يعطي للحديث هنا صيغة الاستثناء غير المقبول وحتى المستفز فالحديث عن آليات حية حتى وان بدت معقدة للغاية ومشحونة بالتناقضات لا يلائم المفهوم العمومي عن وضع لا يعد رياديا ولا يمكن ان يفهم من دون ان يستدعي ذلك نوعا من الانقلاب في جملة الاولويات المقررة عن الواقع العربي العام..
ببساطة ولكي نقترب من تجاوز عقبات ليست هينة بهذا الخصوص يمكن التنويه ببعض الحقائق المغفلة:
فالعراق لم يعرف ثورته الوطنية بعد وقد عاش تاريخه الحديث والمعاصر مأخوذاً بسياق يميل الى اختبار التحدي عمليا قبل الرد عليه وذلك بعكس غيره من المواضع التي أقامت نهضاتها مع وعلى وقع التحدي الاول، والحالة هنا تسببت فيها ظروف تاريخية قاهرة فالعراق كان محطماً ويعيش حالة انهيار مستمرة منذ قرون طويلة وحين بدا يستعيد صعوده وقبل ان يحقق تشكله الوطني جاء الغرب والاحتلال فكانت تلك لحظة استدعت تحويرات في مسار تاريخه لكنها ساهمت في تواصله صعودا، بينما وجدت مواضع اخرى مثل مصر نفسها تملك ما تحتاجه من عناصر التشكل الوطني وتطمح الى التعبير عن ذاتها وهذا ما عرفته حتى مناطق مثل الجزيرة العربية وساحل الشام بأشكال وتجليات متعددة لم يكن للعراق فيها ما يقوله.
هذا الوضع رهن مسألة التشكل الوطني العراقي على مدى قرون طويلة بالصراع مع الخارج على تعدد أشكاله وسلالاته ودوله وهو جعل من الحيز الوطني يتمتع باستقلال عميق وحوّل العلاقة بين الأفكار <<الوطنية>> والمجتمع الى نوع من التفاعل المتناقض العملي البراغماتي من ناحية وقوة التأصيلية التي يحققها الاختبار من جهة مما كان يثير دائما قدرا غير هين من الالتباسات في النظر الى الظواهر والادوار قد يغري بإدراجها ضمن سياقات يعتبرها الآخرون بديهية، هذا بينما كانت مسألة تشكل الرؤية الوطنية تنمو من خلال التجربة والافكار الشائعة تطبق وتعتمد بقوة كبدل عن ضائع قبل ان يبدأ التعبير الوطني الخاص بالتبلور، وهذا على الارجح ما يحدث الآن وما تنبئ عنه بقوة الازمة الكبرى التي يشهدها واقع <<المعارضة العراقية>> المعروف للجميع. فهذه السلة الزاخرة بالتجارب وبالافكار التي فات زمنها مع انها تعتبر وجودها أصيلا يمكن ان يعدها اي مراقب من قبيل الدلائل على الكارثة القادمة بينما يمكن اعتبارها من وجهة نظر خصائص التاريخ العراقي وتجليات الواقع الوطني في العقد الماضي دليل عبور قريب وأكيد نحو انقلاب تاريخي..
مهما يكن فإن ما يحدث للعراق لا يعني حتما ان ثنائية التحدي والرد عليه قد توقفت. من واجبنا ان ننصح بضرورة لا بل بقيمة الانتباه الى استمرار فعل قانون حسنات الغزو والعدوان حسب شروط هذه الحالة بالذات، وبناء عليه واذا كان هنالك من ذخر ثمين مهمل او منسي هنا فمن مصلحة الجميع ان لا يتأخروا عن العثور عليه... وقد لا يحتاج الأمر عندها سوى الى قدر من التغيير في زاوية النظر..
() كاتب عراقي مقيم في باريس.
جريدة السفير


#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدام حسين والسلطة؟
- المعارضة العراقية والمدخل العربي لإنقاذ العراق
- عراق صدام حسين في حقبته الروائيه
- العراق: قضية ملتهبة فوق صفيح بارد


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالامير الركابي - في ((حسنات)) الغزو والعدوان