أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبسى إبراهيم - في دراسة حول الدستور البحريني(1)















المزيد.....


في دراسة حول الدستور البحريني(1)


عبسى إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 850 - 2004 / 5 / 31 - 08:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


في دراسة حول الدستور البحريني(1) طريقة وضعه وآلية تعديله وطبيعة التعديلات التي أجريت عليه


الدستور يقر وفق ظروف المجتمع السياسية، ومدى تطور الوعي به والمطالبة الشعبية بالحقوق والحريات

· دستور المنحة يستقل الحاكم بوضعه ولا يجوز المساس بهذه الحقوق من المانح إلا بالطريقة المنصوص عليها واستفتاء شعبي

· ميثاق العمل الوطني يؤكد على مبدأ المشاركة الشعبية وأسس الديمقراطية والعدالة وتفعيل مبادىء الدستور المعطلة

· دستور العقد ودستور المنحة غير ديمقراطيين من وجهة نظر الفقه الدستوري

· الدستور الجديد للمملكة تجاوز مسألة التشاور والمشاركة بين الشعب مما فتح الباب مجددا لتراكم الاشكاليات

· التاريخ البحريني سيسجل لصاحب العظمة عهد الانفراج السياسي وإطلاق الحريات والسماح بقيام الجمعيات السياسية

· البحرين في مقدمة الدول العربية سيرا نحو الديمقراطية والتوجه السليم لبناء الدولة الدستورية العصرية



بقلم: المحامي عبسى إبراهيم*

تتعرض هذه الدراسة الى التعريف بالدستور بشكل عام ومجموعة القوانين التي تنظم العلاقات بين السلطات المختلفة في الدولة، وحقوق الأفراد وواجباتهم في ظل نظام ديمقراطي حر، فقد أصبحت دول العالم تتوافر لديها مثل هذه الدساتير المنظمة لشكل الدولة ونظام الحكم وإن كانت تتفاوت فيما بينها في مدى الأخذ بالنظام النيابي أو مدى فصل السلطات والتضييق على الحريات أو إفساح المجال للتعبير عنها·

وتتناول الدراسة أساليب وضع وإصدار الدساتير وأنواعها وكيفية إدخال التعديلات عليها وموقف الفقه الدستوري من كل منها ويتخذ المحامي البحريني عيسى إبراهيم من هذه الدراسة هدفا لتوضيح ما ينبغي أن يكون عليه الدستور البحريني، والذي صدر عام 1973، موضحا كيفية صدوره وما إذا كان الدستور منحة أم عقدا اجتماعيا مستشهدا في ذلك بكتب الفقه الدستوري، وينتهي الى القول بأن الدستور البحريني الذي وضع عام 1973 دستور عقدي جاء نتيجة لنضالات الشعب البحريني إبان السيطرة البريطانية من أجل التحرر·

كما يتعرض الى ميثاق العمل الوطني الذي أكد على مبدأ المشاركة الشعبية وأسس الديمقراطية وتفعيل مبادئ الدستور المعطلة وقد جرت عليه بعض التعديلات الدستورية والتي أصدرها ملك البحرين ولم تقر من الشعب البحريني باعتباره صاحب السيادة والمجلس الوطني مفسرا في ذلك مبررات التعديل وطبيعة تلك التعديلات وفيما يلي تفاصيل الدراسة·



· ما هو الدستور؟

- يعرف الدستور بأنه (مجموعة القواعد القانونية التي تحدد شكل الدولة والحكومة وتنظم السلطات المختلفة فيها والعلاقات بينها مع بيان حقوق الأفراد وواجباتهم) وقد ارتبط مفهوم الدستور تاريخياً بالمبادئ " التي تبين السلطات العامة في الدولة وعلاقاتها المتبادلة وكذا حقوق وحريات الأفراد المقررة في ظل نظام نيابي حر" ، ولقد أصبحت دول العالم كلها تقريباً تتوافر لديها دساتير أو أنظمة حكم أساسية يتحدد بموجبها (شكل الدولة ونظام الحكم واختصاصات السلطات الثلاث فيها مع بيان الحقوق والحريات والواجبات) وإن كانت تتفاوت في مدى أخذها بالنظام النيابي أو تطبيقها لمبدأ الفصل بين السلطات أو في مدى ضيق الحريات أو أتساعها· (ص305 من النظم السياسية والقانون الدستوري / د· محمد أنس قاسم)

وفي البحرين تم بعيد الاستقلال في عام 1973 إصدار الدستور، إلا أن هذا الدستور لم ينل حقه من الانتشار والتعرف عليه بشكل جيد من المواطنين، لذا فإن من الجدير التعرف على الطريقة التي وضع بها هذا الدستور بعد التعرف على الأساليب المتبعة لوضع الدساتير في البلدان المختلفة لنصل إلى طرق تعديلها المتبعة والمقررة في الفقه والدساتير عموماً·



أساليب وضع

أو إصدار الدساتير



يعدد الفقه الدستوري أربعة أساليب لوضع الدساتير وفقاً لما حدث تاريخياً، فإما أن يتنازل الحاكم عن حكمه المطلق فيتكرم على شعبه بإصدار دستور، أو باتفاق إرادة الحاكم مع المحكومين مباشرة، أو من خلال جمعية تأسيسية، أو استفتاء على نص الدستور المراد إصداره، والأسلوب الذي يتم وضع الدستور به عادة يتقرر وفق ظروف المجتمع السياسية وتفاعلها مع التأثيرات الخارجية ومدى تطور الوعي السياسي والمطالبة الشعبية بالحقوق الدستورية·



دستور المنحة



يكون في حالة ما إذا استقل الحاكم بوضع الدستور دون مشاركة الشعب، ويكون عادة استناداً على أن الحاكم هو صاحب السيادة في الدولة وليس الشعب، والرأي الغالب في الفقه القانوني أنه لا يجوز للحاكم أن يسترد المنحة لأنها تعلقت بحق الغير (الشعب) فلا يجوز المساس بهذه الحقوق من المانح، والرأي الراجح في الفقه أن دستور المنحة لا يتم تعديله إلا بالطريقة المنصوص عليها فيه ويمكن تعزيز التعديل باستفتاء شعبي على النصوص المعدلة· (ص 62 و63 من مؤلف المبادئ الدستورية العامة / د· إبراهيم شيحا طبعة 1982)



دستور العقد



وهو الذي يتم باتفاق بين إرادتين هما إرادة الحاكم وإرادة المحكومين وبالطبع ما دمنا نتحدث عن عقد فلا يجوز المساس بالعقد بإرادة منفردة من أحد طرفيه سواء بالتعديل أو الإلغاء حيث يتوجب اتفاق الطرفين وقد تم في البحرين اتباع هذه الطريقة لإصدار دستور 1973م كما سيتم بيانه لاحقاً· والمستقر عليه فقهاً أنه لا يجوز للحاكم أن يخرج على أحكام الدستور أو تعديلها بإرادته المنفردة، بل لابد من موافقة الشعب الطرف الثاني في العقد· (ص 341 المرجع السابق وكذلك ص65 من مؤلف / د· إبراهيم شيحا)



دستور الجمعية التأسيسية



الأصل أن الأسلوب الديمقراطي في إعداد الدساتير هو قيام الشعب مباشرة بوضعها، إلا أن الاعتبارات العملية والواقعية أدت إلى تعذر أو استحالة ذلك خاصة وأن أحكام الدستور تعتبر من المسائل الفنية الدقيقة التي تستعصي على أفراد الشعب، لما تحتاجه من دراسة ومناقشة عميقة، فضلاً عن استحالة اللجوء إلى الشعب كله في ظروف الدولة العصرية التي تتميز بكــــثرة مواطنيها، لذا فقد أبدع الفكر البشري فكرة اختيار الشعب لممثلين له لتولي مهمة إعداد الدستور باسم الشعب ونيابة عنه وتسمى عادة بالجمعية التأسيسية أو المجلس التأسيسي، إذا كان كله منتخباً، أما في البحرين فإن المجلس كان بعض أعضائه منتخبين والبعض الآخر معينين من الحاكم·



دستور الاستفتاء الدستوري



بهذا الأسلوب يتم انتخاب جمعية تأسيسية أو تشكيل لجنة فنية لوضع مشروع الدستور إلا أن هذا الدستور لا يصبح نافذاً إلا إذا تم طرحه في استفتاء على الشعب ليقول كلمته بشأنه إما بالموافقة أو بالرفض، ويتم اللجوء لهذا الأسلوب أي الاستفتاء إذا كان يتعلق بتعديل الدستور إذا كان الاستفتاء مقرراً بنص الدستور ذاته ويتم طرح نصوص التعديل ذاتها·

بعد أن تطرقنا إلى أربعة أساليب لوضع الدساتير، نبين أن الفقه الدستوري يصف أسلوبا وضع دستور المنحة والعقد بأنهما غير ديمقراطيين، أما أسلوبا دستور الجمعية التأسيسية ودستور الاستفتاء فإن الفقه يعتبرهما أسلوبين ديمقراطيين، ولا جدال في أن أسلوب وضع دستور المنحة يعد أسلوبا غير ديمقراطي ، إلا أن الجدل يدور بشأن طريقة دستور العقد الاجتماعي وينقسم الرأي بشأنه، إلا أن مما لا شك فيه أن أسلوب وضع دستور العقد يعد أكثر ديمقراطية بالمقارنة مع أسلوب المنحة، وأقل ديمقراطية من أسلوب الجمعية التأسيسية وأسلوب الاستفتاء الشعبي، وهذا الأخير يتم عادة على نصوص الدستور بعد نشرها واطلاع الجميع عليها وشرح أحكامه في وسائل الإعلام المختلفة·

ولكن ما هي الحال بشأن الدستور البحريني الصادر عام 1973م؟ كيف صدر؟ وهل هو دستور منحة أم عقد اجتماعي؟

بتاريخ 9 يونيو 1973 أصدر الأمير الراحل طيب الله ثراه دستور دولة البحرين بعد أن أقره المجلس التأسيسي الذي تشكل من ثلاثة وأربعين عضواً منتخباً من كل الشعب، وهم ممثلوه في صياغة الدستور وإقراره والعدد الباقي كانوا معينين من قبل الأمير وبالتالي فإن هؤلاء المعينين هم ممثلون للأمير أو الحاكم، أي أن إقرار الدستور قد تم بإرادة مشتركة بين الشعب ممثلاً في نوابه المنتخبين والأمير عن طريق من عينهم في المجلس التأسيسي وبذلك فإن دستور 73 هو دستور عقدي وليس منحة كما يذهب بعض ممتهني القانون سواء كانوا بحرينيين أو غيرهم ممن جرى إطلاق اسم الخبراء عليهم أو يعتقدون ذلك، فقد جاء في كتب الفقه الدستوري (أن الدستور يكون قد صدر بشكل عقد إذا تم وضعه بالاتفاق بين الحاكم من جانب والشعب من جانب آخر، وعلى هذا النحو لا تنفرد إرادة الحاكم بوضع الدستور كما هي الحال في صدور الدستور في شكل منحة ولا تنفرد إرادة الشعب وحدها بوضع الدستور كما هي الحال في الدستور الذي تضعه جمعية تأسيسية منتخبة أي من الشعـب دون مشاركـة الحاكم (صفحة 64 من مؤلف المبادئ الدستورية العامة د· إبراهيم شيحا وكذلك ص340 من مؤلف محمد أنس وكذلك ص111 من مؤلف النظم السياسية والقانون الدستوري / د· سليمان الطماوي)·



الوضع الدستوري في البحرين



إذن تتوافر البحرين على دستور عقدي هو دستور 1973م وقد جاء هذا الدستور تتويجاً لنضالات الشعب البحريني إبان مرحلة السيطرة البريطانية من أجل التحرر ومن أجل المشاركة الشعبية في صنع القرار السياسي وإرساء قواعد العدالة والمساواة وبناء دولة القانون، وقد كان مطلب المشاركة والحرية والديمقراطية قاسماً مشتركاً لكل التحركات الشعبية التي عرفتها البحرين منذ عام 1923 مروراً بتحرك ما بين عامي 1954 حتى 1956 وبالتحرك الشعبي الواسع عام 1965 وكذلك التحركات العمالية الواسعة عام 1972·

وعندما بزغ فجر الاستقلال على إثر قرار بريطانيا بالانسحاب من منطقة الخليج وموقف الشعب البحريني الرافض للمطالبة الشاهنشاهية بتبعية البحرين لإيران تدشنت مرحلة جديدة من التحركات الديمقراطية المؤكدة على حرية العمل النقابي وبناء الدولة الحديثة، وذلك بإرساء دعائم دولة المؤسسات والقانون وذلك بتوافق شعبي مع الحكم حيث نتج عن ذلك التوافق صياغة دستور دولة البحرين الحالي الذي تم إقراره من قبل المجلس التأسيسي الذي تضمن أعضاء منتخبين من الشعب وأعضاء معينين من قبل سمو الأمير الراحل طيب الله ثراه، فجاء هذا الدستور نتيجة توافق بين الشعب والأمير ليشكل عقداً اجتماعياً بين الشعب والحكم وليترجم شعار المشاركة الشعبية في صياغة مستقبل البلاد من خلال المجلس الوطني المنتخب من الشعب والمنصوص في الدستور على اعتبار الوزراء المحدد عددهم فيه حصراً بأربعة عشر وزيراً أعضاء في هذا المجلس ليتولى المهام التشريعية والرقابية في البلاد وفقاً لأحكام الدستور، الذي نص على أن يتولى الأمير مع المجلس ممارسة السلطة التشريعية واعتماد مبدأ فصل السلطات الثلاث وتعاونها وأكد دور المجلس التشريعي والمالي الرقابي على عمل الحكومة·

وعلى إثر ذلك التوافق بين الشعب والحكم صدر الدستور وجرت انتخابات للمجلس الوطني (البرلمان) عام 1974م والمنصوص فيه على اعتبار الوزراء المحدد عددهم فيه حصراً بأربعة عشر وزيراً أعضاء في هذا المجلس ليتولى المهام التشريعية والرقابية في البلاد وفقاً لأحكام الدستور، الذي نص على أن يتولى الأمير مع المجلس الممارسة التشريعية واعتماد مبدأ فصل السلطات الثلاث وتعاونها وأكد دور المجلس التشريعي والمالي الرقابي على عمل الحكومة، فضلاً عن بيان الحقوق والواجبات المقررة للمواطنين مع حق الأمير في حل المجلس والأحكام المترتبة على الحل وعدم الدعوة إلى انتخابات جديدة·



الوضع الدستوري والسياسي



إلا أنه وللأسف الشديد جرت الرياح بما لا تشتهي السفن وتم بعد أقل من عامين من عمل المجلس الوطني حله، إثر خلاف بين المجلس والحكومة يتعلق بالقانون المتعلق بتدابير أمن الدولة ، وقد بررت الحكومة الحل بعدم تعاون المجلس معها، وعلى أي حال فإن مثل هذا الأمر حدث ويمكن حصوله في كثير من البلدان إلا أن المؤسف حقاً هو عدم معالجة الأمر وفقاً للمقرر في الدستور، فضلاً عن طول مدة الحل التي تجاوزت ربع قرن من الزمان ، لتعيش البلاد في فراغ دستوري أمسكت خلاله السلطة التنفيذية بموجب الأمر الأميري رقم (4) لسنة 1975م ببعض مهام السلطة التشريعية وهيمنت الأولى على مفاصل المجتمع هيمنة مطلقة فغابت المشاركة الشعبية وتعطلت ممارسة بعض الحريات وانعدمت الرقابة على عمل الحكومة، الأمر الذي أدى إجمالاً إلى تفاقم الاحتقانات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية إلى حد تفجر المظاهرات والاحتجاجات منذ شهر ديسمبر من عـام 1994م واستمرارها وحالة التوتر الحاد لسنوات تكبدت البحرين خلالها الكثير من الخسائر وسادت خلالها أجواء انعدام الثقة بين الحكم والشعب لدرجـة خطـيرة، ما كان بالإمكان الخروج منها لولا حنكة عظـمة الملك وانفتاحه على روح العصر وقراءته الصحيحة للواقع المحلي والدولي، حيث عمد منذ توليه مقاليد الحكم إثر وفاة المغفور له والده إلى صياغة خطاب مختلف ومفهوم جديد يطمح إلى نقل البلاد إلى مصاف الدول المتقدمـة بالتحول إلى مملكة دستورية تسير صوب الديمقراطيات العريقة عبر الإجراءات الحكيمة التي تمت خلال قرابة عام واحد، مؤكداً فلسـفة عظمته ونظرته الصائبة للحكم ومستقبل البلاد من خلال ميثاق العمل الوطني الذي تؤكد نصوصه على مبدأ المشاركة الشعبية وأسس الديمقراطية والعدالة المقررة في الدستور والتأكيد الرسمي على أن الميثاق جاء من أجل تفعيل مبادئ الدستور المعطلة وليس إلغاءها أو الانتقاص منها، علماً أنه لم ترد بالميثاق أي عبارة يفهم منها أنه دستور بديل أو أنه فوق دستور 1973م أو أنه طرح للاستفتاء لإلغاء الدستور السبعيني العتيق كما يطرح البعض والحال أنه لم تمر على إصداره سوى مدة ثلاثين عاماً فقط ولا أعرف كيف ينظر هؤلاء إلى الدستور الأمريكي الذي مضى عليه أكثر من قرنين من الزمان وأدخلت عليه مئات التعديلات بالطريق الدستوري والديمقراطي؟



ميثاق العمل الوطني



تم إعداد ميثاق العمل الوطني على إثر أمر أميري بتشكيل لجنة عين أعضاؤها جميعهم من جانب سمو الأمير وبعد أن أعدت اللجنة الميثاق تم طرحه في استفتاء شعبي سبقه وترافق معه عدة إجراءات انفراجية تم ذكرها سابقاً، وقد جاء في الميثاق أن تفعيل الأفكار الأساسية الواردة منه تتطلب بعض التعديلات الدستورية ولذا فإنه يلزم لذلك ما يلي:



أولاً: مسمى دولة البحرين:



يقرر التعديل الدستوري التسمية الرسمية لدولة البحرين بناءً على الطريقة التي يقرها الأمير وشعبه·



ثانياً: السلطة التشريعية:



تعدل أحكام الفصل الثاني من الدستور الخاصة بالسلطة التشريعية لتلائم التطورات الديمقراطية والدستورية في العالم وذلك باستحداث نظام المجلسين، بحيث يكون الأول مجلساً منتخباً انتخاباً حراً مباشراً يختار المواطنون نوابهم فيه ويتولى المهام التشريعية، إلى جانب مجلس معين يضم أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم وتجربة وتصدر القوانين على النحو الذي يفصله الدستور وفق النظم والأعراف الدستورية المعمول بها في الديمقراطيات العريقة·

هذا ما نص عليه الميثاق الذي صوت عليه الشعب بالموافقة بنسبة %98,4، وكانت تلك الموافقة مقرونة بالتفاهم العام الذي أكده صاحب العظمة الملك في خطاباته وتصريحاته وكذلك الكثير من المسؤولين في الحكومة التي أكدت على حاكمية الدستور وعلو مكانته على الميثاق وأن الميثاق إنما جاء لتفعيل الدستور، وأكدوا أيضاً على أن المجلس المعين المرغوب تشكيله طبقاً لنصوص الميثاق سيكون للاستعانة بآراء أعضائه فيما تتطلبه الشورى من علم وتجربة وليست له مهام تشريعية ، حيث إن تلك المهام التشريعية (وهي معرفة بأل التعريف) ستكون من صلاحيات المجلس المنتخب وأخص بالذكر هنا تصريح سعادة وزير العدل والشؤون الإسلامية الذي نشر في الصحف المحلية بتاريخ 9 فبراير 2001م أي قبل التصويت على الميثاق في 14 و15 فبراير عام 2001م الذي صدر بناء على طلب من شخصيات وطنية·

فإذا كان تاريخ البحرين السياسي الحديث قد سجل بخط بارز أن دستور البحرين قد صدر في عام 1973م في عهد سمو الأمير الراحل طيب الله ثراه تعبيراً عن التعاقد والمشاركة بين الشعب والحكم في مطلع عهد الاستقلال وإيذاناً بإرساء دعائم دولة المؤسسات والقانون، الذي يصدر عن السلطة التشريعية المعبر عن مبدأ المشاركة والتشاور العصري في البلاد عبر المجلس الوطني المنتخب والذي يضم بين أعضائه أربعة عشر وزيراً يعينون في المجلس التشريعي والرقابي المذكور من سمو أمير البلاد، فإن التاريخ دون شك سيسجل بفخر لصاحب العظمة أن تم في عهده الانفراج السياسي الذي تعيشه البلاد منذ عام وحصول مصالحة مجتمعية تاريخية، بعد طرح ميثاق العمل الوطني للتصويت الشعبي وإطلاق سراح جميع المعتقلين والمحكومين من محكمة أمن الدولة الذين حكم على بعضهم بالإعدام والسجن مدى الحياة وعودة المبعدين والسماح للممنوعين من دخول البلاد بالعودة إليها وإلغاء قانوني محكمة وأمن الدولة سيئي الصيت، وأخيراً السماح بقيام الجمعيات السياسية والتصريح بقيام النقابات العمالية والمهنية مما جعل البحرين تكتسب سمعة طيبة دولياً وأصبحت في مقدمة الدول العربية سيراً نحو الديمقراطية والتوجه السليم لبناء الدولة العصرية المستندة على أحكام الدستور الديمقراطية بمقياس ظروفنا الخاصة التي ولد فيها·



كيف يتم تعديل الدستور؟



لقد كان شعب البحرين يأمل أن يسجل التاريخ لصاحب العظمة الملك الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أنه مفعل الدستور وأن يتم تعديل الدستور بالطريقة الدستورية المقررة فيه، تأكيداً لمبدأ المشاركة بين الشعب والملك بما يعزز الثقة المتبادلة ويعمقها لتسير البحرين نحو مملكة دستورية دون تراجع أو نكوص أو تعريض الثقة للاهتزاز ، وقد كان ذلك ممكناً وطريق نجاحه شبه مضمون لو تم ذلك بالتشاور والمشاركة بين الشعب ممثلاً بنوابه الذين سينتخبهم أو من خلال جمعياته السياسية وشخصياته الوطنية، إلا أن الدستور الجديد قد تجاوز كل ذلك وفتح الباب مجدداً لتراكم إشكاليات جديدة قد تهدد تطور تجربتنا وسيرنا الحثيث نحو مملكة دستورية حقا·

وبشأن تعديل الدستور النافذ مهما كانت طريقة وضعه سواء كان دستور منحة أو دستورا صادرا عن جمعية تأسيسية منتخبة أو مقرا عن طريق الاستفتاء أو كان عقداً فإن الفقه الدستوري مجمع على أن أمر التعديل مناط بالسلطة التأسيسية المنشأة وهي السلطة التي قرر الدستور ذاته اختصاصها بتعديل الدستور ضمن الشروط المقررة فيه، وأن من غير الجائز إهمال السلطة التأسيسية المنشأة واللجوء إلى السلطة التأسيسية الأصلية لإجراء التعديل الجزئي للدستور، مادام هناك دستور قائم نص على وجود السلطة التأسيسية المنشأة ونظمها وحدد لها هذا الاختصاص، ومثل هذا القول بتدخل السلطة التأسيسية الأصلية في التعديل يمثل تجاهلاً للنصوص الدستورية القائمة بل ويمثل بشكل أدق خرقاً وانتهاكاً لتلك النصوص، بل ويذهب الفقه الدستوري إلى أن من مقتضى مبدأ الشرعية ومبدأ سيادة القانون هو وجوب احترام القواعد القانونية من السلطة ذاتها التي وضعتها وهي في حالتنا البحرينية الإرادة المشتركة للحكم والشعب، لذا فإن من غير الجائز قانوناً أن يقوم الحاكم والشعب، حتى وإن تم الاتفاق بشكل واضح ودقيق على المسألة، وليس بالصيغة الملتبسة التي حصلت وبالظروف التي رافقت التصويت على الميثاق، بانتهاك ما اتفقوا عليه وأعطوه للسلطة التأسيسية المنشأة وهو المجلس الوطني لممارسة عملية التعديل الجزئي وفقاً لأحكام الدستور النافذ· (يراجع مؤلف / د· إبراهيم شيحا المذكور ص149 وما بعدها) فما هو الوضع إذا تم التعديل بإرادة منفردة؟

لذلك فإن تعديل الدستور البحريني النافذ منذ عام 1973 لا يكون إلا باتباع الآلية المنصوص عليها فيه ومن السلطة التأسيسية المنشأة المقررة بموجب نص المادة (104) منه وغير ذلك إذا حصل فهو انتهاك وتعديل بإرادة منفردة يناقض مبادئ الدستور العقدي ومبدأ الشرعية، ويعرقل الطريق نحو المملكة الدستورية التي يتوجب أن تستند إلى الشرعية الدستورية وينظم الحياة فيها الدستور والمتعاقد عليه والقوانين الصادرة عن السلطة التشريعية المنتخبة تفعيلاً لمبدأ المشاركة في اتخاذ القرار في صياغة أهم القوانين وهو الدستور·



تعديل للدستور أم دستور جديد



لقد عاشت البحرين حقاً عاماً جميلاً مليئا بالتفاؤل والأمل وتحققت وحدة وطنية جيدة وكسبت سمعة عالمية طيبة، وغدت أحد النماذج الرائدة للدول التي يجري فيها تحول ديمقراطي، وانفتح الباب لبناء ثقة كبيرة بين الحكم والشعب وربما يكون ذلك قد حدث لأول مرة في البحرين منذ قرابة قرنين من الزمان، ولكن بتاريخ 14/2/2002م صدرت من صاحب العظمة ملك البحرين المعظم تعديلات للدستور دون إقرارها من المجلس الوطني أو من الشعب باعتباره صاحب السيادة ، وبتطبيق المعايير الدستورية التي سبق بيانها فإن التعديل يعتبر مخالفاً لنصوص الدستور ذاته، ولم يلتزم بمبدأ المشروعية ولم ينسجم مع روح ميثاق العمل الوطني، الأمر الذي يجعلنا أمام دستور جديد غير متوافق عليه ولم يقره الشعب وبالتالي فهو دستور منحة، لذا فإن دستور 1973 يبقى هو الدستور الشرعي في البحرين·



#عبسى_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعدما حوصر في بحيرة لأسابيع.. حوت قاتل يشق طريقه إلى المحيط ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لأعمال إنشاء الرصيف البحري في قط ...
- محمد صلاح بعد المشادة اللفظية مع كلوب: -إذا تحدثت سوف تشتعل ...
- طلاب جامعة كولومبيا يتحدّون إدارتهم مدفوعين بتاريخ حافل من ا ...
- روسيا تعترض سرب مسيّرات وتنديد أوكراني بقصف أنابيب الغاز
- مظاهرات طلبة أميركا .. بداية تحول النظر إلى إسرائيل
- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبسى إبراهيم - في دراسة حول الدستور البحريني(1)