|
أشواق
آسيا علي موسى
الحوار المتمدن-العدد: 848 - 2004 / 5 / 29 - 09:31
المحور:
الادب والفن
سرد عندما يحملني شوقي إليك ، في ومضة ... أتفقد أشياءك التي لم أرها من قبل و أحفظ تفاصيلها جيدا أتلمس منفضة سجائرك ، و فرشاة أسنانك ، موس حلاقتك المنسي في درج مكتبك ،نظارتك القديمة بزجاجها المهشم ،لوحة مفاتيح و فأرة معطلة ، كوب شاي فارغ تحت السرير ،، صورة تلك المدينة المعلقة على الجدار ،كم تبدو لي مستحيلة ، مدينتك .. ظلال بيوتها الحزينة تمتد في رأسي مديات مقفرة ، وهج شمسها الغافية في انتظار اللحظة القادمة ، في وهم التعويض ..يحرق بيننا مسافات قطعناها دون التفات .. لا شيء في هذه المدينة المعلقة على جدار ، المعروضة للانتظار ، يوحي بأننا سنمر يوما ما أو نترك أثر . شوقي ..شوقنا .. حملني إليك الليلة ، على بارقة أمل ، على تورد حلم ، على عتبات مشروع جريء . كنت ، منكس الرأس ، لمحت طيفك من نافذة تفتح على روحي ، جلست على حافة سرير ، بين يديك.. نيتشه ، على يمينك بابلو نيرودا ، على يسارك كولن ولسن ... وفي أحلامك ..تمدد قدري ، أي قدر منذور لك منذ خلقت من النطفة علقة ؟ تتهدج خلجاتي لسماع أنفاسك المتعبة ، يستقر في صدري خنجر اليأس .. أقترب منك على رؤوس أصابعي ، أدنو أكثر و القلب يرفرف كطائر في العراء ، فيض جنون و فيض حب .. أثني ركبتي و أزحف كطفل يلعب ، أرمي رأسي المثقلة بآلاف المستحيلات و الحدود و الأقدار و المقدسات ، أمسخ ما يخطه التاريخ الدامي من ظلم للبشر الواقفين على مرمى قدر ، أمحو تلك الخرائط المرسومة بدقة على جسم بيضاوي يقسم الهموم و الأفراح في العالم بدون عدل و بتحيز ملعون . أتجاهل جواز سفرك الذي لن يعبر معي تلك الحدود ليبصق في وجه أولئك الحمقى الذين رهنوا لقاءنا ..بأوسلو ..و ...كثير من الكذب . أين يمكننا أن نرتمي ، غير هجعة ليل طويل و سهوب حلم ؟ رأسي في حجرك ، أرتعش بردا و شوقا .. " كل يوم أحاول أن أستيقظ باكرا كي لا يصير الحلم أطول مني " هل الحلم كان أطول مني الليلة ؟ حين حملني الشوق إليك و حملتني بين ذراعيك و وشوشتني همسات الأزل هنا معبدي ، أشير إلى قلبي حين تمرغ وجهي في عطر وجودك و تنشقت لأول مرة رائحة آدم قبل خروجه من الجنة. هل كان الحلم أطول مني ، أكبر منا ،،، عندما سكن عيوننا ذلك المخلوق الضوئي فزرع في أرضنا خضرة الأمل و خضب أرواحنا بحمرة الغسق ، و أطلق في سمائنا نجوما تولد مع كل واحدة فيها أمنية جديدة : نجومكم أزلية لن تموت ..هكذا قال لنا و رحل . هل كان العالم ساعتها حقا أصغر منا ؟ أم أننا كنا الأكبر ؟ هل سننتهي نارا أم جمادا ؟ أسألك ، أسأل قلبي المعتكف في معبدك ، ممارسا طقوس الولاء و الثناء . في قلبك ، حيث ينحني الرب مبتسما ، و هو يستمع لأغنيته الخالدة ، رسالة حب . هل سننتهي نارا أم جمادا ؟ يلح علي السؤال .. لفرط ما تعودت على النهايات البائسة .. ليس الفرح من حقنا ، لا بد من نهاية ، هكذا عودونا ، كل الأشياء الجميلة التي تحدث لنا عثرة قدر و القدر لا يسقط أبدا . القدر حكمة و الحكمة تقتضي بالنسبة لأمثال أجناسنا ..القهر . لأننا لسنا أهلا لأن يضيع القدر معنا ليصنع شيئا مستمرا عدا الحزن . تربينا على هذا .. أنا هناك حيث الحروب تأكل السلم كل عشرية مرة . و أنت هناك حيث السلم يلد المرار و الاغتراب و ..جدران عازلة بين من يصنعون الحرب و من يحلمون بالسلم . كيف إذن معنا ..تكون النهاية ؟ " كفى , كفى " تنهرني لن ننتهي عيناك بحر حزن و صوتك سفينة تقاوم المثلثات المحرمة ،أعلم أنها كذلك لكنني كبرجوازية تحمل حلم الاستكشاف و لعنة الشهوة و عشق النبيذ العتيق أطلب منك أن تراقصني .. رقصي طقوس بوح . كم أعشق الدبكة .. رقصاتنا عنيفة ، بوحها يهزم خوفنا ،اضرب الأرض بعنف ، بقوة ، بعند و جنون ، فمشينا محتشم ، خطواتنا متأنية ، مرتعشة ، دعني أقهر خوفي بالدبكة .. عندما كنا صغارا أرضعونا مع الحليب كلمة .. احذروا الأغراب و كبرنا مع هاجس الغريب الذي يأتي ليغتصبنا ، ليغوينا بحبة حلوى ، أو سؤال حتى صرنا ندور في فلك وحيد واحد ..قدرنا أولئك الذين خلقنا لنجدهم حولنا ، و عطلت حواس الاستكشاف و المحاولة و الخطأ ، لنتحول من بشر إلى آلات برمجت على نظام صارم ما أخطأته حتى أصابتها لعنة الدوران على الذات ، التيه في الفراغ . لكنني أحب الدبكة و أحب أن أرتمي في حضنك ، حتى و إن دخلت قائمة الأغراب . أحب أن تشدني من يدي المرتعشة شوقا و تحملني إلى عالمك الطفولي لأستعيد معك طفولتي الهاربة . أحب أن أضحك معك ملء شدقي ،، لأنني لم أفعل كل حياتي ذلك ،أكثر ما كنت أرغم نفسي عليه ابتسامة تتعبني . أحب أن أركض معك و أسقط معك و أتمدد في الرصيف كما تفعل و أصرخ في شارع عمر المختار على العاشرة مساء و ،،أسهر في برد ساحة الجندي المجهول والجوع يعصر أمعائي ، كرهت عمري المخطط آنفا ، كرهت أن أكون دمية توضع على عتبة العرض و قد كتب فوقها لافتة: ممنوع اللمس . كرهت أقنعتي الكثيرة ، حملوني إياها إرثا جيل بعد جيل .. قناع للجيران و قناع للأولاد و قناع له و قناع لها و ..... أريد وجهي ، أشتاقه .. ووحدك تعشق وجهي دون قناع . ووحدي أعشق وجهك دون ندم ، بكثير من اللهفة و الشوق .. فهل تصدقني لو قلت لك .. أحبك ..
#آسيا_علي_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرقم الساقط من الحساب
-
الحد الفاصل بين صفرين
-
فقاعات..
-
ما لا يقوله الصمت
-
معابر ..
-
هواجس محرمة
-
كوني امرأة
-
رحلة إلى..السراب
-
ما يشبه الابتسامة
المزيد.....
-
رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر
...
-
تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ
...
-
مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من
...
-
فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي
...
-
“ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام
...
-
محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة
...
-
الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف
...
-
“نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي
...
-
بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
-
“مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|