أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الطيبي - اليسار الإسرائيلي ما بين الاحتلال والمقاومة














المزيد.....

اليسار الإسرائيلي ما بين الاحتلال والمقاومة


أحمد الطيبي

الحوار المتمدن-العدد: 840 - 2004 / 5 / 21 - 18:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنعشت مظاهرة ال 150000 في ساحة اسحق رابين في تل ابيب "اليسار" الإسرائيلي وساهمت في رفع صوته الخافت عبر سنوات من الإذناب لسياسات ارئيل شارون العدوانية واليمينية المتطرفة, وخلقت صورة بان هناك ارئيل شارون واليمين الإسرائيلي من جهة وهناك " اليسار" الإسرائيلي وقائده شمعون بيريس وربما يوسي بيلين من جهة أخرى يؤيد الأول استمرار الاحتلال ويعارض الثاني هذا الاحتلال. لكن الحقيقة هي أن هذه القراءة هي قراءه غير صحيحة للواقع الإسرائيلي.

هذه المظاهرة التي تم الترتيب لها غداة فشل ارئيل شارون " ومشروع الانفصال" ( أي اسم هذا الذي يراد منه القول أن إسرائيل تنفصل عن شيء يعود لها وكأنه عضو من جسمها!) في استفتاء الليكود. ثم استمدت " دعماً " وثقة بضرورة صيرورتها من عمليات المقاومة في حي الزيتون وفي رفح وهي العمليات التي أثارت نقاشاً حاداً وهاماً داخل المجتمع الإسرائيلي حول جدوى " التواجد" في قطاع غزة.


هدف المظاهرة أصلاً كان القول للجمهور الإسرائيلي أن الليكود يجافي رغبة الغالبية الإسرائيلية الصامتة ( والتي لم تعد صامتة) بالانسحاب من غزة وتوفير الدم الإسرائيلي. إذن فالأجندة التي يحملها هذا " اليسار" الإسرائيلي ليست واضحة: هل هي ضد الاحتلال ؟ أو هل هي مع مشروع الانفصال عن غزة, أم هل هي المطالبة بالمفاوضات مجدداً مع القيادة الفلسطينية أم أنها تتبنى موقف شارون ( وايهود باراك من قبله) بأنه " لا يوجد شريك فلسطيني"؟ .

الحقيقة أن هذه المظاهرة ليست ضد شارون, لقد بات اليسار الإسرائيلي يتبنى اخطر المقولات الشارونية والمفترقات الرئيسية في سياساته وعلى رأسها غياب الشريك الفلسطيني وتحديداً رفض التفاوض مع القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس ياسر عرفات. فإلغاء الشريك هو إلغاء للهوية والشخصية الفلسطينية المستقلة وإلغاء للطموح ولرفض واقع إقتلاعي وكولونيالي ينتهي بحل إنهزامي. وفي هذا فان موقف قيادة ورموز هذا اليسار هي أكثر محافظة من موقف الجمهور الذي شارك في هذه المظاهرة. فغالبية في هذا الجمهور تقبل العودة إلى مسار التفاوض مع السلطة الوطنية الفلسطينية وكذلك مع ياسر عرفات نفسه ولكن ليس هذا هو موقف شمعون بيرس أو يوسي ساريد (على الأقل حتى الآن). وكيف إذن نفسر توجه منظمي المظاهرة إلى الجنود رافضي الخدمة العسكرية في الأراضي المحتلة بألا يشاركوا في هذه المظاهرة؟ هل هذا هو موقف من يسعى إلى إنهاء الإحتلال أم موقف المتقارب مع شارون وسياساته؟.

الرسالة التي تخرج من المجتمع الإسرائيلي الذي أغرقته عمليات المقاومة الأخيرة في نقاش متخبط هي أنه يريد الخروج من غزة فوراً كما حصل في لبنان بواسطة منظمة " أربعة أمهات" التي قادت حركة جماهيرية شجاعة دفعت ايهود باراك والحكومة الإسرائيلية آنذاك إلى الانسحاب من لبنان من طرف واحد. عمليات المقاومة ضد الآليات العسكرية وأفراد الجيش هي التي أشاعت هذا النوع من الجدل الداخلي الذي غاب عن الساحة الإسرائيلية خلال كل سنوات الانتفاضة وذلك بفضل التأثير السلبي للعمليات التي استهدفت المدنيين في الباصات والمطاعم داخل الخط الأخضر. تلك العمليات التي أدت إلى إلتفاف الإسرائيليين من حول شارون وبينما هذه العمليات العسكرية أدت إلى تأليب الإسرائيليين ضد شارون.

إن ما يجري اليوم في " قطاع غزة " واضح للعالم اجمع: طرف واحد يقتل المدنيين في الزيتون ورفح وهو جيش الاحتلال وطرف مقاوم يستهدف الجنود داخل اراض محتلة. وهذه الصورة لا تغيب حتى عن عقل المواطن الإسرائيلي الذي لم نسمعه يصف عمليات المقاومة هذه بأنها" إرهابية " ( اللهم سوى بعض المراسلين العسكريين الإسرائيليين الذين وصفوا المقاومين الفلسطينيين
"بالمخربين" لأنهم تعودوا أن يكونوا أبواقاً للجيش وأجهزة الأمن).

لقد أصيب هذا الجيش, جيش الاحتلال الإسرائيلي بصميم هيبته وقوة ردعه في الأيام الأخيرة في غزة ولذلك فهو يقوم بردة فعل انتقامية يقودها كل من شاؤول موفاز وزير الأمن وموشيه يعلون رئيس الأركان ودان هارئيل قائد المنطقة الجنوبية, وفي هذا الإطار يجب أن نرى محاولة اغتيال د. محمد الهندي الغرائزية والإجرامية, وفي هذا الإطار يجب أن نرى عمليات هدم المنازل وتشريد الناس (متزامنة مع الذكرى ال56 للنكبة!) في رفح وقطع الكهرباء والماء ومنع الناس من حرية الحركة في " الزيتون" وسائر أنحاء قطاع غزة. وأمام كل ذلك تأتي هذه المظاهرة برسالتها الأساسية: "الإنفصال من غزة" وهو ما أراد أن يسمعه ارئيل شارون وايهود اولمرط تماماً. إنها نقطة الإلتقاء بين هذا النوع من " اليسار" الضعيف والمتردد وبين سياسات ارئيل شارون وأهدافه.

نريد من اليسار الإسرائيلي الذي قاد ونظم هذه المظاهرة ( من دون أن يتعاون مع الجماهير العربية داخل إسرائيل لأنه أرادها مظاهرة يهودية نظيفة!) أن يميز نفسه عن شارون وسياساته التي لا يمكن إلا أن تستمر في جلب الكوارث.

إنها حكومة الدماء الممعنة في تكريس الاحتلال وهو, أي الاحتلال, "الهدف" الذي يجب أن ينقض عليه " اليسار".. وكل من يرى نفسه مناوئاً لسياسات شارون... الاحتلال كله للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية كما هو في قطاع غزة.. نريد أن يميز نفسه عن شارون في المطالبة بالحوار مع الجانب الفلسطيني الذي يملك الحق بل الواجب في مقاومة الاحتلال ومن أجل أن يسقطوا إيحاءات شارون إلى الإسرائيليين بأنه الوحيد القادر على إعطائهم الأمن والاستقرار من دون سلام ومن دون اتفاق وذلك عبر مشروعه للانفصال عن غزة ( وتكريس الاحتلال في الضفة الفلسطينية المحتلة).

بالرغم من كل ذلك حسناًَ أن هذه المظاهرة حصلت لأن الصوت الخافت "لليسار" بدأ يعلو ولكن على اليسار الإسرائيلي أن يدرك لكي يدرك جمهوره وسائر الإسرائيليين أن شارون يريد أن ينفصل عن الإنسان الفلسطيني دون الانفصال عن أرضه. يريد أن ينفصل عن غزة دون أن ينفصل عن احتلالها. فكيف إذن يطلبون من المقاومة أن تتوقف عن نضالها؟



#أحمد_الطيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانفصال عن الانفصال


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الطيبي - اليسار الإسرائيلي ما بين الاحتلال والمقاومة