عكرمة ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 2755 - 2009 / 8 / 31 - 16:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ساعة صفا مع الرفيق طلعت الصفدي
بقلم : عكرمة ثابت
في زاوية جانبية من زوايا " قاعة السهر والتحشيش الفكري " في فندق الجراند بارك بمدينة رام الله وعلى مشاهد المسلسل السوري " باب الحارة " ، جمعتنا امسيات " الجراند" المعهودة مع مجموعة من الرفاق المناضلين أعضاء المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني ( طلعت الصفدي ، وليد العوض ، نافذ غنيم ) ، وبطبيعة الحال استحوذت غزة وواقعها المأساوي وهموم اهلها وتطلعات قياداتها الوطنية على تفاصيل النقاش البناء بين جميع الحاضرين ، والذي تم التأكيد فيه على ضرورة الدفاع عن القضايا الاجتماعية والديمقراطية للمواطنين وصون قيمها الانسانية واسنادها فعلا وقولا ، حتى يتمكن اهل غزة من استعادة بلدهم وتعميرها واعادة البسمة والوئام لرجالها ونسائها وشبابها واطفالها .
ففي قطاع غزة بلغت خطورة الانقسام ذروتها بتغلغله داخل الاسرة الواحدة ، وباتت شعارات الاسلام السياسي اسوأ بكثير من شعارات الحركة الوطنية ، ومناحي الحياة بكل ما فيها من جوانب ثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية وتعليمية صارت فريسة لنهج " حمسنة غزة " الذي استشرى في القطاع المنكوب ، والتعليم الذي اصبح عرضة " للتجريم " و" التحريم " و" التحميس" تحول الى وحش فكري يهدد الاجيال القادمة ويكبت ثقافتهم ويلاحق حرياتهم ليس فقط بابداء الرأي وحرية التعبير ، بل في لباسهم ومعتقداتهم وعلاقاتهم الاجتماعية وانشطتهم الثقافية والسياسية .
وبعد سنتين من سقوط غزة - أم الحركة الوطنية - فريسة في قبضة الانقلابيين ، لم يعد هناك مجالا اطول للانتظار والسكوت - فإن " سكت مت " وإن " نطقت مت " فقلها ومت – ولم يعد هناك اي مبرر لان يترك " المواطن الغزي " بلا حقوق وان تنتهك كرامته وانسانيته ليل نهار ، فهل يا ترى اصبحت غزة اسما من الماضي ؟!! أم ان الحلول لمعضلتها وأزماتها المتراكمة قد انعدمت ؟!! هل يعقل ، وبعد ذلك التاريخ من النضال والمقاومة منذ انتفاضة غزة عام 1955 وحتى انتفاضتها عام 2000 ، ان نتركها تغرق في بحر الموت ، ولا نتقدم خطوة واحدة لانقاذها ؟!!!
ينام اهل غزة ومناضلوها - الذين ما نامت اعينهم يوما عن حمى الوطن ولا لانت عزائمهم امام قسوة المحن - على سلوكيات اخترقت نسيجهم الاجتماعي وشوهت تاريخهم الوطني والنضالي وطعنت كل القيم والاخلاق التي طالما تسلحوا بها في مقاومتهم للاحتلال الاسرائيلي ، فاستدعاءات الامن الداخلي التابع لحركة حماس – التي طالت اليسار قبل اليمين - فاقت بعددها حجم البطالة في طوابير القاعدين عن العمل ، وعمليات الاعتقال والملاحقه لم ينجو منها سوى من كتبت له الشهادة بنيران سلاح الاخوة الاعداء ، أما عن شراء بيوت واملاك وعقارات الناجين النازحين من ويل الانقلاب - وفي الغالب الاستيلاء عليها - فحدث ولا حرج .
يفيق اهل غزة وقياداتها المناضلة يوميا على تعليمات جديدة صارمة تحد من تحركاتهم وتنقلهم وتفاعلهم مع ابناء شعبهم من كافة القطاعات ، فالانشطة الاجتماعية والسياسية " ممنوعة " ... والتجمعات النقابية والجماهيرية " مقموعه " ... وصنوف التعذيب وانتهاكات حقوق الانسان بكل فنون الإفتاء "مسموحة ومشروعة " ... اما من يخالف تعليمات " الامراء " ويتعدى حدود "الامارة " ، فبسيوف " التكفير والتخوين " رقبته ، بإذن الله ، " مقطوعه " !!!!
في غزة ، مداخل التهريب " أنفاق " لا تعد ولا تحصى ... تجارها " جهاديون " لا قسام ولا اقصى بضائعهم " سموم " و " طعوم " لا صلاحية فيها ولا رخصة ... " حماة الانفاق " في غزة قطّاع طرق وقراصنة بحار ، فأين هو الحصار ؟!! اين الحصار ، ومن يحاصر ، هم فقط الابرياء والمقاومون والمناضلون والممنوعون من السفر للحج و للعلاج ؟!! اين الحصار وكل شيء في غزة بسياسة القمع و "رفض الآخر" ، صار دمار ؟!!! .
المدخل الحقيقي للحياة الكريمة الآمنه في غزة ، لن يكون بالتهريب والانفاق ولا بالترهيب والاسفاق بل بانهاء الانقسام وانهاء مظاهر الانقلاب ووقف عمليات الملاحقة والاعتقال والاستدعاء وبترسيخ الوحدة الوطنية والتكافل الاجتماعي ومشاركة الناس بهمومها ، والايمان بالتعددية وتعزيز الديمقراطية ، وسيادة القانون والعدالة ، واحترام حقوق الشباب والمرأة ... الحياة الكريمة لجماهير غزة " الصابرة المرابطة " لا يمكن ان تتحقق بالقتل والتدمير والخطف والتكفير .
الكل في غزة الآن ينتظر، ماذا سنفعل لهم ؟!! متى وكيف سننقذهم من اوضاعهم الصعبة المريرة ؟!! الا يكفيهم كل هذا الوقت من الانقسام والانفصال والضياع والدمار ؟!! .
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟