أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبد النبي العكري - المشروع الإصلاحي في البحرين حدوده وأفاقة















المزيد.....


المشروع الإصلاحي في البحرين حدوده وأفاقة


عبد النبي العكري

الحوار المتمدن-العدد: 838 - 2004 / 5 / 18 - 04:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


تظافر عدد من العوامل في طرح مشروع الإصلاح العربي (أو مشاريع الإصلاح في أكثر من بلد عربي). فمن الواضح أن العرب في أزمة عميقة حضارية وسياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية مركبة. لقد فشلوا بامتياز في مواجهة التحديات التي تبعت الاستقلالات. لقد فشلوا في تحرير فلسطين بل تمددت إسرائيل، وفرضت الأمر الواقع احتلال وتطبيعا، فلا احد يجادل في بقاء إسرائيل، بل أضحى الجدل الثمن المطلوب لإرضاء إسرائيل. فشلوا في التنمية، وفشلوا ليس في تحقيق الوحدة العربية، بل في المحافظة على الكيانات القطرية القائمة، وأمنهم القومي مستباح من الولايات المتحدة وإسرائيل وحتى بلدان مجاورة مثل تركيا وتشاد، أما الحلم في الحرية وحكم الشعب فقد تبخر وأضحوا يترحمون على الأنظمة الملكية و البرجوازية "الفاسدة"، وبعد أن جثم على صدورهم أنظمة استبدادية، دفعت شعوبنا من جرائها أضعاف أضعاف ما بذلته من اجل الاستقلال أضحت تترحم على الاستعمار وأيامه.

ويكفينا مراجعة تقريري التنمية الإنسانية لعامي 2002و 2003، والذي وضعته نخبة من مفكري وخبراء الأمة، لنكتشف إلى أي درك انحدرنا إليه. ولولا اضاءات هنا وومضة هناك مثل تحرير الجنوب اللبناني وتحرير أسرانا لدى الكيان الصهيوني، لفقدنا الأمل.

لاشك أن الإخفاقات المتكررة ليس فقط للأنظمة السياسية بل للقوى والنخب. السياسية والثقافية، ولمؤسسات اقتصادية ومالية عملاقة مثل شركات النفط والبنوك تجعل من المراجعة أمرا ملحا لا ينكره إلا مكابر. ولكن المراجعة هذه المرة لا تقود تفكيرنا إلى الثورة أو الانقلاب العسكري فقد جربناها وارتوينا بكؤوسها المرة، فلم تجلب لنا إلا حكاما وأنظمة أسو من سابقتها، أكثر استبدادا واستغلالا من هنا بدأت النخب الثقافية والسياسية المتنورة تطرح موضوع الإصلاح الجذري للخروج من هذا المأزق.

أما العنصر الثاني، في هذه المرحلة التاريخية، فهو موت أربعة من الحكام العرب في المغرب وسوريا والبحرين والأردن واقصاء حاكم قطر في فترة متقاربة (98-1999) وسقوط نظام صدام حسين في العراق في 18 ابريل 2003م، وقد حل محل الحكام الخمسة، حكام شباب من صلبهم، لكنهم لا يتحملون أوزار ابائهم، وفي ذات الوقت يحملون طموحات التجديد والإصلاح بدرجات متفاوتة. وقد ولدت توجهاتهم الإصلاحية عملية جدل, وطرحت مجددا تجمد الأنظمة العربية وانحطاطها لينحصر الحكم في عائلة الحاكم حتى في الأنظمة الجمهورية مما ولد نظاما عربيا هجينا أطلق عليه ( المملكة) مع استمرار الحكام في الأنظمة الملكية على عروشهم وهم على حافة القبر.

العنصر الثالث يتمثل في الانقلاب في السياسة الاميركية بعد أحداث 11 سبتمبر2001، فالولايات المتحدة التي ساندت الأنظمة العربية الاستبدادية والمحافظة والرجعية، وجدت نفسها ضحية التنطميات وعناصر متطرفة ساهمت هي أيضا في دعمها ورعايتها فجأة حدث الانعطاف في السياسة الاميركية فقررت استخدام الحزم مع الأنظمة الصديقة والعدوة، وذلك بالعمل لاستئصال البيئة التي تفرخ الإرهاب والتطرف في نظرها والى جانب حرب أمريكا ضد الإرهاب بما في ذلك غزو افعانستان والعراق والإطاحة بنظاميها الحاكمين، فهي تهدد بالإطاحة بأي نظام في العالم الثالث لا يستجيب لمتطلبات استراتيجيها. طرحت الولايات المتحدة إلى جانب "الحرب الكونية ضد الإرهاب" مشروع الشراكة الاميركية الشرق اوسطيه لنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان.وبعض النظر عن الرؤية الاميركية فان مشروعها يتطلب أصلاحا عميقا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتربويا خصوصا في هذه الأنظمة، سواء تم ذلك بالإقناع أم بالإكراه أو حتى بالإطاحة بالنظام وتنصيب البديل.

المشروع الإصلاحي، البحرين نموذجا

يأتي المشروع الإصلاحي البحريني في هذا السياق، إلى جانب متطلبات الواقع البحريني وصل الحاكم الحالي الشيخ حمد بن عيسي آل خليفة إلى الحكم في 6/3/1999، في ظل مواجهة سياسية وأمنية عميقة غرقت البلاد فيها منذ 1994 بعد أن تعمقت الأزمة السياسية والاقتصادية على امتداد 19 عاما بعد تعليق الحياة الدستورية في 1975.

طرح الشيخ حمد مشروعه الإصلاحي على مراحل وهيأ له بانفراج سياسي وأمني تمثلت بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين وتجنيس البدون من سكان البلاد، وإتاحة هامش معقول من حرية التعبير والتجمع والتنظيم.

أما الوثيقة المعبرة عن المشروع الإصلاحي فهي ((ميثاق العمل الوطني)) الذي جرى إقراره في استفتاء عام بتاريخ 15-16فبراير 2001 باغليبة 98.4%.

استهدف ميثاق العمل الوطني التأكيد على القضايا التالية:

1- شرعية حكم آل خليفة، وتأكيد شرعية الشيخ حمد من خلال الاستفتاء.

2- التأكيد على ثوابت المجتمع والدولة كما جاءت في أول دستور للبلاد الصادر في 1973، إضافة إلى تأكيد الحقوق السياسية للمراة أسوة بالرجل.

3- فتح الطريق للخروج من مأزق تعليق الحياة الدستورية باقتراح تعديل محدود على دستور 73 تصبح السلطة التشريعية بموجبة من مجلسين منتخب. بمارس التشريع والرقابة ومجلس معين للاستشارة وتغيير مسمى دولة البحرين لتصبح مملكة البحرين.

وهكذا حدث توافق لأول مره بين الشعب والحاكم بعد صراع استمر طوال 26 عاما (1975-2001) والتفاف لا سابق له حول الحاكم الشاب إضافة إلى ما جاء في الميثاق فأننا نتلمس ملامح المشروع الإصلاحي الطموح للشيخ حمد في خطبة وتصريحاته منذ تسلمه الحكم حتى الصدور المفاجىء للدستور الجديد في 14/2/2002 ويستهدف المشروع أقامة مملكة دستورية على غرار الممالك الدستورية العريقة في ظل نظام ديمقراطي تعددي راسخ استنادا إلى استقلالية السلطات الثلاث وتعاونها وإصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي وديمقراطي، ووضع حد للتمييز، وتدشين مرحلة من الرخاء والاستقرار يستفيد منه المواطن العربي ويعيد أمجاد البحرين الغابرة. لقد كان حماس الشعب والقوى السياسية الدينية والديمقراطية الوطنية والنخب السياسية والثقافية عظيما لهذا المشروع الذي يجسد توافق الحاكم والشعب. فالقوى السياسية المعارضة من ناحيتها اقتنعت منذ 1992 بنهج الإصلاح وليس الثورة. ورغم المواجهة المريرة طوال 1994-1999، والمواقف المتشددة من الطرفين، فقد كانت قناعة المعارضة العميقة بالإصلاح والعودة للحياة الدستورية حسب دستور 1973 المعلق فعلا وان لم يكن قانونا. لذا ومع وفاة الحاكم السابق الشيخ عيسي بن حمد وصدور أشارات ايجابية من الحاكم الجديد حمد، فقد سارعت المعارضة لتعزيته ومدت يدها إليه، ووجهت جماهيرها لتهدئة الشارع وإعطائه الفرصة.

حدود المشروع الإصلاحي وآفاقه

من الواضح أن هناك قوى متباينة داخل الأسرة الحاكمة ومتصارعة داخل مؤسسة الحكم حول الحاجة إلى المشروع الإصلاحي، فما بالك في محتوى المشروع ومداه ويبدو أن صاحب المشروع الشيخ حمد صادق في مشروع الإصلاح ولكن أي إصلاح وما مدى عمق، واستعداده للتضحية بمصالح فئات استفادت بشكل غير مشروع فترة الحكم.

الشيخ حمد هو كبير الشيوخ آل خليفة، ورئيس الوزراء هو عمه والذي هو رجل الدولة منذ 1996، وقد اشرف على بناء بنية الدولة حجرا حجرا كما أن الشيخ حمد كأي حاكم عربي شرقي، لا يمكن أن يكون حاكما رمزيا أو محاسبا أو مستمدا شرعيته من الشعب، بل من حكم الأسرة الحاكمة كما أن قوى عديدة في الدولة، وفي المجتمع، وان تظاهرت بتأييد المشروع الإصلاحي فأنها في الحقيقة معاديه له.

أما النقطة الثالثة فهي انه لا يمكن تحقيق الإصلاح إلا بأشخاص جدد غير ملوثين بالماضي دما ومالا وانتهاكات، ويؤمنون فعلا بالإصلاح الجذري ولهم مصلحة في تنفيذه.

لذى بدا تعثر المشروع الإصلاحي بعد الاستفتاء على الميثاق مباشرة لم تشكل وزارة جديد لتنفيذ ما جاء في الميثاق أنيط يولى العهد الشيخ سلمان آل خليفة حينها رئاسة لجنة لتفعيل الميثاق، واستعانت بوزراء ومسؤولين وخبرات وطنية، واعدت مشاريع لحل المشاكل المستعصية مثل البطالة، وقوانين مثل الصحافة، وديوان الرقابة لكن هذه المشاريع ظلت حبيسة في أدراج رئيس الوزراء.

بالمقابل فان لجنة تعديل الدستور، وهو مالا يحتاج إلى لجنة، فقد عملت بسرية، وفجاه صدر دستور جديد في 14 فبراير 2002م، يعتبر ارتدادا كبيرا على ما تحقق في دستور 1973، حيث يسلب الشعب سلطته ممثلا في برلمان منتخب، لحساب الملك والسلطة التنفيذية.

وتوالت الارتدادات، حيث صدر في الفترة ما بين صدور الدستور في 14/2/2002م حتى انعقاد مجلس النواب( نصف السلطة التشريعية إلى جانب مجلس الشورى المعين) ترسانة من القوانين المقيدة للحريات ولحقوق الشعب والمواطنين، والتي إلى جانب الدستور تضع سقفا منخفضا للنظام الدستوري والديمقراطية على صعيد الواقع فالذي تحقق انفراجه أمنية، وهامش معقول من حرية التعبير والى حد ما حرية الانتظام في جمعيات سياسية هي دون الأحزاب وجمعيات الأهلية، وهذا يعتبر تجاوزا القانون الجمعيات والأندية الذي يحكمها. لقد استخدمت الدولة جميع إمكانياتها لتقزيم المشروع الإصلاحي، وشرذمة القوى المعارضة المخلصة للبرنامج الإصلاحي، وأحدث خلل دائما في مؤسسات النظام الدستوري مثل مجلس النواب والمحكمة الدستورية وديوان الرقابة المالية. فتوزيع الدوائر الانتخابية يتيح للدولة السيطرة على مجلس النواب ومجلس الشورى المعين صمام أمان للسيطرة على السلطة التشريعة، والمحكمة الدستورية وديوان الرقابة المالية محكوم بشخوص ونظام بإرادة الحكم.

المشروع الإصلاحي والحركة الدستورية

يمثل الموقف من دستور 2002 والتعاطي معه ما في المشروع الإصلاحي ويتوقف على حل المعضلة الدستورية نجاح أو فشل المشروع الإصلاحي. أدركت المعارضة أن دستور 2002 يمثل ارتداد كبيرا في المشروع الإصلاحي ولذى عارضته. واذا كان يسجل على المعارضة انها لم تعارضه بشدة منذ اليوم الاول لصدوره، فقد كانت هناك ظروف يتوجب اخذها بالحسبان:

1- لقد بوغتت المعارضة بصدور دستور 2002 وبالشكل والمحتوى الذي صدر به لقد استدعي رؤساء الجمعيات المعارضة ضمن مجموعة كبيرة من الشخصيات قبل 10 ايام من اصداره واخبرت بذلك من قبل جلالة الملك. دون ان تطلع على محتواه. ورغم الصدمة وظروف الابلاغ الا ان قيادات الجميعات الاربع المعارضة وبعض الشخصيات عبرت عن تحفظها على ذلك، وطلبت اطلاعها على مشروع الدستور وهو مالم يحدث.

2- ان الجمعيات السياسية عموما كانت في طور النشوء ومنشغلة الى ابعد في ترتيب اوضاعها، وخصوصا انه لرافقت مخاض الولادة انشقاقات وصعوبات.

3- لقد اتضح ان عدد من الجمعيات التي طرحت نفسها بانها معارضة هي في الحقيقة مواليد، وقد عطلت لاطول فترة تعطيل القرار.

ولكن ما حسم موقف المعارضة هو صدور حزمة من القوانين التي صدرت في الفترة ما بين صدور الدستور في 14/2/2002، والتي افرغت الضمانات والحريات التي ضمنها الدستور، واعطاها الشرعية استنذا الى المادة 121ب والتي تعتبر جميع ما صدر من قوانين ولوائح واوامر سابقة لانعقاد المجلس الوطني نافدا وصحيحا.

كما انه مع التمعن في مواد دستور 2002، فانه ابعد ما يكون دستور مملكة دستورية، حيث اضعف كثيرا سلطة الشعب ممثلة في مجلس النواب، لحساب سلطة الملك والتنفيذية.

ومن هنا جاء قرار المعارضة بمقاطعة الانتخابات النيابية، والتي جرت بموجب دستور 2002، وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وقانون الانتخابات النيابية واصدرت بيانا بذلك بتاريخ 20/9/2002.

الحركة الدستورية

وبعد معركة مقاطعة الانتخابات النيابية، بدات تتبلور ما يعرف بالحركة الدستورية أي الحركة الداعية الى اعادة الاعتبار لدستور 1973، وميثاق العمل الوطني والتي هي في تعارض مع دستور 2002، وفي حين يصر الحكم ان دستور 2002 هو تعديل لدستور 1973ومخالف لما جاء في الميثاق وتاكيدات كبار المسؤولين قبل الاستفتاء عليه، و للتوافق بين الشعب والحكم على مشروع الاصلاح. وانه في الواقع دستور جديد، دستور منحه نقيض الدستور العقدي لعام 1973.

المؤتمر الدستوري

بمبادرة في جمعية الوفاق الوطني والاسلامية انعقدت ورشة عمل لمناقشة المعضلة الدستورية دعى اليها جميع الجمعيات السياسية وشخصيات وطنية مستقلة ومحامون بارزوت. وقد تبانيت الاراء في التعاطي مع المعضلة الدستورية. فهناك من يرى ان هناك مشكلة دستورية يمكن حلها من خلال تعديل الدستور من خلال السلطة التشريعية الحالية وهناك من يرى ان السلطة التشريعية الحالية بتركبيتها وصلاحياتها والياتها لا يمكن ان تعدل الدستور وان الوحيد القادر على ذلك هو الملك وفي حين يراى البعض ان في دستور 2002 تراجعا كبيرا عن مكتسبات دستور 1973، فان البعض الاخر يقلل من اهمية ذلك، ويرى بالتطبيق، ويرجح ايجابية ما تحقق في ظل هامش حرية التعبير الوسع والتصريح بعمل الجمعيات السياسية.

وللخروج من المازق، تم التوليف على الاقرار بتشكيل لجنة تحضيرية من ممثلي الجمعيات السياسية وشخصيات مستقلة استنادا الى قاعدة:

1- مكتسبات دستور 1973 فيما يخص بالحقوق والحريات العامة المكفولة.

2- ميثاق العمل الوطني.

3- تاكيدات كبار المسؤولين فيما يتعلق بالميثاق.

وهكذا بدات اجتماعات ماراثونية بين الجمعيات السبع المتوافقة على ذلك، في سياق التحضير لمؤتمر دستوري. ومن خلال هذه الاجتماعات تبني وجود خلاف عميق بين اتجاهين.

الاول: يستنذ الى القواعد الثلاث ويبني عليه موقف المؤتمر الدستوري المنتظر ونبته الجمعيات الاربع المقاطعة (الوفاق الاسلامي، والعمل الديمقراطي، والتجمع القومي، والعمل الاسلامي) ومجموعة المحامين الدستورتين.

الثاني: ون ثلاث جمعيات (المنبر الاسلامي، والمنبر التقدمي والوسط الاسلامي) وقد انسحبت جمعية المنبر الاسلامي اولا من الاجتماعات التحضرية. وخلال الاجتماعات المطولة لتشكيل اللجنة التحضيرية وصلاحياتها، ومرجعية المؤتمر الدستوري وانسحبت جمعيتا المنبر التقدمي والوسط العربي الاسلامي عمدت الجمعيات الاربع المقاطعة اضافة الى المحامين الدستوريين وشخصيات مستقلة الى تشكيل لجنة تحضيرية للاعداد لوثائق المؤتمر وانعقاد المؤتمر الذي تقرر ان يكون في 14-15 نوفمبر 2004 في الذكرى الثانية للتصويت على الميثاق بما له من دلالات مهمة.

بدات يتضح الموقف المعادي للحكم لعقد المؤتمر الدستوري وكذلك الموقف السلبي عدد من الجمعيات منها الجمعيات الثلاث وقوى اخرى اما غير راغبة في اصلاح جذري، او في الاصلاح اصلا.وعلى مد الاشهر الاخيرة التي سبقت انعقاد المؤتمر شنت حملات اعلامية رسمية وغيرها ضد المؤتمر والقائمين عليه وقد تحدد الموقف النهائي كما يلي:

1- سيدعى الى المؤتمر الملك زمن يمثله، وجميع الجمعيات السياسية والهيئات منجمعيات ونقابات وغرفة تجارة، وشخصيات وطنية.

2- سيدعى الى المؤتمر شخصيات خليجية وعربية ودوليين ناصرت قضية الديمقراطية في البحرين وكذلك اختصاصيون في القانون الدستوري ومع قرب انعقاد المؤتمر صعد الحكم والحكومة الموقف المعارض فأعلنت الحكومة على لسان وزيري العمل والاعلام عدم شرعية المؤتمر، وتدخلت لدى فندق الدبلومات حيث سيعقد المؤتمر باغلاق القاعة، وهددت ناي العروبة حيث الخيار البديل لعقد المؤتمر بعدم استضافة المؤتمر او تحمل النتائج الوخيمة لذلك. ووصل التصعيد الى منع الحكومة لضيوف المؤتمر الخليجيين والعرب والاجانب من دخول البلاد وارجاعهم من حيث اتوا ومنهم برلمانيون كويتيون مرموقون.

ورغم ذلك اصرت قوى المعارضة على عقد المؤتمر، وبالفعل انعقد في نادي العروبة،ويلاحظ ان الجمعيات السياسية الثلاث المنسحبة والمحسوبون عليها الجمعيات الاهلية قد قاطعوا المؤتمر رغم تاكيدهم بانهم سيحضرون المؤتمر اذا ما دعوا اليه، وذلك في توافق مع موقف الحكومة.

اهم ما خرج به المؤتمر هو:

1- البيان الختامي، والذي يؤكد على استمرار الازمة الدستورية واستمرار النضال السلمي المشروع لتغيير دستور 2002 جذريا بما يتوافق مع القواعد الثلاث التي قام عليها المؤتمر.

2- تشكيل لجنة متابعة من ممثلي الجمعيات الاربع والمستقلين،لوضع البرامج والفعاليات السياسية لتفعيل وتوسيع العمل الجماهيري المعارض لدستور 2002 والعمل لتغييره وللتحاور مع الحكم والفعاليات السياسية حول سبل اصلاح الخلل الدستوري.

3- انعقاد المؤتمر الدستوري سنويا حتى تتحقق اغراضه.

4- التوقيع على عريضة شعبية.

من الواضح ان المؤتمر الدستوري يعد نقله مهمة في عمل المعارضة وتاطيرها وتوسيع دائرة عملها. ولقد اسهمت الحكومة في اجراءاتها الانتقامية وخصوصا في منع انعقاد المؤتمر في مكانه الاصلي ومنع ضيوف المؤتمر من دخول البلاد، في الدعاية الواسعة للمؤتمر وكشفت عن صنف موقفها،وعدم ايمانها العميق بالصراع السياسي السلمي والذي هو من مقومات الديمقراطية.

كما عمدت الدولة إلى دعم الجمعيات السياسية الموالية لها والمناوئة لإصلاح حقيقي وجرت تعينيات واسعة في الدولة تكرس سيطرة الحكم.

كما أن حل الملفات المزمنة جاء في أغلبة تلفيقيا وملغما. لقد جرى تجنيس البدون ولكن إلى جانبهم جرى تجنيس الالاف من البدو والعاملين في الأجهزة العسكرية والأمنية بدون وجه حق.لقد جرى العفو عن المعتقلين والمنفيين السياسيين، لكنه لم يجر أنصافهم ماديا أو معنويا، بل جرى منع ملاحقة الجلادين بموجب القانون رقم 56/لعام 2002، ونقلهم إلى أجهزة أخرى. ملف البطالة يدوره في أورقه الدولة، والحلول لازالت ترقيعيه وملف الفساد والذي برز إلى السطح من خلال تحقيق مجلس النواب في ملف صندوق التقاعد وصندوق التأمينات الاجتماعية، يعالج بالمسنكات، ولم يجرى اجتثاثه من جذوره أو معاقبة مرتكبية. قرار الحكم هو عدم مناقشة ما جرى في الماضي من جرائم على يد الجلادين، ومن نهبوا المال العام، واستولوا على ارض البلد بحث أن الدولة لا تمتلك حاليا سوى 5% من الأراضي الصالحة للإسكان وعلى مذبح المصالح الضيقة جرى تدمير البيئة والموارد الطبيعة والمائية والزراعية.

موقف المعارضة

بعد وضوح ارتداد الحكم عن الإصلاح الفعلي، قررت أربع جمعيات سياسية معارضة وشخصيات نافذة الاعتراض الجدي فقررت مقاطعة الانتخابات النيابية التي جرت بموجب دستور 2002 في 22 /10/2002 ومقاطعة هذا المجلس المنشق عنها. قرار المعارضة من حينها هو المعارضة السلمية الذي يضمنه دستور 1973 مرجعيتها القانونية، والقيام بحشد الجماهير والعمل السياسي والتنظيمي،واستنادا إلى ثوابت ثلاثة:

1- مكاسب دستور 1973 والبناء عليها نحو المزيد من الحقوق.

2- ما جاء في ميثاق العمل الوطني وتأكيدات كبار المسؤولين قبل الاستفتاء، في التأكيد على عدم النكوص للوراء.

3- دستور عقدي جديد يوضع من قبل ممثلي الشعب ولقد شهدت السنتين الممتدين ما بين صدور الدستور الجديد في 14/2/2002 وانعقاد المؤتمر الدستوري 14/2/2004، نضالات واسعة كان يؤمل باحتشاء واسع حول الثوابت الثلاثة، لكن الحكم استطاع استمالة قوى سياسية ومنها من يعتبر نفسه معارضا، جريا وراء مصالح ضيقة لها وقياداتها، واللعب على التناقضات الطائفية.

الخلاصة

يبدو إلى أن الحكم لن يغير نهجة حتى عام 2006 على الأقل حيث يتوجب إجراء انتخابات جديدة، وبالمقابل فان المعارضة لن تقبل الانخراط في مشروع التطويع، وسيستمر الصراع بين الطرفين ولا يتوقع أن يصل إلى صدام دموي، إلا حدث انقلاب و داخلي في صفوف الحكم لصالح الحرس القديم.



#عبد_النبي_العكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجربة المغربية في المصالحة الوطنية


المزيد.....




- روسيا وسوريا.. تعاون في مجال القمح
- صوت نجل ترامب الأصغر يُسمع -لأول مرة- ويثير تفاعلا كبيرا على ...
- الشرطة التونسية تلقي القبض على محامية بسسبب تصريحات اعتُبرت ...
- شاهد.. المقاومة تقصف القوات الإسرائيلية في محور نتساريم
- 16 شهيدا بينهم نساء وأطفال في قصف على عدة مناطق برفح
- روسيا تعلن تحقيق مكاسب ميدانية بخاركيف وأوكرانيا تؤكد صد اله ...
- حماس: عمليات إسرائيل الجديدة بغزة تؤكد استمرارها بحرب الإباد ...
- أقصت إسرائيل في ظل احتجاجات واسعة.. سويسرا تفوز في مسابقة يو ...
- إسرائيل: حماس تحاول إعادة بناء قدرات عسكرية في جباليا
- توقيف مؤثرة شهيرة.. تطورات بقضية عصابة -التيكتوكرز- في لبنان ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبد النبي العكري - المشروع الإصلاحي في البحرين حدوده وأفاقة