أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - وظيفة القضاء‏ ‏بين الاسلام والمسلمين : ( المقال الأول) التناقض‏ ‏بين‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏النبى ‏، ‏والدولة‏ ‏الدينية‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏الخلفاء ‏















المزيد.....


وظيفة القضاء‏ ‏بين الاسلام والمسلمين : ( المقال الأول) التناقض‏ ‏بين‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏النبى ‏، ‏والدولة‏ ‏الدينية‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏الخلفاء ‏


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 2749 - 2009 / 8 / 25 - 08:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التناقض‏ ‏بين‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏النبى ‏، ‏والدولة‏ ‏الدينية‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏الخلفاء ‏
نؤمن‏ ‏بأن‏ ‏الإسلام‏ ‏دين‏ ‏ودولة‏، ‏وهذا‏ ‏معتقدنا ‏الذى ‏نرجو‏ ‏أن‏ نأقابل‏ ‏الله‏ ‏تعالى ‏عليه‏، ‏ولكننا ‏نخالف‏ ‏فى ‏ذلك‏ ‏أكبر‏ ‏طائفتين‏ ‏متصارعتين‏ ‏سياسيا‏ ‏وفكريا‏، ‏وهما‏ ‏العلمانيون‏ ‏والسلفيون‏ ‏المتطرفون‏.‏
نخالف‏ ‏العلمانيين‏ ‏الذين‏ ‏يفصلون‏ ‏الدين‏ ‏عن‏ ‏الدولة‏، ‏ويقطعون‏ ‏كل‏ ‏أواصر‏ ‏الصلة‏ ‏بين‏ ‏الدين‏ ‏ونظام الحكم ‏، ‏وأقصد‏ ‏بالدين‏ ‏تحديدا‏ ‏هنا‏ ‏دين‏ ‏الإسلام‏. ‏وهم‏ ‏بذلك‏ ‏يتجاهلون‏ ‏أن‏ ‏الإسلام‏ ‏أقام‏ ‏دولة‏ ‏فى ‏عهد النبى محمد عليه السلام ‏سبقت فى مدنياتها وديمقراطيتها العالم الغربى ، وكانت واحة فريدة فى ظلمات العصور الوسطى ، ثم ما لبثت ثقافة العصور الوسطى السائدة وقتها أن طغت على تلك الدولة ، فصار عهد الخلفاء العرب لا يختلف عن عهد الكاسرة و الأباطرة. ومع ذلك فلا تزال ملامح دولة الاسلام الحقيقية محفوظة فى القرآن الكريم ، ومنه أومن بدولة الاسلام المدنية الديمقراطية الحقوقية .‏
كما‏ نخالف‏ ‏التيار‏ ‏السلفى ‏الدينى الوهابى و الشيعى ، ‏صحيح‏ ‏أن‏ ‏الإسلام‏ ‏دين‏ ‏ودولة‏، ‏ولكن‏ ‏أى ‏دين‏ ‏وأى ‏دولة؟‏ ‏هنا‏ ‏نختلف‏ ‏ليس‏ ‏فى ‏الفروع‏، ‏ولكن‏ ‏فى ‏الأصول‏ ‏والجذور‏. ‏هم‏ ‏يرون‏ ‏الإسلام‏ ‏كهنوتا‏ ‏ويرون‏ ‏دولته‏ ‏دولة‏ ‏دينية‏ ‏كهنوتية‏ ‏يملكها‏ ‏الخليفة‏ ‏والملأ‏ ‏التابع‏ ‏له‏، ‏ومن‏ ‏يخالفه‏ ‏فهو‏ ‏مرتد‏ ‏مباح‏ ‏الدم‏، ‏لأنه‏ ‏خالف‏ ‏الراعى ‏الذى ‏يملك‏ ‏الرعية‏، ‏فالناس‏ ‏هم‏ ‏رعية‏، ‏وحيوانات‏ ‏أليفة‏ ‏يملكها‏ ‏الخليفة‏، ‏ويتحكم‏ ‏فيها‏ ‏كيف‏ ‏يشاء‏، ‏ولديه‏ ‏جيش‏ ‏من‏ ‏مرتزقة‏ ‏العلماء‏ ‏يحلل‏ ‏له‏ ‏الحرام‏ ‏ويحرم‏ ‏له‏ ‏الحلال‏.‏
هذه‏ ‏هى ‏طبيعة‏ ‏التدين‏ ‏السائد‏ ‏فى ‏العصور‏ ‏الوسطى ‏منذ‏ ‏الخلافة‏ ‏الأموية‏ ‏وحتى ‏الخلافة‏ ‏العثمانية‏. ‏وتلك‏ ‏هى ‏الدولة‏ ‏المثلى ‏التى ‏يطمح‏ ‏التيار‏ ‏الدينى ‏فى ‏إقامتها‏ ‏باسم‏ ‏الإسلام‏ ‏فى ‏عصرنا‏، ‏ومن‏ ‏الطبيعى ‏أن‏ ‏تلك‏ ‏المفاهيم‏ ‏عن‏ ‏الإسلام‏ ‏ودولته‏ ‏الإسلامية‏ ‏تتناقض‏ ‏تماما‏ ‏مع‏ ‏الإسلام‏ ‏الذى ‏جاء‏ ‏فى ‏القرآن‏ ‏والذى ‏طبقه‏ ‏خاتم‏ ‏النبيين‏ ‏عليهم‏ ‏السلام‏. ‏والموضوع‏ ‏طويل‏، ‏ولكن‏ ‏نكتفى ‏بعقد‏ ‏مقارنة‏ ‏سريعة‏ ‏لتوضيح‏ ‏التناقض‏ ‏بين‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏النبى ‏، ‏والدولة‏ ‏الدينية‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏الخلفاء‏ ‏غير‏ ‏الراشدين‏ ‏من‏ ‏الأمويين‏ ‏الى ‏العثمانيين‏، ‏ثم‏ ‏نسير‏ ‏مع‏ ‏نظام‏ ‏القضاء‏ ‏بين‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏والدولة‏ ‏الدينية‏ ‏لنوضح‏ ‏ارتباط‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏بالمجتمع‏ ‏المدنى ‏ونظامة‏ ‏القضائى‏.‏
التناقض بين الدولة الاسلامية المدنية و الدولة الدينية الكهنوتية :

وظيفة الدولة الاسلامية

إقامة‏ ‏القسط‏ ‏بين‏ ‏الناس‏: "‏لقد‏ ‏أرسلنا‏ ‏رسلنا‏ ‏بالبينات‏ ‏وأنزلنا‏ ‏معهم‏ ‏الكتاب‏ ‏والميزان‏ ‏ليقوم‏ ‏الناس‏ ‏بالقسط‏.: ‏الحديد‏، 25"."‏وقل‏ ‏آمنت‏ ‏بما‏ ‏أنزل‏ ‏الله‏ ‏من‏ ‏كتاب‏ ‏وأمرت‏ ‏لأعدل‏ ‏بينكم‏: ‏الشورى، 15"."‏إنا‏ ‏أنزلنا‏ ‏إليك‏ ‏الكتاب‏ ‏بالحق‏ ‏لتحكم‏ ‏بين‏ ‏الناس‏ ‏بما‏ ‏أراك‏ ‏الله‏: ‏النساء‏، 105"..‏
فإقامة‏ ‏القسط‏ ‏هدف‏ ‏كل‏ ‏الرسالات‏ ‏السماوية‏، ‏ووظيفة‏ ‏النبى ‏المدنية‏ ‏فى ‏دولة‏ ‏المدينة‏ ‏كانت‏ ‏إقامة‏ ‏العدل‏ ‏بحسب‏ ‏إمكاناته‏ ‏البشرية‏، ‏أما‏ ‏وظيفته‏ ‏الدينية‏ ‏فكانت‏ ‏تبليغ‏ ‏الدعوة‏ ‏بالحكمة‏ ‏والموعظة‏ ‏الحسنة‏.‏

وظيفة الدولة الدينية
إدخال‏ ‏الناس‏ ‏الجنة‏ ‏وهدايتهم‏: ‏وذلك‏ ‏بالإكراه‏ ‏وحد‏ ‏الردة‏ ‏وتغيير‏ ‏المنكر‏.‏
التعليق‏: ‏هذا‏ ‏يفوق‏ ‏طاقة‏ ‏أى ‏دولة‏ ‏وأى ‏شخص‏، ‏لأن‏ ‏الإيمان‏ ‏والهداية‏ ‏مسئولية‏ ‏شخصية‏ "‏من‏ ‏اهتدى ‏فإنما‏ ‏يهتدى ‏لنفسه‏، ‏ومن‏ ‏ضل‏ ‏فإنما‏ ‏يضل‏ ‏عليها‏، ‏ولا‏ ‏تزر‏ ‏وازرة‏ ‏وزر‏ ‏أخري‏: ‏الإسراء‏ 15" "‏ليس‏ ‏عليك‏ ‏هداهم‏: ‏البقرة‏ 272" "‏إنك‏ ‏لا‏ ‏تهدى ‏من‏ ‏أحببت‏: ‏القصص‏ 56" "‏لا‏ ‏إكراه‏ ‏فى ‏الدين‏" "‏أفأنت‏ ‏تكره‏ ‏الناس‏ ‏حتى ‏يكونوا‏ ‏مؤمنين‏: ‏يونس‏ 99".‏

مصدر السلطة فى الدولة الاسلامية

من‏ ‏الأمة‏ ‏مصدر‏ ‏السلطات‏ ‏أى ‏من‏ ‏الناس‏ ‏والمجتمع‏: ‏يقول‏ ‏تعالى ‏للنبى ‏حين‏ ‏كان‏ ‏حاكما‏ "‏فبما‏ ‏رحمة‏ ‏من‏ ‏الله‏ ‏لنت‏ ‏لهم‏، ‏ولو‏ ‏كنت‏ ‏فظا‏ ‏غليظ‏ ‏القلب‏ ‏لانفضوا‏ ‏من‏ ‏حولك‏ ‏فاعف‏ ‏عنهم‏ ‏واستغفر‏ ‏لهم‏ ‏وشاورهم‏ ‏فى ‏الأمر‏: ‏آل‏ ‏عمران‏ 159".‏
أى ‏بسبب‏ ‏رحمة‏ ‏من‏ ‏الله‏ ‏جعلك‏ ‏لينا‏ ‏معهم‏، ‏ولو‏ ‏كنت‏ ‏فظا‏ ‏غليظ‏ ‏القلب‏ ‏لانفضوا‏ ‏من‏ ‏حولك‏ ‏وحينئذ‏ ‏فلن‏ ‏تكون‏ ‏لك‏ ‏دولة‏ ‏ولن‏ ‏تكون‏ ‏لك‏ ‏سلطة‏، ‏إذن‏ ‏فهم‏ ‏مصدر‏ ‏السلطة‏ ‏والقوة‏، ‏وبهم‏ ‏تكونت‏ ‏لك‏ ‏دولة‏ ‏وانتهت‏ ‏قصة‏ ‏اضطهادك‏ ‏فى ‏مكة‏. ‏ولأنهم‏ ‏مصدر‏ ‏السلطة‏ ‏فاعف‏ ‏عنهم‏ ‏إذا‏ ‏أساءوا‏ ‏اليك‏ ‏واستغفر‏ ‏لهم‏ ‏إذا‏ ‏أذنبوا‏ ‏فى ‏حقك‏ ‏وشاورهم‏ ‏فى ‏الأمر‏ ‏لأنهم‏ ‏أصحاب‏ ‏الأمر‏ ‏وأصحاب‏ ‏الشأن‏ ‏والسلطة‏، ‏فإذا‏ ‏عزمت‏ ‏على ‏التنفيذ‏، ‏تنفيذ‏ ‏الأمر‏ ‏فتوكل‏ ‏على ‏الله


مصدر السلطة فى الدولة الدينية

من‏ ‏الخليفة‏ ‏الذى ‏يزعم‏ ‏أنه‏ ‏يستمدها‏ ‏من‏ ‏الله‏ ‏باعتباره‏ ‏خليفة‏ ‏الله‏ ‏وظل‏ ‏الله‏ ‏على ‏الأرض‏، ‏لذلك‏ ‏قال‏ ‏عبد‏ ‏الملك‏ ‏بن‏ ‏مروان‏ "‏والله‏ ‏لا‏ ‏يأمرنى ‏أحد‏ ‏بتقوى ‏الله‏ ‏بعد‏ ‏مقامى ‏هذا‏ ‏إلا‏ ‏ضربت‏ ‏عنقه‏" ‏وقال‏ ‏أبو‏ ‏جعفر‏ ‏المنصور‏ "‏إنما‏ ‏أنا‏ ‏خليفة‏ ‏الله‏ ‏فى ‏أرضه‏ ‏وأمينه‏ ‏عل‏ ‏خلقه‏" ‏ويكون‏ ‏بذلك‏ ‏راعيا‏ ‏والناس‏ ‏رعية‏، ‏ويكون‏ ‏مسئولا‏ ‏عنهم‏ ‏أمام‏ ‏الله‏ ‏فقط‏. ‏ويحق‏ ‏له‏ ‏أن‏ ‏يقتل‏ ‏ثلث‏ ‏الرعية‏ ‏لإصلاح‏ ‏حال‏ ‏الثلثين‏ ‏طبقا‏ ‏لفتوى ‏فقهية‏ ‏مشهورة‏. ‏وفى ‏كل‏ ‏الأحوال‏ ‏فهو‏ ‏لا‏ ‏يسأل‏ ‏عما‏ ‏يفعل‏ ‏فى ‏الدنيا‏. ‏ويكون‏ ‏أقرب‏ ‏إلى ‏نموذج‏ ‏فرعون‏ ‏فى ‏القرآن‏ ‏الكريم‏.‏

حقوق المواطنة فى الدولة الاسلامية

المسلم‏ ‏فى ‏مفهوم‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏هو‏ ‏المسالم‏ ‏والمؤمن‏ ‏هو‏ ‏المؤمون‏ ‏الجانب‏. ‏فكل‏ ‏من‏ ‏يعيش‏ ‏مسالما‏ ‏فى ‏الوطن‏ ‏فهو‏ ‏مسلم‏ ‏مؤمن‏ ‏مهما‏ ‏كانت‏ ‏عقيدته‏، ‏لأن‏ ‏الذى ‏يحكم‏ ‏فى ‏العقائد‏ ‏والمذاهب‏ ‏هو‏ ‏الله‏ ‏تعالى ‏يوم‏ ‏القيامة‏. ‏باختصار‏: "‏الدين‏ ‏لله‏ ‏والوطن‏ ‏للجميع‏"‏


حقوق المواطنة فى الدولة الدينية

تقسيم‏ ‏المواطنين‏ ‏إلى ‏طبقات‏: ‏أعلاهم‏ ‏الخليفة‏ ‏وبيته‏ ‏ثم‏ ‏أسرته‏ ‏وعائلته‏ ‏والقواد‏ ‏ومراكز‏ ‏القوى، ‏ثم‏ ‏أرباب‏ ‏الوظائف‏. ‏وبعدها‏ ‏عموم‏ ‏المسلمين‏ ‏بالدين‏. ‏أما‏ ‏غير‏ ‏المسلمين‏ ‏فهم‏ ‏فى ‏الدرجة‏ ‏السفلى ‏كأهل‏ ‏ذمة‏، ‏وأعداء‏ ‏الدولة‏ ‏هم‏ ‏من‏ ‏يخالفونها‏ ‏فى ‏المذهب‏ ‏الفكرى ‏والفقهى ‏والسياسى، ‏وتعاملهم‏ ‏الدولة‏ ‏بحد‏ ‏الردة‏ ‏والحسبة‏، ‏أى ‏بالقتل.

التوازن بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع فى الدولة الاسلامية

لكل‏ ‏فرد‏ ‏فى ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏الحق‏ ‏المطلق‏ ‏فى ‏شيئين‏:‏
‏ (1) ‏العدل‏ (2) ‏حرية‏ ‏الرأى ‏والفكر‏ ‏والعقيدة‏.‏
ولكل‏ ‏فرد‏ ‏فى ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏الحق‏ ‏النسبى ‏فى ‏ثلاثة‏ ‏اشياء‏:-‏
‏(1) ‏الثروة‏ (2) ‏المشاركة‏ ‏فى ‏السياسة‏، ‏أى ‏الحكم‏ (3) ‏الأمن‏. ‏وهذه‏ ‏الأشياء‏ ‏الثلاثة‏ ‏هى ‏حق‏ ‏مطلق‏ ‏للمجتمع‏. ‏فالمجتمع‏ ‏هو‏ ‏الذى ‏يملك‏ ‏الثروة‏ ‏وهو‏ ‏الذى ‏ينبغى ‏أن‏ ‏يدافع‏ ‏عنه‏ ‏الجميع‏، ‏وهو‏ ‏مصدر‏ ‏السلطات‏، ‏وكل‏ ‏فرد‏ ‏يأخذ‏ ‏نصيبه‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏الحقوق‏ ‏على ‏حسب‏ ‏كفاءته‏ ‏مع‏ ‏مراعاة‏ ‏تكافؤ‏ ‏الفرص

التوازن بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع فى الدولة الدينية
الخليفة‏ ‏هو‏ ‏الذى ‏يملك‏ ‏الأرض‏ ‏ومن‏ ‏عليها‏. ‏وهو‏ ‏الذى ‏يملك‏ ‏خزينة‏ ‏الدولة‏ ‏يمنح‏ ‏ويمنع‏، ‏وهو‏ ‏الذى ‏يقتل‏ ‏من‏ ‏يشاء‏ ‏ويرفع‏ ‏من‏ ‏يشاء‏. ‏قال‏ ‏أبو‏ ‏جعفر‏ ‏المنصور‏: ‏أيها‏ ‏الناس‏ ‏أنما‏ ‏أنا‏ ‏خليفة‏ ‏الله‏ ‏فى ‏أرضه‏ ‏وأمينه‏ ‏على ‏خلقه‏ ‏وقد‏ ‏جعلنى ‏قفلا‏ ‏على ‏خزائنه‏ ‏أن‏ ‏شاء‏ ‏فتحنى ‏لإعطائكم‏.." ‏وقال‏ ‏هارون‏ ‏الرشيد‏ ‏لسحابة‏ ‏فى ‏السماء‏"‏سيرى ‏حيثما‏ ‏شئت‏ ‏فأينما‏ ‏هطلت‏ ‏مطرا‏ ‏فسيأتينى ‏خراجك

العلاقة بالدول فى الدولة الاسلامية
القاعدة‏ ‏هى ‏السلام‏ ‏وعدم‏ ‏الاعتداء‏.‏
والحرب‏ ‏لا‏ ‏تكون‏ ‏إلا‏ ‏لرد‏ ‏الاعتداء‏ ‏بمثله‏. (‏"‏وقاتلوا‏ ‏فى ‏سبيل‏ ‏الله‏ ‏الذين‏ ‏يقاتلونكم‏ ‏ولا‏ ‏تعتدوا‏ ‏إن‏ ‏الله‏ ‏لا‏ ‏يحب‏ ‏المعتدين‏". "‏فمن‏ ‏اعتدى ‏عليكم‏ ‏فاعتدوا‏ ‏عليه‏ ‏بمثل‏ ‏ما‏ ‏اعتدى ‏عليكم‏ ‏واتقوا‏ ‏الله‏: ‏البقرة‏ 190، 194" ‏وحين‏ ‏تعتدى ‏دولة‏ ‏ما‏ ‏على ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏وتهزمها‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏فإن‏ ‏من‏ ‏حق‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏أن‏ ‏تفرض‏ ‏على ‏الدولة‏ ‏المعتدية‏ ‏الجزية‏ ‏غرامة‏ ‏حربية‏ ‏ ‏ (‏التوبة‏ 29).‏

العلاقة بالدول فى الدولة الدينية

القاعدة‏ ‏هى ‏نشر‏ ‏الإسلام‏ ‏أو‏ ‏المذهب‏ ‏الذى ‏تتبعه‏ ‏الدولة‏ ‏بالقوة‏ ‏تطبيقا‏ ‏للحديث‏ ‏الذى ‏اخترعوه‏: "‏أمرت أن‏ ‏أقاتل‏ ‏الناس‏ ‏حتى ‏يقولوا‏ ‏لا‏ ‏إله‏ ‏إلا‏ ‏الله‏.." ‏وبعد‏ ‏احتلال‏ ‏الدولة‏ ‏يتم‏ ‏فرض‏ ‏الجزية‏ ‏على ‏أهلها‏ ‏حتى ‏لو‏ ‏أسلموا‏ ‏كما‏ ‏حدث‏ ‏فى ‏العصر‏ ‏الأموى ‏والعباسى ‏والعثماني‏.‏
والنظرة‏ ‏الأساسية‏ ‏للدول‏ ‏غير‏ ‏الإسلامية‏ ‏أو‏ ‏المخالفة‏ ‏فى ‏المذهب‏ ‏أنها‏ ‏دار‏ ‏حرب‏ ‏أو‏ ‏دار‏ ‏كفر‏، ‏حتى ‏فى ‏أوقات‏ ‏السلم‏، ‏إذ‏ ‏تكون‏ ‏مجرد‏ ‏هدنة‏ ‏حربية‏ ‏إلى ‏أن‏ ‏يقوى ‏المسلمون‏ ‏على ‏غزوها.

المرجعية الفكرية والتشريعية للدولة الاسلامية
القرآن‏ ‏الكريم‏ ‏الذى ‏يصلح‏ ‏لكل‏ ‏زمان‏ ‏ومكان‏ ‏والاجتهاد‏ ‏فى ‏تطبيق‏ ‏نصوصه‏، ‏والاجتهاد‏ ‏فى ‏تدبره‏ ‏وفقا‏ ‏لمصطلحاته‏ ‏ومفاهيمه‏ ‏هو‏، ‏والاحتكام‏ ‏إليه‏ ‏فى ‏كل‏ ‏ما‏ ‏ينسب‏ ‏للنبى ‏من‏ ‏أحاديث‏.‏


المرجعية الفكرية والتشريعية للدولة الدينية
خلال‏ ‏عصر‏ ‏الخلفاء‏ ‏غير‏ ‏الراشدين‏ ‏تم‏ ‏تدوين‏ ‏التراث‏ ‏ليكون‏ ‏مرجعية‏ ‏فكرية‏ ‏للتشريع‏. ‏وبسبب‏ ‏الفجوة‏ ‏الهائلة‏ ‏بينهم‏ ‏وبين‏ ‏تشريع‏ ‏القرآن‏، ‏فإن‏ ‏ما‏ ‏يريدون‏ ‏تطبيقه‏ ‏خارج‏ ‏القرآن‏ ‏اخترعوا‏ ‏له‏ ‏أحاديث‏، ‏وما‏ ‏لا‏ ‏يعجبهم‏ ‏فى ‏تشريع‏ ‏القرآن‏ ‏أبطلوا‏ ‏العمل‏ ‏به‏ ‏تحت‏ ‏دعوى ‏النسخ‏، ‏مع‏ ‏أن‏ ‏مفهوم‏ ‏النسخ‏ ‏فى ‏القرآن‏ ‏وفى ‏اللغة‏ ‏العربية‏ ‏يعنى ‏الإثبات‏ ‏والتدوين‏ ‏والكتابة‏ ‏وليس‏ ‏الحذف‏ ‏والإلغاء.

الظروف التاريخية فى إقامة وانهيار الدولة الاسلامية
أقام‏ ‏النبى ‏عليه‏ ‏السلام‏ ‏دولته‏ ‏الإسلامية‏، ‏وحافظ‏ ‏أبو‏ ‏بكر‏ ‏وعمر‏ ‏على بعض ‏ملامحها‏ ‏ ‏، ‏ثم‏ ‏بدأت‏ ‏تتصدع‏ ‏فى ‏أواخر‏ ‏خلافة‏ ‏عثمان‏، ‏وبمقتله‏ ‏ثارت‏ ‏الفتنة‏ ‏الكبرى ‏وأقيمت‏ ‏الدول‏ ‏المستبدة‏ ‏تحت‏ ‏مسمى ‏الخلافة‏ ‏الأموية‏، ‏العباسية‏ ‏الفاطمية‏، ‏العثمانية‏.‏
الظروف التاريخية فى إقامة وانهيار الدولة الدينية
كانت‏ ‏الخلافة‏ ‏غير‏ ‏الرشيدة‏ ‏تعبيرا‏ ‏صادقا‏ ‏عن‏ ‏فكر‏ ‏العصور‏ ‏الوسطى ‏وتعصبها‏ ‏وتطرفها‏ ‏وتخلفها‏، ‏سواء‏ ‏فى ‏أوربا‏ ‏أو‏ ‏فى ‏الشرق‏ ‏الإسلامي‏. ‏ونهضت‏ ‏أوربا‏ ‏وخلعت‏ ‏عنها‏ ‏الكهنوت‏ ‏وأقامت‏ ‏الدول‏ ‏الحديثة‏ ‏تحت‏ ‏مسمى ‏العلمانية‏ ‏وفصل‏ ‏الدين‏ ‏عن‏ ‏الدولة‏. ‏وسقطت‏ ‏الخلافة‏ ‏العثمانية‏ ‏وتحولت‏ ‏تركيا‏ ‏إلى ‏العلمانية‏ ‏الأوربية‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏تعرف‏ ‏ماهية‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏. ‏وهذا‏ ‏التطرف‏ ‏العلمانى ‏فى ‏تركيا‏ ‏واجهه‏ ‏تطرف‏ ‏دينى ‏سياسى ‏لدينا‏ ‏إذ‏ ‏قامت‏ ‏جميعات‏ ‏دينية‏ ‏سلفية‏ ‏وحركية‏ ‏كان‏ ‏أبرزها‏ ‏الإخوان‏ ‏المسلمون‏، ‏وكلهم‏ ‏عملوا‏ ‏فى ‏الدعوة‏ ‏لإقامة‏ ‏دولة‏ ‏دينية‏ ‏على ‏مثال‏ ‏الدول‏ الأموية و‏العباسية‏ ‏والعثمانية‏ ‏.‏



احتمالات النجاح و الفشل للدولة الاسلامية

نموذج‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏هو‏ ‏الأمثل‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏حقوق‏ ‏الإنسان‏ ‏والليبرالية‏ ‏وايثار‏ ‏السلام‏، ‏ولكن‏ ‏الترويج‏ ‏لها‏ ‏يستلزم‏ ‏اجتهادا‏ ‏وصبرا‏ ‏ومعاناة‏ ‏واصلاحا‏ ‏دينيا‏ ‏ووعيا‏ ‏بحقائق‏ ‏الرسلام‏، ‏وإن‏ ‏لم‏ ‏يحدث‏ ‏ذلك‏ ‏فسينجح‏ ‏المتطرفون‏ ‏فى ‏اقامة‏ ‏دولتهم‏.‏

احتمالات النجاح و الفشل للدولة الدينية

تنجح‏ ‏اجهزة‏ ‏الأمن‏ ‏فى ‏تحجيم‏ ‏التطرف‏، ‏ولكن‏ ‏ثقافة‏ ‏التطرف‏ ‏تظل‏ ‏سارية‏ ‏برعاية‏ ‏أجهزة‏ ‏الدولة‏ ‏الاخرى ‏التى ‏تصادر‏ ‏الفكر‏ ‏الاسلامى ‏المستنير‏. ‏واذا‏ ‏استمر‏ ‏الحال‏ ‏على ‏ما‏ ‏هو‏ ‏عليه‏ ‏فإن‏ ‏التطرف‏ ‏هو‏ ‏الذى ‏سيكسب‏ ‏فى ‏النهاية‏، ‏مع‏ ‏أن‏ ‏الدولة‏ ‏الدينية‏ ‏لا‏ ‏تلائم‏ ‏عصرنا‏ ‏أو‏ ‏العصر‏ ‏القادم‏، ‏أى ‏أن‏ ‏الدولة‏ ‏الدينية‏ ‏اذا‏ ‏قامت‏ ‏فسترجع‏ ‏بالمجتمع‏ ‏الى ‏الوراء‏ ‏كى ‏يتناسب‏ ‏مع‏ ‏تراثها‏!!‏

بعد معرفة التناقض بين دولة الاسلام المدنية الديمقراطية و الدولة الدينية التى عرفها المسلمون والأوربيون فى العصور الوسطى نصل‏ ‏إلى ‏قضية‏ تتعلق بسيادة الدولة الاسلامية وسلطة نظامها القضائى ‏:. ‏ماذا‏ ‏إذا‏ ‏رفضت‏ ‏جماعة‏ ‏فى ‏الدولة‏ الاسلامية ‏الالتزام‏ ‏بالنظام‏ ‏القضائى ‏للدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏ورفضت‏ ‏التحاكم‏ ‏إليه؟
إن‏ ‏هذه‏ ‏الجماعة‏ ‏جزء‏ ‏من‏ ‏المجتمع‏، ‏ولها‏ ‏حقوقها‏ ‏فى ‏المشاركة‏ ‏السياسية‏ ‏والقضائية‏ ، ‏طالما‏ ‏تعيش‏ ‏فى ‏سلام‏ ‏مع‏ ‏المجتمع‏ ‏ولا‏ ‏ترفع‏ ‏فى ‏وجهه‏ ‏السلاح‏، ‏وكان‏ ‏ذلك‏ ‏حال‏ ‏المنافقين‏ ‏الذين‏ ‏أتاح‏ ‏لهم‏ ‏تشريع‏ ‏القرآن‏ ‏حرية‏ ‏المعارضة‏ ‏بالقول‏ ‏والعمل‏ ‏الذى ‏كان‏ ‏يصل‏ ‏إلى ‏درجة‏ ‏إيذاء‏ ‏النبى ‏نفسه‏ ‏والاستهزاء‏ ‏بالإسلام‏ ‏والقرآن‏ ‏والمسلمين‏ ‏والكيد‏ ‏المسلمين‏، ‏وآيات‏ ‏القرآن‏ ‏حافلة‏ ‏بما‏ ‏كانوا‏ ‏يقترفون‏، ‏وكان‏ ‏الله‏ ‏تعالى ‏يأمر‏ ‏النبى ‏والمسلمين‏ ‏بالإعراض‏ ‏عنهم‏ ‏وعدم‏ ‏التعرض‏ ‏لهم‏ ‏اكتفاء‏ ‏بما‏ ‏سيحدث‏ ‏لهم‏ ‏يوم‏ ‏القيامة‏.
‏أما‏ ‏المنافقون‏ ‏الخارجون‏ ‏على ‏الدولة‏ ‏والذين‏ ‏يكيدون‏ ‏لها‏ ‏من‏ ‏الخارج‏ ‏ويتحالفون‏ ‏مع‏ ‏أعدائها‏ ‏ويخدعون‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏فليس‏ ‏أمامهم‏ ‏إلا‏ ‏الانخراط‏ ‏فى ‏إطار‏ ‏الدولة‏ ‏بالحياة‏ ‏فى ‏أرضها‏ ‏والاستمتاع‏ ‏بحرية‏ ‏المعارضة‏ ‏السلمية‏ ‏فى ‏إطارها‏ ،‏وإذا‏ ‏أصروا‏ ‏على ‏البقاء‏ ‏خارج‏ ‏الدولة‏ ‏والكيد‏ ‏للمسلمين‏ ‏فلابد‏ ‏من‏ ‏حزم‏ ‏الامر‏ ‏معهم‏ ‏والرد‏ ‏على ‏عدوانهم‏ ‏إذا‏ ‏اعتدوا‏. (‏النساء‏ 88: 91).‏
ونعود‏ ‏إلى ‏المنافقين‏ ‏الذين‏ ‏يعيشون‏ ‏فى ‏إطار‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏ويمارسون‏ ‏حريتهم‏ ‏فى ‏المعارضة‏ ‏بالقول‏ ‏والفعل‏. ‏ونتساءل‏، ‏هل‏ ‏تصل‏ ‏حريتهم‏ ‏فى ‏المعارضة‏ ‏إلى ‏رفض‏ ‏الاحتكام‏ ‏إلى ‏النظام‏ ‏القضائى ‏للدولة؟‏ وهل من سلطة الدولة الاسلامية فرض نظامها القضائى عليهم ؟
‏من‏ ‏المعروف‏ ‏أن‏ ‏أشد‏ ‏النظم‏ ‏ليبرالية‏ ‏وديمقراطية‏ ‏ترفض‏ ‏حق‏ ‏المواطنين‏ ‏فى ‏الالتجاء‏ ‏إلى ‏قانون‏ ‏اخر‏ ‏ونظام‏ ‏قضائى ‏آخر‏، ‏ولكن‏ ‏تشريع‏ ‏القرآن‏ ‏يعطى ‏المنافقين‏ ‏الحق‏ ‏فى ‏التحاكم‏ ‏لنظام‏ ‏قضائى ‏عدائى ‏للدولة‏. ‏فذلك‏ ‏ما‏ ‏كان‏ ‏يحدث‏ ‏من‏ ‏المنافقين‏، ‏وكان‏ ‏القرآن‏ ‏ينزل‏ ‏يحتج‏ ‏على ‏ما‏ ‏يفعلون‏ ‏ويعتبره‏ ‏دليلا‏ ‏على ‏عدم‏ ‏إيمانهم‏، ‏ولكن‏ ‏يأمر‏ ‏النبى ‏بعدم‏ ‏التعرض‏ ‏لهم‏ ‏وتلك‏ ‏قمة‏ ‏الليبرالية‏ ‏وحقوق‏ ‏الإنسان‏ فى دولة الاسلام.‏
ونعطى هنا بعض اللمحات السريعة :
* كانت هناك قبائل اسرائيلية تساكن المسلمين حول المدينة ، ولم يكونوا جزءا من دولة المسلمين ، وحدث أن طلب بعضهم أن يحتكم للنبى محمد عليه السلام ، وكانت لهم أغراضهم الخفية غير البريئة ، وانتظر النبى الرأى من الوحى الالهى ، فنزل قوله جل وعلا (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء ). أى جاء الأمر للنبى بأن له الحرية فى أن يحكم بينهم بالقسط أو أن يعرض عنهم ، مع تعجب كيف تكون عندهم التوراة ( الحقيقية ) ثم لا يحتكمون اليها وفيها الهدى و النور ، وهى التى كان يحكم بها الأنبياء السابقون والأحبار والربانيون . ويأتى التوجيه أيضا لأصحاب الانجيل بأن يحكموا بما أنزل الله جل وعلا فى الانجيل (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ( المائدة 42 : 47 )
* وكانت هناك طائفة من المنافقين من أهل الكتاب الداخلين فى إطار الدولة الاسلامية ، ومفروض أن يحتكموا الى شريعتها ، ولكنهم رفضوا. وجاء اللوم لهم من الله جل وعلا ، ولم يأت أمر باتخاذ أى إجراء ضدهم . ونقرأ فى ذلك قوله جل وعلا :(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ ‏آل‏ ‏عمران‏ 23 -)
* وبعض المنافقين ارتضى أن يترك كتاب الله ( القرآن الكريم ) وأن يحتكم الى شريعة الشيطان الجاهلية ، فلما جاءهم اللوم والنصح ازدادوا صدا ورفضا للذهاب الى رسول الله ليحكم بينهم ، مع انهم وقت الشدة يفزعون له عليه السلام ويعتذرون ، يقول جل وعلا :(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا )
ولأن الله جل وعلا هو الذى يعلم وحده ما فى قلوبهم ولأنه وحده هو الذى سيتولى حسابهم فان الله جل وعلا يأمر خاتم المرسلين بالاعراض عنهم ، وأن يعظهم (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا )
وفى إطار الوعظ لهم يقول جل وعلا داعيا لهم للتوبة والايمان الحق :( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا :‏النساء‏ 60: 65).
* وبعضهم كان لا يحتكم للنبى محمد عليه السلام إلا إذا تيقن أن معه الحق ، لأنه واثق أن النبى محمدا عليه السلام سينصفه ، أما إذا كان معتديا ظالما عليه الحق فانه كان لا يرتضى حكم النبى و يرفض الاحتكام اليه ، يقول جل وعلا عنهم : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) وهنا أيضا لم يأت أمر بعقابهم أو اتهامهم بالخروج عن سلطة الدولة الاسلامية ، ولكن جاء لهم النصح الممزوج بالتأنيب :( أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ : ‏النور‏ 47 : 51)







#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان بين سطور التاريخ (15 ) رمضان فى القاهرة الفاطمية
- خرافات الدين الأرضى (7 ) المطالب وأشياء أخرى
- ( 7 ) مصطلحات قرآنية خاصة في سورة يوسف تأملات في قصة يوسف ف ...
- (‏مدرسة‏ ‏الإمام محمد عبده ‏بين‏ ‏مصر‏ ‏وتونس) ( 3 / 3 )
- (‏مدرسة‏ ‏الإمام محمد عبده ‏بين‏ ‏مصر‏ ‏وتونس) ( 2 / 3 )
- بسبب هذا الخطاب فى ندوة فى الكونجرس الأمريكى : عملاء السعودي ...
- (‏مدرسة‏ ‏الإمام محمد عبده ‏بين‏ ‏مصر‏ ‏وتونس) ( 1 / 3 )
- جائزة سيد القمنى ومصر التى تقفز فى الظلام
- ليلة القدر في رمضان هي ليلة الإسراء،ليلة نزول القرآن كتابا ( ...
- ليلة القدر في رمضان هي ليلة الإسراء،ليلة نزول القرآن كتابا ( ...
- ليلة القدر في رمضان هي ليلة الإسراء،ليلة نزول القرآن كتابا ( ...
- ليلة القدر في رمضان هي ليلة الإسراء،ليلة نزول القرآن كتابا ( ...
- رحلة فى داخل عقل قاتل مروة
- ليلة القدر في رمضان هي ليلة الإسراء،ليلة نزول القرآن كتابا : ...
- ليلة القدر في رمضان هي ليلة الإسراء،ليلة نزول القرآن كتابا : ...
- ابن خلدون أستاذا للرئيس الأمريكى ريجان
- ليلة القدر في رمضان هي ليلة الإسراء،ليلة نزول القرآن كتابا : ...
- تعظيم سلام للصوص مصر العظام :(7 ) تطبيق الشريعة السنية فى مص ...
- موجز حديث د. أحمد صبحى منصور فى برنامج ( فى الصميم ) فى تليف ...
- الطبرى والقرامطة وآل سعود .!!


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - وظيفة القضاء‏ ‏بين الاسلام والمسلمين : ( المقال الأول) التناقض‏ ‏بين‏ ‏الدولة‏ ‏الإسلامية‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏النبى ‏، ‏والدولة‏ ‏الدينية‏ ‏فى ‏عصر‏ ‏الخلفاء ‏