أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيروم انكونينا - -هنا إسرائيل، هذه ليست فلسطين-















المزيد.....

-هنا إسرائيل، هذه ليست فلسطين-


جيروم انكونينا

الحوار المتمدن-العدد: 2745 - 2009 / 8 / 21 - 08:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بينما تبدو الإدارة الأميركية والإدارات الرئيسية في العالم عازمة على إنهاء الاستيطان في الأراضي المحتلة أو تلك التي تم إلحاقها، تعلن الحكومة الإسرائيلية رفضها بالوقائع المفروضة على الأرض.
"كنا نائمين هنا، ولم أسمعهم حين دخلوا البيت. فتحت عيوني، كانوا ملثمين، ويلبسون الأسود وصرخوا بي: "قم، هنا اسرائيل، هذه ليست فلسطين". لم يكن لدي الوقت لآخذ طفلاي، بعد دقائق قليلة كنا على الرصيف أمام منزلنا، وكان كل شيء قد انتهى".
بعد عائلة الكرد بأشهر قليلة أتى الدور على عائلتيّ غاوي وحنون، الساعة الخامسة من صباح يوم الأحد الثاني من أغسطس، تم طردهما من منزليهما في حي الشيخ جراح العربي القائم في الجزء الشرقي من القدس.
طرد وحشي أغرق سكان الحي في جزع شديد. خمسة وعشرون منزلا يقطن كل منها عدة عائلات معرَضة لإجراءات مماثلة. هذا الأحد، هذه العائلات كانت قد شهدت ما ينتظرها في أي ساعة من ساعات النهار أو الليل، خلال الأيام والأسابيع القادمة.
جوهر عمليات الطرد اليومي للعائلات الفلسطينية في القدس الشرقية، هو سياسة الاستيطان والتهويد الكلي للقدس التي تنفذها البلدية بدعم من كل الحكومات منذ اتفاقيات أوسلو 1993.
أدى زرع الصهاينة فوق ما يشكل اسرائيل اليوم في سنة 1948 إلى تهجير جماعي بما يقارب 800,000 فلسطيني ما زال معظمهم يرزح اليوم في مخيمات اللاجئين البائسة في لبنان والأردن وسوريا والعراق أو في الضفة الغربية. في نفس السنة، سيطرت الأردن على الجزء الشرقي من القدس. بعض المناطق السكنية، كما هو الحال في الشيخ جراح، عهدت بها المملكة الهاشمية إلى الأنروا – منظمة الأمم المتحدة المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين- لإعادة إيواء العائلات الفلسطينية المطرودة من القدس الغربية.
منذ 1967 وضم الجزء العربي في القدس من قبل إسرائيل، انطلقت مسيرة استيطانية لا تنتهي لعزل الأحياء العربية في القدس عن باقي الضفة الغربية قاطعة بذلك التواصل الجغرافي مع كافة المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية والجانب الشرقي من المدينة. الهدف الذي تعترف به السلطات الاسرائيلية هو جعل أي تقسيم للمدينة مستحيلا، ومنع الفلسطينيين من المطالبة بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية أيضًا.
كانت الموجة الأولى من البناء وزرع الاستيطان اليهودي في المناطق الفلسطينية المحيطة بالقدس الشرقية قد قسمت الضفة الغربية إلى جزأين، وجعلت تنقل الفلسطينيين المقدسيين أو القادمين من الشمال (من ناحية رام الله) أو القادمين من الجنوب (من ناحية الخليل) تقريبًا مستحيل. في الشمال، خط القطار "تراموي" والذي تبنيه فرنسا (شركتي فيوليا وألستوم) يربط بين القدس والحزام الاستيطاني المحيط بها الذي تشكله حوالي ثلاثين مستوطنة، ليشكل أيضًا حاجزًا جديدًا بين الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وأخيرًا في الشرق جنوب تأتي مستوطنة "معاليه أدوميم" وامكانيتها بأن تكون أكبر من تل ابيب مرة ونصف، وقد أنهت تطويق وخنق الجزء العربي من محافظة القدس. كل عمليات ضم المناطق هذه مدعومة على الأرض أيضًا بجدار الفصل الذي لا يقسم الأرض الفلسطينية فقط، بل يضيق الخناق على مدن وقرى فلسطينية باقتطاع نطاقها الطبيعي.
الشيخ جراح في الشمال، ومثلها سلوان في الجنوب، هما القطعتين الأخيرتين في نظام خنق الأحياء العربية المتاخمة للبلدة القديمة في القدس الشرقية. من خلال قلب الموازين الديموغرافية، تخلق اسرائيل أيضا ممرات متجانسة سكانيًا تربط بين الجزء الغربي من المدينة والحظيرة الاستيطانية في المناطق الفلسطينية.
ويبقى الأسلوب هو ذاته دائما.
بذريعة الحفريات الأثرية للأماكن المقدسة، أو ماضِ يهودي مفترض أو حقيقي، كل حجة تساق جيدة لطرد وترحيل وتدمير المناطق السكانية الفلسطينية واستبدالها بسكان يهود. في البداية كان المستوطنون المتعصبون من اليهود المتزمتين هم من يقومون بهذه المهمة: البقاء في المكان المحتل حديثًا في انتظار ترسيخ الحالة لينتهي الأمر بزرع سكان أقل تدينا منجذبين في هذه الحالة من خلال تسهيلات اقتصادية لا يستهان بها، ومستفيدين من سكن وبنى تحتية ذات أسعار مغرية جدًا في ضوء الحالة العقارية في البلاد.
لم يستغرق الأمر سوى نصف نهار لإخلاء مسكنين يجمعان تسعة عائلات تشكلان 53 شخصًا يعيشون في في حي الشيخ جراح منذ 1958. أربع ساعات فقط احتاجتها الشرطة الإسرائيلية لتضع أطفال ونساء وعجائز في الشارع وذلك بمساندة قوات حرس الحدود ( وحدة شرطة الحدود الشهيرة بوحشيتها ضد المدنيين الفلسطينيين). نصف نهار لانتزاع كل الأشياء الشخصية وقطع الأثاث والملابس و تكديسها في شاحنات تذهب بها لردمها في الشارع ذاته على بعد أمتار فقط من مكاتب الأونروا. طريقة اسرائيلية لتذكير المنظمة التابعة للأمم المتحدة بأنها هي اسرائيل الطرف المسيطر على كافة المناطق الفلسطينية، وأنها لن تتسامح مع أي دور للأمم المتحدة سوى إدارة النتائج الإقتصادية والإجتماعية والصحية السكان الفلسطينيين المطرودين. رسالة أخرى تضاف إلى القصف المتعمد أثناء هجوم الشتاء الماضي لمباني الأمم المتحدة في غزة مباشرة بعد إدانة الأنروا للمجازر ضد المدنيين التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
نصف نهار فقط في النهاية لينصعق أهالي الشيخ جراح بوصول أولى عائلات المستوطنين اليهود لتأخذ مكان بيت عائلة حنون، ثم تلتها أخرى لتحتل موقعها في بيت الغاوي تحت بصر ميسون الغاوي وعيوني طفليها. يقول أحد سكان الشيخ جراح: "رغم التوتر الشديد، والانتشار الهائل لرجال الشرطة والجنود، فقد سيطر على الحي صمت القبور. الصمت كسرته من حين لآخر تنهدات الحسرة من الأمهات أو صراخ الأطفال. ثم فجأة انقضت آلة المنشار الحديدية على كل أبواب المنازل المسلوبة. وبعد ثوان قليلة، أبواب جديدة بأقفال جديدة تم تركيبها".
خلال النهار، وأمام الأنقاض والنفايات المتراكمة أمام المنزل، كانت عائلة المستوطنين الجديدة تحط رحالها وتعيد ترتيب المساحة التي كانت قد صممت لتسكنها تسع عائلات فلسطينية. ست عائلات في بيت الغاوي وثلاث في بيت حنون، هذا الاكتظاظ لتسع عائلات في مبنيان سكنيان يأتي بسبب منع الجهات الإسرائيلية سكان القدس من البناء وتوسيع منازلهم، كما وتقوم بلدية القدس بالتصدي للبناء بشكل منتظم ومنهجي.
تحت رقابة كاميرات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي التي تسجل وتهدد كل نية للتضامن مع العائلات الفلسطينية، يشرح صلاح (37 عامًا) أحد سكان الشيخ جراح: " نحن نشهد نكبةً يومية. حين يلقى بالفلسطينيين خارج بيوتهم، يعرفون أنهم لن يدخلوه أبدًا بعد ذلك. لديهم الآن ستون عامًا من الخبرة، الإسرائيليون يريدون تحويل الحي إلى صورة مشابهة لما فعلوه بالخليل حيث حفنة من المتشددين اليهود، محميون من قبل الجيش، يحكمون بإرهابهم وسط المدينة الذي تم إخلاؤه لتشييد "تواصل أمني" (أي خال من الفلسطينيين) بين المعبد في الحرم الإبراهيمي بالمدينة العربية القديمة وبين مستوطنة كريات أربع".
280,000 فلسطيني يعيشون اليوم في القدس الشرقية.
ما يقارب ألف منزل فلسطيني تم تدميرها في المدينة منذ اتفاقيات أوسلو.
يقطن فيها ما يقارب 200,000 مستوطن.
منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية أعلنت في مارس 2009 أن خطة الاستيطان في القدس الشرقية تجهز لبناء 5,700 وحدة سكنية.
في المدى القصير جدًا، سيصبح اليهود أغلبية سكانية في الجانب العربي من القدس.

* صحافي فرنسي



#جيروم_انكونينا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق الى الجنوب صعبه


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيروم انكونينا - -هنا إسرائيل، هذه ليست فلسطين-