أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كامل حسن الدليمي - صناعة المثقف















المزيد.....

صناعة المثقف


كامل حسن الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 2745 - 2009 / 8 / 21 - 08:44
المحور: المجتمع المدني
    


ترى من يصنع المثقف ؟ وهل أن الغرب سبق العرب في تشجيع الثقافة ؟ وما علاقة الثورة الصناعية في تغيير الاتجاهات الثقافية والفكرية في العالم الغربي ؟ ومن سبق الفكر الديني أم السياسي في محاكاة العقل البشري والتلاعب برؤاه وممكناته العقلية ؟
كل هذه التساؤلات تفرض نفسها في طريق البحث عن الخطوط الوهمية الفاصلة بين السلطة الدينية والسلطة السياسية وتفاعلهما في صناعة ثقافة موحدة غايتها إخضاع عوامل الطبيعة لخدمة الإنسان وإيجاد توازنات معقولة بين طبقات المجتمع فيما يتعلق بالحق والواجب الملقى على عاتق الفرد تبعا لموقعه الفكري ومقدار ما يستطيع تقديمه في إطار الجهد العام وهذه العملية يطلق عليها بعض الباحثين بـ ( تحقيق العدالة الاجتماعية) ، ومن هذا المنطلق فان هناك عوامل فاعلة في مفاضلة مجتمع على آخر من الناحية الفكرية ليس من باب التخلف ونقيضه بل من ناحية من سبق من؟ في تحديث المفاهيم العامة للمجتمع واخذ على عاتقه ثورة التحديث ليأتي الجهد أكله في توظيف الفكر توظيفا نافعا دون ان يطيح بمنظومته المفاهيمية القديمة بقصد تهشيمها بل بقصد التجديد بلغة الواقع المعاش ولعل من بين ابرز هذه العوامل :
1- البيئة بكل ترسانتها المفاهيمية انطلاقا من الأفعال الماضية والمضارعة والامرية ، وهذا يشكل ربطا موضوعيا لابد من الإشارة إليه في صناعة ثقافة للمجتمع والتي تميزه عن الأخر ، فالماضي هو جزء من الحاضر واستدلال منطقي على المستقبل والخط الرابط بين هذه الأزمنة خط مستقيم بناء على المادة الأولية المسهمة في صناعة المنجز الفكري بشكله الجمعي فمادام الإنسان هو ذات الإنسان وفقا لموقعه الجغرافي والتاريخي أي انه لم تجري عملية تجريف قصدية لجذوره واستبداله بآخر مثلا ( استبدال الشعب الإيراني مكان الشعب العراقي والعكس ) عندها سيحصل قطع بين هذه الخطوط الزمنية المستقيمة ويتحول المجتمع لخلايا هجينة لا ترتبط عند عقد طبيعية ولا تشترك بأزمنة محددة . أي أنها ستعاني من مشكلة في التاريخ والجغرافية بما تشكل المفردتين من عامل مساعد في التحديث الفكري.
2- الموروث الحضاري : للموروث ابلغ الأثر على صناعة ثقافة المجتمع وفي البناء الفكري العام والتلاعب بالاتجاهات الفكرية من خلال رسم خطوط بين الارث بسلبه وايجابه وبين الحاضر المعاش مع الأخذ بنظر الاعتبار ما أصبحت عليه المجتمعات الأخرى من خلال التعاطي مع تجاربها ، خصوصا اذا كانت هذه التجارب قد تفوقت في خدمة الإنسان من خلال إخضاع عوامل الطبيعة لإسعاده دون التوقف عند حدود يسبب الوقوف عندها عجز العملية برمتها . وبعبارة أخرى دون تدخل اللاهوت الذي يتسبب في الكثير من الأحيان منع الفكر من التحليق في فضاء أرحب من خلال محددات لم يضعها الخالق بل وضعها المخلوق حفاظا على مكانته الدنيوية ومكاسبه الآنية التي حصل عليها من خلال التمسك بضرورة التابعية له والعودة لاستشارته خلال مراحل التفكير .
3- للأعراف والتقاليد علاقة وثيقة في صناعة ثقافة المجتمع وان التعامل مع العرف السائد من منطلق التقديس يبعث على الجمود الفكري ويجعل السطحية سمة التفكير ويكبل المفكر ويضعة في دائرة أضيق من مساحته العقلية التي بالإمكان أن تجد البدائل للخروج من بعض الخوانق الضيقة وتتعامل مع الأشياء على أساس ديناميكيتها وقدرتها على التطويع والتشكل بصورة أكثر إشراقا . واجدى للإنسان . ولا يعني ذلك رفض العرف ونبذ التقليد بل التعاطي معه على انه حي يمكن محاكاته بأساليب جديدة . وهذا مافعله العالم الغربي بعد الثورة الصناعية عام 1878م وانطلق من خلاله لفضاء ارحب جعل من الانسان غاية ووسيلة ، وحقق له ما عجز عن تحقيقه الفكر العربي رغم جهوزيته لذلك وتوفر العوامل القادرة على الانجاز . والتجديد بما لا يلغي من الثوابت شيء ، وقد كانت اسهامة بعض فلاسفة الغرب وكان لهم قصب السبق في إنضاج النظريات المنصفة للإنسان بوصفه الأغلى ثمنا من كل الموجودات في الطبيعة وعلى العقل ان يوظف لخدمة قضاياه في الحياة وعلى كل الصعد الفكرية والعلمية . فكانت الثورة التكنولوجية ، والثورة الاقتصادية ، والثورة على كل أشكال امتهان الإنسان من قبل الإنسان بدعوى نظرة (القائد والمقود ) القاصرة التي كثيرا ما تسببت بإذكاء الصراعات متخذة من الإنسان الضحية عندما يتعلق الأمر بتفضيل جهة على أخرى والتعامل مع الأفراد على أسس طبقية ، مع إعطاء الأولوية للأسياد الذين سخروا قوة المجتمع لخدمة طبقتهم على حساب الطبقات التي تشكل الأغلبية . الأمر الذي افرز ثقافة مرتبطة بهذا الوضع الشائك .
4- الأحزاب وصناعة المثقف : حين يستشعر حزب ما ان المثقف (س) يشكل خطرا على الحزب من خلال استشرافه لأهداف ذلك الحزب ونقده لافكارة ومحاولة إسقاط شعاراته على الواقع وبيان مستوى التزييف فيها فانه يسعى جاهدا لاحتوائه بالطرق الدبلوماسية أو بتقديم كافة المغريات المادية والمعنوية له من هنا انطلق التأسيس لطبقات عديدة من المثقفين وافتقار الساحة للمثقف الشامل الذي يقع خارج مرمى السلطة ، بل بمقدوره التنظير فيما ينفع وما لا ينفع التعاطي معه من نظرية هذه الجهة أو تلك والنهل من موروث الأمم الأخرى من جهة ثانية وهنا برز مثقف السلطة الذي يميل بالولاء للطبقة الحاكمة وغير معني برصد معانات الإنسان البسيط ، وبالضد منه مثقف الطبقة الفقيرة الذي عادة ما تسلب إرادته ويجير بشكل أو بآخر للسلطة الحاكمة ولهذه القاعدة شواذ بشواهد تاريخية نادرة فمن بقي في صف الفقراء دون أن تغريه موائد السلاطين هم النزر اليسير ولم يحدثنا التاريخ عكس ذلك ،وإلا لكان لدينا ثوار على الظلم من الطبقات الفقيرة يتقدمهم المثقف ولوصلنا من أثرهم شيء يبرهن على فاعليتهم من خلال استنهاض هذه الطبقات للمطالبة بحقوقها المسلوبة ، ومنذ تأسيس دولة العراق الحديثة عام 1921م ظل المثقف العراقي بوجه خاص متغير الولاء على الأغلب وغرد بسرب السلطة منذ ذلك الوقت والذريعة دائما هي العوز والفاقة والحرمان وبيد السلطة اغناء من تريد فصنعت الأحزاب في العراق مثقفيها صناعة تضمن الولاء المطلق لهم وشكل كسب المثقف واحدا من الرهانات المهمة لدى من بيده السلطة من الأحزاب السياسية أو الدينية على اختلاف مسميات هذه الأحزاب ولم تطلق الألقاب اعتباطا على ( شاعر الحزب "س"، ومثقف السلطة "ص") هكذا تمت صناعة هؤلاء على أنهم لم يكونوا إلا مع مصالحهم الذاتية الأمر الذي يوجب رفع لقب ( المثقف العضوي ) عنهم أو المثقف الشامل الذي يكيل للجميع بمكيال واحد وينظر من زاوية تمكنه من رصد الجميع ، وكنتيجة عامة فان الأحزاب تولت صناعة مثقفيها من خلال تفقههم بنظرية الحزب الذي ينتمون أليه فقط ، وإغداق العطايا عليهم قدر تبنيهم لطروحاته.
5- مثقف الشعب : أو إذا صح التعبير ان نطلق عليه مثقف الهامش الذي بقي خارج المتن الثقافي في مجتمعه مغيب الصوت مسلوب الإرادة والقدرة على الفعل الحقيقي . وهذا من اختار الحرية طريقا ومنهجا ورصد الجميع من موقعه واكتشف مثالبهم وحاول الإفصاح عن دورهم في ثقافة تهديم المجتمع . لكنه اصطدم بصخرة الدفاع عنهم من قبل السلطة السياسية ووقوفها بوجه من يحاول كشف أوراقهم التي كانت بصف السلطان وليس بجانب الحق الذي تمثله العامة . وهذا الامر يبدو اكثر وضوعا عندما تتعرض المجتمعات الى الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتضرب في عمقها الحضاري عند ذاك تظهر الطبقات التي تدعي ربوبية الثقافة في المجتمع محاولة تزييف وجهها الحقيقي بما يتوائم ومسببي الأزمة والمستفيدين من استمرارها ودليلنا وشاهدنا على هذا العصر ( مثقفو الاحتلال للعراق ) الذين تمت تهيئة قسم منهم قبل غزوه بكثير واعتبارهم المناصرين من خلال تجميلهم لوجه المحتل ومن رضي بوجوده كحل مثالي للتخلص من نظام قمعي استبدادي في نظرهم فاستعانوا بالقوة الغاشمة لبلوغ الهدف متناسين النتائج المترتبة على تلك الاستعانة وانها ستدفع من قوت ودم وعمق موروث المجتمع والضحية "الشعب" وحده ولا ضحية سواه فالجميع سيحصلون على مكافآت مجزية جراء تعاونهم ولكن الاثر سيكون على مدى ابعد مما يتصورون ، ففي عراقنا تشظت الثقافة لخطيين رئيسين مناصر ورافض والخطين تشظيا الى خطوط اخرى لايجدر بنا تدوينها وقد اصبحت من الوضوح مايدلك الطفل عليها بل بمقدور المتفحص للوضع ان يشخص بالاسماء من اطاح بمنظومة اخلاقية موروثة مع الاعتراف بمواضع الهشاشة فيها والتي يمكن ترميمها فيما لو أصر المثقف العراقي على عدم التعاطي مع الوضع الجديد وفرسانه ، ورفض بشكل قاطع التعاطي مع منظومة مهشمة أصلا ومشوهة ودخيلة بكل تفاصيلها ومفرداتها . وتأسيسا على هذا الفهم المبسط ستظل الثقافة تحبو في عالمنا العربي بينما هي مازالت في ( القماط) في العراق ولم تصل الى الان الى مرحلة الحبو التي وصلتها انظمة عربية حاول المثقف فيها فك قيد السلطة .



#كامل_حسن_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعر العرب الهولندي


المزيد.....




- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم
- عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في ال ...
- زاخاروفا تدين ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بلسانه
- 2.8 مليار دولار لمساعدة غزة والضفة.. وجهود الإغاثة مستمرة
- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم ( ...
- أكسيوس: عباس رفض دعوات لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين بالأم ...
- اليونيسف: استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب ...
- اعتقال عدد من موظفي غوغل بسبب الاحتجاج ضد كيان الاحتلال
- الأمم المتحدة: مقتل نحو 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
- موقع: عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كامل حسن الدليمي - صناعة المثقف