أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسيب الدين الخضري - النظام السوري : مزايا الجمود والعطالة















المزيد.....


النظام السوري : مزايا الجمود والعطالة


حسيب الدين الخضري

الحوار المتمدن-العدد: 165 - 2002 / 6 / 19 - 20:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


             

إن تشخيص أزمة النظام السوري الحالي ، والإحاطة بأبعادها السياسية  والإقتصادية  والإجتماعية،يقترن بفهم طبيعة الإفتراق العميق بين فعل هذا النظام ،وهو الفعل القائم على مواصلة نهج الإستئثار   بثروات البلاد ،بالمعنى الإقتصادي ،وإستمرار الإمساك برقاب العباد ،بالمعنى السياسي ،وإخضاع وتحويل المصالح الحيوية العليا للمجتمع إلى مادة للمساومة السياسية ،وبين طموحات غالبية  القوى الإجتماعية ،التي باتت تتطلع ،بشكل ملموس ،إلى فتح ثغرة في جدار الجمود والاستنقاع  المزمنيين ،والتأسيس لفعل  وطني قومي وديمقراطي .

لقد أمسى الجمود ، بالنسبة إلى الشريحة الحاكمة المترهلة ،بمثابة خيار سياسي ينبغي الدفاع عنه بكافة السبل ،لاسيما بعد أن "أثبت " بأنه تحّول إلى صخرة تكسّرت وتتكسّر عليها كل نزوعات التغيير والتجديد والإصلاح ،ومن ثم الحوار الوطني العام ،وهذه عين المطالب التي تدعو إليها الفصائل الوطنية القومية والديمقراطية .

إن السعي إلى خلق شروط التوازن السياسي والمجتمعي هو السمة اللصيقة بطبيعة الصراع الذي يدور في سوريا الآن ،الصراع الهاد ف إلى هزيمة وتغييب المعايير التي تبيح  وتسوّغ للشريحة الحاكمة أن ترفع الامتيازات السلطوية  إلى مصاف برنامج سياسي وإجتماعي قسري ،ينبغي على المجتمع الإيمان به والإذعان له تحت شتى الظروف .

في مرحلة حافظ الأسد لم يكن ثمة وسيلة ملموسة لتجسيد سيطرة النظام المطلقة سوى عنف الدولة ،مقرون بد يماغوجيا صاخبة توسّلت كل الشعارات ، القومية منها  والإجتماعية ، وقد عززّ ذلك المناوشات  والضغوطات التي كانت أطراف البرجوازية الدموية السورية  ، تمارسها على بعضها البعض ، وخاصة في أوائل ثمانينات القرن الماضي ، إلى أن وصلت إلى  نوع من تقاسم النفوذ ، وفي مقدمته ،على وجه التحديد ،النفوذ الاقتصادي .

كان من أهم نتائج هذه المصاهرة المستجدّة بين أطراف البرجوازية البيروقراطية  والبرجوازية الطفيلية ،هو إفراغ سوريا من الحياة السياسية ، وتصحير  ساحاتها الثقافية ، وإعلاء  الشخصية  عبر تعظيم الحاكم وإحلاله محل القوانين الموضوعية والطبيعية ،أي بالمختصر، سقوط سمات الدولة ومقوماتها ، على حساب نوع من المُجمعّات التسلّطية المنفلتة من أي عقال ، سوى عقال مصلحتها السياسية والطبقية ، وهي اللحظة التي لم يعد  يخفي فيها النظام ، بعد انتصاره على المجتمع ، أنه بات على هذا المجتمع ، حينئذِ ، أن يرى بعين مصالح  وامتيازات السلطة القائمة ، طوعاًَ أو كرها ً . كانت هذه السمة من أهم السمات  التي ورثها النظام  الحالي  عن المرحلة السابقة  ، ويبدو أنها تُشكل  صلب أسلحته المتواضعة .

عموماً ، ورث النظام الحالي آلية من القمع السياسي ، بما ترتب عليها من نتائج ، وأخرى من توزيع الثروة الوطنية بشكل لصوصي ومشوّه ، كان قد تميّزَ بها النظام السابق ، منذ مجيئه في عام 1970 ، غير أن استنفاد كل من هاتين  الآليتين ، جعل المرحلة  الفاصلة بين نهاية مرحلة الأسد الأب ، وبداية مرحلة الأسد الأبن  منطقة مكشوفة ، فقد تبيّن أن الخراب العام هو المحصلة الفعلية لسياسات النظام السابق ، طيلة ثلاثين سنة متواصلة ، وتبيّن أكثر  أن تحطيم شخصية المواطن وتحويله إلى إمعّة  ، كان في رأس جدول أعمال الخيار الأمني للنظام  والذي لم يكن يعلو عليه أي خيار آخر .

كانت بواعث المطالبة بالإصلاح والتجاوز تسير على إيقاع بروز الاحتياجات الموضوعية لهذا التجاوز ، وعلى إيقاع المبادرات المجتمعية أو السياسية التي أخذت تنمو في حقل المعارضة السورية ، لا سيما بعد أن أفصح النظام " الجديد " عن نيته بإجراء إصلاحات  مشروطة ، وهذا ماجعل بعض المتفائلين يرى بأن مرحلة الأسد الابن ، لابد أن تنطوي على إمكانات واعدة ، على طريق الاصلاح ، وإن ربيع دمشق قادم لامحالة .

وقد عزز هذا اللون من التفاؤل توق الناس  في سوريا للإ طلالة على الحرية وعلى الحياة ، والخروج من أتون التسلّط والطغيان ، ومن كماّشة  الأزمة الإقتصادية الخانقة ، ولا يغيّر في المعادلة القول بأن توقُُ، جاء على شكل إسقاط رغبات ، وإضفاء  معاني جاهزة على إيحاءات بعض أطراف السلطة ، أو بعض رموزها الذين بشّروا بالإصلاح وماشابه .

مبدئياً ، لمَّا كانت الشريحة أو الطبقة أو السلطة تتصّرف ،إيجابياً ، بما تُحدثه من تحولات  في قلب المجتمع ، على طريق التقدم الاجتماعي ، وعلى طريق إيجاد شروط البناء الوطني  والقومي المستقل ، وبما توفره من إمكانات دخول الفئات الاجتماعية المختلفة ميادين العمل السياسي والإجتماعي ، وبما تتيحه من استقلالية ما في مضمار نشوء وإقامة تشكّلات أهلية أو مدنية مستقلة ، قادرة على التعبير  عن ذاتها ، فإن تعريفاً من هذا النوع لايمكن أن يشمل النظام السوري القائم ، لا من قريب ، ولا من بعيد ، ليس لأن النظام يفتقر إلى أي مشروع تحوُّ لي ، وليس لأنه يفتقر إلى أية قاعدة  إجتماعية ملموسة فحسب ، وإنما لأنه غير قادر على الخروج على قواعد الجمود والعطالة   ، ليس ذلك فقط ، وإنما لأنه ،أيضاً ، يسعى إلى طمس أية ضرورة تُشير إلى أهمية التخلص من هذه القواعد ، لعلمه أن سيطرته  السياسية  والطبقية  مشروطة بمثل  هذه العطالة ، وماتعنيه  من هدر للطاقات الوطنية القومية ، ومن تبخيس للحياة الاجتماعية ، ومن تهديم وإنهاك للإقتصاد الوطني .

ظهر الإصلاح الذي روَّج  لهُ قسم من النظام ، وتحديداً أوساط الرئيس الجديد ، بمثابة الحمل الكاذب ، إذ سرعان ماتبدد وضاعت معالمه ، والسبب في ذلك ، هو أن الارادة التي كانت تقف وراء فكرة الإصلاح لم تتبلور ، عملياً ، في مواجهة الفساد المعمّم ، وإنما كانت تسعى ، منذ البداية ، إلى تغليف هذا الفساد ضمن حدود إتقاء تأثيراته السلبية على النظام .

ولم يكن ذلك بغريب ، طالما كانت متطلبات  الإصلاح  ترتبط ، جوهرياً ، بمدى الإنفكاك  عن ذيول المرحلة الماضية وعن آليات الفساد  التي كرستها ، وبالتالي تصفية مرتكزاتها ، بما تركته من آثار  مدمرة ، أصابت كنه الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية . ويشهد على إنهيار فكرة الإصلاح الطمس المتعمد لقضايا المعتقلين السياسيين والمفقودين ، والمحكومين بأحكام  أمنية وسياسية جائرة ، والمنفيين الطوعيين منهم والمكرهين . والأكثر من ذلك ، هو أنه لما كان الإصلاح ، الذي ينطوي على بعض النتائج الملموسة ، يساوي فتح النار على بعض مرتكزات المرحلة الماضية ، فهذا معناه ، في هذه الحالة ، لن يقف عند هذه الحدود ، وإنما سيتجاوز ذلك إلى إمكانية  تفكيك سيطرة النظام الوريث نفسه ، مما جعل القسم الذي كان يطرح الإصلاح  ينسحب مسرعاً بإتجاه حُفر وكهوف مايُطلق عليه الحرس القديم ، تاركاً الإصلاح فريسة للبهتان والموت .

 

كان الإصلاح ، من وجهة نظر المعارضة الوطنية القومية  والديمقراطية ، ولايزال يُقاس بالمدى الذي يُؤمن إعادة التوازن بين الدولة والمجتمع ، عبر التأثير المتبادل ، وبين الدولة ومؤسساتها ، وبين القانون وموضوعه ، القانون الذي أمسى ، ومنذ زمن بعيد ، المهزول والمبتذل الأول في البلا د .

المأساة أو الملهاة  ، في المسألة إياها  ، تكمن في الإستنتاج الذي يقول بأن النظام السوري الحالي ماكان لديه ، وعلى الأغلب لن يكون لديه أية إمكانية ملموسة تتعدى الرصيد المدوّر من المرحلة السابقة ، فهو يستقي كامل قوامه السياسي والأمني مما كان يختزنه أرشيف النظام السابق ، ربما في ذلك الضمانات السياسية الدولية والإقليمية . 

والأكثر تركيباً من ذلك هو أن أي رسم لملامح ذاتية مستجدة  للنظام ، تقتضيها  ظروف ما ، يعني الدخول في صراع بين المجموعات  الأكثر مرونة مع المجموعات والكتل الأشد التصاقاً بالماضي ، والأشد تمسكاً بالنهج الابتزازي (الشنتاجي ) . وهذه هي نقطة الاستعصاء التي تلف  أو يمكن  أن تلف أوضاع وسياسات النظام عند  المنعطفات ، لاسيما إذا ما عرفنا أن الرصيد المذكور يتكّون  أساساً من الوقائع المترتبة على دحر  المجتمع ، وعلى تكسير فعالياته السياسية والاجتماعية ، أي إخراج  تلك الفعاليات ، ككل ، خارج نطاق عالم السياسة وعالم الشأن العام .

في الظاهر ، ومنذ بداية مجيء الرئيس الوريث ، تكونت ملامح معادلة تُشير إلى أن القمع السياسي السافر قد تراجع ، من حيث الشكل ، على نحو ملحوظ  ، إذا تمّ ضبطه إدارياً ، وأقل  من ذلك سياسياً ، لكن ، لابد من القول ، بأن موّلداته وبواعثه  لا تزال مركونة  إلى درجة  من الحيوية والتحفز ، ومما أضفى على هذا الأمر  بعداً  سياسياً  هو أن الحس النخبوي  رفع ، أيضاً ، من قيمة  ذلك الضبط  الإداري لمسألة القمع إلى مستوى ممزوج  بنوع من الأمل والترقب كما نوهنا آنفاً .

في هذه اللحظة ، أخذت  بعض الإفرازات  الثقافية والسياسية والتنظيمية  بالنمو والامتداد على  السطح  ، راسمة العديد  من الخطوط  العريضة  في نقص الواقع القائم ، من منطلق القناعة  بالأساليب  الديمقراطية ، ومبّلورة بعض المضمرات  التي كانت تنطوي عليها المطامح  الأولية  لبعض شرائح المجتمع ونخبه الناشطة .

وكان من الواضح ، أيضاً ، بأن الوضع الجديد في سوريا ، لم يكن بحاجة إلى مثل هذا الامتحان المتمثل بولادة لجان إحياء المجتمع المدني ، وولادة  المنتديات الثقافية -السياسية ، ونشوء  منظمات  حقوقية تُعنى بشؤون الناس ، وأخيراً بروز صور من الحراك السياسي  والاجتماعي على نحو لم يألفه واقع البلاد سابقاً ، حتى يتأكد من أن الخواء والهشاشة الذين يُميزان وضعه الداخلي  سوف لا يمهلانه  في محاربة تلك الإفرازات  ، ومحاولة القضاء عليها ، وفي أحسن الأحوال محاولة  تدجينها .

أخذ خطاب النطام الإصلاحي  يتفجّر بالترافق  مع الخطوات العملية العدائية التي خطتها  السلطة  في محاربة تلك الإ فرازات . وكان  على أشد المتفائلين بصلابة وموضوعية  هذا الخطاب  أن  يفغر فاه اندهاشاً  من سرعة سقوط هذا الخطاب وتداعيه على حساب خطاب آخر معاكس ، سرعان مابدا أنه أعاد الحيوية لسلطة موزعة الولاء . وهكذا راحت لغة قص الألسنة والملاحقة الأمنية ترتفع وتتحول إلى لازمة  لدى قمة السلطة ، كما لدى إعلامها .

وكما لو أن هذا التوجه بات نهجاً موحَّداً وشاملاً على صعيد السلطة ، فقد كان ذلك كافياً لإخماد بعض الأراء التي كانت تُشير إلى  أن الجدول الحقيقي  لتيار الرئيس الإصلاحي سوف  ينصبّ على استكمال تنظيف وترتيب بيت النظام الداخلي ، بما يترتب على ذلك من أن الصراع الداهم سيكون داخل السلطة ، وبين أطرافها المتباينة ، وليس بين السلطة وقوى المعارضة .

أما وأن أصبحت المعطيات عكس ذلك فمن الطبيعي أن تبرز المعادلة على نحو آخر : فمن وجهة تكتيك السلطة ، يتم الاعتراف  بالمعارضة السورية ، وعلى الأصح بجزء منها ، بقدر ماتسعى  هذه المعارضة إلى تكريس  نوع  من التماثل الخلفي مع طروحات النظام ، وبقدر ما تُسلمّ  فيها بإقنومات النظام السياسية والأيدلوجية ،أي بقدر ما تتخلى فيه ، عملياً ، عن كينونتها السياسية المستقلة ، إسوة "بالجبهة الوطنية التقدمية "  التي حَفظت أحزابها الدرس عن ظهر قلب ، منذ البداية .

على العكس من ذلك ، ليس ثمة أكثر استسهالاً ، بالنسبة إلى النظام من أن يوّجه الإتهامات ،   

بشكل اعتباطي وقاصر على كل من يخالفه الرأي ، وعلى رأس  هذه الإتهامات العمالة للمخطط الصهيوني ، ولا نقول الامبريالي ، لأن نوع العلاقة بين النظام السوري والولايات المتحدة أكبر بكثير من أن تُوضع بالميزان .

ومما يثير التساؤل هو أنه عندما تُسلط المعارضة الضوء على  بؤر الفساد ونقاط الخلل في السلطة والمجتمع ، وعندما تعمد إلى تعرية التناقضات وبالتالي توسيع أفق العمل الديمقراطي وتكريس أساليبه ، يقترن كل ذلك ، لدى السلطة ، بسعي هذه المعارضة للإطاحة بنقاط قوتها ، وهي النقاط التي لم تتأخر السلطة يوماً في إضفاء القداسة عليها ، تارة باسم الشرعية التاريخية ، وتارة باسم الشرعية الدستورية ، ومرة ثالثة باسم الشرعية الحزبية ، ورابعة باسم الضمانات " الأبدية " التي أسس لها رئيس النظام السابق ، وهي في حقيقتها ، ليست سوى الامتيازات التي تتمتع بها الشريحة الحاكمة وذ يولها الآن ، مثلما كانت تتمتع بها في المرحلة السابقة مع إختلاف الأساليب .

كيف يمكن أن نعلل أنه عند المطالبة بإطلاق الحريات ، وسيادة القانون ، وإتاحة الفرص لمشاركة المواطنين بالبتّ في القرارات المصيرية التي تخصهم كأعضاء في المجتمع ، أو المطالبة بإعادة التوازن السياسي والاجتماعي في البلاد ، عبر تحويل الدولة  الأمنية إلى دولة قانون ، وبالتالي إلى دولة المواطنين ، تُسارع السلطة إلى إدراج هذه المطالب بخانة المطالب المشبوهة ؟. 

ولم تكتف بذلك ، أيضاً ، وإنما تُسارع إلى رفع وتيرة الإتهامات الا فتئاتيّة بأن  المعارضة ماهي إلا مجموعات  سياسية  طامحة وحاقدة ودخيلة على الحياة السياسية ، إلى الدرجة التي  يُفهم  من خلالها  بأن  المعارض في سوريا ليس مواطناً ، وطالما لم يعد مواطناً ، بحسب هذا التصنيف الشهير ، فإنه يحق  للسلطة  أن تتجاوز أبسط قواعد المنطق ، وترميه  بشتى النعوت والتسميات .

والأكثر من ذلك  هو أنه يحق  لها أن تُحيل كل عوامل الأزمة والفساد  والانحطاط وتضعها  على رأس  المعارضة ، أشخاصاً وقوى .

         

 

 لقد  تم التركيز على نغمة إتهام المعارضة بالتحول  إلى عامل من عوامل القضاء على الاستقرار ، خصوصاً الاستقرار  الذي  " استقام "  على مدى ثلاثين سنة ، حيث برهنت هذه السنوات  الثمينة  عن نوع "القائد " التاريخي  الذي يتوجب  تلزيمه  حكم ، إلى أبد الآبدين ودهر الداهرين ،كما برهنت عن نوع السياسة الاقتصادية التي "والحقُ يُقال " ليس لها مايُماثلها  في تاريخ الاقتصادات .أما اليوم فقد ظهرت نغمات إتهامية أكثر نشاذاً ، وتتلخص في أن شخصيات وقوى المعارضة ليست ديمقراطية فقط ، وإنما هي التي وقفت كسد منيع أمام ترجمة وتطبيق "الديمقراطية " في سوريا ، فأحالت بين المجتمع وقطف ثمرات هذه الديمقراطية !.

لقد ركّز الاعلام السوري مثل هذه الاتهامات على الشخصية السورية المعارضة رياض الترك ، مثلما هو متوقع أن تنصّب على رأس أي معارض آخر ، ولا نعتقد بأن الاعلام السوري كان بحاجة ماسّة لأن يلوذ بأساليب  اعلامية لا تنم إلا عن فصام وهذيان يُثيران الشفقة ، حتى ينشر الضباب على معنى اعتقال هذا المناضل الوطني ومغزاه في هذه الظروف  ..

أن  تتحول " ديمقراطية " غير موجودة أصلا ً ، ويعجز أي مجهر دقيق عن إكتشاف أي ملمح من ملامحها في سوريا ، إلى معيار له من القابليات المطاطة لأن يُرسل الناس ، بحسب اللون السياسي ، إلى الجحيم أو إلى جنات النعيم ؛ فإنّ معياراً موهوماً على هذا النحو ، لا يمكن أن ينتجه سوى عقل يعاني الانشقاق والشقاء ، عقل يستسيغ الاتكاء على تعريف تعويضي ، يضع السلطة في المكان التي ليست فيه .

إن خطر هذا التوجه سوف يجد صداه في دخول أو إدخال البلاد في سياق من المآزق السياسية والاقتصادية والإجتماعية الحارقة ؛ إذ لا بد ،والحال هذه ، من أن يتم القضاء على الفسحة المتاحة الآن أمام المتبصرين من أهل النظام ، إذا كان ثمة من مُتبصّر ، في الاقدام على إسقاط التماثل المزعوم بين الديمقراطية وبين شكل السيطرة السياسية والاقتصادية السائدة في سوريا اليوم ، والانفتاح على حقائق الحياة ، قبل أن تدور الأ زمة العامة وتعصف من جديد ، فلقد ثبت أن الانفتاح على حقائق الحياة هو أبلغ سياسة ، لكن بالتأكيد ليس بعد فوات الأوان .
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسيب الدين الخضري  : (اسم حركي )كاتب سوري وسجين سابق (15 سنة ).حلب
 


 



#حسيب_الدين_الخضري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- خيارات عدة.. ما الأحكام التي قد تصدر بحق الرئيس الأمريكي الس ...
- هيئة محلفين تدين هانتر بايدن بـ3 تهم جنائية تتعلق بالأسلحة ا ...
- مستشفى ميداني بخان يونس لدعم الجرحى
- مصر: خبراء أمميون يخاطبون الحكومة من أجل وقف استهداف المحامي ...
- واشنطن تعلن عن مساعدات إضافية للفلسطينيين بملايين الدولارات ...
- درس خصوصي لآلاف الطلاب في صالة رياضية في مصر والتحقيق مع الم ...
- مناسك الحج: السعودية تداهم محل إقامة الحجاج وتضبط المخالفين ...
- انفجار رئة فتاة بريطانية بعد تدخينها ما يعادل 400 سيجارة أسب ...
- الجزائر: 3 سيدات يترشحن للانتخابات الرئاسية، فمن هن؟
- سانشيز باق في منصبه حتى انتهاء ولايته رغم فوز اليمين في الان ...


المزيد.....

- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسيب الدين الخضري - النظام السوري : مزايا الجمود والعطالة