أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد القادر سليمان - أسس وقواعد جيوسيايسية جديدة















المزيد.....

أسس وقواعد جيوسيايسية جديدة


عبد القادر سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 832 - 2004 / 5 / 12 - 04:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كاتب فلسطيني مقيم في دمشق
بالرغم من أنّ حرب العراق لم تبد بعد أكثر سنة من انطلاقها شيئا من المفعول الثوري الانتشاري الذي كان يعد به أنصارها من الأميركيين، فإنها مع ذلك قد غدت تمثل ثورة جيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط. فللمرة الأولى في تاريخ ما بعد الاستعمار يتم غزو واحتلال بلد عربي من قبل قوة أجنبية عن المنطقة دون أن يكون للبلدان المجاورة من دور يذكر قد لعبته في هذا الحدث. وأقصى ما كان لها من أهمية إنما استمدته من موقعها كمراكز مدَد وتموين أو كعوائق أمام الانجاز السريع للمخططات الحربية الأميركية.
داخل العلاقات الاستراتيجية المستجدّة بالشرق الأدنى والأوسط هناك ثلاث مواضيع محورية تستقطب الأهمية : بنية القوى الجهوية، ومستقبل المؤسسات والتنظيمات المحلية وكذلك حظوظ مشاريع التنظيم الخارجية.

حسابات قوى تجاوزتها الأحداث

ننطلق هنا من الاعتقاد بأن الولايات المتحدة الأميركية، وبالرغم من المقاومة التي يلقاها حضورها العسكري لن تغادر في المستقبل القريب العراق ولا المنطقة بصفة عامة. وبما أن الولايات المتحدة قد غدت تمثل في الأثناء القوة العسكرية الأكبر في الشرق الأوسط، لا في مجال الطيران فحسب، بل على الأرض أيضا، فإنّ جزء كبيرا من التقديرات التقليدية للقوى في المنطقة ستجد نفسها متجاوزة؛ تلك الجدولة المفضلة سابقا حول معادلات موازين القوى العسكرية في الشرق الأدنى والأوسط.
هذه الإحصائيات لم تعد لها من قيمة كعوامل لتفسير المسارات السياسية على الأقل. وفي الواقع ستصبح مقدرة القوى المحلية على تحسين مواقعها داخل الموازنات السياسية أكثر أهمية بكثير من السعي إلى حيازة نوع معيّن من الأسلحة.
داخل هذا الإطار ينبغي أن يُرى إلى الجدال حول أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. ولئن كانت الضغوطات الأميركية والأوروبية في هذا المجال ليست دون أهميّة؛ لكنّ الأهم من ذلك بالنسبة لدول مثل ليبيا وإيران أو العربية السعودية وسوريا هو أن تغدو مثل هذه الأسلحة في إطار هذه العلاقات غير ذات فعالية، ولا حتى لردع خصم متفوق، أو أقل من ذلك كوسائل للهيمنة السياسية على الصعيد العام.

غياب قوى السيطرة الفعلية

يبدو أنّ التغيير الأكثر أهمية في بنى تقاسم السيطرة داخل النظام القطبي يكمن في أنّه لن تكون هناك وإلى تاريخ غير محدّد دولة ستلعب دور القوة المهيمنة في المنطقة بعد. لن يغدو بإمكان أية من تلك القوى الجهوية المحتملة في ما مضى – مصر أو العربية السعودية أو حتى إسرائيل- أن تهيمن على المنطقة بصفة مستقلّة أو أن تلعب دور الممثل للولايات المتحدة هناك، وسيجد الجميع أنفسهم مجبرين على تحديد سياساتهم على ضوء الحضور المباشر لـ"الجار" الأميركي الجديد. كما ستوضع علاقات الدول الصغيرة والضعيفة مع الولايات المتحدة عمليا على نفس المستوى مع القوى الوسطى للمنطقة ومن دون وساطتها.
هكذا فإنّ بعض الدول قد فقدت بصفة واضحة تماما مكانة القوة الجهوية المهيمنة التي كانت لها في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين على نطاق بعض المناطق العربية.

توجهات مؤسساتيّة جديدة

لقد تقلّص تأثير بعض الدول العربية الرئيسية على المنطقة ، فبعد حرب الخليج لسنة 1991 كان ما يزال هناك حديث عن دور أمن سياسي لبعضها في منطقة الخليج، أما اليوم فلا أثر لمثل هذا الكلام.و سيكون علىيها بالتالي أن تركز على لعب دور بناء داخل نطاق المحيط المجاور لها مباشرة، وإن كان ذلك الدور لا يتعدى مهمة الوسيط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أو بين مختلف المجموعات الفلسطينية.

وإنه لأمر ذو دلالة أن لم يكن لهذه الدول الرئيسية أيّة مساهمة في مسار التسوية التي حصلت بين بعض الدول العربية والولايات المتحدة وبريطانيا، كما أنه لم يتمّ إدماجها في مباحثات السلم العربية التي اعتمدت على الأمم المتحدة في ذلك ( السودان مثلاً) بالرغم مما يمثله هذا الموضوع من أهمية أمنية سياسية قصوى لهذه السياسات.

غالبا ما سبق أن تكرر الحديث عن موت الجامعة العربيّة، إلاّ أنّ حرب العراق وتبعاتها قد تكون أضعفتها لمدى بعيد من الزمن وأقصتها من للعبة كعنصر مشارك في تنشيط الحياة السياسية بالمنطقة. ولم يكن تأجيل القمة التي كان من المفترض انعقادها في أواخر شهر مارس/آذار إلا تأكيدا إضافيا لهذا الأمر. قد يساهم هذا الوضع في تعديل وجهة بعض المنظمات المحلية أو الجهوية أو في خلق منظمات جديدة شبيهة بها تكون خلافا للجامعة العربية، غير موجهة ومحددة باعتبارات عرقية بعينها (القومية العربية مثلا)، بل بحسب مصالح وظيفية مشتركة.

مثال على هذا الاتجاه الذي تتطور إليه الأمور هي اللقاءات المتعددة للدول المجاورة للعراق. هذه المجموعة التي تنتمي إليها بلدان مجاورة عربية وغير عربية على حد السواء قد تم التئامها لأجل هدف محدود لكنه ملموس، وهو السعي إلى إيجاد صيغة اتفاق حول سياسة لهذه البلدان تجاه حرب العراق وما ينجر عنها من تبعات. وإنه سيكون مفيدا دون شك لو أنّ مجموعة الرباعي العالمي للشرق الأوسط (الولايات المتحدة ومجموعة الوحدة الأوروبية وروسيا ومنظمة الأمم المتحدة ) تشكل مع هذا التجمع "مجموعة تداول من 6+4+1 من أجل العراق" (أي البلدان المجاورة، مع الرباعي العالمي والحكومة العراقية). سيكون من شأن هذا التكتل أن يتطور إلى قاعدة ديناميكية تنسق أمنياً و سياسياً من أجل اتفاق تدريجي على وضع إجراءات لإعادة إرساء الأمن والثقة ثم وضعها على طريق التطبيق. وبطبيعة الحال فإنّ بعث منظمات جديدة إلى الوجود لا يجعل منها مباشرة أعوانا أفضل
أو أكثر فعالية من تلك المنظمات الموجودة حاليا ؛ إنّ منفعتها العملية في مجال تفادي الأزمات وحلّ النزاعات تظلّ رهن ما ستبرهن عليه نشاطاتها.

مشاريع خارجية للنظام

بالرغم من الصعوبات التي يرى الأميركيون وحلفاؤهم أنفسهم مورطين فيها بعد حرب العراق فإنّ النقاشات العالمية تدور كثيرا حول مسائل التجديد وإعادة الترتيب ونظام جديد بالشرق الأوسط. وإنّ مفاهيم بديعة من نوع "الشرق الأوسط الكبير" و "مبادرة الشرق الأوسط الكبرى" غالبا ما تكون لها وظيفة التمويه وتحويل النظر عن واقع النقص في الأفكار الملموسة والوسائل الكفيلة بتوجيه هذه التغييرات في الوجهة المرغوبة. وإنّ العنصر"اللين" في الإستراتيجية الشرق أوسطية لإدارة بوش، أو ما يدعى بمبادرة التعاون الشرق أوسطي(Middle East Partnership Initiative-MEPI) يبدو بصفة واضحة كمجرد نسخة عن مسار برشلونة للوحدة الأوروبية الذي يتميّز بالذات بامتداده الجغرافي الشامل واعتماداته المالية الضئيلة.

كما سيتابع الأعوان المحليون تفعيل بعض الطاقات الخاصة من أجل اختراق الاستراتيجيات والمشاريع التي يصممها المخططون الأجانب. وبصرف النظر عن ارتباطات التبعية التي تشدهم إلى القوى العظمى الدولية فإنّ هذه الدول تولي أهمية كبرى للأحداث المحلية والجهوية وهي بالتالي على استعداد، من أجل حماية مصالحها الخاصة المرتبطة بتلك الأحداث، لدفع مقابل أكبر بكثير مما يقدمه أيّ عنصر خارجي. وفي هذا المضمار فإن التطورات اللاحقة على حرب العراق تؤكد معاينة كان ليونارد بيندر قد أجراها قبل 45 سنة عندما اكتشف أنّ السلطة التي يتم إسقاطها على المنطقة من الخارج "تتحطم" حتما عن طريق ديناميكيات الأنظمة المحلية والجهوية. وقد وضح هذه الظاهرة خلال فترة الحرب الباردة علماء من أمثال ل.كارل براون وذلك عندما بينوا القدرة التي للأعوان المحليين على اللعب على مواجهة القوى الخارجية بعضها ببعض وعلى استدراجها بحسب مصالحها إلى حلبة النزاعات المحلية.

صحيح أنّ لا الولايات المتحدة الأميركية ولا مجموعة الوحدة الأوربية ستقبل حاليا بالانسياق إلى مثل هذا النموذج من السلوك، إلاّ أنّ ما يسمى بمحاربة الإرهاب من شأنه أن يمنح دول الشرق الأدنى والأوسط إمكانيات جديدة لسحب أميركا وأوروبا أو روسيا إلى حلبة نزاعاتها المحلية والجهوية. وإنّ وحدات الجيش الأميركية التي تقوم بمساندة الجيش الجزائري في معركته ضد الإرهاب بجنوب الجزائر، أو بملاحقة المشتبه فيهم كأنصار لحركة القاعدة باليمن قد تكون مجرّد بداية لهذا المسار.


إن آفاق التنمية بالمنطقة ستتأثر بالنهاية أيضا بالمضاعفات السيكولوجية السياسية لحرب العراق. على مستوى عام يمنح سقوط نظام بغداد وجها للمقارنة مع سقوط جدار برلين. لكن بينما جاءت نهاية الأنظمة الشيوعية بأوروبا الوسطى والشرقية من صنع حركة شعوب تلك البلدان، فإنّ تماثيل صدام حسين ونظامه قد تمّت الإطاحة بها على يد جيش أجنبي. أية مضاعفات وتأثيرات ستكون لهذا الأمر على المدى البعيد على النفسية السياسية والثقافية للمجتمع العراقي كما للمجتمعات العربية بصفة عامة، فذلك ما لا يزال غير واضح. الأمر المتأكد الوحيد هو أنها ستكون ذات أهمية لا يستهان بها.



#عبد_القادر_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المأزقين الفلسطيني – الفلسطيني و الفلسطيني - الإسرائيلي..


المزيد.....




- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعتقل 4 مواطنين و9 إثيوب ...
- اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون -خدعة- أو مقدمة لحرب مدمرة
- بسبب استدعاء الشرطة.. مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للت ...
- روسيا تستهدف منشآت للطاقة في أوكرانيا
- الفصائل العراقية تستهدف موقعا في حيفا
- زاخاروفا: تصريحات المندوبة الأمريكية بأن روسيا والصين تعارضا ...
- سوناك: لندن ستواصل دعمها العسكري لكييف حتى عام 2030
- -حزب الله-: مسيّراتنا الانقضاضية تصل إلى -حيث تريد المقاومة- ...
- الخارجية الروسية: موسكو تراقب عن كثب كل مناورات الناتو وتعتب ...
- -مقتل العشرات- .. القسام تنشر فيديو لأسرى إسرائيليين يطالبون ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد القادر سليمان - أسس وقواعد جيوسيايسية جديدة