أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مشعل الموسى - مســارح العصــور الوســطى















المزيد.....

مســارح العصــور الوســطى


مشعل الموسى

الحوار المتمدن-العدد: 831 - 2004 / 5 / 11 - 07:09
المحور: الادب والفن
    


سينوغرافيا
( مســارح العصــور الوســطى )
ضمن سلسلة الأبحاث الأكاديمية في السينوغرافيا
أعد مادتها / أ. مشعل الموسى

" لقد كان العالمان البيزنطي والإسلامي ، هما اللذان حافظا على الفن والعـلم والفلسفة الإغـريقية القـديمة عــندما خيـّـم الظـلام على أوربــــــا " . - سيدني فنكلشتين .


استمر الخمول الـذي خيّم على الفن المسرحي لفترة ، إلى أن جاءت المسيحية والتي ساعدت كثيرًا على تقبـّـل وسائل واقعية للتعبير عن المشاعر الدينية ونشر المواعظ ، مما يُـقرب التاريخ المقدّس إلى الأذهـان ، في تلك الأثناء تم عرض مسرحيات التي جاء ذكرها بالكتاب المقدّس ، وتمثيل صلب سيدنـا عيسى ابن مريم عليهما السلام ، ودخول سيدنا عيسى لأورشليم وذكريات أسبـوع الآلام وغيـرها من المسرحيات التي لازالت تعرض حتى يومنا هذا في المناسبات وفي الكنائس ؛ كانت تلك المسرحيات موضع إقبال واهتمام الجماهيـر الغفيـرة ، وكانت اللغة اللاتينية هي اللغة الأم ، ثم انتقـل المسرح من الكنائس إلى أروقة الطرق والباحات التي تجاور الكنائس ( سيأتي ذكـر تداعياتها لاحقــًا ) ، ومن ثم إلى الأماكن العامة والمياديـن المختـلفة وأخيرًا للقصور والأماكن المخصصة لتـلك العـروض ، وانقسـم المسرح مع مرور الـزّمن لقسميـن ، أخذ كل منهما يشق طريقه في اتجاه خاص ، " فتخصص القسـم الأول في تقديـم التمثيليات الدّينية المقدسـة ، أما القسم الآخر فانطلـق نوح التحرّر ، مجاهـدًا فـي عرض ما هو جديـد من الأفكار بتقديـم التمثيليات المسلية لعامة الشعـب " .

نهضت الحركة المسرحية في القرون الوسطى ، وتقـدّمت شيئـًا فشيئـًا حتى عمّـت أوسـاط أوربا وفرنسا ، وجاهـد في سبيـل ذلك الكثير من المهتمّيـن بالحركة المسرحية ، وبذلوا جهـدًا كبيرًا في صنع وعمل المناظر المختـلفة والتي تعـد حينها ( والآن ) شيئـًا جميلا ً ، بذلك بدأت الجماهيـر تتـذوق جمال المسرحيات وتـلك العـروض .

فقد كان الكاتب المسرحي في العصور الوسطى ، يحاول أن يحقق تأثير العصر والمكان بالملابـس بدلا ً من الإخراج الحقيقي ، وأن القوائم الطويلة للأزياء التي وصلت إلينا توضح أهمية هذا المنظر في مسرحيات العصور الوسطى الإنجيلية ، وبالرّغم من استخـدام المعدات ذات الثلاث أبعـاد ( كالمناضد والمهود والعروش ) ، فقد كان من الضروري الإيحاء بمناظر المسرحية بأبياتها الشعريـة.

كان الممثـلون يُدْعَـوْن إلى قصور النبلاء ، على ولائم وحفلات الأعراس ليدخلوا على هؤلاء النبلاء والملوك عنصر البهجة والسرور ؛ وكانت المدن في أيام المهرجانات والاحتفالات والذكريات الشعبية أو الدينية تنقـلب بأسـرها لمسـرح مفتوح وكبير ، والكل يستخدم عنصر الديكور كي تتم عملية التزيين والتنسيـق وإقامة الأقواس وتشكيل الأغـصان وغيرها من تلك الأمور ، وتلك الديكورات عرفت طريقها في العروض المسرحية كي تستقر علـى مكان العرض ، وتجذب إليها النظـّـارة من كـل مكان وناحية .

من بـين أنـواع المسارح في العصور الوسطى ، ظهرت أشكال متعدّدة من تلك المســارح ، والتي سنستعـرض ثلاثـة منها :

أولا ً : مسـرح المصطبة ، وهـو المسـرح المؤقت للفـرق التمثيليـة الجـوّالة .
ثانيـًـا: المسارح المتصلة ، المستخدمة في تقديـم مسرحيات الأسرار والمعجـزات .
ثالثــًا: مسارح العربـات ، المستخدمة في تقديم مسرحيات الأسـرار الإنجليزيـة والألمانيـة.

- أولا ً: مســرح المصطبـة .
أتت بأشكال مختـلفة ، وما يميـزها بأن لها منصة مرتفعة لأعلـى ذات ستـارة خلفية ، يتواجد ويستريـح الممثـلون خلفها أو يختفون ورائها عـن أعيـن المشاهدين ، وهؤلاء المشاهدون عادة يتواجدون أمام منصة التمثيل ، أو يحيطونها من ثلاثة اتجاهات ( على الجنبين والأمام ) .

- ثانيـًا : المســارح المتصلـة .
أما المسارح المتصلة ، فإن الكنيسة كانت أول من استقبلها ، وتقوم الفكرة هذه المسارح على نقل المشاهدين وتنقـّـلهم من منظـر لآخر ( من غـرفة لأخرى ) ، لأن مَـشاهـد المسرحية كانت تمثــَّـل في مجموعة الغرف الموجودة بداخل الكنيسة ، وكل غرفـة تمثــِّـل منظـرًا أو بيئـة مختـلفة عـن سابقتها أو التي تليها ، بذلـك تكون الجماهيـر غيـر ثابتة في مكان واحد ، بل تتـنقـل من غرفة لأخرى على حسب التسلسـل المطروح في تـلك المسرحية .

لكن بسبب احتراف التمثيـل ، لم يرق هذا الأمر القائمون على الكـنيسة ، مما حدى الكنيسة بطرد أو استبعاد بعض من هؤلاء الممثـلين عن المسرحيات المؤداة في الكنيسة ، لكن هؤلاء الممثـلون المبعدون ظلوا يمارسون التمثيـل خارج أسوار الكنيسة ، وتلك العمليـة انبثـقت عنها الشرارة الأولى لمسـرحيات كوميديا دي لارتـي .

- ثالثــًا : مســارح العربـات .
هـذا النوع من المسارح اختـلف عن ما قـد ذكرناه ، واستخدم هـذا النـوع مـن المسارح في كل مـن إنجلتـرا و ألمانيـا ، فهي تعـد قبـل بـدء العـرض إعـدادًا كامـلا ً ، ثـم توضع على عجـلات وتدفـع في طرقـات المدن ، متنقلـة هذه العربة بين مجموعة وأخرى من المشاهديـن ؛ كانت مسارح العـربات تـلك ، مكوّنـه مـن طابقيـن :

1- الطابق السفلي : واستخـدم كغرفـة للملابس وللحاجيات الأخـرى من مستـلزمات العـرض والممثـليـن .
2- الطـابق العلــوي : وهـو سطـح المسـرح ، واستخـدم للتمثيـل .

" فكانت هناك نقابات حرفية تأخذ على عاتقها تجهيز عربة معينة ، بحيث تقوم نقابة صنـّاع الملابس مثلا ً بتمثيل مسرحية ، ونقابـة النجارين تأخذ أخرى وغيرها من النقـابات " ، ثم تتجمع تلك العربات في مكان معين ( كنقطة انطلاق ) ، ثم تنطلق تلك العربات على التوالي كي تقدّم عروضها أمام حشد من الجمهور المصطف على جنبات الطرقات ، جمهـور ينتظر قدوم المسـرح ؛ تنتقـل تـلك العربات بعـد ذلك من قرية أو ميـدان لآخــر ، وتـم استخـدام الخيـول أو بعض الحيوانات الأخرى أو مجاميع من الأفراد لعملية الجــر ، " أما مواكـب العربات في العصـور الوسطى فلـم تستخـدم فيها المناظـر " على الأرجح .

كـان المسرح المكـوّن من منصة ( سواء أكـان هـذا المسرح ثابتـًا أم متنقلا ً ) في المسرحية الإنجليزية في العصـور الوسطى يفرض على الكاتـب مشاكل جديـدة من ناحـية المناظر ، ولا شك إن مشكـلة المناظـر في المسرح المتنقل ( كعربة الاحتفال في المسرحيات الدينية في العصور الوسطى ) كانت قد خفت ، وذلك لأن جوانب منصة المسرح كانت مفتوحة للجمهور من جهاتها الأربع ، وكانت المناظر ترسم أما بابيات المسرحية أو بمعدات ذات ثلاثة أبعاد بسيطة نسبيـًا ، وفي الحالة الأخيرة لم تبذل إلا محاولات قليلة ، تبـذل في توضيح المناظر بشيء من التفصيل ، " فقـد كان استخـدام المعـدات في جملته رمزيـًا ، أي أن كان يقصد منها الإيحاء بالمنظر بدلا ً من تصـويره بالطريقة التي ندعوها بالواقعية " .

إن وجود هكذا نوع من المسارح ، لا بد وأن يجعل المتفرجون يحيطون بالمكان المسرحي ، ولعل أقرب بأن تكون تلك الجماهير تتواجد بشكل تلقائي غير سابق التنظيم وعشوائي الحضور ، لكن الأثر المسرحي لا بد وأن يكون مسبق التصوّر لتلك الشريحة التي ستـُـقدَّم أمامها تلك المسرحية ( وإن كان هدفهـا الفرجة والإمتاع أو غيـر هـذا ) .

إن تلامس منطقة تواجد الجمهور مع منطقة التمثيل لهـو أمر مثيـر ، قد تكون العملية هنا غير مقصودة ، لكن هذه العلاقة بين المتلقي والعناصر المشهدية ، تخلق نوع من الألفة والعلاقة الحميمية .

إن الاستخدامات والصياغة لتلك للوسائل التعبيرية البصرية في مسرح المصطبة ، تجعل من المتلقي يرى وينهل من تفاصيلها وتفصيلاتها ويتلمس مفرداتها ، لأن تلك الوسائل تم تسخيـرها لفضاء مغايـر لفضاء الحياة العادية اليومية .
* * *
(( المصادر ))

- سيدني فلنكلشتين ن الواقعية في الفن ، ترجمة مجاهد عبدالمنعم مجاهد ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، 1969 م ، بيروت.
- د. لويز ملكية ، الديكور المسرحي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ط3 ، 1990 م .
- ميلار فرد / بنثلي جيرالد ، فن المسرحية ، ترجمة صدقي خطاب ، دار الثقافة ، بيروت ، 1966م .
- فرانك م. هوايتنج ، المدخل إلى الفنون المسرحية ، دار المعرفة للنشـر ، القاهـرة .
- أحمد زكي ، عبقرية الإخراج المسرحي مدارس و مناهج ، الهئية المصرية العامة للكتاب ، القاهرة1989.
- The Art Of Drama , by Fred B. Miller & Gerald E. Bentley ميلار فريد- بنثلي جيرالد ، فــن المسرحية ، ترجمة صدقي خطاب ، دار الثقافية ، بيروت 1966م .

أعـد مادتــها /
أ?. مشعل عبدالحميد الموسى
أستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية
استاذ مادة السينوغرافيا
الكويـــت
[email protected] للمراسلة والاتصال



#مشعل_الموسى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمـات تحــتاج لرجــــال
- السينوغرافيا والإشارات الأولى المســرح الإغريقــي
- السينوغرافيا بين النظرية والتطبيق


المزيد.....




- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مشعل الموسى - مســارح العصــور الوســطى