أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس بيضون - ليس قمرنا














المزيد.....

ليس قمرنا


عباس بيضون

الحوار المتمدن-العدد: 2715 - 2009 / 7 / 22 - 10:13
المحور: الادب والفن
    



قبل 40 عاماً نزل أول إنسان على سطح القمر. لقد مشى بقدميه الشبيهتين بالحراشف على أرض أحلامنا. عندها صاح الشعراء الساذجون بأنهم استعمروا أرض خيالهم. الحقيقة أن خيالهم بدا في هذه اللحظة بائساً وضيقاً. بدا الشعر ايضاً، هذا الشعر على الأقل، بلا خيال. لقد كان مسبوقا، ليس الآن، ولكن منذ بدأ التفكير بالكون وفي كل مرة يبدأ فيها التفكير بالكون. من حسن حظ الشعر أن ليس كله مرتهنا بالقصور العلمي او بجهل الكون. ليس شكسبير ولا غوته، ولا هو لورين ولا المتنبي من هذا النوع.
أما بالنسبة لنا نحن العرب فإن واحداً من كبار مفكرينا لم يصدق أن التقنيات العلمية نفذت من الجاذبية. كان رجلاً غلبه العمر ورده إلى تقوى حرفية ففهم من بعض الآيات ان هذا محال وأنه فوق إرادة الله. على كل حال لم يكن الوحيد فقد شكك كثيرون، لأسباب مختلفة، بالمسألة كلها. لا يهمنا ذلك الآن. سواء انكر ذلك الكبير ام أقر فاننا كنا بعيدين كثيراً عن المسألة. في تلك الفترة لم تكن عقولنا ولا أحلامنا ولا زادنا العلمي او الفكري تطمح الى فتح كهذا. لقد بدت هذه قضية غيرنا. قمرنا حينذاك الذي لم نبلغه كان برنامجا آخر مختلطا ومركبا. قبل أربعين عاما كنا نتطلع إلى التحديث والتحرير والتوحيد معاً. لم نكن نعرف يومذاك كم كان ذلك طموحا وصعبا. كنا نظنه قريبا وأقرب من ذلك القمر الذي تباهوا بالنزول على أرضه. كان قمرنا ذلك الحين. الآن ننظر إلى ما حدث، مرورا بـ 1967 وما بعدها. فنرى الحروب الأهلية وريثة هذا البرنامج الضخم.
لقد فشلنا بالطبع. هذا صحيح. لكن الحروب الأصلية التي كانت انكشافاً للواقع وتوفزاً له في الوقت ذاته لم تكن كلها شراً. لقد أعادتنا مراحل إلى الوراء، لكن أي وراء، وراء أحلامنا الساذجة، وراء خيالاتنا التي لا مقابل لها في مؤسساتنا ودولنا وجيوشنا وأحزابنا وسياساتنا. لقد كان مشوار الاحلام قصيراً ومشوار الواقع طويلاً للغاية. ومهما يكن فإننا لا نزال في أوله. انه يتراكم علينا ويتتابع، لكننا نتلقاه اكثر مما نفهمه. نتابعه أكثر مما نستشرفه. نخوضه اكثر مما نستخلص منه. سيكون لذلك أطول بكثير. ما زلت على خصومة مع الواقع. ما زلنا نعيشه ونفكره في آن معاً. ما زلنا نعيش في مكان ونفكر في فضاء آخر. فانه سيكون أطول وأطول إلى ما لا نهاية.
نعود مع ذلك للقمر. لقد غدا هو الآخر ذكرى. الآن نحن بعده بكثير، لكن كلما تقدمنا نعلم اننا لا نكاد نعلم شيئاً. ان الكون لا يزال شبه مجهول لنا. تاريخ آخر كوني هذه المرة أمامنا. لا نعلم اذا لم يكن هذا من مصادر العولمة، مع عوامل الاقتصاد والصراع الايديولوجي والبيئة وخلافها فإن العالم قد تحوّل إلى جرم صغير. لا نعرف كم يخيف هذا هؤلاء الذين لم يجدوا مكاناً في العالم الصغير نفسه ولن يجدوا في الكون مكاناً أكبر. كم يخيفهم ان يفقدوا أنفسهم فيه. لذا يبحثون عن قمرهم على الأرض، اللغة، الحدود، التراب، الدين. ليست هذا أشياء صغيرة. لقد كانت جذوراً على الأرض فلماذا يبيعونها للسماء؟ لا أحد يجزم بماهية الصراع المقبل، لكننا نعلم أن هذا القمر الذي نزلوا على أرضه ليس قمرنا.




#عباس_بيضون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «المثقفون» الآن
- الشاهد، المستبطن الرائي
- العودة إلى الشيخ إمام
- التعذيب
- بين أدونيس وطرابلسي.. السياسة لا تكفي
- أنا شامت لأن الولايات المتحدة تهاجم حلفاءها فأميركا تتكلم في ...


المزيد.....




- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ
- ثبتها الآن.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على نايل سات واستمت ...
- عروض لأفلام سوفيتية وروسية في بوينس آيرس


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس بيضون - ليس قمرنا