قراءة نقدية في- تقرير المغرب الاجتماعي-

رشيد بن بيه
كاتب باحث في علم الاجتماع
(Rachid Benbih)

الحوار المتمدن-العدد: 2711 - 2009 / 7 / 18 - 04:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    

أصدرت المجلة المغربية للسياسات العمومية تقريرا بعنوان رئيسي: المغرب الاجتماعي 2008-2009. متبوعا بعنوان فرعي بعبارة: تقرير سنوي شامل حول السياسات الاجتماعية.
الإقدام على إصدار مثل هذا التقرير، في مثل هذه المواضيع، يعتبر شيئا مهما. كما أن الوقوف على الجوانب التي تطرق لها والنواقص التي تعتريه، يعد كذلك في غاية الأهمية بالنظر إلى أن جل الكتابات التي تصدر في الآونة الأخيرة، لم تعد تخضع للنقد والمساءلة من طرف القراء، بالرغم من أن العديد من تلك الكتابات تتضمن أخطاء ومغالطات، بل إن بعضها، أحيانا، مسروق من مواقع اليكترونية أومن كتابات مفكرين أجانب.
لهذا فإن هذه الورقة، تهدف إلى المساهمة في إعادة ترسيخ ثقافة النقد والمساءلة العلمية لبعض ماينشر ويكتب، في وقت يجمع فيه الكل على تراجع الفكر النقدي لدى العديد من القراء بشكل عام.
والمداخل الأساسية لنقد هذا التقرير يمكن حصرها فيما يلي: عنوان التقرير؛ الفترة التي يغطيها؛ المساهمون في إعداده؛ منهجية التقرير ومضمونه. وسنتناول كل مدخل من تلك المداخل على حدة.
عنوان التقرير
لاتصلح عبارة "المغرب الاجتماعي" أن تكون عنوانا لمثل هذا العمل الذي يتوخي رصد السياسات الاجتماعية بالمغرب خلال سنة محددة. لأن عبارة المغرب الاجتماعي تدل على كل شيء ولا تدل على أي شيء في نفس الوقت. مثلا، عنوان المغرب الاجتماعي قد يحيل بشكل مباشر على أن المغرب بلد اجتماعي نظامه الاجتماعي هو الديمقراطية الاجتماعية التي يطبقها حزب اجتماعي ديمقراطي أو تحالف أحزاب اشتراكية، بالإضافة إلى هذا، يمكن أن تتبادر إلى ذهن القارئ العديد من الأفكار الأخرى بسبب عنوان هذا التقرير.
فقد كان من الضروري أن يتم الاستغناء عن عنوان" المغرب الاجتماعي" والاكتفاء، فقط، بعبارة تقرير شامل حول السياسات الاجتماعية بالمغرب.
الفترة التي يغطيها التقرير
تم تحديد الفترة التي يغطيها هذا التقرير في: 2008- 2009، ومعنى هذا أن التقرير يغطي سنتين من السياسات الاجتماعية في المغرب وليس سنة واحدة، وهو ما يتناقض مع العنوان الفرعي للتقرير الذي يشير إلى أنه تقرير سنوي شامل حول السياسات الاجتماعية. والغريب في أمر هذا التقرير كذلك، أنه يعلن للقارئ أنه يقدم تقريرا لسنة 2009 بالرغم من أنها لم تنقض بعد، علما أن التقرير قد أعدت محاوره وكتبت قبل سنة 2009.
منهجية إعداد التقرير.
إن إعداد هذا التقرير، كان إعداد فرديا ومنفصلا في الزمان والمكان، ولم يتم إعداد التقرير من طرف لجنة لها كافة الإمكانيات والمؤهلات الضرورية للقيام بمثل هذا العمل. بل أن التقرير تم إنجازه بناء على طلبات موجهة للزملاء والأصدقاء من الأساتذة. وهذا ما أثر على جودة هذا العمل ومصداقية مضمونه.
بالإضافة إلى أن أغلب هؤلاء الأساتذة ينحدرون من تخصصات بعيدة عن مجال الدراسات الاجتماعية. فأكثر المساهمين في إنجاز هذا التقرير هم أساتذة القانون العام. كذلك، لم يراكم هؤلاء أية دراسات في مجال البحث الاجتماعي لكي تتوفر لهم المؤهلات الكافية لإصدار تقارير تتعرض للسياسات الاجتماعية.
مضمون التقرير:
لم يتمكن التقرير من تقديم مضامين مستقلة بمجهود بحثي خاص أو جماعي، ومرتبطة بالسياسات الاجتماعية بالمغرب، كما أن بعض ما ورد في هذا التقرير سبق أن تم نشره منذ مدة في بعض المجلات والتقارير الرسمية والدولية وفي بعض المواقع الاليكترونية للوزارات بالمغرب. وكمثال على ذلك مساهمة حسن طارق التي تم تشرها في المحور التمهيدي لهذا التقرير بعنوان: المغرب الاجتماعي: رؤية تاريخية، أي تحقيب للسياسات الاجتماعية؟ والتي سبق نشرها بنفس العنوان في المجلة المغربية للسياسات العمومية عدد مزدوج 2/3 سنة 2008.
إن مشكلة المشرف على إعداد هذا التقرير هي أنه ثأثر بشكل لاواع بتقرير الخمسينة، أو تقرير المغرب الممكن. ورغم ذلك فإنه فشل في تقليده من الناحية المنهجية. وما يؤكد هذا المعطى أن تقرير المغرب الاجتماعي حاول أن يقدم جانبا تاريخيا ونظريا حول السياسات الاجتماعية كما هو الشأن، تماما بالنسبة لتقرير الخمسينة، وكأن الأمر لم يعد يتعلق بتقرير سنوي، بل بتقرير يغطي أكثر من عقود.
تقرير المغرب الاجتماعي لم يقرر أي شيء، اكتفى فقط بإعادة تنظيم بعض أخبار الجرائد الوطنية، وتلخيص مضمون بعض التقارير الرسمية والدولية السابقة. فهو بهذا المعنى تقرير" مزيف" عن مجموعة من التقارير المتضاربة.

#رشيد_بن_بيه (هاشتاغ)       Rachid_Benbih#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل