أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - مصطفى لمودن - أطفال لا يخيمون بالمغرب















المزيد.....

أطفال لا يخيمون بالمغرب


مصطفى لمودن

الحوار المتمدن-العدد: 2706 - 2009 / 7 / 13 - 03:28
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


في أول بادرة من نوعها اتفق أعضاء "تجمع المدونين المغاربة " على إطلاق أول حملة إعلامية تدوينية موحدة، وقد تم اختيار التطرق لموضوع" أطفال لا يخيمون"، ينشر كل عضو مساهمته في مدونته، ويشار لها في المدونة المشتركة للتجمع، ويتم الترويج لذلك على نطاق واسع.
هل كل الأطفال يخيمون؟
هل كل الأطفال يروحون عن أنفسهم بعد موسم دراسي طويل؟
هل كل الأطفال يروحون إلى الجبل أو الشاطئ أو أي مكان آخر ليسوا متعودين على العيش فيه لقضاء لحظات استجمام؟ هل كل أطفال المغرب يتركون وراءهم ذويهم وأصدقائهم وزنقتهم وحيهم لينطلقوا نحو الآفاق؟ نحو فتح علاقات إنسانية جديدة، وأصدقاء جدد، وفضاء أرحب لممارسة شغب طفولي جميل تكون ضوابط الامتثال نادرة فيه أو منعدمة؟
وهل أصلا كل الأطفال يدرسون؟
تلك حكاية أخرى، جرحها أعمق من عدم التخييم.
دفعتني للكتابة في الموضوع الرغبة المشتركة العارمة في إبداع "حملات إعلامية تدوينية" بين رواد التدوين المغاربة، وخاصة أعضاء "تجمع المدونين المغاربة"، وأكيد أنها ستتلوها حملات أخرى، لمواضيع أخرى، كما سيتم تحسين مثل هذه "الخرجات الإعلامية" باستمرار.
لكن دافعي الشخصي للكتابة في هذا الموضوع بالضبط هو معاناة كل تلاميذي الذين أدرسهم، عند كل بداية مشوار دراسي جديد، أطرح أسئلة عليهم حول الأماكن التي زارها كل طفل أثناء العطلة الصيفية الطويلة، يدخل ذلك في إطار الحوار الذي يجب أن يلجأ إليه المدرس (ة) باستمرار، لخلق جو من الألفة والتقارب، وكذلك سبر الأوضاع الاجتماعية والنفسية لكل متعلم(ة)... لن أنسى إطلاقا جواب أصغر تلميذ أجابني حول نفس السؤال في بداية السنة الدراسية 2008/09، فقد ذكر أنه لم يزر إطلاقا حتى أقرب مدينة صغيرة تبعد عن قريته بعشرين كيلومتر وهو في سن الإثنى عشر!
تتفاوت إجابات بعضهم، منهم من يزور أقارب له لمدد معينة، إما في قرى مجاورة، أو في مدن، تكون أسباب الزيارات في الغالبة عائلية محضة، كحضور حفلة عرس مثلا، وهناك من يقضي بضعة أيام عند أفراد من الأسر، وغالبا ما يدخل ذلك في إطار تبادل الزيارات لا غير، ويفضل القرويون رد الدين لأقاربهم الساكنين بالمدن في فصل الربيع حينما تزهر الحقول ويعتدل الجو ويحلى التجوال في البوادي، فتستقبل الأسر القروية ضيوفها بكامل الترحاب والمودة.
أعرف أن أغلب أطفال القرى ينغمسون في أعمال مختلفة أثناء عطلة الصيف الطويلة، هناك من يرعى الماشية من طلوع الفجر، إلى رسو الشمس في كبد السماء، ومرة ثانية في نفس اليوم من الزوال إلى غروب الشمس، الأبقار والأغنام لا تشبع أبدا، والأطفال وراءها يلهثون طول النهار. كل الأسر تعتبر فصل الصيف للعمل وجمع المحاصيل وليس "للعب واللهو" والاصطياف! كل أفرادها يتعاونون من أجل توفير القوت والمعيشة، وكل يوم فيه عمل، وللطفل دور في ذلك ينتظره.
لا أحد من الجهات الرسمية يفكر في حق أطفال القرى وأطفال الفقراء في التخييم، لا يدخل في "همّ" الجماعات المحلية "المنتخبة" ذلك، بل هذه الجماعات وحسب ما تتوفر عليه من مستشارين أميين وأشباه أميين، في الغالب لا تفكر في أي جانب ثقافي وترفيهي للساكنة، فبالأحرى أن يسترعي انتباها تخييم الأطفال، النيابة التعليمية التي أشتغل ضمن مجالها الإداري أخبرتنا على غرار بقية النيابت المتواجدة في كل إقليم، عبر مذكرة رسمية أن إحدى المخيمات خصصت لأطفال الإقليم خمسين مقعدا! وبالمقابل طبعا، ودون الحديث عن التنقل وغيره، وهم يعلمون مسبقا أن مذكرتهم مجرد "صيحة في واد ليس له قرار".
مرة حاولت أن أبادر لنفك عن بعض الأطفال العزلة المقنتة/البغيضة التي تلفهم، فعقدت اتصالا مع إحدى الجمعيات الناشطة بأقرب مدينة قصد ضم بعض الأطفال من العالم القروي إلى صفوف روادها، لكن استجابة الآباء كانت منعدمة، والسبب معروف، بالإضافة إلى تشغيل الأطفال، هناك عامل نقص التجربة لديهم، وعدم شعورهم بجدوى التخييم، وقد حاولت أن أطمئن الآباء، وأخبرتهم بحرصي على سلامة أبنائهم والمساهمة في تنقيلهم من القرية إلى المدينة، وإعادتهم إليها حالة رجوعهم من المخيم، لكن لا أحد استجاب رغم إعلان الرغبة القوية للأطفال في ذلك.
ما يثير الانتباه في مسألة التخييم:
ـ قيام الدولة في السنوات الماضية المنصرمة بجهود واضحة من حيث الرفع من عدد الأطفال المستفيدين من المخيمات.
ـ ما زال الاعتماد قائما في تنظيم وتأطير المخيمات على مساهمة جمعيات مختلفة المشارب والتوجهات، وعدم قدرة الجهات الرسمية على القيام بذلك بنسبة مهمة مادام ذلك يدخل في إطار مهامها.
ـ ضعف التجهيزات في غالبية المخيمات الصيفية، مما قد يعرض صحة وحياة بعض المخيمين للخطر.
ـ حصول تمييز غير مقبول بين أطفال المغرب، بين الفقراء وسكان البوادي، وبين فئات اجتماعية أخرى تجد الفرصة ليخيم أبناؤها.
ـ توفر بعض المؤسسات العمومية والخاصة على مركبات سياحية يخيم فيها أبناء الموظفين والمستخدمين فقط، ولا ينفتحون على جزء من أبناء الوطن الآخرين كمساهمة رمزية من جانبهم، على الأقل سينمو أبناؤهم على التعايش مع مختلف الفئات الاجتماعية.
ـ لا يجب أن نعتبر المخيمات الحضرية تخييما بكل ما في الكلمة من معنى، ليس انتقال أطفال محرومين كل يوم من منازلهم لمؤسسة عمومية في نفس مدينتهم "مخيما"! هو نوع من "السجن" للمحرومين وغبنا في حقهم، به تضخم الجهات المسؤولة أرقام الأطفال المستفيدين.
ـ بقدر ما تساهم الجمعيات في تخفيف الضغط عن الجهات المسؤولة والنيابة عنها، مما يؤكد عدم تحملها مسؤوليتها كاملة، بقدر ما تعتبر بعض تلك الجمعيات العملية مناسبة سنوية لجمع أرباح، والاقتصاد من ميزانية التغذية لنفس الغرض، مما يضر بالأهداف النبيلة للعمل الجمعوي.
ـ ضعف التأطير والتنشيط على العموم؛ ليس التنشيط هو إتعاب الأطفال بمهام صعبة سواء من أجل المساهمة في بعض الأشغال، أو تكليفهم ببعض "المهام" التنشيطية أمام الفراغ الذي يجد المشاركون أنفسهم فيه، فيلقنهم بعض " المنشطين" أناشيد وأغاني تافهة المحتوى، مما يفرض الاجتهاد لوضع أنشطة مختلفة، وضرورة إنجاز الجمعيات المساهمة لأغلبها، مع الحرص من رفع مستوى تلك الأنشطة، علما أن الوقت للاستجمام وليس لتلقين دروس إضافية.
ـ أن تضع الجهات المسؤولة "دفتر تحملات" يتضمن توفر الشروط الضرورية، الخاصة بكل جمعية حتى تقبل مساهمتها، في انتظار أن تتحمل الدولة مسؤوليتها كاملة.
ـ ضرورة مساهمة كل الإدارات العمومية في التخييم، كل من موقع مسؤوليتها، الجهاز الطبي للمراقبة الصحية المجانية، السكك الحديدة للنقل بثمن رمزي وإعفاء أبناء الفقراء من ذلك، الجماعات المحلية تساهم لصالح الأطفال بما تستطيع... الوزارات المعنية توفر اللوجستيك المطلوب.
ـ ضرورة انخراط كافة جمعيات "الأعمال الاجتماعية" التي يساهم فيها الموظفون والمستخدمون والأجراء بقسط من أجورهم، كما تحصل بعض هذه الجمعيات على مساعدات حكومية أحيانا، لكن مساهمة بعضها يبقى جد ضعيف، كما هو عليه الشأن بالنسبة ل"مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية" الخاص بموظفي التعليم والتكوين المهني.
خاتمة: المخيم ليس ترفا، ومطلبا زائدا لا رجاء من ورائه ولا طائل، إنه إعادة الحيوية للأطفال بعد سنة دراسية متعبة، إنه فضاء للمعرفة والتعارف والتعود على تحمل المسؤولية، المخيم حلم ينتظره الأطفال بشغف، وذكرى لن تنمحي لمن أتيحت لهم فرص المشاركة، لا يمكن أن نسكت عن الإجحاف الذي يمارس ضد فئة اجتماعية تعاني قهرا مضاعفا، لنساهم في رفع الغطاء عن الأطفال المحرومين، ونحيي بالمناسبة أعضاء من "تجمع المدونين المغاربة" الذين بادروا للكتابة في الموضوع، وتأكيدهم على تأطير أنشطة "لأطفال لا يخيمون" أثناء هذه العطلة.
حتى لا ننسى، في بحر هذه السنة زار التلميذ النجيب الأصغر في القسم الخامس الابتدائي أقرب مدينة لسكن أسرته، وذلك لأول مرة في حياته، بعدما بلغ سن الثالثة عشر، لكنه أكيد سيقضي سحابة صيفه وراء قطيع الغنم، إلا إذا حدثت معجزة.






#مصطفى_لمودن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إصدار الحكم في حق المتابعين في قضية بنصميم بالمغرب
- رهانات الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009 في المغرب
- حزب الهمة يتحول إلى المعارضة، انتفاضة أم زوبعة في فنجان؟(الم ...
- رسالة إلى مترشح(ة) في الانتخابات المحلية بالمغرب
- الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الاقتصاد المغربي من خ ...
- صحفي يهزأ من مدرس الفلسفة(المغرب)
- -المساء- تفتي بالتعزيز والضرب الشديد والحبس في حق من لا يصوم ...
- المغرب والفرص الضائعة.
- كتابة الهمزة المتوسطة، الصعوبات والبدائل الممكنة(المغرب)
- الشعر في يومه العالمي حل بسيدي سليمان وقد حط رحاله لدى -زينب ...
- الكوارث بالمغرب تذكير بمخاطر تهدده
- نكبة الفيضانات بغرب المغرب:قافلة حقوقية تقف على حجم المأساة
- الشباب والانتخابات في المغرب، لماذا التسجيل في اللوائح الانت ...
- قافلة تضامنية من أجل الحفاظ على الماء لصالح سكان قرية بنصميم ...
- النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي في المغرب تدعو إلى إضراب ...
- تخلف التواصل لدى عدد من الجرائد المغربية
- إجماع على رفض«المخطط الاستعجالي لإصلاح منظومة التربية والتكو ...
- البراءة للمدون محمد الراجي،الدروس والعبر
- التعليم إلى أين في المغرب؟ 4 – وضعية الحجرة الدراسية بالعالم ...
- التعليم إلى أين في المغرب؟ 3 – رؤية سكان العالم القروي للمدر ...


المزيد.....




- ارتفاع حصيلة الاعتقالات في الضفة الغربية إلى 9155
- الأونروا: مستوى الدمار بغزة كبير جداً و20 عاماً ليست كافية ل ...
- -الأونروا-: الدمار في غزة لا يوصف ونصف مباني القطاع تم تدمير ...
- وزير الداخلية الأمريكي يبرر القيود الجديدة على طالبي اللجوء ...
- برنامج الأغذية العالمي يعلق توزيع المساعدات من الرصيف البحري ...
- زير الدولة لشئون الإغاثة الفلسطيني: الوضع الإنساني بغزة كارث ...
- منظمة إغاثة: إغلاق المستشفى الرئيسي بالفاشر بالسودان بعد هجو ...
- إصابات جراء إطلاق قوات الاحتلال النار على خيام النازحين في م ...
- برنامج الأغذية العالمي يعلن وقف توزيع المساعدات عبر الرصيف ا ...
- برنامج الأغذية العالمي يدق ناقوس الخطر.. اليأس يدفع سكان الس ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - مصطفى لمودن - أطفال لا يخيمون بالمغرب