أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نازك الملائكة - خمس أغان للألم














المزيد.....

خمس أغان للألم


نازك الملائكة

الحوار المتمدن-العدد: 2700 - 2009 / 7 / 7 - 09:30
المحور: الادب والفن
    



خمس أغان للألم

1

مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ

ساقي مآقينا كؤوسَ الأرَقْ

نحنُ وجدناهُ على دَرْبنا

ذاتَ صباحٍ مَطِيرْ

ونحنُ أعطيناهُ من حُبّنا

رَبْتَةَ إشفاقٍ وركنًا صغيرْ

ينبِضُ في قلبنا

**

فلم يَعُد يتركُنا أو يغيبْ

عن دَرْبنا مَرّهْ

يتبعُنا ملءَ الوجودِ الرحيبْ

يا ليتَنا لم نَسقِهِ قَطْرهْ

ذاكَ الصَّباحَ الكئيبْ

مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ

ساقي مآقينا كؤوس الأرَقْ

2

مِن أينَ يأتينا الأَلمْ?

من أَينَ يأتينا?

آخَى رؤانا من قِدَمْ

ورَعى قوافينا

**

أمسِ اصْطحبناهُ إلى لُجج المياهْ

وهناكَ كسّرناه بدّدْناهُ في موج البُحَيرهْ

لم نُبْقِ منه آهةً لم نُبْقِ عَبْرهْ

ولقد حَسِبْنا أنّنا عُدْنا بمنجًى من أذَاهْ

ما عاد يُلْقي الحُزْنَ في بَسَماتنا

أو يخْبئ الغُصَصَ المريرةَ خلف أغنيَّاتِنا

**

ثم استلمنا وردةً حمراءَ دافئةَ العبيرْ

أحبابُنا بعثوا بها عبْرَ البحارْ

ماذا توقّعناهُ فيها? غبطةٌ ورِضًا قريرْ

لكنّها انتفضَتْ وسالتْ أدمعًا عطْشى حِرَارْ

وسَقَتْ أصابعَنا الحزيناتِ النَّغَمْ

إنّا نحبّك يا ألمْ

**

من أينَ يأتينا الألم?

من أين يأتينا?

آخى رؤانا من قِدَمْ

ورَعَى قوافينا

إنّا له عَطَشٌ وفَمْ

يحيا ويَسْقينا

3

أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ?

نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ? أو أمْسِيهْ

نشغُلُهُ? نُقْنعهُ بلعبةٍ? بأغنيهْ?

بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ?

**

ومَن عَسَاهُ أن يكون ذلك الألمْ?

طفلٌ صغيرٌ ناعمٌ مُستْفهِم العيونْ

تسْكته تهويدةٌ ورَبْتَةٌ حَنونْ

وإن تبسّمنا وغنّينا له يَنَمْ

**

يا أصبعًا أهدى لنا الدموع والنَّدَمْ

مَن غيرهُ أغلقَ في وجه أسانا قلبَهُ

ثم أتانا باكيًا يسألُ أن نُحبّهُ?

ومن سواهُ وزّعَ الجراحَ وابتسَمْ?

**

هذا الصغيرُ... إنّه أبرَأ مَنْ ظَلَمْ

عدوّنا المحبّ أو صديقنا اللدودْ

يا طَعْنةً تريدُ أن نمنحَها خُدودْ

دون اختلاجٍ عاتبٍ ودونما ألمْ

**

يا طفلَنا الصغيرَ سَامحْنا يدًا وفَمْ

تحفِرُ في عُيوننا معابرًا للأدمعِ

وتَسْتَثيرُ جُرْحَنا في موضعٍ وموضعِ

إنّا غَفَرْنا الذنبَ والإيذاء من قِدَمْ

4

كيف ننسىَ الألَمْ

كيف ننساهُ?

من يُضيءُ لنا

ليلَ ذكراهُ?

سوف نشربُهُ سوف نأكلُهُ

وسنقفو شُرودَ خُطَاه

وإذا نِمنا كان هيكلُهُ

هو آخرَ شيءٍ نَرَاهْ

**

وملامحُهُ هي أوّلَ ما

سوف نُبْصرُهُ في الصباحْ

وسنحملُهُ مَعَنا حيثُما

حملتنا المُنى والجراحْ

**

سنُبيحُ له أن يُقيم السُّدودْ

بين أشواقنا والقَمَرْ

بين حُرْقتنا وغديرٍ بَرُودْ

بين أعيننا والنَّظَرْ

**

وسنسمح أن يَنْشُر البَلْوى

والأسَى في مآقينا

وسنُؤْويه في ثِنْيةٍ نَشْوَى

من ضلوع أغانينا

**

وأخيرًا ستجرفُهُ الوديانْ

ويوسّدُهُ الصُّبَّيْر

وسيهبِطُ واديَنَا النسيان

يا أسانا, مساءَ الخَيْرْ!

**

سوف ننسى الألم

سوف ننساهُ

إنّنا بالرضا

قد سقيناهُ

5

نحن توّجناكَ في تهويمةِ الفجْرِ إلهَا

وعلى مذبحكَ الفضيّ مرّغْنَا الجِبَاهَا

يا هَوانا يا ألَمْ

ومن الكَتّانِ والسِّمْسِمِ أحرقنا بخورَا

ثمّ قَدّمْنا القرابينَ ورتّلْنَا سُطورَا

بابليَّاتِ النَّغَمْ

**

نحنُ شَيّدنا لكَ المعبَدَ جُدرانًا شَذيّهْ

ورَششنا أرضَهُ بالزَّيتِ والخمرِ النَّقيَّهْ

والدموع المُحرِقهْ

نحن أشعلنا لكَ النيرانَ من سَعف النخيلِ

وأسانا وَهشيم القمح في ليلٍ طويلِ

بشفاهٍ مُطْبَقَهْ

**

نحنُ رتّلْنَا ونادَيْنا وقدّمْنا النذورْ:

بَلَحٌ من بابلِ السَّكْرَى وخُبْزٌ وخمورْ

وورودٌ فَرِحَهْ

ثمّ صلّينا لعينيك وقرّبنا ضحيّهْ

وجَمَعْنا قطَراتِ الأدمُعِ الحرّى السخيّهْ

وَصنَعْنا مَسْبَحَهْ

**

أنتَ يا مَنْ كفُّهُ أعطتْ لحونًا وأغاني

يا دموعًا تمنحُ الحكمةَ, يا نبْعَ معانِ

يا ثَرَاءً وخُصوبَهْ

يا حنانًا قاسيًا يا نقمةً تقطُرُ رحْمَه

نحنُ خبّأناكَ في أحلامنا في كلّ نغْمهْ

من أغانينا الكئيبهْ






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجرة القمر
- النهر العاشق


المزيد.....




- الثقافة والتراث غير المادي ذاكرة مقاومة في زمن العولمة
- الروائي الفلسطيني صبحي فحماوي يحكى مأساة النكبة ويمزج الأسطو ...
- بعد تشوّهه الجسدي الكبير.. وحش -فرانكشتاين- يعود جذّابا في ا ...
- التشكيلي سلمان الأمير: كيف تتجلى العمارة في لوحات نابضة بالف ...
- سرديات العنف والذاكرة في التاريخ المفروض
- سينما الجرأة.. أفلام غيّرت التاريخ قبل أن يكتبه السياسيون
- الذائقة الفنية للجيل -زد-: الصداقة تتفوق على الرومانسية.. ور ...
- الشاغور في دمشق.. استرخاء التاريخ وسحر الأزقّة
- توبا بيوكوستن تتألق بالأسود من جورج حبيقة في إطلاق فيلم -الس ...
- رنا رئيس في مهرجان -الجونة السينمائي- بعد تجاوز أزمتها الصحي ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نازك الملائكة - خمس أغان للألم