النقد ......بين التجريم والتكريم

حسين خزعل

الحوار المتمدن-العدد: 2699 - 2009 / 7 / 6 - 05:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

في مقالتي هذه لست بصدد الحديث عن أهمية النقد ودوره المهم والحيوي في مجالات حياتنا السياسية والاجتماعية والفكرية، لأن الحديث عن اهمية النقد قد تم تناوله والتطرق عليه من قبل الكثير من اصحاب الفكر والقلم في الكثير من المحافل الثقافية والفكرية والاعلامية . ولكن اريد إن أتناول ظاهره شائعة في مجتمعاتناالعربية والشرقية الا وهي ظاهرة التعامل بازدواجية مع مفردة النقد . فنظرة بسيطة الى واقع مجتمعاتنا سوف نجد إن هناك حالة من الازدواجية في طبيعة تعامل المجتمع افراداً كانوا ام جماعات مع العملية النقدية فنرحب بالنقد ونشعر بنوع من الارتياح والنشوة بل وفي بعض الأحيان يعطينا شعوراً بالانتصار والغلبة اذا كان النقد يدور في دائرة الآخر ويتناول مثالبه وعيوبه ونقاط الضعف التي لديه بغض النظر عن مدى موضوعية هذه المثالب والعيوب او من عدم موضوعيتها. وعلى العكس عندما يكون النقد موجه للذات وابراز بعض مكامن ضعفها وعيوبها فعند ذلك لايكون لدينا الاستعداد لتقبله والاستماع اليه بل لا نكتفي بذلك ونقوم باتخاذ مواقف متطرفة ومتشددة ضده خصوصاً اذا كان النقد الموجه يمس العقائد والاديان .
إن هذه الازدواجية لا تقتصر على مفهوم النقد وحسب بل تنعكس على ممارسوه ايضاً أشخاصاً كانوا أم مؤسسات فممارسوا نقد الآخر يحضون بالتكريم والحفاوة والتقدير ويعدون عند الجماعة التي ينتمون إليها بحماة الجماعة والذادين عنها تجاه الآخر. بل يقاس ولاء الفرد لجماعتة ( الوطن ، الدين، المذهب، الفئة، الحزب الخ ..) بمدى نقده وتهجمه للآخر.
في حين تتخذ بحق ممارسوا النقد الذاتي مواقف قاسية ومتطرفة وينظر إليهم بعين التشكيك والريبة وتنهال عليهم أنواع التهم الجاهزة والتي تصل الى الحكم علهم بالخيانة والارتداد والمروق والضلال. و في حياتنا هنالك شواهد وأمثلة كثيرة على ذلك حيث تعرض الكثير من المفكرين والمصلحين والكتاب والدعاة لأنواع التهم والمواقف المتطرفة عندما بادروا الى انتقاد قضية ما حتى وان كانت هذه القضية لا تمثل جزئية من جزئيات عقائد وأفكار الجماعة التي ينتمون اليها ولم تشفع لهم كل مواقفهم الاخرى بحق جماعتهم .
للأسف ما زالت النظرة للنقد الذاتي عندنا نظرة قاصرة وتعتبره كنوع من التنازل للاخر وطعناً للذات. ولعل اهم اسباب هذه المواقف من النقد الذاتي هو:
الاول: الاعتقاد بامتلاك الحقيقة الكاملة واعتبار الذات فوق مستوى النقد وهذا بالتالي يسد الباب امام اي محاولة للمساءلة والمحاسبة الذاتية.
الثاني: شيوع ثقافة التستر على الاخطاء والعيوب في المجتمع بحجة استغلال الاخر لها واستخدامها كنقطة ضعف علينا .

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل