أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى الجلاصي - (أغنية الغبار) للشاعر وديع العبيدي















المزيد.....

(أغنية الغبار) للشاعر وديع العبيدي


سلمى الجلاصي

الحوار المتمدن-العدد: 2692 - 2009 / 6 / 29 - 03:40
المحور: الادب والفن
    



قصائد تتبخر فيها الروح على قدر الغربة
(أغنية الغبار) للشاعر وديع العبيدي

عن منشورات جماعة الديوان الشعرية بالمغرب الأقصى صدرت للشاعر وديع العبيدي مجموعته الشعرية (أغنية الغبار) والواردة في مائة صفحة من الحجم المتوسط تزينها لوحة الغلاف للفنان المغربي الحسن حيضرة. وجماعة الديوان التي أصدرت الكتاب هي كما جاء في أدبياتها جماعة شعرية خالصة ترمي إلى خلق جغرافيا لا حدود لها للشاعر أولاً، وللغة في تقاطعاتها الميتافيزيقية الفلسفية والوجدانية ثانياً، تؤسس لحداثة أصلية تمتح من تلاوين الثقافة أيا كان مصدرها وتهدف إلى رصد التحولات في المنجز الشعري العربي في إطار مشروع منفتح على العوالم والمتغيرات العصرية. كما تطمح الجماعة إلى ربط علاقات ثقافية وعلمية بين جميع المكونات الفكرية والمعرفية المتفاعلة ودور الشعر في الحياة العربية والانسانية. والجماعة جماعة ثقافية فعلاً إذ يجتمع إليها مجموعة من مثقفي المغرب الأقصى وشعرائها نذكر منهم: مصطفى غلمان ومالكة العلوي وأحمد بلحاج واسماعيل زويرق ومليكة العاصمي وعلي الخاميري..
وقد دأبت منذ فترة على التأسيس للفعل الثقافي المنفتح على كل جهات الابداع الانساني وكانت لها منشورات تدعم هذا التوجه ضمن سلسلة اختار الشاعر العراقي وديع العبيدي أن ينشر فيها مجموعته الشعرية (أغنية الغبار).
*
ووديع العبيدي كما تحدث عنه أحمد بلحاج آية وارهام في المقدمة التي كتبها للمجموعة، من الشعراء الذين لا يقفون على شاطئ الابداع موقف المتفرج الحائر، فهو يدخل مغامرة كتابة القصيدة المعاصرة بكل كيانه وأحاسيسه، وبما يملكه من معرفة جمالية ومن علاقة مغايرة للذات الكتابية....

قصائد الحنين وسطوة الذاكرة
على امتداد قصائده الست عشرة الواردة في أغنية الغبار، لم يتخلص وديع العبيدي أبداً من سطوة الذاكرة على فعل القول لديه. فبالشعر اختار العبيدي أن يرمم أشلاء هذه الذكريات المبعثرة على أرصفة الغربة والموزعة على حقائب المنافي ليعلن أنه أبداً عراقي مسكون بما ارتسم في الوجدان من عبق الطفولة والصبا على أرض العراق، ذلك المكان الذي توزع هو الآخر في كل القصائد. فهو تارة الرصافة، وتارة بغداد، وتارة سومر، وأخرى باب قرمط، وتارة أعلام عاشوا بهذه الأرض وتكنوا بها. فلتنور أمه في البيت القديم سطوة على كل خارجي قد يحاول بها تجاوز غربته القسرية، التي يسعى جاهداً أن يخبرنا بما يقاسيه خلالها من خذلان، وهو الذي لم يخترها بل فرضت عليه. إذ يصرخ في وجه هذا القهر وفي وجه مسببيه، صارخاً بصوت كل المشردين في المنافي ، في قصيدة (الآن نفكر بالجغرافيا) في آخر الكتاب..
" الآن نفكر بالجغرافيا
عندما فقدنا آخر تقاسيم الوطن
لا نستطيع أن نكون أجانب دائماً
أجانب في بلادنا
أجانب في بلادكم
لا بدّ أن يكون لنا وطن....
في مكان ما،
ليس على طرف شارب يهتزّ..
ولا تربط الحياة فيه بجرّة قلم.

الوطن المستباح
ترددت في هذه المجموعة كلمة الوطن قرابة العشر مرات دون أن نحتسب مشتقات المعنى أو ما به تكنى عليه. وكان لهذا التكرار سجله في الإفصاح بالمقصد الرئيسي من هذا الفعل الشعري، وإن لم يقصد إليه الشاعر والكاتب وانما هي ثورة نفسه التي تلبّست باللغة، ذاك المعطى الذي يعاني هو الآخر من التوزع في المنافي ، ليكون هذا المقصد المنتشر على كل قصائد المجموعة هو الهمّ الوطني والانشغال بقضاياه التي تحولت من فرط تعقيدها إلى مساس بانتماء المواطن إلى أرضه التي لم يعدْ يعرفها من ميوعة الحدود السياسية وطراوة الأنظمة التي جعلت..
" ليست جنة الفردوس جنتنا
وليست كعبة النورين كعبتنا
وليست مكة الأشراف مكتنا
ولا الرصافة من بغداد
بعضاً من رصافتنا"..

فلم يعدْ الفرد يدري إلى أي أرض يوجه مجداف قارب غربته، وهو العراقي الموسّم أبداً بعراقيته، أينما حلّ. فيظل، تتلاطمه أمواج الرحيل من مرفأ إلى آخر، ما دامت (محاصرة بالثلج طرقات البلاد)، وما دمنا (يتامى في وطن بلا أبناء)، (وطن رشّحته الخليقة درب العذاب الأخير). وهو إحساس يشتدّ على الشاعر الذي ترك خلفه كل دفء، الذي كان هناك في أرض الرصافة. فيعاتب التاريخ الذي ساهم في التهجير والمنفى (شرّدتنا كتب التاريخ في كل المقاهي)، أو حين يقول في قصيدة [العراق ثلاثاً..] ، تلك القصيدة التي بلغ فيها الشاعر أعلى درجات تفجعه على وطنه المحاصر..
" وضاعت بلادي
ودارت علينا المسافات
حتى التقينا فتات
بأرض بلاد الشتات"
أو يقول في موضع آخر من نفس القصيدة..
" كم يتعذّب..
يُعذب باسم العراق
وكم طفلة أو صغير تيتّم
كم امرأة تترمّل في كل يوم.."

فالشاعر.. وبعد هذا النديب الذي انفلت منه في قصائده على الوطن، يعاود الاستمساك بشعريته التي ترفض الحروب والحصار والدماء، ويمسح بهذه الصرخة أرضاً عزيزة كانت لنا رمزاً، هي الأرض الفلسطينية..
" فلسطين ضاعت ونحن نقاتل
وهذا العراق يضيع
وأمته تذبح في النهار
كفانا ادعاء..
كفانا هراء.."
يعود العراقي ليرثي حاله بلسان الشاعر فيقول..
" ما زلنا بلا تقويم
ما زلنا نهاجر باسم هذا الضيم
من أرض إلى أخرى
ومن منفى إلى منفى..
فضيّعنا سني تقويمنا الهجري
هذه هجرة أخرى.."

يستطيل هذا العذاب في المكان من مكة إلى كعبتها، ومن بغداد إلى رصافتها، إلى تونس الخضراء..

وهم المرأة
ان الإخصاء العربي الذي تلبّس بالشاعر وهو يصوّر حال أمته، جعل حضور المرأة في هذه المجموعة حضوراً أثيرياً مبهماً، إلا في قصيدة (الاحتفال). وقد استعان الشاعر بالذاكرة وبجنون الطفولة ليتمكن من اللجوء إلى واحة العاطفة، يرتاح فيها من عناء الانشغال بالوطن، وإن لم يستطع أن يفصل بين الاثنين، لأن المرأة المبتغاة، تشترك مع الوطن في صعوبة أن يطالهما الشاعر..
" قلت تكونين
شمس المكان وشمس الزمان
ورائحة البرتقال
ويحترق الوقت والحبّ
والآخرون
و... لكنها
اختفت في الدخان. "

ولأن الشاعر.. قد فقد بوصلة انتمائه، فقد كانت المرأة في حياته طيفاً من السراب، سرعان ما ذاب في الدخان. وترك للشاعر ، مواصلة العيش مستأنساً ببرد غربته في المنافي التي لم يجدْ الشاعر من سبيل لمقاومته إلا الارتكان لصفة الشاعر فيه، التي تبدو الأقرب إليه من كل الصفات فيقول في قصيدة (الوقوف على أبواب تدمر)..
" تخلع الأرض بردتها
كي تراني..
فليس لها مبتدا.. وانتهاء..
كل الجزائر عندي سواء
وكل المنافي لها لذة واشتهاء
أنا شاعر من زمان التصعلك
قوتي نزيفي
ودربي السماء."

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• كاتبة وصحفية من تونس.
• أغنية الغبار- مجموعة شعرية للشاعر وديع العيدي- مراكش- 2000. .



#سلمى_الجلاصي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى الجلاصي - (أغنية الغبار) للشاعر وديع العبيدي