أيوب أيوب
الحوار المتمدن-العدد: 2691 - 2009 / 6 / 28 - 10:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتب السيد أبو اياد تعليقا على نصي المنشور بالحوار المتمدن بتاريخ 25جوان2009 بعنوان (الثورة في إيران، دروس الماضي تخيم على الحاضر)، وجدت انه من المفيد تناول بعض النقاط المطروحة في هذا التعليق والتي من شأنها مزيد إضاءة الموضوع.
- يقول أبو إياد في تعليقه أن الموضوعة التي طرحتها في نصي حول الموقف من الأنتي-إمبريالية قد تم تناولها من طرف "قادة الشيوعية العمالية". طبعا، فأنا لم أدع البتة أنني ابتدعت الموقف من الأنتي- إمبريالية، أو أن هذا الموقف هو من ابتداع هذا الشخص أو ذاك، بل هو موقف مسطر في البرنامج التاريخي للبروليتاريا، وفي دروس تجاربها الأممية، ولقد تبنته، بهذه الدرجة أو تلك من الوضوح، العديد من المجموعات الشيوعية، وكان قد عبر عنه، بهذه الطريقة أو تلك، العديد من المناضلين، وليس هنا، طبعا المجال لتعداد ذلك. لكن المهم في الموضوع ليس من قال هذا ومن قال ذاك، ولا هو موضوع ملكية فكرية، بل الموضوع هو من يمارس بالفعل في هذا الاتجاه، ومن يسير في طريق نقيض؟ فكون "قادة الشيوعية العمالية" كانوا قد عبروا عن هذا الموقف لا يعني أن الحزب الشيوعي العمالي الإيراني يمارس عمليا في هذا الاتجاه.
- إن رفض الشيوعيين للأنتي-إمبريالية لا يعني أن البروليتاريا لا تناضل ضد الأقطاب العالمية لرأس المال، وضد تدخلها في هذا القطر أو ذاك من أجل القضاء على الانتفاضات البروليتارية. بالعكس فإن شرطا من شروط نجاح الانتفاضة هو قدرة البروليتاريا العالمية على تعطيل الإمدادات اللوجستية والعسكرية التي تقدمها الدولة البورجوازية العالمية لهذه الدولة القطرية أو تلك، كذلك قدرتها على فضح دعايتها ومحاولتها إسناد أحد حلفائها في الداخل وتقديمه كبديل عن الفصيل السياسي الممسك بالحكومة من أجل الالتفاف على الثورة. لذلك فان الشيوعيين لا يتوجهون بخطاباتهم "لحكومات الدول وللأمين العام للأمم المتحدة"، بل لبروليتاريا بقية الدول من أجل طلب تضامنهم مع إخوانهم. (بالتأكيد لا نقصد بان هذه العملية تجري بصورة ميكانيكية أو من خلال بيانات تضامنية من قبل هذه المجموعة السياسية أو تلك، بل من خلال التضامن الطبقي في الشروط المماثلة للشروط الإيرانية أو توجيه خطابات الثوريين للشغيلة بدل الحكومات التي هي مستهدفة في الأساس. فإلى من يتوجه نداء هذا الحزب "الشيوعي" العمالي؟ إلى الحكومات الأكثر ديمقراطية كالحكومة اليونانية و الفرنسية و البريطانية التي قامت بقمع نضالات البروليتاريين الطبقية بأكثر الصور عنفية في الآونة الأخيرة، أم إلى البروليتاريا التي كان هذا اليسار نفسه يدعمها ببياناته ضد هذه الحكومات بالذات، أما اليوم فيتوجه بنداءاته إلى هذه الحكومات للدفاع عن البروليتاريا الإيرانية؟ هذا مضحك جدا و لا يثبت سوى فقر اليسار في التفكير)كذلك فان الوحيدين الذين يمكن أن يحاصروا النظام السياسي هم العمال أنفسهم وليست الحكومات البورجوازية التي لا تفعل، وقت الأزمات الثورية، سوى محاصرة التحركات البروليتارية ومحاولة منعها من الامتداد والتوسع وكسر التضامن العمالي بين جميع الشغيلة في العالم.
- الأنتي-إمبريالية والجبهوية هما الشيء نفسه، فالنضال ضد الجبهة الأنتي-إمبريالية لا معنى له بدون النضال أيضا ضد بقية الجبهات البورجوازية: الجبهة ضد الفاشية، الجبهة ضد الإسلام السياسي...الخ فالهدف دائما من دعوة البروليتاريا الثائرة إلى التوحد في جبهات مع طبقات أخرى ومشاريع طبقية أخرى هو تذويب البرنامج الشيوعي في البرامج الطبقية الأخرى.
- الجبهة ضد الإسلام السياسي تقود، اليوم، أحزاب اليسار للتحالف مع "الإمبريالية"، مثلما قادتها الأنتي إمبريالية، بالأمس، للتحالف مع الإسلام السياسي. و"الإمبريالية" التي كانت بالنسبة لهم "عدوة الشعوب والأمم المضطهدة" بالأمس، هي، اليوم، زعيمة نشر الديمقراطية وحمامة السلام العالمي في مواجهة الإرهاب.
- ما هو الإسلام السياسي؟ وهل هناك إسلام غير سياسي؟ هل هناك مسيحية (أو يهودية، أو بوذية...الخ) سياسية وأخرى غير سياسية؟ كل هذه التعابير المضللة لا تهدف سوى لزرع الوهم في صفوف العمال حول طبيعة هذا الطرف البورجوازي أو ذاك. فالدين، مثله مثل كل إيديولوجيا في هذا العالم البائس، لا يمكن أن يكون إلا سياسيا، أي تعبيرا من تعبيرات النظام الرأسمالي، ومثلما أن نضال البروليتاريا لا يستهدف القضاء على هذا الدين أو ذاك بل على الدين نفسه، فإن نضالها لا يستهدف الإطاحة بأحد الأحزاب البورجوازية (الرجعية أو التقدمية) بل بالبورجوازية كطبقة اجتماعية بكل تعبيراتها السياسية اليمينية كما اليسارية.
- إن كل ما يهم الأحزاب اليسارية هو حصولهم على السلطة السياسية، وإن الثورة التي يتحدثون عنها هي الثورة السياسية، أي استبدال هذا الحزب بذاك. ويحاولون إقناع العمال أثناء الانتفاضات أن استيلاء حزبهم على الحكومة سيكون ضمانا كافيا لتطبيق البرنامج الشيوعي عبر مراسيم يصدرها البرلمان "الثوري". لذلك فإن جل ما يشغلهم زمن الانتفاضة هو أن يكونوا القيادة الشكلية لها، أن يكونوا هم الناطقين باسم العمال، أن يحظوا باعتراف بقية الدول بهم كممثلين شرعيين للشعب. أما الثورة نفسها، كما هي في الواقع، فأمر لا يعنيهم، أو هو يعنيهم في حدود أهدافهم الحزبوية والسكتارية الخاصة. ولذلك فإن موضوع البرنامج الاجتماعي الاقتصادي للثورة شيء دائما مؤجل إلى ما بعد الثورة. ودائما هناك برنامج مؤقت بديل (أو برنامج الحد الأدنى) يتمثل في بعض الإصلاحات التي تختلف راديكاليتها من فصيل إلى آخر، يقدمونها كبرنامج مباشر، للتطبيق الفوري من طرف البروليتاريا.
- ليس مهما بالنسبة للحزب الشيوعي العمالي الإيراني إلى أين تتجه الحركة فعليا، باتجاه البرنامج التاريخي للبروليتاريا، أم باتجاه البرنامج الإصلاحي البورجوازي. المهم هو " قبول الحزب الشيوعي العمالي الإيراني كبديل للحكومة من قبل الجماهير"(هذا التيار الماركسي – الحكمتي الذي يعامل حركة الشغيلة بأكثر الصور تضليلية من أي تيار آخر). وكل من يتحدث من العمال عن (نزع ملكية البورجوازية)، عن (الاستيلاء على الإنتاج من طرف العمال وتوجيهه وجهة احتياجات الثورة وامتدادها)، عن (تحطيم أصنام النقد والمردودية الاقتصادية والمباشرة في تحقيق الاحتياجات الإنسانية لعموم الجماهير)، كل من يتحدث عن تحطيم السجون والثكنات والمحاكم حماة الملكية الخاصة، فإنه يصنف في خانة "القفز على الواقع"، "الفوضوية"، "اليسراوية"...
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟