أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر عبد الرضا - الوطنية في شعر ابراهيم الخياط















المزيد.....

الوطنية في شعر ابراهيم الخياط


حيدر عبد الرضا

الحوار المتمدن-العدد: 2687 - 2009 / 6 / 24 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


إن الإحساس بالوطنية في شعر ( إبراهيم الخياط ) لربما لا يعفي ذلك الهاجس المتميز في صوت الشاعر وهو يديم تلاقحاته مع لحظات العناء والانتظارات وخيبة الأمل التي قد تلازم مفردة الشاعر وهو يرسم المزيد من انفاسه اللاهفة خلف مشهد أسطورة ذلك (الوطن المفقود). إن رحلة إبراهيم الخياط مع وطنه لربما تبدو إحساسا نادرا في حزمة الحقائب المهاجرة وغير المهاجرة، بل إن هذا الإحساس يبدو استثنائيا أحيانا في كل انكساراته وانتظاراته، حيث نلاحظ بان الكتابة عند الشاعر وعند حد معين من زمن القصيدة، تبدو فعلا غير مجدٍ في البحث عن سبب كل هذا المعني الطوباوي بين رافد الحالة الشعرية وبين مدى ونوع ذلك (الارتباط اللامرئي) الذي غدا يشعر به الشاعر.. وترتفع نغمة (الرثاء للوطن) لتدخل حيزا جديدا، محملا بإيماءات وانزياحات ودلالات ثرية وعميقة، تلعب دورا مؤثرا في توظيف صورة أسطورة ذلك الوطن المسروق.
غياب المعنى
هذه الصورة نجدها بوضوح في ديوان (جمهورية البرتقال) للشاعر ابراهيم الخياط، حيث نجد ان نسيج ذلك الشعور بالغربة والاغتراب عن الوطن وفي داخل الوطن، اضحي همّا ثقيلا يرافق كاهل الشاعر كظله أينما ذهب:
بالأمنيات والوسن والأنس/ والهباء والتمرغ والقش/ والدستور والفجر الكذوب والليل النائم وديك الجارة الذي لا يصيح/ ولا يحتج ولا يعترض ولا يتكلم (ص57).
هذا لربما ما يدفعنا أولا من وراء قراءة قصائد ديوان (جمهورية البرتقال) هو في بحثنا عن الاستفسار عن بلاغة كل من الخبر والإنشاء، وكثافة حضور السؤال على وجه الخصوص، إذ يتبدى السؤال باعتباره ابرز أساليب الإنشاء الشعري، كما لو تتعدد صيغه في كل قصائد الديوان تقريبا، وقد يرد معلنا صريحا أو يختفي وراء عبارات الخبر ذاته بضمن المساءلة عندما تقارب الصورة بمعنى ما، وتفر منه إلى استفسار مبهم، إلا انه واضح في مقصدية (دلالة الوطن).
ان تعددية أساليب الإنشاء الشعري في عوالم قصائد الديوان، تحيل من عملية بنية الاستفهام إلي جدلية من ثنائية (الصوت/الصدي) حيث يتعالقان ضمن قصدية الكتابة المسكونة بالحيرة والوجع و (قلق الخطاب الشعري)، فالمتخيل الشعري في قصائد الديوان، يبدو لنا كما لو كان الخبر المروى فيه شعرا، يمثل في الغالب إطارا للمساءلة، فيما يبدو هو الأقرب إلي اللاوثوق منه إلي الوثوق، فيتلازم التوصيفي التقريبي للوقائع والحالات والنداء والتعجب والاستفهام وعلامات النفي المختلفة، لغاية التدليل علي حالة من الاستفسار، ولتتقوض به حالة الطمأنينية للذات الشاعرة، ويتوغل في إبعاد الألم لتقارب حدة الشكوى في أقصى حالات الوعي الشعري بالموجود الكارثي:
ما الجدوى من تشكيلة/ حكومة عزوم؟ وهي/ تتلألأ بـ: ( وزارة الدفاع/ وزارة الأمن الوطني/ وزارة النفط/ وزارة المال/ وزارة الزراعة/ وزارة الري/.. فضلا عن دزينة من وزراء لا حقائب لهم.. و لا خرائط.. (ص49).
ان رثاء الشاعر بهذا المنظور من الذات الفردية إلي الجماعة، ومن الكيان إلي المكان، ومن الوطن إلي الإنسان بحارق السؤال وعظيم النداء الذي يتناهى صداه إلي ابعد الأقاصي في الذاكرة والوجدان، حتى لكأن العالم الموصوف سيرثي الشاعر ويرتثي به. غير ان الرثاء لا يعني بالضرورة إعادة إنتاج الدلالة للموت المتداول، بل هو تلك اللحظة المفردة كما أسلفنا، عن غيرها من اللحظات في حياة الفرد ذاته.
ان ضياع الوطن وخراب الوطن في ديوان (جمهورية البرتقال) هو ذلك المعنى الآخر المحكوم بالانقطاع وغياب المعنى نفسه، أي معنى (الذاكرة برغبة تاريخ السلالات الأولى)، كذلك هو الضياع في منظور إبراهيم الخياط، حيث بات يشكل قيمة دلالته الشعرية نحو الأفق المنكشف والذي تكتسب فيه القصيدة حداثة ممكنة لا تكون إلا بالحياة داخل صورة ذلك الوطن المسحوق:
ويمنح تاريخا/ لعشيرة الأعوام/ الأكواب خالصة/ من الغش/ والإثم المركب/ والحرام/ أو ليقاتل في معارك/ (الـ...)/ ويكتب قصيدته المنيرة/ في الظلام (ص99).
مفترق أحلام
ان رثاء الشاعر الخياط، لربما قد أوغل مجالا واسعا في توصيف وضعية الشاعر نفسه، حيث وجود انزياح قصدي عن الهلاك بثابت الغرض والأساليب الدالة، فالتجربة دائما في قصائد الخياط لا تبدو ذاتية بل هي مؤسسة بموجب تاريخ جماعي، يعيشها القارئ كما لو كانت أحداثها تدور عنه أو عن شخص قريب منه، كما إننا نلاحظ دائما ثمة أحلام للشاعر، أحلام فكرية عن الأمة، مدججة بأسلحة الشاعر الماضوية، تقوده وتقود مصيره الشعري إلي (ارض سواد الوطن) حيث الغربان دائما تكون حاضرة تسد منافذ الشمس فتغير مسار الركب في الظلام:
عشرون عاما وأنا أدور/ عشرون عاما وأنا أهاجر/ عشرون عاما وأنا انكفئ
عشرون عاما وأنا أموت بالتقسيط المريح (ص37).
في ديوان (جمهورية البرتقال) نجد هذا وغيره، فثمة عودة دائما للموضوعات القديمة.. (الوطن/ الأصدقاء/ المدن/ الأحلام المجهضة/ الرغبات الضائعة/ والفكر والصوت المحاصر..) ومن يستقرئ قصائد هذا الديوان يجد ان الشعر لدي إبراهيم الخياط جمع (مفترق أحلام) مواطن عراقي شديد الوضوح، فهو ابن عراق الحاضر، لغته يومية لكن غير مبتذلة، شاعر يبحث عن أسئلة لا يجاب عنها : (أجوب الخراب.. أجوب الشقوق.. أجوب النتوءات الوطنية.. من أقصى الجروح.. لأقصى الجروح.. حتي نسيت الآن اسم روحي (ص36)
كم هي المسافة مؤلمة بين إحساس الأسئلة وإحساس تطلع الشاعر بعدمية هذه الأسئلة، ان الإحساس بالوطن، بالنسبة للشاعر، لربما كان بمثابة المعضلة الوجودية، وهذه المعضلة لربما لا تندرج ضمن إحساس الشائع أو الملموس من مشاكل الواقع، اعني ان الإحساس بالوطن ليس همّا مشتركا لدي الجميع، كما انه لا يعتمل في دواخل الآخرين بنفس القدر، أو بالحدة ذاتها، ويتجسد الشعور بالوطن أو الإحساس بـ (هلاكنا داخل الوطن) في عدد غير قليل من قصائد الديوان مثل (وكانت المعركة)، (بعيدا حيث انا)، (بعقوبة)، (جمهورية البرتقال)، (واحدة لا تكفي).. الخ، إلا ان ما يشدنا إلي بعض قصائد هذا الديوان، هو قصيدة (هناءة المحابس) وذلك لكون هذه القصيدة قد جرى عليها تغيير ما، وهو تغيير أكثر عرضة للإبداع والمساءلة الانزياحية الفكرية الجديدة:
قالت: أريد طفلا/ - هناءة المحابس، دق الجرس/ ولكن التلاميذ لم يغادروا/ الصفوف الصامتة من جبروت/ المعلم ليملأوا الهواء بالضجيج/ المستحب (ص105).
ان الشاعر الخياط يحاول في هذه القصيدة من الديوان ان يزرع شتائل الكلمات في ارض ذاكرة الآخرين المستقبلية، أو لربما يحاول ان يطلق (سرب غزلانه) الضائعة نحو مراعي الوطن الضائع وخلف صبار (أسئلة المنافي) وصبار (اسيجة الأصوات العراقية المهاجرة)، ولربما من جهة أخرى غاية في الأهمية نجد الخياط يوجه نداءً بعيدا، ينادي به حجم تلك المسافات البعيدة: (شامخا تلفك الحيرة العظمى.. شامخا تجدب.. وشامخا تحارب.. وأنت محتار بهل لديك مرادف (ص150).
ألا يستحق، بعد كل هذا، ديوان (جمهورية البرتقال) إدراجه ضمن قائمة (الأدب الوطني) أو إدراجه ضمن مقاطع (النشيد الوطني)، وهكذا سوف تمثل قصائد الديوان مع صوت الشاعر الخياط، دخانا اضافيا نحو شكل القصيدة العراقية الجديدة، كما سيضيف عنوانها في الكتابة الشعرية تحت تمفصلات راية (قلق الخطاب الشعري) إزاء مهام (مقصدية دلالة الوطن)، وربما يعود ذلك إلي نظرة شاعرنا الخياط نحو المسافة الفاصلة بين الإحساس بالوطن وبين الفاعلية من اجل الكتابة عن هذا الوطن المسروق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* جمهورية البرتقال ـ ديوان شعر – إبراهيم الخياط ـ إصدارات النشر المشترك بين اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة ـ بغداد 2007








ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر عبد الرضا - الوطنية في شعر ابراهيم الخياط