أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين أشرف أحمد فتحي حسين - ربيع طهران و خريف الديكتاتورية















المزيد.....

ربيع طهران و خريف الديكتاتورية


حسين أشرف أحمد فتحي حسين

الحوار المتمدن-العدد: 2687 - 2009 / 6 / 24 - 08:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعيش إيران اليوم أيامًا عصيبة تذكر الكثيرين بالأيام التي سبقت سقوط حكم الشاه البائد عام 1979، فطهران والمدن الإيرانية ترى اليوم مشهدًا شعبيًا رائعًا للمواطنين الذين يصعدون فوق أسطح منازلهم ليهتفوا "يسقط الطاغية"، والطلاب يقومون بحركة احتجاجية واسعة وجريئة، بينما تلعب مدونات الإنترنت دورًا بالغ الأهمية في الحشد والتعبئة.
إن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران ونتائجها المختلف عليها قد أفرزت حالة من الغليان ضد حكم رجال الدين الذين ركبوا موجة الثورة ضد الشاه، وبعد أن دانت لهم السلطة انقلبوا على شركائهم في الثورة من شيوعيين وليبراليين وقوميون ومارسوا ضدهم أبشع أنواع التصفية السياسية والجسدية، وطبقوا نظامًا قمعيًا مثل أي دكتاتورية أخرى، ويومًا وراء يوم تكشف هوس رجال الدين بالسلطة، بل وتنافسوا فيما بينهم على الكعكة دون مراعاة حتى لوضعهم الديني، وأصبحوا جميعًا على أتم الاستعداد للدفاع عن سطوتهم بكل الوسائل إلى حد ممارسة التزوير الصارخ والاعتقالات والقمع والاتهام بالعمالة للخارج.
وما يجب التركيز عليه في تحليلنا هو أن الصراع الجاري على السطح هو بين قطاعات في الصفوة الحاكمة، ولكن هناك تطور جديد هذه المرة يتمثل في ملايين الشباب الذين يدخلون في صلب الحركة الاحتجاجية لأول مرة بمثل هذه القوة، وإذا كان الشباب الثائر يجد قيادته الآن في الرموز الإصلاحية، فإنه سيدرك إن عاجلاً أو آجلاً أن عليه أن يشق طريقه المستقل بعيدًا عن صراعات النخبة.
إن الإصلاحيين تحت قيادة رفسنجاني وخاتمي وموسوي يدفعون الأمور بجرأة غير مسبوقة من خلال التظاهرات والتدوين على الإنترنت ضد المحافظين بتهمة "سرقة الانتخابات"، ويروجون لشعارات من نوع "إيران أولاً" على أمل إصلاح وضع إيران في السياسة الدولية.
أما المحافظون تحت قيادة خامنئي المرشد الأعلى وأحمدي نجاد فقد فوجئوا بجرأة الإصلاحيين، وكانوا يتصورون أنها "زوبعة في فنجان" إلا أنهم وجدوا أنفسهم أمام واقع جديد في إيران ألا وهو أنه أصبح من الصعب جدًا على الجناح المتنفذ إخفاء أو الاستهانة بالمعارضة سواء من داخل النخبة أم خارجها.
وفي الخارج تتزايد أصداء المعركة بين الطرفين. فعلى الفور اتخذ الإعلام الغربي، وبعض منافذ الإعلام العربي، موقفًا منحازًا تمامًا للإصلاحيين، وكأننا في العالم العربي لا نعرف تزوير الانتخابات أو المجالس غير الشرعية. أما الدوائر الرسمية الغربية فقد باشرت توجيه الاتهامات حول نزاهة العملية الانتخابية. والغرض السياسي واضح تمامًا هنا، لأنها نفس الدوائر التي تتعامى عن ممارسات نظم أخرى على مرمى حجر من إيران. وإن كانت الدوائر الغربية تدرك أنه حتى الإصلاحيين لا يمكنهم التفريط في الملف النووي حتى لو أرادوا ذلك.
خلاصة الأمر أننا أمام انشقاق في الصفوة الحاكمة في طهران يتضح لأول مرة بهذه الصورة بعد ثلاثين عاما من الثورة "الإسلامية". وإذا بحثنا عن التحليل الطبقي نقول إن هناك فئات من الرأسمالية التجارية الإيرانية أساسًا تشعر بأن مكاسبها مهددة من جراء سياسة المحافظين القائمة على اتباع سياسة "حافة الهاوية" في التفاوض مع الغرب. وبالطبع فإن دعوة الإصلاحيين تلقى استجابة هائلة من الشباب العاطل والمثقفين الليبراليين والنساء الذين خنقتهم ممارسات الدولة الدينية في إيران فنزعت من حياتهم كل بهجة، وأقامت نظامًا رأسماليًا مستغلاً بامتياز.
أما على جانب المحافظين فيمكن الزعم بأن الشرائح العليا من البيروقراطية المدنية والعسكرية تلعب الدور القيادي في هذا الجانب، وبالطبع تجتذب إليها فئات عريضة من البرجوازية الصغيرة وسكان الريف والأحياء الفقيرة في المدن.
غير أن المفارقة الكبرى هنا تتجسد في ذلك الشقاق بين رجال الدين (الملالي) المتحكمين في إيران منذ ثلاثة عقود. فهناك "آيات الله" على الطرفين المتناحرين، وهو ما يثير السؤال الأكبر حول صحة المقولة التي يطلقها المتأسلمون- سنة وشيعة على السواء- بأنهم يريدون "إصلاح السياسة بالدين"، فإذا بالممارسة العملية لحكم الملالي تؤدي بنا إلى إفساد السياسة والدين معًا. وهذا درس عملي للجماهير المتدينة في بلادنا بأن التدين شيء وحكم رجال الدين شيء آخر تمامًا. فهاهم الملالي حينما دخلوا حلبة السياسة لم يختلفوا في شيء عن أي أحد آخر.. مؤامرات وقمع وتزوير و"اللي تغلب به العب به"!.
وبالعودة إلى موضوعنا فإننا نؤكد أن جوهر الخلاف بين الجناحين المتصارعين في إيران يتعلق بالوسيلة أكثر مما يتعلق بالهدف، فكلاهما يريد لإيران أن تكون دولة إقليمية قوية في المنطقة، اعتمادًا على القوة العسكرية والإيرادات النفطية والنفوذ الشيعي والجاليات الفارسية بالمنطقة العربية.
يريد الإصلاحيون الحيلولة بأي شكل دون وقوع صدام مسلح مع الولايات المتحدة وإسرائيل وبقية الدول الغربية، وهم لا يثقون بإمكانية الارتكان إلى الدعم الصيني والروسي إلى ما لا نهاية، ويرغبون في الوقت نفسه في اقتناص الفرصة التي يمثلها دخول باراك أوباما للبيت الأبيض. ومن ثم يتصورون أن بإمكان إيران أن تلوح للغرب ببعض "التنازلات" في الملف اللبناني، وبدرجة أقل في الملفين العراقي والأفغاني، مقابل أن تفلت إيران بملفها النووي المدني.
لكن الفريق الآخر لا يفكر هكذا، بل بالعكس يرى أن الملفات الثلاثة سابقة الذكر يجب استخدامها بقوة للحصول على كل المكاسب المرجوة سواء فيما يتعلق بالملف النووي أم عدم التدخل في شئون "الجمهورية الإسلامية". ويراهن هذا الفريق على أن التواجد العسكري الغربي على حدود إيران هو نقطة ضعف الغرب وليس قوته.
لا أحد يعلم بالطبع إلى ماذا يمكن أن يؤدي الصدام بين الطرفين. فقد يدرك الإصلاحيون أنهم قد لا يستطيعون الحصول على مكاسب رئيسية بدون اللجوء إلى درجة من العصيان وربما العنف، وقد لا تستطيع القيادات الإصلاحية السيطرة تمامًا على ردود أفعال الشباب الموالين لهم إو إيقافها عند حدها إذا تم التوصل لحل وسط.
وقد يكون اللجوء للعنف هو أكبر هدية تقدم للمحافظين كي يباشروا حملة قمع غير مسبوقة لضمان استمرار هيمنتهم على القرار السياسي. أما إذا بلغ العنف مستويات عالية فلا يمكن لأحد التكهن بما سيكون عليه موقف الجهات الخارجية. ومن ثم فإن منطقة الخليج العربي ستكون مقبلة على حلقة جديدة من الاضطرابات التي سيكون لها إشعاعها بالتأكيد على كل تلك المنطقة.
ويظل الاحتمال الأقوي أن يتوصل الطرفان إلى حل وسط ما يكون مضمونه تأجيل الصدام إلى جولات أخرى مع تبادل بعض التنازلات.
جدير بالذكر أن سنوات "الجمهورية الإسلامية" قد تكفلت بخلق شبكة معقدة من المؤسسات الضامنة لاستمرار حكم الملالي، ومدعومة بقوات وميلشيات واستخبارات كثيرة ومتنوعة. وأيًا كانت حيوية المعارضة واتساعها فلا يجوز لأحد أن يتوقع أن تغييرًا كبيرًا يمكن أن يحدث في واقع كهذا بين يوم وليلة. فمثل هذا التغيير محكوم عليه أن يمر بجولات وجولات من المواجهة بصورها المتنوعة.
كما لا بد للمعارضة الشابة الجديدة أن تنتزع درجة من التأييد لها داخل المؤسسات "الدستورية" القائمة، طالما أنها لم تتمكن من أن تخلق شرعية أخرى بديلة. وهكذا فإن على المعارضة حل هذه المشكلة خاصة أن الخصم الحقيقي الذي تناصبه العداء هو على خامنئي المرشد الأعلى الذي يملك سلطات مطلقة تمنحه الفصل في كل شؤون الدولة بما في ذلك السياسة النووية والخطوط الرئيسية للسياسة الداخلية والخارجية وقرار الحرب والسلم فضلا عن السلطة المباشرة على الجيش وأجهزة المخابرات.
صحيح أن الإصلاحيين يحظون بدعم صريح من هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام (الذي يختص بحل الخلافات بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور) ومجلس الخبراء المختص بأحكام ولاية الفقيه والذي يعين ويقيل المرشد الأعلى.. إلا أنه من الواضح أن تواجد المعارضة على مستوى المؤسسات، وليس في الشارع، لا يزال أضعف من الوصول إلى نقطة التعادل مع المحافظين.
والبداية الحقيقية ستكون على أيدي الشباب الجديد الذي يرفض استخدامه في صراعات النخبة الحاكمة، أو لصالح أغراض خارجية.. ذلك الشباب الذي يحلم بنظام ديمقراطي وإنساني يستطيع أن يحقق تنمية عادلة مستفيدًا من الموارد الهائلة لذلك البلد.
في الختام .. من الصحيح تمامًا استنتاج أننا نعيش بشائر "ربيع طهران" الديمقراطي، وبالأحرى "خريف الدكتاتورية"، غير أنني لا أرى في الأفق القريب سوى "صيف طويل حار" من الاضطرابات والضربات المتبادلة بين الملالي وأجنحة الحكم، إلى أن يتبلور وعي وحركة جديدان من خارج المؤسسة الحاكمة..








#حسين_أشرف_أحمد_فتحي_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب التجمع والتغيير الديموقراطي


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين أشرف أحمد فتحي حسين - ربيع طهران و خريف الديكتاتورية