|
انهيار النظام الملالي في ايران يعني انهيار افكار القرون الوسطى في الشرق ؟
اومري بنختي
الحوار المتمدن-العدد: 2686 - 2009 / 6 / 23 - 06:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ان الذي يتابع الاوضاع الحالية في ايران من التزوير في الانتخابات ، الى المظاهرات و الاحتجاجات في الشوارع و فوق الاسطح ، و منع جميع وسائل الاعلام العالمية من متابعة الوقائع ، الا زلزلال قد يهز اركان النظام الخميني الملالي ؟ و ان المشهد الايراني الحالي اصبح يذكرنا بالمشهد قبل ثلاثين عاما ، ايام الاطاحة بالنظام الشاهنشهية ، عندما خرج الجماهير في عموم ايران الى الشوارع ، و ها المشهد يعيد نفسه ؟ و لكن الفرق بين المشهدين ان الشعوب الايرانيين انذاك ضاقوا ذرعا من الفساد و القهر و الظلم من قبل الشاه و تضامن كل الشعوب من اجل سقوط ذاك النظام و لكن فان التيارات الاسلامية في ايران و الموالية لمنهج و سلطة الولي الفقيه قد تمكنوا من مصادرة الثورة الايرانية لصالحهم ، و صورها كثورة اسلامية ذات مذهب شيعي ، لان الخميني خان و كذب على كل من تعاملوا معه من باقي الشعوب من الاكراد و الاذريين و الاحوزيين و التركمان ، و نصب حاله زعيما و مرشدا روحيا مطلق الصلاحيات و أمر باعدام عشرات الالاف من العمال و القادة العماليين و الشيوعيين و الاكراد و الاذريين و العرب ، و خاصة من القادة العمليين الحقيقيين للثورة خلال الايام الاولى من حكمه الاسود ، على الرغم ان الثورة الايرانية انذاك لم تكن سوى ثورة العمال و القوميات ضد نظام الفساد و الظلم و الحرمان و الاضطهاد الطبقي و القومي و القمع البوليسي و الاستبداد السياسي ، و ان الخميني منذ ايامه الاولى على السلطة مارس اشد و اقوى الاجراءات القمعية و الاستبدادية البشعة ضد العمال و قادتهم و ضد التيارات و الحركات القومية المضطهدة . و نفذ اكبر مجزرة دموية رهيبة بحق من اسقط الشاه و انهى سلطته و نظامه ، و انه عمل له مظلة اساسية من قوى حرس الثورة و الاجهزة القمعية الموالية لسلطته وولاية الفقيه ، التي تمكنت من اشاعة الاستبداد و القمع و كل اشكال الاقصاء السياسي للمخالفين السياسيين و تمكن من عزل القوى الاجتماعية و القومية الاساسية ، و شردت القوى و الاحزاب اليسارية و الليبرالية و العلمانية المنادية باقامة دولة مدنية علمانية و ديمقراطية في ايران ، و من خلال هذه الممارسات القمعية و الاستبداد تحكم الامام الخميني زمام الامور في ايران و طبق ما يسمى الشريعية الاسلامية من خلال ولاية الفقيه ، و ان هدف ثورته على ما يبدو ليست فقط ايران و انما تصدير ثورته الى العالم و هذا ما اكد عليه احمدي نجاد في الكلمة التي القاها امام ضريح الخميني : ان كانت هذه الثورة جرت في ايران الا انها ليست محصورة بالحدود ، و اضاف : اليوم بعد مضي ثلاثين عاما لا تزال الثورة حية ، مازلنا في بداية الطريق و سنشهد تطورات اكبر ، هذه الثورة ستستمر باذن الله حتى احلال العدل . و على اعتبار امثال احمدي نجادي دمويين و ارهابييين يمكن ان يكونوا خادم لولاية الفقيه اكثر من غيره و هذا ما اثبته الامام علي الخامنئي ايضا و تمسك بالنجادي حتى تستمر ايران في عصر الظلومات و القرون الوسطى ، و لنقارن العصور الوسطى في اوربا مع ولاية الفقيه انهما من نفس الافكار و البنية : ففي العصور الوسطى كان البابا مندوب الرب على الارض و كل ما يصدر من هذا الرجل بمثابة أمر آلهي و عدم طاعة هذا الامر هو عصيان على الرب فيصبح الانسان محاربا لله و الرب ، و من هنا لن يكون لآحد ان يتكلم عن الحكم و الحكومة لان وكيل الرب موجود ، و هي الصورة نفسها تكررت و يتكرر في النظام الملالي الايراني منذ استلاء الخميني على الحكم و اعلن نفسه الولي الفقيه ، يعني انه مندوب من الامام المهدي المنتظر و الامام مندوب من الله ، فالولي الفقيه مندوب من الله و هو الذي يتحكم بكل السلطات و الصلاحيات و هو يعني مندوب لله على الارض ، فان لم تطع اوامره ستكون محاربا لله و الرب ؟ كما ان شكل النظام السياسي في العصور الوسطى كان نظاما مركزيا ، و كل قبيلة او عشيرة تدار من قبل المندوب او الشيخ و لكن يبقى النظام الديني و السياسي بيد البابا ، و هذا ما يمارس في ايران حيث تدار الحكومة من قبل الاشخاص الذين يوافق عليهم الولي الفقيه ثم الشعب و يبقى القرار الديني بيد المندوب لولي الفقيه في الاقاليم و هو امام الجمعة في كل محافظة و له كل الصلاحيات ، و لكن القرارات الدينية و السياسية المصيرية بيد الولي الفقيه ؟ كما ان العصور الوسطى اتسمت بغياب قضية الشعوب و هذا ما يجرى في ايران ؟ لقد افرزالنظام البابوي في العصور الوسطى شعوبا متخلفة تفشى فيها الجهل و التبعية و هو الامر نفسه في ايران ؟ ان الخطاب السياسي للبابا في العصور الوسطى كان خطابا دينيا لا غير ، و نحن امام نفس المشهد في ايران في خطاب الخميني و من بعده خامنئي ؟ و في العصور الوسطى تميزت بالعقوبات السياسية و الاجتماعية القاسية و الشديدة التي تتراوح بين القتل و الحرق و الصلب مع من يخالف تعاليم الكنيسة او ارادة البابا كما حصل مع العالم غاليلة عندما قال ان الارض كروية ، تم اعدامه من قبل الكنيسة ، و هذا ما حصل و يحصل في ايران بعد مجىء الخميني حيث قتل الكثير من العلماء و المفكرين و الاساتذة و الاطباء ؟و في العصور الوسطى تم تهميش دور ثقافة شعوب الاخرى حيث كانت اللاتينية هي اللغة الرسمية ، على الرغم انه كان هناك الكثير من الشعوب الناطقة بلغات اخرى ، و هذا المشهد يتكرر في ايران على الرغم ان ديمغرافية ايران تتنوع لاكثر من خمس قوميات رئيسية لها حضارتها و تاريخها ، و بالرغم ان القومية الفارسية اقل عددا و لكن تم صهر باقي القوميات في بوتقة النظام الايراني الفارسي ؟ اذن : فان هؤلاء اصحاب الاعمام السوداء جعلوا من حضارة عريقة و منفتحة الى مجتمع مغلق ، فأبناء و بنات ايران ضاقوا ذرعا بنهج التزمت و الانغلاق الذي فرضه المعممون الذين جاءوا الى السلطة و طبقوا ولاية الفقيه و انهم خلفاء المهدي المنتظر على الارض ، و حاولو جذب ابناء المذهب الشيعي في العالم لارتباطهم بالقم وولي الفقيه لتحقيق احلام الامبراطورية الفارسية على الرغم ان الشعب الفارسي اقل عددا نسبيا مقارنة مع الشعوب الاخرى من الشعب الكردي و الاذري و الاحوزيين . و لكن فان جيلا جديدا من الايرانيين = بغض النظر عن الاضطهاد القومي المطبق بحق جميع الشعوب الايرانية ما عدا الفارسي = الذين اتحدوا الى حد ما خلف السيد مير حسن موسوي بحثا عن فسحة حرية اوسع ، يمثلون قوة تغيير هائلة ليس بوسع احد تجاهلها حتى لو اتحدت كل القوى المحافظة خلف محمود احمدي نجاد ، لاعاقة المسار الموضوعي لتطور المجتمع الايراني ، الذي بات من داخله جاهزا للتغيير ؟ ولكن ان ما حدث خلال الانتخابات الاخيرة في ايران لم يكن صراعا بين تيارات سياسية مختلفة او متناقضة سياسيا و ايديولوجيا و فكريا كما يتصور للبعض لان المرشحين لم يتنافسوا على طبيعة النظام السياسي القائم ، و ان لكل منهم توجهاته وروؤاه و بدائله للوضع القائم في ايران و يمتلك تصورات و نظرة للمستقبل السياسي لايران و علاقاتها السياسية مع العالم و دورها في التوازنات الاقليمية ، و لكن فان صراعهم مغايرا لكل هذا فهو صراع بين قطبيين يمثلان ولاية الفقيه ، اصلاحيون و متشددون ؟فالتيار المحافظ و المتشدد يصور انه المدافع عن امتلاك ايران للاسلحة النووية ، و الدولة التي تقف في مواجهة امريكا و اسرائيل و الغرب ، و القادرة على زعزعة النظام العالمي و الامن الاقليمي ، و العمل مع الدول مثل سورية و المنظمات و الاحزاب التي بامكانها ان تكون اداة ايرانية مثل حزب الله و حركة الحماس في لبنان و فلسطين ، و لها دورها في الاحداث الامنية في العراق و علاقاتها مع تيارات و جماعات ارهابية كالقاعدة و جيش المهدي و بعض الجماعات الشيعية التي تتحكم بزمام الامور في العراق لفرض اجندة سياسية محددة على العراق بواسطة هذه القوى و الاطراف . اما التيار الاصلاحي : الذي بامكانه ان يغير صورة ايران و يعيدها الى الحظيرة الدولية و ان بالامكان التعامل معها بسهولة و بثقة و تبادل مصالح ليعزز الامن العالمي من خلال التفاوض على البرنامج النووي الايراني لايجاد حلول سلمية . و لكن مهما اختلفت التيارات الاصلاحية و المحافظة فانهما تنبعان من افكار و اراء ولاية الفقيه ، لان ايران الملالي عندما تتفاخر بانها اكثر دول العالم ديمقراطية ، و لكن من خلال قوانيين الانتخاب هناك قيود و عوائق امام المرشحين ، فان الذين قدموا للترشيح الى الرئاسة عددهم 475 ، و لكن مجلس تشخيص مصلحة النظام ( الذي يحتفظ لنفسه بصلاحية قبول المرشحين ) بعدم اهليتهم و لم يقبل من بين هؤلاء الا اربع مرشحين ، و بموجب هذه المعايير المعتمدة في الانتخابات في معظم دول العالم الديمقراطية ، فان الانتخابات الرئاسية في ايران تفتقر الى قدر كبير من الانفتاح و الحرية ، و حسب مبادىء مصلحة التشخيص لا يجوز لاي مرشح لايؤمن بالمبادىء الاساسية للثورة الاسلامية المشاركة في الانتخابات الرئاسية الايرانية و يجب ان يكون من المذهب الشيعي تحديدا و ان لا يخرج عن طاعة المرشد الروحي لهذه الثورة و ان يحترم سلطاته و قراراته و ان يكون اداة تنفيذية لقرارات و احكام هذا المرشد ، رغم وجود اعداد كبيرة من الناخبيين الذين قد يصوتوا لهم ، لان الشعوب الايرانية ليس كلهم شيعية على حد مثال لا اكثر . و لكن بعد ظهور النتائج الانتخابية من قبل وزارة الداخلية ، صعد العديد من الايرانيين الى اسطح منازلهم و اخذوا يصرخون و يهتفون : يسقط الدكتاتور ، و بدأت المظاهرات و الاحتجاجات جميع شوارع المدن الايرانية ليست تحديا فقط لنتيجة الانتخابات المزورة من قبل المحافظين و لا للرئيس محمود احمدي نجاد بل لمرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية على خامنئي نفسه ، على الرغم من المنصب الرفيع الذي يحتله علي خامنئي في ايران و لكن الكثيرين لا يعتبرونه ارفع رجال الدين في البلاد ، فهو يواجه ضغوطا من رجال دين آخرين يعتقدون انهم يتفوقون عليه في المنزلة الدينية ، و كان من اجل ذلك قام خامنئي ببناء قاعدة تأييد لنفسه في اوساط الحرس الثوري ، لان الانظمة الديكتاتورية و الشمولية دائما تحافظ على سلطتهم من خلال القوات العسكرية و الاستخباراتية و البوليسية و ليس حسب اعتمادهم على شعوبهم ؟ و لكن هذه التظاهرات و الاحتجاجات و التفجيرات تعني ان الامر في النتيجة قد بات تشكل تحديا لكامل القاعدة التي تستند عليها الجمهورية الاسلامية ؟ و من اجل تقليص وتهميش دور الشعوب الايرانية في صنع القرارات ، فان احمدي نجاد الدكتاتور ، ركز في خطابه على الحكومات الخارجية ووسائل الاعلام العالمية حيث حملها مسؤولية اثارة البلبلة و الاضطراب في بلاده كما عملها قبله قبل ثلاثين عاما الشاه رضا بهلوي عندما قال : انها مؤامرة خارجية ضد نظامه ؟ و لكن لكل ثورة شرارة و هل يمكن ان تكون الانتخابات الرئاسية بداية لثورة جديدة في ايران نتيجة الظلم و القمع و الارهاب و الفساد الذي مورست ضد الشعوب الايرانية من قبل النظام الملالي الدموي الشمولي ، لان الشعوب الايرانية قوة حيوية و قوة لها قدرة لاحداث التغيير المطلوب نحو الديمقراطية الحقيقية الذي بات خيار الشعوب في كافة ارجاء العالم ، و يحصل جميع الشعوب الايرانية من الاكراد و الاذريين و الاحوزيين و باقي الاقليات على حريتهم و كرامتهم و حقوقهم القومية و الديمقراطية ؟
#اومري_بنختي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نوشيروان مصطفى بين الدعاية الانتخابية و المؤامرة الاقليمية
-
القضية الفلسطينة اصبحت اكبر تجارة للصفقات السياسية
-
النظام السوري يعادي شعبه اكثر ما يعادي اسرائيل ؟
المزيد.....
-
بعد اكثر من عقد.. اعادة افتتاح مطار الموصل الدولي يبث الروح
...
-
“ثبتها بسرعة” تردد قناة طيور الجنة الجديد على الأقمار الصناع
...
-
مشروع قانون أميركي لتصنيف -الإخوان- كجماعة إرهابية
-
الجهاد الاسلامي تؤكد على وقوفها إلى جانب الشعب السوري في موا
...
-
خبير دولي: العميل الحقيقي هو من يزرع الفتنة الطائفية في سوري
...
-
الطائفية الانتخابية.. قناع الفشل السياسي في سباق البرلمان
-
وزير الأوقاف الفلسطيني: المسجد الإبراهيمي ملكية خاصة للمسلمي
...
-
“مغــامرات جني”.. تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد للأطفال ع
...
-
ألمانيا: السجن لنجم تواصل اجتماعي سلفي لإدانته بالاحتيال
-
كيف بنى تنظيم الإخوان شبكته المالية السرية في الأردن؟
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|