علم مؤقت لعراق دائم

هادي ماهود

الحوار المتمدن-العدد: 818 - 2004 / 4 / 28 - 07:10
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

العلم رمز للسيادة الوطنية لكن علمنا النقيب ذا الثلاث نجوم إرتبط بذكريات سريالية لحروب دموية لامعنى لها وقوافل من قتلى في نعوش ملفوفة بذلك العلم، وإذا ماتسنى لك زيارة مقبرة فسترى قبوراً على مساحات مترامية الأطراف ملفوفة بالعلم ذاته، وترى العلم يرفرف فوق مؤسسات لايتملكك عند النظر ناحيتها سوى الهلع، ولم يسلم ذلك النقيب البائس من عبث الطاغية الدموي الذي قاد حملة إيمانية نحصد نتائجها الآن في الفلوجة وبقاع أخرى بأن أضاف كلمات( الله أكبر) بخط يده الملطخة بدماء العراقيين وكأنه يعطي المشروعية لنفسه بسفك دمائنا تحت تلك الراية المثيرة للرعب، أذكر مرة وبعد إحباط إنتفاضة آذار وزحفنا الى أخوتنا السعوديين الذين إستضافونا في صحرائهم القاحلة لسنوات إمتدت لبعضنا حتى اللحظة! أذكر أني حملت معي ذلك النقيب( العلم) وعلقته داخل خيمتي الصحراوية وكنت عند إستيقاضي ليلاً وعلى ضوء الفانوس تصطدم نظراتي بذلك النقيب فأصاب بالفزع حتى ليخيل لي أني داخل مقبرة وقد قاومت ذلك الشعور لليالي لكني في النهاية مزقت ذلك النقيب ونمت بسلام.
لم يتسنى لعلم وطن أن يحصل على كم من الحقد والأختلاف والتشويه من قبل مواطنيه كما حصل لعلمنا العراقي النقيب، وكان من أولى أحلامي أن أرى لوطني علم آخر برموز وألوان لاتشبه أعلام أوطان عربية أخرى وقد إسبشرت خيراً بقرار مجلس الحكم بأختيار تصميم لعلمنا الجديد من بين ثلاثين تصميم، وعلى فكرة أنا من أشد الداعين لأستخدام مفردة التحرير لا الأحتلال ومن المناصرين لمجلس الحكم الذي لم أرى بقراراته حتى اللحظة مايتعارض مع أحلامي برؤية عراق ديمقراطي مسالم لكني هذه المرة أسجل إعتراضي وإحتجاجي على هذا التصميم الذي لا أتمناه لوطني العراقي المتعدد الثقافات والأعراق، فقد وقع العلم بذات الخطأ في إختيار رموز مباشرة قد تصطدم بأعتراضات من أطراف شتى في مجتمعنا العراقي المتنوع قومياً ودينياً وثقافياً كما أسلفت، فأختيار الهلال وبهذا الحجم الذي يهيمن على ثلثي المساحة يعطي إنطباعاً على هيمنة من نوع آخر من قبل طرف في الفسيفساء العراقي الذي نسعى لتجانسه وكان الأجدى اللجوء الى التجريد بأعتماد خطوط لونية كما فعل المصمم في أسفل العلم تحاشياً للتأويلات ويمكننا أن نرى هذه المعالجة في التصميم واضحة في أعلام دول أخرى كألمانيا وروسيا وغامبيا وهولندا وهاييتي وفرنسا وأندنوسيا ونايجريا.
لقد حقق مجلس الحكم إنجازات على صعد شتى ، لكن أما كان الأجدى به أن يمنح الثقة لخبراء وأكاديميين وفنانيين كي يناقشوا ويحللوا التصاميم المطروحة ويرفعوا نتائجهم كي يتم التصويت عليها من قبل المجلس وصولاً للقرار التاريخي بأختيار علم نسير تحته في طريقنا لبناء عراقنا الحلم الجديد.أعتقد أن القرار جاء متسرعاً ولأن المجلس إنتقالي مؤقت فثمة فرصة لأعادة النظر بعلمنا المؤقت حتى يتم تبديله في ظل الدستور الدائم والحكومة الشرعية والبرلمان المنتخب.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل