أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - باسم ماجد سليمان - الديمقراطيـة آليـة تـفكيرتحتاج لمرحلة تأهيلية إنتقالية















المزيد.....

الديمقراطيـة آليـة تـفكيرتحتاج لمرحلة تأهيلية إنتقالية


باسم ماجد سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 817 - 2004 / 4 / 27 - 11:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


اللاذقية
ليست الديمقراطية مصطلحاً نسعى نحوه مواكبة للحداثة بل نتاج لتجارب إنسانية تاريخية تبلورت عبر مراحل ، لتنتج صيغ تعايشيه تلبي متطلبات ومقتضيات العدالة الإنسانية .
إن الديمقراطية ثقافة وفكر إنساني ينضوي ضمن إطار الأفعال الإنسانية السامية التي تتساوق ومصطلحات العدالة والكرامة والكينونة للإنسان ، وإنطلاقا من ذلك فإن تلك الثقافة الإنسانية يجب أن يتمثلها حزبٌ عريضٌ واسعٌ " لا يمكن أن يغدو بحال من الأحوال وكالةً حصريةً لأحد "، يتسع لكل أبناء الوطن ولا يصح معها أن تختص بها إيديولوجيا ذاتية أو حزب ضيق أو أي تجمع تحت أي مسمى بل يجب أن تغدو أسلوب في ممارسة فكر أو إيديولوجيا أو عقيدة ما، وفي هذا السياق فإنه يمكن القول بأن الثقافة الديمقراطية وثقافة المشاركة تمثل الوسيلة المثلى للارتقاء بالمجتمعات في أدائها الإنساني ويجب أن تتكرس لتصبح ممارسة اجتماعية إنسانية تتغلغل في كل شؤون حياتنا و أفعالنا وفي كل نتاجاتنا باعتبار أنه ما من فعل أو نتاج تاريخي إلا وكان نتيجة فعل تشاركي ولا يمكن للأمم والمجتمعات أن تتطور وترتقي إلا بتوحد الإرادات وبالعمل الجماعي المتسم بروح الفريق، وما من إبداع تاريخي إلا و كان نتاجاً لفعل جماعي.
إن الديمقراطية مصطلح لنظام تعايشي يعني المشاركة بأشكال وصيغ تتوافق مع طبيعية وثقافة وتقاليد المجتمعات التي تمارسها ولا يمكن لهذا المنتج الإنساني العفوي أن يجيّر تاريخيا لمجتمع ما ، دون الآخر باعتباره تلبية تلقائية لضرورات وحاجات المجتمعات.
والسؤال هل من الممكن ممارسة الديمقراطية فقط عبر إقرار سياسي بوجوب تلك الممارسة أو أن ذلك يتطلب ما هو أبعد من ذلك من قبيل تضافر الإقرار السياسي - عبر توفير المناخ الملائم للمشاركة - مع عوامل أخرى لا تقل أهمية ، مثل تلك التي تتصل بالنظام التربوي المنهجي الهادف إلى تحفيز نزعة المشاركة والنقد البنّاء العقلاني عبر اتباع آليات تفكير ذهنية تحليلية عقلانية منهجية سليمة .
إن هذا النظام التربوي "المدرسي والأسري " يجب أن يركز على آليات التفكير العقلاني في كيفية تشخيص المصلحة وتحليل الحدث واتخاذ المواقف العقلانية ،التي ينتفي معها مبدأ التسليم والاستسلام الرهابي ،أياً كانت دوافع ذلك الرهاب سواء كانت وصائيه "سلطوية ،ثقافية ، تعليمية ، أو أبوية " ، وبهذا المعنى يمكن إتاحة الفرصة لتنامي وتمكين الملكة التحليلية النقدية بإسلوبٍ منهجيٍ سليم يعتمد بشكل أساسي على العقل كمبدأ للقياس ولا يعتمد على الدوافع الغرائزية، وبذلك يمكن أن تتكرس ثقافة الإقرار بإمكانية صوابية المختلف وعدم التشبت بمبدأ إمكانية امتلاك الحقيقة الكاملة وذلك كأسلوب لزرع روح التشارك وتحفيز النزعة التشاركية التآزرية ، كمبدأ متبع في أسلوب الأداء بمختلف أشكاله ومستوياته.
إذاً يمكن القول أن الديمقراطية آلية تفكير إنساني راقٍ ،تنتج نظاماً سياسياً يحترم الإنسان ويحقق العدالة الإنسانية بغض النظر عن شكل وطبيعة منتمى هذا الإنسان ، إن الثقافة التشاركية تلك و التي تتسم باحترام القيم الإنسانية بكل عناصرها " وهي ما تسمى اصطلاحاً بالديمقراطية " لا يمكن التحلي بها مجتمعاتٍ وأفراداً على سبيل الاصطلاح فحسب ،بل إن معاييرها الحقيقية تطبيقية ، وتلك المعايير تستدعي إرتقاءً في شكل وطبيعة الحوار والممارسة ، يتسم بالقبول للآخر والتخلي عن الأحكام النمطية أو تلك المنطلقة من أرضية تعصبية ، والتحلي بروح التسامح ، والإيمان بروح العمل الجماعي، ونبذ روح التفرد والإقصاء وثقافة العنف .
مما لا شك فيه أنه تقع على عاتق سلطة الدولة مسؤولية تاريخية في الانتقال بالواقع السياسي والاجتماعي من الواقع الراهن إلى واقع يسوده المناخ التشاركي الديمقراطي ، ذلك المناخ الذي لا بد له من الإعداد والتأهيل على مختلف الأصعدة وباعتماد مشروع عمل وطني منهجي "حرفي" ، هذا المشروع الوطني لخلق مناخ يفسح المجال لممارسة تشاركية ديمقراطية يتطلب مرحلة زمنية انتقالية لابد معها من إدراك المعارضة البنّاءة لضرورة إسهامها الإيجابي البنّاء في خلق ثمة مناخ كهذا ، وضرورة إدراكها لكون المرحلة الانتقالية يجب أن تضطلع بها السلطة ،ولابد من العمل على تشجيع السلطة على فعل ذلك والإقرار بمسؤولياتها التاريخية والوطنية تلك والتوافق على ضرورة المرور بمرحلة تأهيلية كما لابد - وفي سياق المشاركة في سعي السلطة باتجاه تلك الإصلاحات - من الإقرار بصوابية وإيجابية كل خطوة سلطوية سليمة على طريق المشروع الوطني لبناء الديمقراطية التشاركية اللاتسلطية، وهنا لايمكن إغفال كون ثمة مشروع إصلاحي وطني تشاركي كهذا أصبح ضرورة حتمية يسابقها الزمن إن لم يسبقها بعد .
وفي هذا المعرض يمكن القول إن ثقافة المعارضة تمثل إحدى الدعائم الأساسية للممارسة الديمقراطية التشاركية ، تلك الثقافة التي تعني المشاركة المجتمعية الفاعلة في تقرير المصير و المتحررة من أي هيمنة تسلطية في سعيها العقلاني نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والارتقاء الحضاري والإنساني للمجتمعات وأن يروّض الجميع أنفسهم على الثقافة النقدية ، من خلال تقبل الآراء المخالفة والمواقف المخالفة بروح إنسانية سمحة لايشوبها حقد أو نزعة ثأرية ، بل يبحثوا عن الجوانب المضيئة في الآراء والمواقف المخالفة بغرض الاستفادة منهاوأخذها بالحسبان . وكم هو جميل لو أننا نستطيع الارتقاء بأنفسنا إلى درجة نطرب فيها للرأي المخالف كما نطرب فيها للرأي الموافق أو المداهن، وإن تلك الثقافة ليست في خدمة موقف بحد ذاته أو إيديولوجيا بل هي أيضاً آلية منهجية في التحليل الذهني العقلاني لمعطيات واقعية موضوعية في السعي نحو أهداف وطنية وفي هذا السياق يجب أن لا يأتي ولاء المعارض لموقفه الذاتي بقدر ما يأتي لخدمة الأهداف التي يسعى نحوها وبهذا لا تنتفي صفة المعارض إذا ما توافق مع ما يخالفه في الإيدلوجيا والموقع فيما لو التقيا بالأهداف الوطنية المشتركة ، فمن المنطقي إمكانية أن يتعارض الإنسان مع ذاته حين يكتشف مهتدياً بمعاييره العقلانية أن ما ينتجه الواقع المتحرك يقتضي منه تغيير مواقفه وقناعاته لما يتوافق مع مستجدات ذلك الواقع أو ما يأتي في سياق السيرورة الطبيعية لحركة وتطور الواقع وما يقتضيه من تطور في المنظومة الفكرية التي تستدعي رؤىً وأحكاماً عقلانية مختلفة .
إن الشروع في الاصلاحات الديمقراطية لايستدعي إفراغ الساحة السياسية من النظم المركزية التي تقود آلة الدولة على اتساعها وتعقيدها، وقد باتت مكونات آلة الدولة تلك تتحرك بآليات تتوافق وتنسجم مع آليات الممارسة المركزية ، والتي لم تعرف آليات غيرها ، ولا يقتصر الأمر في ذلك على مكونات آلة الدولة فحسب بل يتسع ليشمل الممارسة ذات الطابع الاستقلالي ، بل إن الحراك الاجتماعي - الهادف إلى تحسين الظروف الحياتية والارتقاء بها عبر الممارسة المجتمعية التشاركية المتحررة من أية قيود وصائية في سعيها نحو ما يحقق مصالحها بكل السبل الممكنة - ليس إلامرحلة ضرورية في الطريق نحو الإصلاح الديمقراطي ، ذلك الطريق الذي يتسم بالحساسية البالغة والتي تصل إلى درجات متفاوته من الخطورة لا يمكن معها التقليل من آثارها إلا عبر الرهان على الإرادة الشعبية الواسعة ، والتي لا يمكن استثمارها إيجابيافي السعي نحو الإصلاح الديمقراطي إلا عبر المؤشر الاقتصادي المعاشي بالدرجة الأولى . وتبرز أهمية الإرادة الشعبية تلك في دورها الهام في التقليل من مخاطر الطريق نحو الإصلاح الديمقراطي عبر تجنب الركوب الإنتهازي لموجة الاحباط التي تصيب المواطن من جراء غياب أو تأخر أو عدم جدوى الاصلاحات الإقتصادية والمعاشية على أرضية السياسية منها ، تلك الإنتهازية التي تستثمر السعي المجتمعي العفوي نحو أي بديل ، بغض النظر عن طبيعته للخروج من عنق زجاجة الأزمات المعاشية بكافة صورها ، لايمكن أن تسهم في خروج الوطن من محنته بل تمثل حالة من الاندفاع والتدافع سعيا للإغتنام الحصصي ، هذا الاندفاع الذي تكمن خطورته في إنبعاث ثقافة تستنفر العصبيات ، وفي معرض إكتساب الارادة الشعبية لمباركتها ثمة مشروع سلطوي فإنه لابد من وجود مقابل لقاء اكتساب تلك الإرادة عبر إجراءات وحلول إصلاحية انتقالية يتلمس عبرها المواطن تحسن ملموس في مناخات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وبالرغم من إعتبار أن المؤشر الاقتصادي والاجتماعي الأهم لدى المواطن في تقييمه للإجراءات الإصلاحية فإنه لا يمكن الإقرار بكونها ناجعة ، بل يمكن اعتبارها تلطيفية وتندرج ضمن إطار الإصلاحات الاجتهادية الغير منهجية و يمكن للسلطة في هذا السياق أن تتحرك في محورين متوازيين ، الأول منهما يمثل الاصلاحات الأولية المرحلية التي تبتغي تحسيناً نسبياً في ظروف ومناخات العيش ، ويمكن أن تشمل تفعيل دور الرقابة والمحاسبة الداخلية الموضوعية ضمن المؤسسات ،وإقرار مبدأ المساءلة الدورية للمسؤولين الحكوميين على مختلف المستويات ، وتكريس الشفافية عبر إتاحة الفرصة لوسائل الإعلام بمختلف أشكالها بتوجيه النقد لمكامن الخلل ، والأخذ بموادهم النقدية المبنية على أسس موضوعية وعقلانية من قبل الجهات المعنية ، وتحسين أداء الجهاز القضائي ، والأجهزة الأمنية التي يمكن أن تختص بتقديم المعطيات المعلوماتية والتي يجب أن يقتصر عملها التنفيذي على ما يمكن أن يهدد أمن واستقرار الوطن ، ولكن ضمن معايير وضوابط تتسم بالشفافية . ولابد للشروع بتلك الاصلاحات المرحلية من إسهام أصحاب الخبرات ممن يتوفر لديهم الحد الأدنى من المعايير القياسية للخبرات العملية ، ويمكن في هذا السياق اعتماد خبرات الاغتراب عبر استقطابها واستثمارها للإسهام في صياغة هذا المشروع ، ولابد من التركيز هنا على أصحاب الخبرات العملية قبل الأكاديمية النظرية ، ولا بد من القول بأن الواقع أثبت فشل الكفاءات المعتمدة على الأرضية الأكاديمية دون الخبرات العملية ، فشلاً ذريعاً .
والثاني يمثل العمل على الاعداد والتأهيل للممارسة السياسية الديمقراطية التشاركية عبر آليات عمل دقيقة يمكن معها الاستعانة بتجارب أخرى دون إغفال خصوصية مجتمعاتنا ولا ريب في أن تلك المرحلة تتطلب قدراً كبيراً من الجرأة والشفافية والروح الوطنية العالية .



#باسم_ماجد_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سعيد يأمر باتخاذ إجراءات فورية إثر واقعة حجب العلم التونسي
- بايدن يخطئ مجددا و-يعين- كيم جونغ أون رئيساً لكوريا الجنوبية ...
- شاهد.. تايوان تطلق صواريخ أمريكية خلال التدريب على المقاتلات ...
- عشرات الجرحى جراء اصطدام قطارين في بوينس آيرس
- في أقل من 24 ساعة..-حزب الله- ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل مستخد ...
- مرجعيات دينية تتحرك قضائيا ضد كوميدية لبنانية بعد نشر مقطع ف ...
- شاهد.. سرايا القدس تستهدف الآليات الإسرائيلية المتوغلة شرق ر ...
- شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة بشرق خان يونس
- واشنطن: -من المعقول- أن إسرائيل استخدمت أسلحة أميركية بطرق - ...
- الإمارات تستنكر تصريحات نتانياهو بشأن -مشاركتها- في إدارة مد ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - باسم ماجد سليمان - الديمقراطيـة آليـة تـفكيرتحتاج لمرحلة تأهيلية إنتقالية