أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - م . نورالدين بن خديجة - في الرمادي .. لن نستقبل الموتى بالعناق ...














المزيد.....

في الرمادي .. لن نستقبل الموتى بالعناق ...


م . نورالدين بن خديجة

الحوار المتمدن-العدد: 2670 - 2009 / 6 / 7 - 02:09
المحور: الادب والفن
    


في الرمادي لن نستقبل الموتى بالعناق ...

شهادة في مسودات الشغب لعبد العاطي جميل

بالسواد يكتب .. وفي السواد يسود بكلماته . يدين .. يحتج .. يبوح وإن كان الليل أخفى للويل . هو خارج سرب الخفافيش .. لا يريد أن يستبطن فضحا . يقف على حافة الصرخة .. الصرخة التي تشبه اليوم هوة مطمورة مظلمة ، لا يكاد يتبين خيطها الأبيض من الأسود . وفي زماننا لا حد فاصل بين الألوان . فبين الأسود والأبيض هناك الرمادي كما قيل ويقال . والرمادي استخراج من خمود النار .. الجمر . إنه يكتب مسوداته التي يرفض أن يسميها شعرا ، زمن الرمادي ...

" سكن الليل
ولم يك ثمة طيف
يحمل صفة إنسان
.....................
....................
سكن الليل
ولم يبرح المكان
ولم يك ثمة طيف
ولا سيف
يحمل وجه إنسان .. "

في هذا الرمادي ، يبحث عبثا الشاعر عبد العاطي جميل عن صفة للإنسان . يبحث دون جدوى عن طيف حتى أو سيف يحمل وجه إنسان . في الرمادي يغيب الإنسان .. أو على الأصح يغيب الإنسان . عن هذا التغييب القسري للإنسان تقف لحظة الاستبدال جاثمة على أنفاسنا ورؤيتنا بين الليل والويل حيث ينعدم التمييز ، ويعم وباء عمى الألوان .. الاستبدال كلعبة ذات حكمة بالغة يجلوها الحرف الأول بوضوح بين اللام والواو .. لتقول هذه المسودات ببساطة نحن محاصرون بين الليل والويل أو أكثرتدقيقا نحن قابعون في الليل والويل . نحن في الرمادي نقف بالضبط ، نقف على إحساس بالجمر يلهب أقدامنا ولا جمر . ننظر أفقا يكاد أو ربما يكاد أن ينفرج عن ضوء باهث خافت ولا ضوء سوى ما يشبه السواد المائل للرمادي . إنها حيرة جيل كامل .. شعوب كاملة .. فلا فرق بين عجمي وعربي إلا بالإحساس . وتبصر اليوتوبيا اليوم يذب بجمهور الحالمين في عاصفة الرماد ..
فالحساسية الشعرية الجديدة حين تلامس البدائل الممكنة اليوم .. ولكي لا تشيع للأمل الزائف ولا لترويج الشعر أصدقه أكذبه ، ولكي تكون صادقة بالفعل .. تدمر الثنائية كمقولات مثالية سرعان ما يرتد عنها الواقع لتتحول إلى لغط إيديولوجي أو فاشية قاهرة لإرادة الإنسان في التبصر بحرية الحواس .
إلا أن المسودات رغم إقرارها بالرمادي .. بالحيرة .. بالقطع مع التبشيرية .. تعمل جاهدة على تبديد هذه الحيرة تحتج على تبليد الإحساس الإنساني بالإنسان .. إنها تقف متساوقة كما قلت على جمر خامد متمسكة بالتزام إنساني للمسودة .. دون أن يكون الالتزام هنا دعوة للكمال .. للمثال .. حذار المسودة هنا كمفهوم دليل على اللااكتمال .. على الكناشة كنقيض للكتاب الذي ارتبط بالمقدس . ولكن أمام الحيرة في معرفة الآتي لا تنفض يدها عن آلام الناس وأحلامهم . لا ترتد إلى الذات وأمراضها كما تحبل به بعض الكتابات الحديثة اليوم .. إنها لازالت متمسكة بأعلام السادة الكبار للقرن العشرين .. الذين لن نستطيع نسيانهم .. الذين وثقوا بالإنسان بمستقبله في عصر قال عنه كارل ماركس ؛ " ما يمز الحقبة البورجوازية عن كل الحقب السابقة ، أنها تقلب دون انقطاع جميع الظروف الاجتماعية وتديم انعدام اليقين والاضطراب . " ...
أيها السادة الكبار " بابلو نيرودا .. لوركا .. ناظم حكمت .. مظفر النواب .. جاك بريفر .. ماياكوفسكي ..، الجميلي لا يريد أن ينزل الراية من ساحة الميدان .. والمصارعون يتساقطون الواحد تلو الآخر .. استعطفوه أن يخمد قليلا وسط الرمادي الذي هو زمننا بكل تأكيد . اسمعوه .. ها هو بالسواد ثانية يتساءل ؛

" هل أشاغب وحدي
كي أشيد لي وطنا
من حروف شداد ؟ " ...

هذه المسودات هي تدوين لشغب الجميلي على كناش الوجود . ولم لا ؟ .. فالشعر ليس شعرا إن لم يكن شغبا . الشغب مبدأ الإحساس .. الشغب نهاية التبليد .. وهنا بالضبط نلتقي كشعراء رغم اختلافاتنا واختلاف الأرض التي نقف عليها . سواء حملنا راية أو نكسناها .. سواء بكينا وسط الرمادي أو ضحكنا وأضحكنا .. سواء لخبطنا اللغة ولغزنا المعنى .. سواء بددنا المعنى وحرقنا اليوتوبيا .. سواء التفتنا إلى اليوتوبيا والجماهير أو اعتبرناهما وهما .. القصيدة أحبائي الشعراء تبقى وتظل شغبا مستمرا إلى أن يثبت الوجود وجوده ، والإنسان إنسانيته ..

ومن لم يشاغب في أمور عديدة يعش أبد الدهر بين الحفر

عذرا لزهير بن أبي سلمى وحكمته المتأنية والرصينة ولأبي القاسم الشابي وثورته العارمة التي فجرت قلبه دون أن تفجر أعداءه .. عذرا لكما عن هذه الوقاحة المتعمدة مني عن هذا الشغب الدنيء الذي أحدث الحادثة وصفق لها حين صادم بين الحكمة والثورة .. بين ثورة الطبيعة على الإنسان زمن الأجداد وثورة الإنسان على الطبيعة عهد الأحفاد .. إن حدوث الحادثة يقع بالضبط هنا حين تصطدم الحكمة بالثورة .. إن حدوث الحادثة ينطلق من مثوى الشغب كنقيض للانضباط .. للنظام .. للصف داخل المدرسة .. للبطاقة داخل الحزب ..
إن الحداثة .. الحساسية الجديدة هي الحادثة المجلجلة التي ننتظرها بلهفة .. هي الزلزال الذي ننذر به لنصلي الزغاريد ونصرخ في أول بيان لنا ؛

" أبدا لن نستقبل الموتى بالعناق .. "

الشاعر الزجال م . نور الدين بن خديجة

مراكش ـ غشت 1998



#م_._نورالدين_بن_خديجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - م . نورالدين بن خديجة - في الرمادي .. لن نستقبل الموتى بالعناق ...