ناهدة التميمي وكريم بدر
الحوار المتمدن-العدد: 2664 - 2009 / 6 / 1 - 11:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حينما تتهاوى وتتداعى مؤسسات الدولة والكثير من الضمائر بحملة همجية من الفساد تطال كل زوايا العراق المتعبة , نهبا بايقاع قراصنة محترفين .. يملؤنا يقين بان ضمائر العراقيين ستقلب المشهد حتما .. وتطال كل هؤلاء لتحاصرهم في مساحاتهم النتنة ..
وحينما تجتاح مدننا اسراب السيارات المفخخة وقطعان المفخخين و البهائم البشرية.. وبنسختها العراقية هذه المرة وتحترق فضاءاتنا بفتاوى التكفير وبوجوه مكفهرة قاسية تطل علينا عنوة عبر شاشات أدمنا وخزها كي تهييء منصات اعدامنا واطفالنا في الشوارع , نقول ان هناك من الوطنية في العراق مايكفي لتبدد كل هذه النوايا السوداء والوجوه السوداء والشظايا السوداء التي فتكت بنا وباحلامنا وبان هناك مايكفي من السواعد لتحاصرهم كالجرذان الملوثة.
ولكن حينما تلتوي قامات كنا موهومين بانها ستحدث التغيير الذي سال دم كثير لاجله .. قامات كان الاولى بها ان تقف شامخة شموخ التضحيات الجسام .. تؤسس للاجيال التي انهكها انتظار الفرج وداستها حوافر التخلف والدكتاتوريات .. تؤسس للعراقيين الذين يستحقون ملحمة سياسية بمستوى وقوفهم المشرف يمارسون حقوقهم بلا خوف في نظام سياسي رصين يترحمون فيه على من ساهموا في صناعة مستقبلهم الزاهر المفترض .. التواء القامات هذا , هو الذي هز قلوب العراقيين حد الارتجاف لانه احتراق المثال الاعلى ولانه حفر في الرهان الاخير .. ولانه الآفة الملعونة التي تلتهم الوطنية في النفوس وتحيل اقدس المباديء الى شعارات جوفاء والتضحيات الكبيرة الى مجازفات عبثية .. والوطنيين الى مشبوهين غرباء ..
حينما تصبح هموم الناس ومصالحهم ومعاناتهم اوراقا سياسية بيد السياسيين واللعب مكشوفا على مبدا ( التوافق ..!!!) لان استجواب احدهم يعني انك عطلت التوافق المقدس هذا.. اما ترك القضاء ليأخذ مجراه لتحقيق العدالة فانه التفاف على ( التوافق المقدس ) غير محمود العواقب .. وفضح المسكوت عنه سيفضي لمزيد من الفضائح التي ستنخر التوافق المقدس.
فأي تأسيس سرطاني هذا .. لاننا بذلك نفتح الباب على مصراعيه لكل انواع الفساد ليستشري .. مسؤولون كبار يسرقون قوت الشعب بالمليارات .. وديتها انهم يهربون بالغنيمة الى بلد اخر وينتهي الامر وكأن شيئا لم يكن .. والسكوت هنا مهمة وطنية توافقية مقدسة والمساس بها انتهاك خطير .. اتهامات لبرلمانيين تمس الامن الوطني ودماء الابرياء .. والسكوت عنها انجاز وطني... ماهذه الثقافة الوطنية التي نؤسس لها .. واي مافيات سنخلق جراءها ..!!
مثل هذه الاشارات المهمة التي تخرج من الجسد العراقي السياسي وتمر مرور الكرام وبالتالي تؤسس لثقافة ( اسكت وانا اسكت ) و( شيلني واشيلك ) .. ثقافة الفساد التي لن تؤسس لافراز حس وطني ونخب وطنية .. بل لنكون امام مؤسسة ضخمة وبنى تحتية وارضية قوية من الفساد .. لهم قاعدة قوية واحزاب يحتمون بها وقت اللزوم ومؤسسات سياسية تسندهم والمفروض هم من يحارب هذه الآفة.. ولكن للاسف اصبحوا ماكنتها التي طحنتنا.
هؤلاء المفسدون ومن كان وراءهم يقيمون الدنيا ولايقعدونها على جنحة لمواطن بسيط .. بينما يسكتون على جريمة بكل ادلتها ودلائلها .. انه الموات السياسي بامتياز .. لانهم لايحسون بالألم او الوخز ..وعندما لايحس الانسان بالوخز او بالضوء الذي يسلطه الطبيب على عينيه عندها تكتب شهادة وفاته ..!! فهل سيكون التوقيع قريب على شهادة وفاة الواقع السياسي العراقي .. ام هناك من سينتفض بالنفس الاخير لينقذ ماتبقى من كرامتنا الوطنية ؟؟.. ننتظر
الملايين من الشعب الكوري اندفعوا الى الشوارع يشيعون رئيسهم السابق الذي انتحر جراء مكيدة سياسية ليضحي بحياته ثمنا لبرائته وليشير بدمه الى خلل سياسي يجب مواجهته وليبرهن ان الكرامة السياسية باهضة التكاليف... انتحر لانه رفض الاتهام ورفض ان تمس سمعته الوطنية .. لان هناك مساحة شرف انتفض للدفاع عنها بما يمليه عليه ضميره والواقع الاجتماعي هناك ... تداعيات انتحاره بدأت واعتبرتها الجموع الكثيرة التي شيعته دليل نزاهة وانتماء .. لذا خرجوا يلوحون لجثمانه بالصلاة والبكاء تعبيرا عن وطنية جمة وعرفانا بالجميل ورسالة سياسية بالغة الدلالة بان هناك شعب لايتساهل في مسلماته ولامع العابثين بمستقبله .. يحفظ لابنائه الشرفاء مواقفهم وجهدهم .. شعب هو الفيصل والبوصلة..!
مايعنينا من المثل الكوري ان هناك ردة فعل حاسمة لاتهام بالفساد .. هذا هو الذي يخلق واقعا صحيا تكون فيه ردود الافعال تتناسب وحجم الاتهام او الجرم ...وما يحدث في العراق تجاوز الاتهامات الى الادلة القاطعة .. ولاحراك ... فهل دخلنا مرحلة الموات السياسي والوطني ...!!!
ام انه الحريق الذي بدأ يلتهم انتماءنا .. وهويتنا ..؟؟
ناهدة التميمي وكريم بدر
#ناهدة_التميمي_وكريم_بدر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟