|
انتخابات نقابة المهندسين الأردنيين.. وهذا الجدل الساخن
موسى العزب
الحوار المتمدن-العدد: 2663 - 2009 / 5 / 31 - 01:13
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
أثارت خيارات "حزب الوحدة الشعبية" التحالفية في الانتخابات الأخيرة لنقابة المهندسيـن ، مستوى غير مسبوق من النقاش والجدل ، أخذ ابعاداً و ردود افعال متباينة ، وصولاً إلى محاولات تجاذب وتموضع في الخارطة التحالفية، في مؤشر يتجاوز نطاق النقابات المهنية . وفي أرض الواقع ، فإن مسيرة الحزب النقابية قد راكمت تجربةً وأداءً متصاعداً في النقابة منذ أكثر من عشر سنوات ، ترجم في الدورات الانتخابية الأخيرة على هيئة تقدم في تمثيل الرفاق والإطار الصديق في الشعب الهندسية وهيئة المكاتب ، وصولاً إلى مجلس النقابة .
تكتسب نقابة المهندسين أهمية نقابية ووطنية خاصة ، فبالإضافة لعضوية النقابة الكبيرة والتي تقترب من ثمانين ألف عضواً ، ومقدراتها المعنوية والمادية المتنامية - مما يستوجب التعامل بمسؤولية عالية مع هذه المعطيات - فهذه النقابة تشكل الرافعة الأساسية لثقل النقابات المهنية ، وذراعها الوطني الأكثر وضوحاً ، من خلال وجودها في بؤرة العمل الوطني ونشاطات مجمع النقابات المهنية ، وكذلك في وقوعها ضمن مركز الاستهدافات الحكومية المتتالية .
لقد ارتكزت رؤية الحزب في مهامه على صعيد النقابات المهنية ، على أهمية العمل لتعزيز الدور الوطني للنقابات والارتقاء به ضمن أولويات الدفاع عن الحريات العامة وتطوير المجتمع الديمقراطـي ، وحماية الوطن ومجابهة التطبيع ، وإبراز الجانب التضامني التعبوي في الوقوف إلى جانب القضايا التحررية في فلسطين والعراق وعلى اتساع الوطن العربي .
وفي المجال المهني المطلبي ، يرتكز برنامج الحزب على ضرورة تعزيز النهج والبناء الديمقراطي وتوسيع المشاركة في هيكلية النقابات ، والارتقاء في مستوى المهنة علمياً ووظيفياً ، والدفاع عن حقوق الأعضاء المطلبية والحفاظ على مصالحهم ومصلحة المواطن والوطن .
لقد عمل " حزب الوحدة الشعبية " على تكريس صورته في النقابات المهنية كقوة نقابية نشيطة ، مبادرة ومبدئية ، تحمل الهم القومي والوطني والنقابي ، وبادر الحزب لنسج تحالفاته وبناء ائتلافاته الانتخابية على أسس برنامجية تنسجم مع هذه الرؤية والدور التوحيدي الجامع ، وأعطى الأولوية في التحالفات لصالح إطار " القائمة الخضراء " وتشكيلتها من القوى القومية واليسارية الديمقراطية ، أو أي لقاء تحالفي مناظر يناسب ظروف وبنية النقابة والتيارات المشكلة لها ، في مواجهة برنامجية انتخابية " للقائمة البيضاء " وتحالفاتها على أرضية التنافس الديمقراطي الحر لصالح النقابة والعمل الوطني .
وأمام التغيرات والتطورات التي مسّت معظم النقابات المهنية ، على مستوى مكونات النقابة يشكل عام أو داخل الأطر التحالفية ، وأمام التدخل الحكومي المباشر والمبطن في صلب العمل النقابي والاستحقاق الانتخابي ، حيث شهدت مسيرة النقابات تدخلات سافرة ومتنوعة للحكومات المتعاقبة طالت الشأن النقابي عموماً ، ولكنها تموحرت بصورة خاصة حول محاولات متتابعة لمصادرة موقفها الوطني ، وتهميش دورها في المجتمع وإخراج ثقلها الهام من المعادلة الوطنية ، وضرب تفاعلها الإيجابي مع مؤسسات المجتمع المدني . وأمام عجز الحكومات في إضعاف وإخضاع النقابات ؛ شهدنا مؤخراً إدخال تعديلات على هذا التكتيك ، يسعى لاستيعاب النقابات واحتوائها من خلال التدخل المباشر والتهديد بسطوة القانون واللعب كطرف مشارك من خلال بعض القوى والمفاتيح النقابية ، وحققت من خلال ذلك بعض النجاحات المحدودة في رأس بعض النقابات .
أمام هذا الواقع ، وعلى أرضية التواصل السياسي في إطار لجنة تنسيق أحزاب المعارضة ، وتراكم التجربة في هذا المجال ، بدأ الحزب بترجمة تحالفات نقابية ، تأخذ مجموع هذه العوامل بعين الاعتبار ، وتنتقل إلى أفق أكثر إتساعاً ينطلق من دور مبادر وفاعل في إطار " القائمة الخضراء " إلى دور فاعل في إجمالي التوازن داخل عموم النقابة ، يستوعب حراكها الداخلي وتطورها الاقتصادي والاجتماعي ، ويساهم في صياغة توجهاتها البرنامجية والائتلافية ، وحسب ضرورات الظرف الذاتي لكل نقابة على حدة ، واستعداد القوى والتيارات المؤثرة للتعاطي الجدلي مع هذا التوجه ، وهي صيغة واقعية ومتحركة تعطي للقوى السياسية والتيارات النقابية دور واضح ومشروع في العملية الانتخابية ، وتقلل من دور مرشحي المصالح الشخصية الضيقة ، والأجندات الخاصة ، والتدخلات الخارجية . ومن شأن تكريس هذا التوجه أن يحد من ظاهرة الأمراض الجهوية والإقليمية والطائفية ، والتي تظهر وتستعمل كمعاول إضعاف وهدم للوحدة النقابية وصورة النقابات المهنية وتطورها الديمقراطي .
يدرك شركائنا في " القائمة الموحدة " في نقابة المهندسين ، رؤية الحزب هذه وأبعادها في بلورة الائتلاف الحالي ، الذي استطاع أن يتصدى مع غالبية النقابيين ، وخلال الدورتين الماضيتين ، لأكبر محاولات التدخل والتعدي على مجمل النقابات المهنية ومجمع النقابات ، وكذلك فقد انعكست صحة هذا الخيار في الثقة الواضحة التي أولتها الهيئة العامة من خلال اقتراعها لأطراف القائمة وبرنامجها ، وتعزيز ذلك أيضاً من خلال تحقيق إنجازات ومكاسب نقابية واضحة على أرضية البرنامج المشترك .
كما يدرك العاملون في الشأن النقابي ، أن خيار الحزب ومبادرته في انتخابات " نقابة الأطباء " الأخيرة ، قد ارتكزت على تعزيز " القائمة الخضراء " في النقابة ، كتحالف صريح للقوى القومية واليسارية والديمقراطية ، وذلك لتوفير الشرط الضروري لاختيار نقيب يتصدى لأصحاب الأجندات الخاصة والتدخلات الخارجية في رأس النقابة ، وقد نجحت " القائمة الخضراء " في مسعاها هذا .
عشيّة الانتخابات الأخيرة للمهندسين ، وقف الحزب أمام قراءة موضوعية للقوى والتيارات المتحركة في جسم النقابة ، والظروف المحيطة بالإطار الائتلافي النقابي ، ورأى أن المرحلة تشهد تردد وتذبذب توجهات التيار اليساري الديمقراطي في جسم النقابة ، وغياب ملحوظ للتيار القومي، وتبلورت بشكل واضح مظاهر التدخل المتزايد للحكومة وأجهزتها في العملية الانتخابية من خلال تجدد التهديد بتحريك قانون النقابات المهنية ، وتحشيد نواب التنجيح المبرمج ، وعدداً من الحزبيين ومن مشارب مختلفة ، وأصحاب الحظوة من نخب الوظائف العليا ، بتنسيق لصيق مع ممثلي السلطة الفلسطينية ، وانضم إلى الجوقة بعض مروجي اتفاقية أوسلو والتطبيع مع العدو الإسرائيلي ، الأمر الذي كشف عن خلفية وحجم الأداة التحالفية التي أريد لها ضرب الائتلاف القائم في إطار " القائمة الموحدة " كتحالف للبيضاء والخضراء ، وإدخال النقابة في عبثية الاحتمالات الخطيرة .
لقد تعرض الحزب لتجاذبات وضغوطات غير مسبوقة ، لامست حدود التعسف والأسلوب العرفي بتجريم الرأي الآخر في محاولة للتأثير على موقفه ، حتى أن تياراً حزبياً نشأ في خضّم الجدل وردود الفعل الغاضبة على تشكيل هذا الائتلاف . ورغم تنوع مواقع المحاورين " والوسطاء " ، واستحضار الحجة الأيدلوجية عند الحاجة ، إلا أن العنوان الجامع والمعلن لهؤلاء لم يتعدى مطلب " التعاون " لعزل وإقصاء التيار الإسلامي عن ساحة العمل النقابي الوطني ، وأن الجهود يجب أن تصب لصالح إقامة أوسع ( تحالف وطني ) لإنجاز هذه المهمة الغير واقعية والتي لا تمت إلى النهج الديمقراطي وأصول العمل السياسي بصلة .
تكمن المفارقة الأولى في هذا الجدل الساخن ، بأن جزءاً من قوى الضغط والاحتجاج هذه كان موجوداً أصلاً في إطار " القائمة الموحدة " سواء على مستوى الحوارات أو التواجد في الشعب الهندسية ، وحتى عضوية المجلس . وقد غادرت مواقعها في فترات متتابعة ولأسباب وعوامل كثيرة ليس من بينها " التنظير الأيديولجي اليساري المستجد " . والمفارقة الأخرى ، أن أطرافاً من هذه القوى ما تزال موجودة على قاعدة سياسية مشتركة مع جبهة العمل الإسلامي في إطار لجنة تنسيق أحزاب المعارضة ، ونفترض هنا بأن الشراكة في المظلة السياسية ، يستوعب حكماً ، الإطار الفرعي في الأرضية النقابية .
إذا كان الهدف المعلن لهذا التحالف " الواسع " ، هو عزل وإقصاء التيار الإسلامي عن خارطة الفعل السياسي الوطني ، فإن الهدف الحقيقي يكمن في محاولة إضعاف وتفكيك لجنة تنسيق أحزاب المعارضة ، وصرف النضال السياسي الوطني عن بوصلة معارضة الحكومة وسياساتها الاقتصادية الاجتماعية المدمرة ، وتحويله إلى مهاجمة القوى النشيطة والمبادرة في الجهد السياسي والنقابي ، واستعمال سياسة العزل والإقصاء مع القوى الأخرى .
يتوجه الحزب إلى النقابات ، بطرح خطاب نقابي وطني واضح وملتزم ، يستطيع التفاعل مع جميع الشرائح السياسية والفكرية والمهنية ، ويرفض التعامل مع الشأن النقابي كمشروع منفصل ومعزول . نناضل مع كل النقابيين في معاركهم المطلبية والوطنية ، ونؤكد بأن مطالب التغيير والتطور في أداء وتشريعات النقابات لا تأتي إلا من خلال حوار موضوعي ومسؤول ، داخل الجسم النقابي ، وبآليات ديمقراطية عبر الخيار الحر والواعي لعضويتها .
#موسى_العزب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملابسات ودروس في انتخابات نقابة الأطباء الأردنية
-
عامان من -الانجاز- في نقابة الأطباء ... أين وصلنا ؟
المزيد.....
-
عاجل.. تأخر رواتب موظفي العراق عن الشهر الجديد لهذا السبب
-
متحدث الدفاع المدني بغزة يعلن الإضراب عن الطعام: لن آكل حتى
...
-
WFTU Secretariat Meeting on July 18th, 2025, in Athens
-
اجتماع أمانة اتحاد النقابات العالمي في 18 تموز 2025، في أثين
...
-
نقابة الصحفيين: 33 شهيداً خلال النصف الأول من الجاري في الضف
...
-
بشروط بسيطة وسهلة.. رابط تجديد منحة البطالة الجزائرية 2025 ع
...
-
طريقة التقديم في منحة البطالة الجزائر 2025 والشروط المطلوبة
...
-
الفينيق يختتم تدريباً لتعزيز قدرات المجتمع المدني في إعداد ت
...
-
الفينيق يختتم تدريبا لسائقي تطبيقات النقل الذكية حول العمل ا
...
-
الفينيق يختتم تدريبا لسائقي تطبيقات النقل الذكية حول العمل ا
...
المزيد.....
-
تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|