أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعود سالم - الخطوة الأولى لفك الحصار... تسريح الجيوش















المزيد.....

الخطوة الأولى لفك الحصار... تسريح الجيوش


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 2658 - 2009 / 5 / 26 - 05:11
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


 أن احد مفاتيح العلاقات الإنسانية الجماعية هو مايسمى “بالعنف“، ليس العنف الفردي المحدود، والذي تركز عليه عادة أجهزة الإعلام المختلفة في أوربا لتظخيم مبيعاتها، كالجريمة والإرهاب. إنما العنف الجماعي المنظم، أي “عنف الدولة“ وعنف المؤسسات الرسمية التابعة لها. والعلاقات الدولية مبنية أساسا على هذا العنف المقنع تحت عدة تسميات مختلفة، مثل الحرب الوقائية، والحرب ضد الإرهاب، والحرب من اجل الديمقراطية. هذا العنف المنظم يبدو على الدوام كخلفية مستمرة عبر التاريخ لهذه العلاقات المتشابكة. والمؤسسات العسكرية بكل أنواعها، هي الجهاز، أو الآلة الضخمة التي تواصل بواسطتها هذه الدول استعمال القوة والعنف، من اجل الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية والثقافية في العالم من جهة، ومن ناحية اخرى من اجل استعباد مواطنيها، واستلاب حرياتهم الأساسية. أن المؤسسات العسكرية الأمريكية، والمؤسسات العسكرية التابعة للدول الرأسمالية بشكل عام، تشكل أولا وقبل كل شيء تهديدا تستعمله هذه الأنظمة لحماية مصالحها الرأسمالية في أية بقعة على سطح الكرة الأرضية. وهي قادرة عمليا بواسطة جيوشها المعدنية الحديثة على ضرب أي موقع وتخريب أية مدينة واحتلال أية دولة أخرى في ظرف أيام أو أسابيع قليلة ، وذلك بأقل ما يمكن من الخسائر البشرية والمادية. هذه الجيوش تشكل العمود الفقري لهذه الأنظمة، وليست مجرد مؤسسات فخرية للمهرجانات السنوية، أو أعياد ميلاد الملوك والأمراء، أو لإحياء ذكرى “الاستقلال“. إن دورها محدد وأساسي، ولا يمكن اعتباره جانبيا أو فرعيا. فالجيش الأمريكي على سبيل المثال، يعتبر أضخم مؤسسة صناعية في العالم، ينتمي إليها أكبر العلماء والخبراء والمهندسين والمخططين، وتخرج من مصانعها احدث أجهزة الدمار وأسلحة الموت. وتصدير هذه الأسلحة، أو على الأقل جزء منها، يعتبر أكبر مصدر للدخل بالنسبة لأمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وبقية دول أوربا الرأسمالية. ففرنسا على سبيل المثال بلغ دخلها من بيع الأسلحة 13 مليار يورو في السنوات الثلاث الأخيرة. وهي تحاول الضغط دوليا من اجل رفع الحضر على تصدير السلاح إلى الصين، ليس من اجل عيون الصينيين والصينيات، وإنما من اجل توسيع سوقها المدمرة. أن المؤسسات العسكرية الرأسمالية هي أولا وقبل كل شيء مؤسسات وشركات اقتصادية، وهي في تعاون مستمر وفعال مع بقية الشركات الرأسمالية من أجل السيطرة على السوق العالمية، يساندها في ذلك كل جهاز الدولة ـ وزارة الخارجية، السفارات المختلفة، والمراكز الثقافية، الخ. إنها ليست مجرد دبابات وصواريخ وطائرات تتراكم في المعسكرات ليأكلها الصدأ كما في بلدان العالم الأخرى. والكل يعرف مساهمة هذه المؤسسات العسكرية في الاختراعات الحديثة، والتي آخرها شبكة الانترنت، التي خرجت من جماجم العسكر الأمريكيين. إن محاولة التفكير وتحليل العلاقات الإنسانية على مستوى المجتمعات الدولية المختلفة، تفضي بنا مباشرة إلى حقيقة أولية في غاية البساطة، وهي انه لتغيير العلاقات العالمية، وبنائها من جديد على أسس سليمة وخالية من “العنف“، لابد من التساؤل عن “الجيش كمؤسسة عسكرية“، وعن ضرورة وجود مثل هذه المؤسسات على المستوى الدولي. فعلى مدى التاريخ، يبدو واضحا أن الجيوش منذ تكونها لا تخدم، ولم تخدم سوى هدف واحد يتيم هو “السلطة“. ولا يوجد أي جيش في العالم لا يخدم، أو يمارس السلطة بطريقة أو بأخرى. وأسطورة الجيوش الشعبية ما هي إلا خرافة نقدمها للشعب الجائع لكي يواصل قيلولته الطويلة دون أن يستيقظ. إن أي شعب من الشعوب لا يحتاج إلى الجيش إلا في ظروف محددة، بل شديدة التحديد. وقد اختفت هذه الظروف ـ على الأقل نظريا ـ تماما من الساحة السياسية المعاصرة، ما عدا بعض الاستثناءات، وذلك حين يكون الاحتلال واضحا، ومتفقا عليه دوليا، مثل حالة العراق، وفلسطين، وبلاد ألباسك وارلندا، على سبيل المثال. أي أن الشعوب الوحيدة التي هي في حاجة إلى جيش شعبي لتحريرها من الاحتلال العسكري، هي بالذات الشعوب التي لا تمتلك هيكلا “دوليا“. بمعنى أن أي شعب يتمكن من تحرير نفسه، وبناء الهيكل السياسي الذي يناسبه، لم يعد في حاجة إلى الجيش، أو المؤسسة العسكرية. ذلك ان الجيش كقوة تدميرية هو مجرد وسيلة، وليس غاية في حد ذاته. وعندما يؤدي مهمته التاريخية في التحرير، ليس له سوى أن ينحل ويندمج في المجتمع الذي أنتجه لهذا الهدف الوحيد بالذات. ولهذا السبب لا بد لنا أن نتساءل بجدية عن ضرورة تواجد الجيوش في دول العالم الثالث، وبالذات إذا أخذنا في الاعتبار ما سبق قوله عن تقدم الجيوش الرأسمالية، وشهيتها المفتوحة دائما في الاستحواذ على كل الثروات، والتحكم في مصادر الطاقة، الخ. وحين نأخذ في الاعتبار أن جيوش العالم الثالث لن تستطيع أن تواجه هذه الجيوش، ولا أن تحقق هدفها المعلن في حماية البلاد إذا ما هوجمت من قبل أية دول أوربية، أو أمريكية. ألا إذا افترضنا ـ بسوء نية مبيتة ـ أن مهمة الجيش في هذه البلدان هي حماية السلطة، وقمع الجماهير حينما تستيقظ من غفوتها، ومناوشة الجيران الفقراء كلما شب نزاع بين أميرين. ونحن لسنا إلى هذا الحد من سوء النية، غير أن صورة وزير الدفاع العراقي وهو يصرح عن قرب انتصار جيشه وهزيمة الجيش الأمريكي، رغم الدخان المتصاعد وراءه، والناتج عن بغداد وهي تحترق، ستبقى مطبوعة في الأذهان لعقود قادمة، ستبقى تعبيرا عن فشل هذا الجيش وقيادته، وتعبيرا عن عدم قدرته وعجزه، وأنه لم يكن يمتلك لا الإمكانيات الإنسانية، ولا الصناعية، ولا التنظيمية للقيام بمهمة الدفاع عن العراق. وذلك لأن مهمته كانت مهمة أخرى. وهذا المثال ينطبق بطبيعة الحال على كل الجيوش العربية والإفريقية، كما ينطبق أيضا على بعض جيوش دول آسيا وأمريكا الجنوبية. غير ان اختفاء الجيش العراقي، واختفاء وتحلل الهيكل السياسي، هو الذي وضع الشعب العراقي أمام مسئوليته الوحيدة، وهي الدفاع عن نفسه بنفسه. فبدأ في تنظيم المقاومة، مثلما فعل الشعب الفلسطيني والفيتنامي والجزائري من قبله. ونحن نعرف اليوم، وبطريقة علمية واضحة، أن المنتفع الوحيد من جيوش العالم الثالث، هو العالم الرأسمالي نفسه. إن دول أوربا الكبرى هي التي تبتلع ميزانيات ودخل العالم الثالث، مقابل الحديد، هذا من ناحية. ومن الناحية الأخرى، تستعمل الدول الرأسمالية هذه “الجيوش” في شن حروب محلية، أو جانبية لخدمة الرأسمالية نفسها، وجعل مناطق كاملة من الكرة الأرضية في حالة توتر مستمر، وقابلة للاشتعال في أية لحظة تشاء. وتبدو شبكة العلاقات الدولية كشيء بالغ التعقيد، وتحتاج إلى مئات المفكرين والمتخصصين، ليصلوا إلى صورة واضحة وكاملة لهذه العلاقات، بما فيها من مصالح اقتصادية متناقضة، وقوانين دولية، واتفاقات أممية وإقليمية. غير أن الحقيقة كما هي في عريها وبساطتها، واضحة ولا تحتاج سوى إلى حسن النية للوعي بوجودها. ولا نستطيع أن نطالب ـ ولا أقول ندّعي ـ بالحرية والديمقراطية دون أن نضع “الجيش” والمؤسسة العسكرية بأكملها ليس فقط “بين قوسين“، وإنما إلغاءها من الوجود نهائيا، والتخلص من هذه الآلة الجهنمية التي لم تنتج حتى اليوم سوى الجثث والخرائب. في تلك اللحظة فقط يمكن الحديث عن الحرية والديمقراطية والمساواة بين المواطنين. في هذه الحالة فقط يتخلص الإنسان العادي من الخوف المعشش في صدره ورأسه ومعدته. إن الشعب المعاصر الذي يتمكن بإرادة حرة من حل الجيش وتسريحه، ويحطم كل الأسلحة المتراكمة في معسكراته المختلفة، هو الشعب أو المجتمع الذي سيمثل في الواقع، وعلى المستوى العالمي أو الدولي، وعلى المستوى التاريخي، تقدما نوعيا لا تضاهيه أقوى الأسلحة النووية الحاضرة والقادمة. وسيمثل هذا المجتمع قفزة على المستوى الحضاري لا يمكن أن تظل بدون نتائج مستقبلية. غير أنه في انتظار تحقيق هذه المعجزة، اشرب قهوتك، وصلّ للأرض والسماء أن تقينا من شر العسكر.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي المحاصر
- الله والشاعر والفيلسوف
- عن الأسرة والكراسي
- طبيعة الكارثة
- مناورات لفك الحصا ر


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعود سالم - الخطوة الأولى لفك الحصار... تسريح الجيوش