أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم جوهر - اكليل محمد شتيه لمن يقدمه؟















المزيد.....

اكليل محمد شتيه لمن يقدمه؟


ابراهيم جوهر

الحوار المتمدن-العدد: 2655 - 2009 / 5 / 23 - 06:30
المحور: الادب والفن
    



محمد اشتية ! ما الذي أتى بك للّعب في حارتنا وعلى ساحتنا ؟؟!! لماذا غادرت ميدان البناء والأعمار والأقتصاد وجئت الى ميدان الكلمة والأدب والدلالة والشقاء ؟ لماذا تركت ميدان الوضوح والمال وجئت الى ميدان الرموز والخيال والأحلام الوردية التي نحياها تارة بالتصريح وأخرى بالتلميح ؟!

جئتنا تحمل اكليلا من الشوك!!! الله الله !!ما هذه الهدية يا محمد اشتية ؟؟!!

محمد اشتية نرحب بك في عالم الصدق والجمال ، حيث لا حدود ولا قيود . هنا تحلم ولا تجامل . هنا لاديبلوماسية ولا مداورة . الصدق مع الذات هنا هو الذي يدفع الكلمات لتخرج الى ساحة العلن والبهاء والنقاء

(( اكليل من شوك )) مجموعة قصص قصيرة أ صدرتها الدار العربية للعلوم – ناشرون – سنة 2008 لكاتبها محمد اشتية . المجموعة جاءت لتقول شيئا أو أشياء جديدة على صعيد المضمون ، ولتضيف لونا جديدا ، أو تجريبا على صعيد الشكل واللغة ، لنكتشف أننا أمام كاتب جريء عارف لما يريد ، مساير لحركة التغيّر السريع الذي يعصف باستقرار مجتمعنا ومعارفه وحتى قيمه وعاداته . من هنا جاء – مثلا – عنوان غريب ولطيف ومشوّق على الصفحة 23 ( دبليو دبليو دبليو دوت كوم ) لينسجم العنوان والمضمون في ايحاء واضح يشير الى الأنسان المعاصر الذي صار ت الآلة أقرب (( الناس )) اليه فتألّل !! وهذا الذكاء في التناول يثير الأعجاب ويعبر عن الواقع ، هذا الواقع الذي كان خزان أفكار الكاتب ومضامينه في قصصه العشرين .

( اكليل من شوك ) عنوان هذه المجموعة القصصية الشامل ، اذ لم يختر الكاتب عنوان احدى القصص ليعممه على بقية قصصه ، كما جرت العادة ، بل جاء عنوان وصفي موح وغريب . انه عنوان صادم ذو دلالة ؛ اكليل من شوك !! انه يصف أثر الشوك ، وخزه ، ألمه ، انتقاده ... لم يقل ( باقة ) فالباقة تطلق على مجموعة الورود . ولم يقل ( اكليل) من الورد ، فالأكليل يحمل في الجنازة ويوضع على قبر المتوفّى ، بل قال : ( اكليل ) وهنا رائحة الموت ( من
شوك ) وهنا معنى الوخز والخيبة والدمار والضياع والعبثية واللا معقول !!!
اكليل من شوك ، عنوان يستوقف القارىء فيحيره ويدفعه لمتابعة القراءة ؛ عنوان مشوق ودالّ وناجح . والعنوان يستدعي تساؤلات سريعة تتوارد :
هل هي الحياة / الخدعة ؟؟ أم هي الأحلام المتبخرة ؟؟ أم اكتشاف الكذبة الكبيرة ؟؟ أم ماذا ؟؟ فماذا حملت القصص
( الشوكية ) من مضامين ؟ وما الجديد فيها ؟ وأين أصاب كاتبها ؟ وأين أخفق ؟

تتوزّع مضامين ( اكليل من شوك ) على العالم بأسره كوطن للأنسان ، وهي تستعرض الأنسان ذاته بسلبياته وايجابياته ،وبرومانسيته وأحلامه ، وبظلمه وقسوته الوحشية وساديته . تستحضر الأنسان المقموع / المظلوم /
المحتل / الحالم بلقاء طبيعي ّعاديّ انسانيّ ، في مقابل القامع / الظالم / المحتل / الحالم بالقضاء على الآخر .

تتصارع المضامين وتتقابل وتتوازى ، فهي قائمة على الثنائية الضدية المتواجهة والمتصارعة .

لغة المجموعة جاءت متماوجة بين اللغة القصصية الفنية تارة ، ولغة المقال التقريرية أحيانا ، ولغة العلم الجافة ، أحيانا أخرى . فيها اللغة الفصيحة الشعرية المعبأة بالدلالات والأيحاءات ، وفيها اللغة المحكية الدارجة . لقد أخذت من الأساطير والأخبار مباشرتها ، ومن الشعر ايقاعه وروحه و وفاءه وحميميته . وقد تأطّرت بهموم الأنسان اطارا عاما لها ، وغاصت في تفاصيل انسانية صغيرة ، ومظاهر اجتماعية ثقلفية تغريبية .

الأنسان هو محور هذه المجموعة ؛ طفلا ، مثقفا ، مسافرا ، مقيما ، صاحب الأرض والحقوق ، والوافد الغريب السادي ... تنويعات انسانية عديدة لحالات قريبة وبعيدة تدور جميعها في الفلك الأنساني العام .

(( ما أرجوه أن لا تموت الحياة حيث هي الآن )) _ ص 10 _ هي جملة النهاية في قصة ( نزهة على القمر ) وهي
تلخص فكرة المجموعة جميعها : الدعوة لئلاّ تموت الحياة حيث هي الآن / على الأرض، وما المضامين التي احتوتها القصص العشرون الاّ تنويعات وتفصيلات لهذه الجملة بأبعادها وظلالها .


والكاتب يكثّف نهايات قصصه ، وكأنه يقول : العبرة في النهاية ، أو أنه يلفت النظر الى هدفه وغايته ، فالنهاية عنده تشبه نظام ( الخرجة ) في الموشح الأندلسي الذي يهتم به الوشّاح لأنه آخر ما يقرع أذن السامع . أما جملة النهاية لدى اشتية فهي آخر ما تمرّ عليها عين القارىء .
ومن أمثلة الجمل الختامية للقصص ، ما جاء في نهاية قصة ( الغرق مع امرأة جميلة ) : ( ما أحلى أن تكون مع جميلة ولو في قاع محيط ) _ ص15 _ ونهاية قصة ( دبليو دبليو ... ) حين تأمر فتاة (النّت ) فتاها : مكانك قف _ ص 30 _ ، وهي القصة التي تستعرض حال جيل اليوم المتسمّر أمام الشبكة العنكبوتية متخلّيا عن البيئة والناس ومصادقا الآلة . وفي نهاية قصة ( مصارعو السّومو) يودّع بطل القصة المدينة اليابانية بجملة ختامية ذات دلالة تستحضر مدنا تفتح أبوابها لمن لا يستحقون دخولها ، ( وداعا ايتها المدينة التي لا تتعرى الاّ لمن وضع نفسه في خدمتها _ص 62 _ ولو لم يكتب في القصة الا هذه الجملة لكفته !! لعمق دلالتها وايحاءاتها ولوجود معان قريبة لمرادها . أرأيت جمال الأ دب ؟! أما نهاية قصة ( النعجة دوللي) حيث تضيع اللحظة الرومانسية الجميلة المنتظرة ، رمز الحياة والهدوء والبساطة والجمال ، في ثنايا الأختراعات ، يسأل الراوي غير محدد الأسم محاوره الآخر غير محدد الأسم أيضا :
( هل تتزاوج الرومانسية مع التكنولوجيا ؟ النعجة دوللي أخذت عقلك ! قوم يللا ) – ص 83 – وهنا يضع الكاتب هذين المحورين في مقابلة غير متوازية ويبيّن أحدهما على الآخر ، وهذا امتداد للصراع الذي بدأه بين الأرض والقمر / والأنسان واحتلال الحرية / الصغائر من الأمور والعظيم منها / رقعة الشطرنج والدنيا ...

ويعرّج الكاتب علىموضوعة المرأة وموقف الرجل منها . فقصة الممكن واللاممكن تنتهي في ص 100 بجملة ( يعني
معقول نمشي وراء امرأة حتى لو في ايدها الحل ؟) ، أما قصة بوابة اللاعودة فينهيها بجملة ( سأواصل البحث ) ص134 ، أي البحث في سبب سكوت البشر عن جرائم البيض ضد أهل أفريقيا .
ويظهر الكاتب هموما ثقافية فلسفية ذات عمق محفّز على التفكير وهدف داع الى التثقيف ، فجاءت بعض المضامين فلسفية الطابع الى جانب المضامين الوطنية والسياسية والأجتماعية .

محمد اشتية في اكليل شوكه يفاجئنا كقراء مرتين ؛ مرة بأسلوبه وعمق طرحه وتناوله وجرأة انتقاده ، ومرة بتعرفنا عليه أديبا ذا حسّ جمالي لم تشوّهه لغة الأرقام وأفكار الأقتصاد . وكما يجمع في شخصيته هذين الجانبين ، فاننا قد وجدنا انعكاس ذلك واضحا في اكليله هنا .



#ابراهيم_جوهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع تميم البرغوثي في ديوانه-في القدس-
- خذوا خنازيركم وارحلوا
- يحيى يخلف في -ماء السماء- الحياة والأمان في الوطن فقط


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم جوهر - اكليل محمد شتيه لمن يقدمه؟