أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كرم الحلو - الفقر وتناقض الثروة في العالم العربي















المزيد.....

الفقر وتناقض الثروة في العالم العربي


كرم الحلو

الحوار المتمدن-العدد: 161 - 2002 / 6 / 15 - 07:53
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في القرن الأخير من الألفية الثانية، وبالتحديد في العقود الأخيرة من هذا القرن، حققت البشرية قفزة هائلة في الاقتصاد والانتاج في موازاة الثورة العلمية والتكنولوجية الحديثة. فقد ارتفع الناتج الاجمالي العالمي من 3 آلاف مليار دولار في العام 1960 الى 5،28423 مليارا في العام 1998. وحصل في السنوات الأخيرة من القرن العشرين، وفق تقرير التنمية البشرية لعام 2001 تقدم ملحوظ في اكثر من مجال، بحيث تراجعت (بين عامي 1990 و1998) نسبة الفقراء المدقعين وانخفض عدد الذين يعانون من نقص التغذية ومعدل وفيات الرضع والوفيات النفاسية في حين ارتفع معدل القيد في التعليم الابتدائي في اكثر من 70 دولة وأصبح بإمكان 80 في المئة من سكان العالم النامي الحصول على مصادر مياه محسنة.
وحصل تقدم مواز على مستوى العالم العربي حيث ارتفع نصيب الفرد من الدخل القومي العربي من 900 دولار في العام 1970 الى نحو 2220 دولارا في العام 1998، وارتفع العمر المتوقع من 5،45 سنة في 1960 الى 66 سنة في 1998 وهبط معدل وفيات الرضع من 166 في الألف الى 55 في الألف في خلال الفترة ذاتها، كما ارتفع معدل القراءة والكتابة من 31 في المئة الى 6،59 في المئة، وزاد نصيب الفرد من السعرات الحرارية.
لكن على رغم كل هذا التقدم يظل الفقر واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء من أعقد الاشكالات الموروثة من القرن الماضي والتي تواجه الانسانية في بداية هذا القرن مهددة بالمزيد من الصراع والتناقض وتبديد الآمال، حتى أن تقرير التنمية البشرية لعام 2000 رأى ان القضاء على الفقر لم يعد تحديا إنمائيا فحسب بل بات يمثل تحديا ايضا في ما يتعلق بحقوق الإنسان. لأن التحرر من الفقر البشري وتمتع جميع الناس بحقوق متساوية وبمستوى معيشي لائق هو هدف اساسي للتنمية البشرية. ف <<الفقر المدقع والاستعباد الاجتماعي يشكلان انتهاكا لكرامة الانسان>> على ما جاء في مؤتمر فيينا لحقوق الانسان في العام 1993.
وأعطي الفقر بهذا المفهوم معنى اشمل وأوسع من مجرد الافتقار الى الدخل الذي يمثل وجها واحدا، وإنْ مهماً من حقوق الانسان التي يجب ان تشمل توسيع القدرات المهمة لجميع الاشخاص وهي ان يعيش المرء حياة مديدة وصحية وخلاقة، وأن تكون لديه معارف وأن يتمتع بمستوى معيشة لائق وبالكرامة وباحترام الذات واحترام الآخرين.
من المنظور نفسه ذهب تقرير التنمية البشرية لعام 2001 الى ان التنمية البشرية تتعلق ب <<توسيع مجال الخيارات المتاحة للناس كي يحبوا الحياة... وأن يحيوا حياة منتجة ومبدعة تتوافق مع حاجاتهم ومصالحهم>>.
لكن التقرير ذاته أشار الى ان تحديات التنمية البشرية بهذا المفهوم لا تزال كبيرة في الألفية الجديدة إذ لا تزال في عالمنا مستويات غير مقبولة من الحرمان في حياة الناس. فمن 6،4 مليارات شخص في الدول النامية اكثر من 850 مليونا لا يعرفون القراءة والكتابة ونحو مليار شخص يفتقرون الى المياه المأمونة و325 مليون طفل خارج المدارس و11 مليون طفل يموتون سنويا من اسباب ممكن تجنبها.
لا يقتصر الفقر على الدول النامية. ففي دول الشمال بالذات اكثر من 130 مليون فقير و34 مليون عاطل عن العمل و5 ملايين من دون مأوى. ووفق تقرير التنمية البشرية لعام 2000 يعيش تحت خط الفقر 17 في المئة في الولايات المتحدة و13 في المئة في ايطاليا و12 في المئة في استراليا و11 في المئة في كندا وبريطانيا.
وثمة لا مساواة فادحة ومتعاظمة في توزيع الثروة العالمية، فقد كان عدد فقراء العالم 400 مليون في العام 1970 ونحو 900 مليون في العام 1975 وفق تقدير البنك الدولي، واستمر هذا العدد يتصاعد حتى بات في عالمنا الآن 2،1 مليار نسمة يعيشون على أقل من دولار يوميا و8،2 مليار نسمة على أقل من دولارين في اليوم. وتشير آخر الدراسات الاقتصادية الى ان 25 في المئة من سكان العالم يحصلون على 75 في المئة من الدخل العالمي، والى ان 10 في المئة من سكان الولايات المتحدة يزيد دخلهم عن دخل ال43 في المئة الأكثر فقرا في العالم. وفي الوقت ذاته بلغت ثروة أغنى 200 ملياردير في العام 1998، 1135 مليار دولار، اي ما يعادل دخل 47 في المئة من سكان العالم الأكثر فقرا، في حين اتسعت الفجوة بين خمس العالم الأغنى وخمسه الأفقر من 1 إلى 30 في العام 1960 الى 1 الى 74 في العام 1998.
كما أن ثمة علاقة بيّنة بين الفقر البشري والجغرافيا حيث يتركز الفقر في الأرياف وفي احزمة البؤس المحيطة بالمدن، ويقل في الحواضر. ويبدو الفقر في صورته الصارخة في بعض القارات والأقاليم. فما يزيد عن 76 في المئة من سكان آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية فقراء، 39 في المئة منهم يوسمون كمشردين.
في هذه اللوحة المتناقضة والقائمة لبداية القرن الحادي والعشرين يمثل الفقر البشري احد التحديات الأساسية التي يواجهها العرب في تاريخهم المعاصر، فأكثرية البلدان العربية ذات الثقل السكاني تقع في مرتبة متأخرة من حيث التنمية البشرية بين دول العالم من تونس 89 الى السودان 138 وفي العالم العربي 100 مليون فقير بما في ذلك 73 مليونا على الأقل تحت خط الفقر، اضافة الى 10 ملايين عاطل عن العمل.
وتشير أبحاث ودراسات عدة الى انهيار الطبقة الوسطى العربية التي كانت مطلع القرن العشرين تشكل فئة ضئيلة من السكان الذين كانوا ينقسمون الى عامة الأكثرية الساحقة وخاصة اقلية ضئيلة، ثم اخذت تتنامى بنشوء التعليم والمهن الحرة ونشوء الشركات والمؤسسات الصناعية والتجارية وبتزايد وظائف الدولة، حتى باتت تمثل شريحة اساسية في المجتمع العربي. ولقد أدى انهيار هذه الطبقة الى تراكم الفقراء العرب في احزمة البؤس المحيطة بالمدن العربية التي باتت تشكل وفق تقرير التنمية البشرية لعام 2000 اكثر من 56 في المئة من العرب، والى تفاقم الهوة بين الأغنياء والفقراء منذ الثمانينات من القرن الماضي بسبب تراجع الدولة عن بعض فضاءات القطاع العام وبسبب الخصخصة وحرية السوق.
لقد كان من الطبيعي مع النمو السكاني المرتفع 8،2 في المئة اضافة الى اعتماد العرب بنسبة 70 في المئة على الواردات الغذائية من الدول المتقدمة، حتى ان الفجوة الغذائية فاقت 8،14 مليار دولار عام 1989، ومع تراكم الدين العربي الذي باتت خدمته تستأثر بحصة كبيرة من الناتج القومي الاجمالي، وفي ظل الانفاق العسكري الكبير، وضآلة مشاركة المرأة العربية في الانتاج. كان من الطبيعي ان يصبح الفقر من الظواهر الأساسية المهددة لمستقبل العالم العربي، والمربكة للأكثرية من أقطاره وطبقاته الدنيا.
على صعيد الأقطار، ينقسم العالم العربي الى مجموعات من حيث الثروة والفقر: مجموعة الأقطار النفطية الغنية وتضم مجلس التعاون الخليجي وليبيا، ومجموعة الأقطار المتوسطة الدخل وتشمل مصر والعراق والأردن وسوريا والمغرب وتونس والجزائر، والأقطار الفقيرة وتشمل السودان واليمن والصومال وجيبوتي وفلسطين.
أما على مستوى الدخل الاجمالي للفرد في العالم العربي كما ورد في تقرير التنمية البشرية لعام 2000 فيتراوح دخل الفرد بين 280 و290 دولارا في اليمن والسودان و20200 دولار في الكويت. ومع ذلك فالفقر بمفهومه النسبي وليس بمفهومه المطلق، ظاهرة موجودة في بلدان الخليج.
ويشير تقرير التنمية البشرية لعام 2000، الى التضاؤل المستمر لنصيب الفقراء من الدخل القومي العربي قياسا الى الاغنياء. فإذا اخذنا افقر 20 في المئة من السكان نجد ان نصيب الفقراء نسبة الى الأغنياء، 9،5 الى 3،46 في تونس و7 الى 6،42 في الجزائر و8،9 الى 39 في مصر و6،6 الى 3،46 في المغرب و1،6 الى 1،46 في اليمن و6،7 الى 4،44 في الاردن.
هذه الأرقام كافية في حد ذاتها للدلالة على فداحة التفاوت الاجتماعي وعلى ضآلة نصيب الفقراء من الدخل القومي العربي، وهي تأتي مؤكدة انقسام العالم العربي الى طبقات على عكس الدراسات الاستشراقية التي حاولت وتحاول طمس هذه الحقيقة بتأكيدها الانقسامات العرقية والقبلية والطائفية من دون سواها من الانقسامات والتناقضات.
من هذا المنطلق توجه باحثون عرب منذ خسمينات القرن العشرين الى دراسة الطبقات الاجتماعية المكونة للمجتمعات العربية وإلى رصد التحولات الطبقية الراهنة في كل قطر من الأقطار العربية.
وبالاستفادة من هذه الدراسات فإن المجتمعات العربية تميزت بالانقسامات الطبقية الحادة، اضافة الى الانقسامات الفسيفسائية الاخرى. فسعد الدين ابراهيم يرى ان نظام الانقسام الطبقي هو من أبرز ملامح النظام الاجتماعي العربي الجديد.
ويرى حليم بركات في احدى الدراسات الاجتماعية الحديثة (المجتمع العربي المعاصر في القرن العشرين، مركز دراسات الوحدة العربية، 2000) ان فجوة عميقة واسعة ومتزايدة تفصل بين الأغنياء والفقراء في البلدان العربية كافة، أكان بالنسبة الى توزيع ملكية الاراضي والعقارات او توزيع الثروة، او احتلال مواقع النفوذ والمكانة الاجتماعية. وبذلك تكون البنية الطبقية في المجتمع العربي ككل، بنية هرمية تتشكل قاعدتها الواسعة من الطبقات الدنيا.
وفي دراسة حديثة اخرى يرى عبد الرزاق الفارس (الفقر وتوزيع الدخل في العالم العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، 2001) ان الفقر ظاهرة عامة في العالم العربي وإن تكن متركزة بشكلها الواسع والعميق في الأرياف، وأن هذه الظاهرة متلازمة مع الأمية ومع التفاوت الكبير في المداخيل خصوصا في الأقطار الفقيرة والمتوسطة الدخل.
وفي أحدث الدراسات في هذا المجال (الدولة والقوى الاجتماعية في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية 2001) تتناول ثناء فؤاد عبد الله التكوينات الاجتماعية والطبقية العربية وتستنتج ان اللامساواة ما زالت قائمة في المجتمع العربي بصورة سافرة، وأن البنية الطبقية لا تزال بنية هرمية، وأن العلاقة بين الطبقات هي علاقة تناقض وتنافس غير متكافئ.
اهم ما يمكن استنتاجه من كل هذه الدراسات والأبحاث هو ان المأزق الطبقي والاجتماعي بات يهدد المجتمع العربي تهديدا حقيقيا والخروج من هذا المأزق ممكن من خلال تدارك في بنية المجتمع العربي ب:
أ تصحيح الخلل الفظيع في توزيع الثروة الوطنية والقومية وتحمل النخبة الثرية العربية مسؤولياتها في تنمية مجتمعاتها بتشغيل رؤوس الأموال المهاجرة في مشروعات يفيد منها الفقراء بدل توظيفها في الخارج.
ب تحول المجتمع العربي من مجتمع مستهلك الى مجتمع منتج.
ج الحد من الانفجار السكاني تضاعف العرب 8 مرات في خلال القرن العشرين وتضاعفوا مرتين تقريبا بين عامي 1975 و1998 ويتوقع ان يصل عدد السكان العرب الى 365 مليونا في حدود عام 2015.
هذه المبادئ والمنطلقات تشكل أساسا لتحول جذري في البنية الاقتصادية العربية، يمهد لمستقبل عربي غير مهدد، وينزع من داخل المجتمع العربي كل اسباب الصراعات الاجتماعية والطبقية التي قد تشكل، اذا لم يعالج معالجة جدية، الصاعق الذي سيفجره ويبدد كل الآمال بأزمة عربية افضل وأكثر أمنا للأجيال المقبلة.
() كاتب لبناني
جريدة السفير


#كرم_الحلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سب ...
- استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية ...
- بلينكن ناقش محادثات السلام مع زعيمي أرمينيا وأذربيجان
- الجيش الأميركي -يشتبك- مع 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأحمر
- ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة ...
- وفد من حماس إلى القاهرة وترقب لنتائج المحادثات بشأن صفقة الت ...
- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كرم الحلو - الفقر وتناقض الثروة في العالم العربي