أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سلمى العابدي - رد على الرفيق فؤاد الهلالي















المزيد.....



رد على الرفيق فؤاد الهلالي


سلمى العابدي

الحوار المتمدن-العدد: 2644 - 2009 / 5 / 12 - 08:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



ا- في أسباب النزول

أقدم الرفيق فؤاد الهلالي وهو عضو قيادي سابق في تنظيم النهج الديمقراطي بتاريخ 1 غشت 2008 على مراسلة فروع النهج الديمقراطي حول ما أسماه تقييم الملتقى الوطني الثاني للنهج الديمقراطي. وقد استهل تقييمه في الصفحة الأولى بعبارة إلى كافة مناضلي و مناضلات النهج الديمقراطي و فيها تكثيف شديد للأسباب الحقيقية و العميقة المعلنة و حتى غير المعلنة لتبرير أسباب إقدامه على بعث تقييمه للمؤتمر الثاني بسرعة فائقة مباشرة بعد انتهاء المؤتمر في 20يوليوز 2008. ثم انتقل بعد ذلك إلى تحليل و نقد تنظيم النهج الديمقراطي النهج الديمقراطي من زاوية أحادية و ذلك بعنوان : بصدد نظرية السيرورات الثلاث حيث نجد تقديم عام حول نقد الأسس النظرية للسيرورات الثلاث.

الجزء1: قراءة نقدية في مشروع ورقة حول الوضع السياسي.
الجزء 2: قراءة نقدية لوثيقتي مشروعي المقرر التنظيمي و العمل الجماهيري.
و أخيرا : على سبيل الخاتمة.

إن الهدف الأساسي للرد و مناقشة الرفيق الهلالي هو وضع الحقائق كما جرت أمام مناضلينا و مناضلاتنا و دحض و رفض المغالطات و الأفكار الخاطئة و الممارسات اللامسؤولة بهدف تطوير تجربة تنظيمنا و بالتالي لجزء من حركة شعبنا و بذلك فان هذا الرد سيكون بعيدا عن السجالات و المهاترات العقيمة و بعيدا عن البولميك أو تصفية حسابات معينة أو تجريح لشخص معين مهما تكن أخطاءه.

وقبل مناقشة ما ذهب إليه لرفيق الهلالي لابد من إبداء الملاحظات الجوهرية التالية:
1- إن النقاش و النقد و النقد الذاتي... داخل التنظيم و بآليات تنظيمية ظل دائما مفتوحا في وجه جميع مناضلينا و مناضلاتنا بل أكثر من ذلك هو واجب نضالي على عاتق الجميع لخدمة و تطوير تنظيمنا و في هذا الإطار يأتي الرد على الرفيق فؤاد الهلالي.
2- إن الرفيق فؤاد االهلالي كان عضوا في قيادة النهج الديمقراطي على الأقل مند 8 سنوات إلى غاية 20 يوليوز 2008 و بالتالي كان من موقع يؤهله لمناقشة و طرح كل الأفكار و المواقف و التصورات التي يراها بل و له الإمكانيات لتنفيذها.
3- إن جميع تحاليل و مبادرات النهج الديمقراطي السياسية ساهم فيها الرفيق فؤاد الهلالي و لم يسبق نهائيا أن وقع تعارض أو صراع بينه و بين رفاقه في قيادة النهج بل بالعكس كانت كل أفكاره و أرائها الخاصة تلقى التجاوب و الدعم من طرف رفاقه في القيادة فهو بذلك ساهم بشكل مباشر وبدون تحفظ أو معارضة في المسار الذي سار فيه النهج الديمقراطي بقرارات جماعية.
4- إن الرفيق فؤاد الهلالي كان عضوا في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثاني للنهج منذ أول اجتماع لها في أكتوبر 2007 و كان أيضا منسقا لإحدى لجن التحضير للمؤتمر الثاني و هي لجنة الإطار المرجعي و لم يسبق له أن طرح تحاليله الواردة في هذه الوثيقة بينما عرفت اللجنة التي كان منسقا لها فشلا في عملها.
5- إن الرفيق فؤاد الهلالي لم يواكب عملية التحضير للمؤتمر الثاني بالجدية و المسؤولية المطلوبة من قيادي مثله حيث تغيب عن اجتماعات أجهزة النهج و عن أشغال اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثاني في الأشهر الأخيرة قبل المؤتمر منذ مارس 2008 إلى غاية يوليوز 2008.
6- إن الرفيق قام بتقييمه الخاص الفردي بينما تنظيم النهج يقوم حاليا بتقييم جماعي موضوعي و أكثر من هذا سمح لنفسه بتعميمه على الجميع خارج أية ضوابط تنظيمية و الرفيق الهلالي الذي تربى في التنظيم يعرف جيدا مدى خطورة فتح الباب أمام ممارسات من هذا النوع و للمزيد من التوضيح فقد قام الرفيق الهلالي وجهة نظره الخاصة على من كان حاضرا في المؤتمر و على الأغلبية التي لم تكن حاضرة في المؤتمر و أيضا على المناضلين و المناضلات الشباب أو الجدد بالفروع و القطاعات و الذي لا يتوفرون على المعطيات الحقيقية و بالتالي يمكن أن تنطلي على أحدهم تقييماته الخاطئة و غير الموضوعية و التي يمكن أن تسبب أضرار للتنظيم هو في غنى عنها, فهل أصبح الرفيق الهلالي يحمل معاول هدم التنظيم الذي ساهم في بناءه.
7- إن التقييم الذي قام به الرفيق الهلالي اعتمد منهجا غير دقيق و خاطئ تماما حتى لا نقول غير علمي فهو :
أ- ينطلق من مغالطات غير موجودة أصلا.
ب- غير شمولي للمؤتمر الذي انطلق الإعداد له منذ عدة أشهر.
ج- اعتمد أسلوب التأويل و محاكمة النوايا بدل الوثائق و الحقائق و الوقائع كما حصلت فعلا.
د- الحديث عن المجهول بدل ذكر الأسماء و الأشخاص أو على الأقل الأجهزة و تحديد المسؤوليات بوضوح.
ه- اعتماد أسلوب النقد و هو مقبول بل واجب مع غياب تام للنقد الذاتي لعضو قيادي مثله ارتكب أخطاء لا تغتفر.
و-اعتمد طرح الإشكالات و الأسئلة الحقيقية و حتى غير الحقيقية بل و أحيانا حتى الأسئلة الميتافيزيقية دون تقديم أجوبة عنها. في الوقت الذي يجب على أية حركة تقديم أجوبة سياسية و إيديولوجية محددة في الزمان و المكان بدل الفراغ الذي سيقود حتما إلى الانهيار.

II – مناقشة وثيقة الرفيق فؤاد الهلالي الصادرة بتاريخ 1 غشت 2008.
في البداية لابد لكل مناضل (ة) أن يستغرب كون الرفيق الهلالي أقدم على تقييمه للمؤتمر بهذه السرعة الفائقة لأن أشغال المؤتمر انتهت يوم 20 يوليوز 2008 و الوثيقة تتطلب مجهودا كبيرا قام به الرفيق الهلالي مما يعني أن للرفيق أفكارا و أراءا منذ مدة و لم يطرحها على قيادة النهج الديمقراطي و باقي الأجهزة و لم يطرحها أيضا على اللجنة التحضيرية للمؤتمر و السؤال الكبير الذي ينتصب أمامنا : لماذا لم يقم بذلك؟ فهل هناك نية مبيتة لتأزيم التنظيم و إفشال المؤتمر؟ أما إذا انتقلنا إلى نقاش الوثيقة فان الصفحة الأولى منها بعنوان إلى كافة مناضلي و مناضلات النهج الديمقراطي فإنها عبارة عن تكثيف و تركيز شديد للمبررات و الدوافع التي جعلت الرفيق يكتب تقييمه حيث نجد نماذج دالة عن الأسباب الحقيقية التي حركت الرفيق الهلالي وردة فعله على نجاح المؤتمر فهل كان يريد إفشال المؤتمر؟ فلنأخذ أمثلة عن المبررات و الدوافع فقد كتب ما يلي :
> الفقرة 3.

ان هذه الفقرة خاطئة تماما و مخالفة للصواب و متحاملة على التنظيم فهي تتحدث بصيغة المجهول عن نظرة معينة صاحبت التهيئ للمؤتمر و الحال أن اللجنة الوطنية و اللجنة التحضيرية هي التي رسمت خطة المؤتمر على بعد سنة تقريبا و إذا كان رفاق بعينهم حاضرين بقوة في التحضير فهذا يجب أن نحييهم عليه لأنهم تحملوا مسؤولياتهم كاملة و زيادة و إذا كان آخرون غائبين فإنهم وحدهم يتحملون مسؤولية ذلك مما يعني انعدام المسؤولية و الإخلال بالثقة التي وضعها فيهم رفاقهم و رفيقاتهم و هم من يجب أن يحاسبوا و ينتقدوا لأن التنظيم كله حرم من مساهماتهم. أما عبارة من انتظروا لحظة المؤتمر الخ.. فإنها تفيد آراء المناضلين في المناطق البعيدة لم تتح لهم فرصة الإدلاء برأيهم و هذا غير صحيح لأن الفروع توصلت بمشاريع وثائق المؤتمر ابتداءا من شهر فبراير 2008 وكان لهذه الفروع الوقت الكافي لنقاشها و اغتناءها بالملاحظات أو حتى المساهمة بأطروحة متكاملة مخالفة و الفروع التي أرسلت ملاحظاتها فقد تم دمج أغلبها في المشاريع المقدمة للمؤتمر و بذلك لا مجال للحديث عن انتظار لحظة المؤتمر .. لأن المؤتمر محدود زمنيا و مكانيا بحضور عدد كبير من المؤتمرين و التحريض استمر لمدة سنة مما يتيح فعلا إمكانية التأثير و الصراع الفكري و السياسي و الإيديولوجي و هذا التصور للمؤتمر عند الرفيق الهلالي أسقطه في أخطاء جسيمة مثلا:
- في إحدى لجن المؤتمر و بعد تسجيل لائحة المتدخلين و بعد أن أخبر المسير بضرورة تقسيم مدة التدخلات على عدد المسجلين في اللائحة رفض الرفيق الهلالي ذلك و أصر على أن يأخذ الكلمة بدون تحديد للوقت إلى ما لا نهاية... مما جعل الرفيقات و الرفاق في هذه اللجنة بتلقائية ينتفضون ضده. فهل يوجد في العالم في أية منظمة من يأخذ الكلمة لأكثر من ساعة و يرفض تحديد الوقت لتدخله؟

- هل نسي الرفيق الهلالي أن أغلب مناضلي و مناضلات النهج الديمقراطي يناضلون في إطارات جماهيرية متعددة و هذه الإطارات تعقد مؤتمراتها المحلية و الوطنية و أن لهم خبرة لا يستهان بها في تدبير أوقات المؤتمرات و يعرفون مسبقا أن أطول تدخل لن يتجاوز 5 دقائق و أن المؤتمر يتم التحضير له مدة كافية و إلا ما فائدة اللجنة التحضيرية؟

- إن ممارسة الرفيق الهلالي غير واقعية و لا عقلانية و هي تدفع بالتنظيم كله نحو المجهول و تفتح أمامه أبواب جهنم.

كذلك يكتب الرفيق الهلالي في الفقرة 4 :ًً>

هذا اتهام خطير و غير موضوعي و يخفي نقد من فشل في عرقلة السير العادي للمؤتمر فكيف ذلك؟، ان الحد الأدنى أو الأقصى من الديمقراطية كان متاحا للجميع و ذلك من خلال التهيئ و التحضير للمؤتمر من خلال اللجنة الوطنية و اللجنة التحضيرية و التي تضم أيضا الدوائر و تمثيلية شبابية و نسائية ثم إشراك الفروع حيث فتح النقاش على مصرعيه أمام الجميع و لم يمنع أي احد من الكلام مع احترام الوقت الذي حسم فيه المؤتمرون أنفسهم و ليس المسير وحده. و انه لمن المخجل حقا أن يكتب الرفيق الهلالي هذا الكلام الخاطئ و المتحامل على تنظيمه، و الأخطر من هذا يستعمل عبارة التسيير الحديدي ... لغة الخشب ... التوجهات... الخ.

أولا التوجيهات من طرف من؟ فهو يحيلنا على المجهول، ثانيا المسير أو لجنة رئاسة المؤتمر اختارها المؤتمر ترأسها رفيق لا أحد يجادل في سعة صدره و في تواضعه و في حنكته و خبرته و هو المناضل الذي أعطى ما لا يمكن لأحد أن يتصوره من حياته و شبابه للتنظيم و بذلك استحق عن جدارة احترام و تقدير كل المؤتمرين و المؤتمرات و هو ابعد ما يكون عن لغة الخشب التي يستعملها الرفيق الهلالي حين يستعرض عضلاته أمام المناضلين المبتدئين ، و الغريب ان الرفيق الهلالي يعرف كل هذا عن المسير ، فليس من أخلاق المناضلين التجريح بهذه الطريقة التي اقل ما يمكن القول عنها أنها غير صحيحة، و يختم الرفيق الهلالي هذه الفقرة : <<ب الديمقراطية الغائب الأكبر و قد تم التنكيل بها و محاصرتها>>.

و هذا أيضا غير صحيح و هذا كلام خطير و قد بينا ذلك في البداية لأنه ببساطة لم يحرم أي مناضل أو مناضلة من ممارسة حقوقه كاملة و للمزيد من التوضيح نذكر الرفيق الهلالي بان أغلبية الحاضرين في المؤتمر متمرسين على التنظيم و المؤتمرات و لهم من الاستقلالية و النزاهة الفكرية و الأخلاقية مما يجعلهم يكونون بالمرصاد لمن يريد التنكيل بالديمقراطية و محاصرتها كما يدعيه الهلالي.

و هنا لابد من إعطاء مثال آخر عن ممارسة الديمقراطية أثناء المؤتمر و التي لا تريق للرفيق فؤاد الهلالي، في لحظة التصويت على مسطرة انتخاب القيادة الجديدة للنهج الديمقراطي بين مقترحين التصويت بالاقتراع السري المباشر أو لجنة الترشيحات. صوت المؤتمرون و المؤتمرات بالأغلبية على مقترح لجنة الترشيحات و رفض مقترح الهلالي بالتصويت السري المباشر (الأقلية)، فهل كان ينتظر أن نطبق قرار الأقلية؟...، فهل هذه هي الديمقراطية التي يبحث عنها ؟.

و هنا ورفعا لكل لبس يجب استحضار الخطأ الجسيم الذي ارتكبه الرفيق الهلالي باقتراحه لحظة المؤتمر التصويت السري المباشر، إن هذا المبدأ جميل و نبيل فلماذا لم يطرحه للمناقشة و توفير الشروط لنجاحه قبل المؤتمر؟ و هل يعتقد الرفيق الهلالي إن تطبيق لحظة المؤتمر كان سيقدم التنظيم؟ أم كان سيدفعه نحو المجهول ؟، ألم يستشعر الرفيق الهلالي خطورة ما يقوم ؟، إن المؤتمرين و المؤتمرات كانوا على دراية و حس نضالي عالي و غيرة كبيرة على التنظيم في اختيارهم في هذه اللحظة بالذات التصويت على لجنة الترشيحات و ذلك على الأقل لسببين رئيسيين :
* تقنيا: كان يجب الإعداد القبلي للتصويت السري المباشر.
* سياسيا : فرز قيادة بالصدفة و العشوائية، و نحن لا نؤمن بالمعجزات كما لا نؤمن بدفع التنظيم نحو المجهول و ربما الإجهاز عليه.

يكتب الرفيق الهلالي كلاما خطيرا من قبيل :

<< قلة تعتبر نفسها فوق الهياكل و مؤتمنة لوحدها على النهج الديمقراطي.. >>.
وهذا أقل ما يقال عنه انه اتهام خطير و رخيص و استخفاف و تحقير لباقي أعضاء و عضوات النهج الديمقراطي.

وفي الفقرة الأخيرة من الصفحة الأولى يكتب: << و لأنني لا أقبل الاهانة وأفضل السباحة ضد التيار على أن تمس حقوقي ... و مواقفي كان على المؤتمر نقاشها >>.

و في الحقيقة أن هذه الفقرة التي تفسر رد فعل الرفيق الهلالي و هي عبارة مغرقة في الذاتية و بالتالي أعمته عن النظر إلى الأمور بموضوعية.

ولابد أن يعرف الجميع بالمناسبة إن الرفيق الهلالي كان يحظى باحترام الجميع داخل كل أجهزة النهج و بين مناضليه و لم يسبق أبدا منذ سنوات أن تعرض الرفيق إلى اهانة أو بمس بحقوقه الأولية و ليس هناك في التنظيم من له نية مسبقة أو سيئة نحوه، أما الاختلاف في الأفكار أو في التقدير أو في الصراع الفكري السياسي – الاديولوجي فهو دائما مفتوح أمام الجميع و بدون استثناء و الحديث عن الاهانة غير وارد على الإطلاق و المؤتمرين و المؤتمرات ساهموا جميعا في إيصال قطار المؤتمر الثاني إلى محطته الأخيرة برزانة و مسؤولية و ليس بتهور.

وكان على الرفيق الهلالي التحلي بقسط من الموضوعية و يهنئ باقي رفاقه و رفيقاته على هذا الانجاز لان في النهاية انجاز التنظيم الذي سامنا جميعا عبر مسيرة طويلة و مجهودات جبارة و تضحيات جسام في بنائه و استمراريته.

و الآن سنحاول تناول نقد الرفيق و تقييمه لوثائق النهج الديمقراطي خلال المؤتمر الوطني الثاني، مع التأكيد على أن كل الآراء و التحاليل يمكن إن تكون قابلة للمناقشة و الاخد و الرد و هي مهمة ما تزال مطروحة على التنظيم، و لنعتبر هذا الرد بمثابة انطلاقة فعلية لنقاش أعمق و أوسع في باقي القضايا و الإشكاليات.

و كتب الرفيق الهلالي فؤاد تحت عنوان " بصدد نظرية السيرورات الثلاث المنطلقات و الانزلاق"

إن مساهمة الرفيق و بغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبها و التي اشرنا إليها سابقا تبقى مهمة و اجتهاد نظري و سياسي قابل للنقاش و الاخد و الرد من خلال أجهزة النهج الديمقراطي إذا كان فعلا الهدف منها هو تطوير خطنا السياسي و الاديلوجي و تقدم التنظيم نحو انجلز مهامه التاريخية التي يطمح إليها و ليس تغطية عن العجز و الفقر و الهروب إلى الأمام... أمام تعقد الأوضاع الذاتية و الموضوعية.

واذا رجعنا الى الوثيقة التي كتبها الرفيق فاننا يجب ان نتفق معه وهو يقر فعلا بانه لا وجود لوثيقة او مقال او أطروحة تحمل اسم " نظرية السيرورات الثلاث" في جميع ادبيات النهج و بالتالي فهو اجتهاد شخصي من خلال قراءته الخاصة لوثائق النهج و بالتالي تبقى تفسيراته و استنتاجاته خاصة به بل ابعد من ذلك صنع الرفيق الهلالي خلاصات و استنتاجات خاطئة و غير متداولة حتى داخل النهج الديمقراطي ليسهل الهجوم عليها و تحطيمها و يظهر بالتالي كأنه المنقذ من الضلال، في الوقت الذي لا تشير وثائق النهج الى اغلب ما ذهب اليه الرفيق و أول ما يجب تسجيله و نحن بصدد مناقشة ما كتبه الرفيق هـ.ف. هو لماذا انتظار انتهاء المؤتمر الوطني للجهر بالخلاف حول السيرورات الثلاث و التي كنا نتداولها منذ سنوات خاصة و ان الرفيق الهلالي فؤاد كان عضوا في الكتابة الوطنية و لم نسمع عنه أدنى انتقاد للسيرورات الثلاث. فهل حدثت تطورات جذرية في الواقع الموضوعي أو في المجال النظري؟ أم هناك تحولات فردية ذاتية ادت الى تغير نظرة الرفيق الى هذا الموضوع؟أم حدثت طفرة فكرية نوعية لديه؟ أم ان ما كتبه هو فقط و بكل بساطة تبرير لتراجع استراتيجي لديه ان صح التعبير تحت غطاء نظري؟ و سنحاول تبيان ذلك من خلال استمرارنا في مناقشة ما كتبه بكل جدية و موضوعية – على الأقل من خلال نماذج-

يشير الرفيق في معرض تقديمه لنظرية السيرورات الثلاث ص 2 الفقرة الرابعة الى " الأزمة التي يتخبط فيها النهج كون هذه النظرية أصبحت كابحا أساسيا لتطوره و نموه الطبيعي". لابد من التأكيد في البداية الى أن أزمة اليسار و ليس النهج وحده هي أزمة عالمية و الا لكانت الاشتراكية هي السائدة الان. و قد تعمقت هذه الازمة خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي و مجموع دول اوربا الشرقية الاشتراكية البيروقراطية و التحولات العميقة التي رافقت هذا الانهيار على المستوى الايديلوجي و على المستوى السياسي و التي جعلت دور اليسار يتراجع بشكل خطير في عدة مناطق من العالم و الذي ماتزال الحركات اليسارية تعاني من أثاره الى الان. و في المغرب رأينا كيف انتقل العديد من قدماء المناضلين و حتى أحزاب بأكملها محسوبة على التوجه الاشتراكي الى فعاليات و قوى يمينية محضة و صريحة تتبنى الايديلوجية الرأسمالية كقدر لا مفر منه. في هذا الإطار يجب فهم وضع النهج الديمقراطي الذي بقي صامدا وسط هذا الإعصار كمنارة شامخة يهتدي بها المناضلون الحقيقيون الملتحمون بقضايا و هموم شعبية، رافعا راية الماركسية ملفا حوله كل من يؤمن بحتمية انتصار الاشتراكية.

و بالتالي فان الأزمة عميقة جدا و مركبة مست كل القوى الاشتراكية. و من هنا يجب البحث عن الصعوبات و العوائق التي تعيق عمل و تطور النهج الديمقراطي الطبيعي في عوامل أخرى سياسية (سواءا وطنية أو جهوية أو دولية) و إيديولوجية (الهوية و الدين و القومية و الاشتراكية نفسها...) أما الاقتصار على بعد وحيد لتفسير واقع حركتنا فلا أظن بأنه العامل الرئيسي لما يسميه بالأزمة.

في نفس ص 2 يكتب الرفيق في 1-1 "السيرورات الثلاث قوامها الترابط و تبادل التأثير من جهة و السير في خط تطور متزامن أي متساو و مستقيم من جهة اخرى" من قال بهذا؟ انه استنتاج خاطي و متعمد، لماذا؟ لأنه لا يمكن لأي عاقل أن يقبل به . ولأن الرفيق يريد تسليط نقده على وهم صنعه هو ليصفه بعد ذلك بعبارات مثل " نظرة ميكانيكية" و أحادية الجانب" و في الحقيقة فان النهج يقول بالعكس تماما ففي عدة محطات تم الحديث على أن السيرورات الثلاث تتطور بشكل مختلف و بوثائر مختلفة و يمكن لإحداها ان تتقدم أكثر من الاخرتين.

أما في الفقرة الأخيرة من ص2 عبارة من " أن الترتيب .... الى غاية الفقرة 2 من الصفحة 3 عبارة دخول الرأسمالية مرحلتها الامبريالية " و التي يحاول فيها شرح تطور السيرورات الثلاث. فان كل ما كتبه الرفيق ف.ه. موجود في أوراقنا و هو بذلك لم يأت بجديد فأين هو المشكل؟
في الرقم 2 من ص 3 يستمر الرفيق الهلالي في خلق استنتاجاته الخاطئة بشكل مقصود ليبرر و يسهل الهجوم عليها لان لا احد يقول " ان السيرورات الثلاث تتطور في خط مستمر و لا تتأثر بقانون التطور الغير المتساوي".
و في رقم 3 من ص 3 يتناول الرفيق ه.ف. فكرة حزب الطبقة العاملة و دوره في بناء الاشتراكية و يعتبر ان هناك تغيب لهذا الحزب و يتساءل عن سبب طرحنا لمفهوم التنظيم السياسي للطبقة العاملة و عموم الكادحين و نحن نحيله على وثيقة المرجعية التي تجيب بما يكفي عن هذا التساؤل مؤكدين في ذات الوقت على الأهمية القصوى للتنظيم السياسي للطبقة العاملة و عموم الكادحين في بناء الاشتراكية و ما ننتقده فهو تجربة محددة بأخطائها البارزة و هو دور الدولة في بناء الاشتراكية في التجربة السوفياتية كدور محوري أي أن ملكية الدولة تمثل الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج. ولا نقول هنا بأن الدولة ليس لها أي دور كما لا نقول بان التنظيم السياسي للطبقة العاملة و عموم الكادحين طليعة النضال أو يحظى بالأولوية و لكن نقول أن السيرورتين الاخيرتين مهمتين خلال المرحلة ما قبل و ما بعد التغيير الثوري.

في الفترة الاولى من ص 4 عند الحديث عن التناقض بين الامبرياليات لم يعتبر النهج تناقضات الامبرياليات ضمن الحركات المناهضة للرأسمالية، لأنها ببساطة هي نفسها امبريالية و هي جوهر الرأسمالية العالمية و اعتبرنا تناقضاتها عاملا مساعدا على التغيير و ابرز مثال على ذلك كون التغيرات الثورية في روسيا و لصين تمت بالضبط خلال مراحل احتداد الصراع بين الامبرياليات ( الحرب العالمية الاولى – الحرب العالمية الثانية).

في الصفحة 4 بعنوان 1 – على المستوى النظري نقدنا لمفهوم الانتقال الديمقراطي.
لاحقا يتحدث الرفيق هـ.ف. عن تغييب دور الطبقة العاملة و حركاتها الثورية و تغييب الحركة الجماهيرية في التحليل، نشير بأن ليس هناك أي تغييب بقدر ما هناك رصد و تحليل موضوعي لدورها في المرحلة الراهنة بعيدا عن أية رغبة ذاتية و إرادية غير واقعية (التحليل الملموس للواقع الملموس) أما الحديث عن تحليل لمختلف الطبقات و أدواتها السياسية و الاديولوجية فان كل ذلك موجود في أوراقنا و تحاليلنا و هي دائما قابلة للمزيد من البحث و التدقيق و هو مهمة مطروحة دائما على التنظيم. أما نقد الرفيق ف.هـ. لمفهوم الانتقال الديمقراطي فلا نعتقد انه اتى بشيء جديد مما يتم تناوله في مختلف أجهزة النهج و ان كانت هناك مواضيع و قضايا ما تزال في طور الانجاز.

وفي نهاية ص 4 رقم 2 تحت عنوان: على المستوى السياسي ينتقد الرفيق هـ.ف. شعار المؤتمر ل-الوطني للنهج الديمقراطي من : أجل قيادة حازمة للنضال التحرري الديمقراطي ذي الأفق الاشتراكي. و يعتبر انه زاد الأمور غموضا و تساءل عن طبيعة هذه القيادة. أهي قيادة إستراتيجية أم أنها تكتيكية؟ أهي تحالف تكتيكي لقوى سياسية معينة؟

إن شعار المؤتمر الوطني الثاني مرتبط بالمرحلة الراهنة حيث أكدت جميع تحاليلنا على شعار تكتيكي هو عزل المافيا المخزنية. و القيادة الحازمة تم توضيحها في الورقة المقدمة للمؤتمر الثاني وهي تتكون من الطلائع المناضلة للعمال و الفلاحين الفقراء.. و التي ستقود مختلف النضالات في مختلف الجبهات مستغلة كل التناقضات بما فيها تناقضات الكتلة الطبقية السائدة.

في ص 5 – الفقرتين 2 و3 نجد مجموعة من الادعاءات الملفقة لا غير و يظهر ذلك بوضوح عند فهم الرفيق هـ.ف. لمسألة اعتبار عالم متعدد الاقطاب عامل مساعد لنضالات الشعوب و لقواها الوطنية و الثورية من أجل التحرر الوطني و البناء الديمقراطي على طريق الاشتراكية اكثر مما سيمحو به العالم الوحيد القطبية و هذه مسألة بديهية. في هذا الاطار يمكن فهم مواجهة روسيا و ايران و الصين للهيمنة الامبريالية الاحادية و ليس شيئا اخر كما يدعيه الرفيق هـ.ف.

- و تحت عنوان : نظرية السيرورات الثلاث بين التنظيم و العمل الجماهيري ص-5 الفقرة ما قبل الأخيرة : كتب الرفيق هـ.ف. : "لكن نظريتنا المذكورة القائمة على الفصل بين السيرورة الاولى و الثانية – و هذا أحد تناقضاتها- تسقط في منزلق الفصل بين السياسي و الاجتماعي... الخ " مرة اخرى هذا استنتاج شخصي خاطئ لا يقبل به أحد و افتراض لتسهيل الهجوم على نظرية السيرورات الثلاث. ثم ينتقل في الجزء 1 بعنوان : قراءة نقدية في مشروع ورقة حول الوضع و مهامنا في ص 6 .

فبالإضافة إلى استمرار نفس منطق هـ.ف. في استنتاج ما يراه ليبرر هجومه ليضيف هذه المرة مجموعة من العموميات حول تطور الرأسمالية و بالمناسبة نؤكد أن هذه العموميات صحيحة في مجملها لكن المهم هو استعمالها لإعطاء تصور ملموس حول الواقع الملموس ووثيقتنا : الوضع السياسي و مهامنا لا تكرر مثل هذه العموميات بل تستبطنها لطرح فهمنا لتطور النظام الرأسمالي العالمي، تربط بين الاقتصاد ( قوانين الرأسمالية ) و بين واقع الصراع الطبقي على المستوى العالمي الذي تمثله الحركة الاشتراكية (بالمعنى الأصيل) و حركة الطبقة العاملة و حركات التحرر الوطني، ص7.

كل ذلك لوضع خطط و برامج عمل لحركتنا السياسية و ليس التنظير من أجل التنظير أو التأمل من أجل التأمل.

الخلاصة:

ان ما قدمناه هو نماذج من طريقة و منهجية تناول الرفيق هـ.ف. لوثائق النهج المقدمة للمؤتمر الثاني و التي تبين أن تعامله معها لم يكن موضوعيا بتاتا بل تأويلا خاصا و يتضمن أخطاءا مقصودة و اخرى غير مقصودة و تكرارا لأفكار عامة واردة في وثائقنا و احيانا اخرى أفكارا نظرية مجردة عن الواقع و لا تقدم شيئا وسيكون من العبث الاستمرار في تتبع باقي الصفحات و التي تسير على نفس المنوال.

لكن الأساسي هو أن النهج الديمقراطي قدم من خلال مؤتمره الاول و الثاني أجوبة متقدمة اديولوجية و سياسية و هو يطبق المبدأ الماركسي الخلاق جدلية النظرية و الممارسة النضالية.

أما الاكتفاء بالنقد دون تقديم أطروحة متكاملة اديولوجية و سياسية فيمكن اعتباره من باب النقد الهدام، لأننا حركة سياسية تطرح بدائل يمكن لرفاقنا و رفيقاتنا في مختلف أجهزة التنظيم التفاعل معها بالسلب أو الإيجاب و عدم تقديم بدائل و أجوبة يعني ترك كل التنظيم فريسة للفراغ و الخواء و بالطبع فان الطبيعة لا تقبل الفراغ.

و يمكن القول أن الرفيق الهلالي فؤاد يكتب بلغة يسارية ما مارسه من قبله آخرون بلغة يمينية متفقان في الجوهر : التشكيك في كل شيء، ولا بديل حقيقي فكانت النتيجة واحدة هو سقوط قوى سياسية في التفكك و التشرذم نتيجة الغموض و ضياع البوصلة الإيديولوجية و السياسية .

الجديدة، يناير 2009

عبد السلام رضوان



#سلمى_العابدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سلمى العابدي - رد على الرفيق فؤاد الهلالي