أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام محمد - استراليا تعلمنا كيف نتوظأ!














المزيد.....

استراليا تعلمنا كيف نتوظأ!


هشام محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2642 - 2009 / 5 / 10 - 05:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نشرت جريدة الاقتصادية السعودية في موقعها الإلكتروني، بتاريخ 21 ابريل من العام 2009 موضوعاً عن آلة وضوء وتنشيف اخترعها "صليبي" استرالي اسمه انتوني جوميز يعمل لحساب شركة استرالية متخصصة في صنع الآلات الميكانيكية. الهدف من هذه الآلة كما جاء على لسان مسؤلي الشركة هو الحد من هدر الماء وتقنين استخدامه. وعلى ما يبدو فإن جوميز هذا قد شعر بالاشمئزاز، وهو يرى المسلمين في بلاد الكانغارو يخرجون للصلاة، والماء يقطر من رؤوسهم ووجوههم وايديهم وأقدامهم. وبمجرد أن اطلقت الشركة آلة الوضوء العجيبة، حتى تلقت 600 طلب من مناطق مختلفة على امتداد العالم الإسلامي السعيد. الآلة، كما اظهرتها الصور المرفقة بالموضوع المنشور في الجريدة، مكونة من ثلاث وحدات: الأولى لغسل الأذن والفم والوجه، والثانية لغسل المرفقين والساعدين، أما الثالثة فلغسل الكعبين والقدمين.



وبما أن السلف الصالح لم يعرف يوماً مثل هذه الآلة، باستثناء الاسطرلاب وساعة الرمل، وبما أن أيضاً "علماء الأمة" هم وحدهم من يملكون أسرار العلم الخفية ومفاتيحه، وهم نجومنا اللامعة التي نهتدي بها في ليل الجهل الطويل، فقد حملت الجريدة اسئلتها العطشانة لعلها ترتوي من ينابيع المعرفة الغزيرة التي تتدفق من بين أصابع علمائنا الأجلاء. لقد تسببت "المفاجأة الاسترالية" في خلق حالة غير مستغربة من التباين في وجهات النظر بين "ورثة الأنبياء". فهذا يجيز الآلة لاعتبارات معينة، وآخر يتحفظ عليها لاعتبارات أخرى. بالتأكيد سيسمون هذه الفوضى الفقهية، والعجز عن بناء رؤية مشتركة... بأنها رحمة للمسلمين! لكنهم لا يرحمون مسلميهم عندما لا يختلفون، بل يتصلبون في مواقفهم ضد المرأة والأقليات الدينية والآخر والمفاهيم والفلسفات الغربية المتحضرة كالديمقراطية والعلمانية والليبرالية والحداثة.



بعد أن خلصت من قراءة آراء "أصحاب اللحوم المسمومة"، تجولت بين تعليقات القراء. لاحظ أن الجريدة ذات توجه اقتصادي، وبالتالي فإن من يزورون الموقع غالباً ما يبحثون عن موضوعات تتحدث عن أسواق المال، المنتجات المالية، أخبار الشركات، القرارات الاقتصادية، تطورات الأزمة المالية، وما إلى ذلك. الطريف أن هذا الموضوع استقطب أكثر التعليقات، إذ لا شيء يسمو فوق قضايا الدين والطائفية والمرأة والجنس لدينا. الجميع يمتلك حساسية مفرطة تجاه أي مسألة تتصل بالدين، كالحجاب والفوائد البنكية والغناء والتمثيل والنحت. شخصياً، اجد في تعليقات القراء ترسيماً عفوياً لخارطة العقل العربي بتضاريسه الناتئة والذي يغلب عليه الانفعال أكثر من أي شيء آخر. كما لا أنكر أني أجد في تعليقاتهم مادة للتندر والضحك، وإليك واحدة من طرائف القراء، كما جاء في تعليق مبتسر لرجل غيور اسمه عتبي عبدالقادر من الجزائر، قال فيه: "يجب أن يتأكد منها خبراء ذوي ثقة بأنها لا تحمل أي اشعاع أو غير ذلك. انتبهوااااا".



تخيل، الشركة الاسترالية تمرر خطة شيطانية لإفناء المسلمين عبر آلة الوضوء، وذلك بوضع مواد مشعة ستفتك بوجه ورأس وقدمي ويدي المسلم، وهو يتهيأ للوقوف بين يدي الله! لا ريب أن أبلسة الغرب والتشكيك في نواياه يكاد يكون من المسلمات المتعارف عليها بين المسلمين، ولولا هذا الموقف الفقهي المتأزم لما كان هناك من حاجة لتقسيم العالم إلى فسطاط الحق والخير وفسطاط الضلال والشر، ولتداعت عقيدة الولاء والبراء من الأساس، لكن أن يصل العقل إلى هذا المستوى الكاريكتوري فهو أمر يدعو للرثاء. ذكرني تحذير هذا الجزائري بما قاله رجل بدوي لصحيفة محلية في أواخر الثمانينات، كانت تستطلع آراء الناس بشأن حزام الآمان. تصور ما قال هذا الرجل! قال أن حزام الأمان الذي يضعه سائق المركبة ما هو إلا خطة خبيثة من الكفار لقتل المسلمين. كيف ذلك؟ يكمل صاحبنا الأمي تفكيكه لخيوط المؤامرة الصليبية بقوله أنه في حالة وقوع حادث، فإن الحزام سيمسك بالسائق، وسيحول دون خروجه من عربته، مما قد يتسبب في موته!



#هشام_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خصوصيتنا ولو كره الكافرون
- كفانا مساجد!
- شروط صناعة المأساة: غزة والعراق ودارفور نموذجاً
- مواصفات البطل العروبي...وأشياء أخرى!
- يبكون على دماء غزة...ويرقصون على دماء العراق ودارفور!
- ملاحظات على الهامش
- ماذا لو لم يبعث محمد؟
- احجار الدومينو وأبو هريرة وابن عباس
- الكلام المحظور عن ختان الذكور (2/2)
- الكلام المحظور عن ختان الذكور (1/2)
- الشيخ غازي... وزوبعتان في فنجان
- مدينة الشيطان ترحب بكم
- ولا عزاء للقطط والكلاب
- وداعاً.....أيها العقل
- كيف سيكون الاسلام بلا معجزات؟
- الذباب ينهش لحم شاهين
- ملتحون ولكن لصوص
- رحلة في عقل وهابي


المزيد.....




- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...
- ماما جابت بيبي..أقوى أشارة تردد قناة طيور الجنة بيبي على ناي ...
- عراقجي: ندعم سوريا بحزم وهناك تنسيق كامل بين تل أبيب وواشنطن ...
- ” علموا اولادكم العادات الدينية ” تردد قناة طيور الجنة الجدي ...
- -مبعوث يسوع-.. هل سيُدخل ترامب أميركا عصر الهيمنة المسيحية؟ ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تنفذ ردا تحذيريا اوليا للاحتلال ...
- العثور على موريتاني متهم بإطلاق النار على يهودي بشيكاغو ميتا ...
- عودة الإسلام السياسي.. بين مخاوف التمدد وفرص الاحتواء
- علماء الشام يوجهون نداء للمؤسسات الدينية العربية والإسلامية ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام محمد - استراليا تعلمنا كيف نتوظأ!