أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بناز فاتح - ومضة الأمل















المزيد.....

ومضة الأمل


بناز فاتح

الحوار المتمدن-العدد: 2639 - 2009 / 5 / 7 - 09:52
المحور: الادب والفن
    


في ليلة ليلاء كابدت فيه ما يكابد المظلوم في سجنه من ضيق في نفسه و ثقل من أيامه ،لا يحتقر إلا كلمة العدالة.. فاحتقرتُ كلمة الحياة..
في وسط غرفتي المظلمة، العارية التي لا ينورها سوى خيط رفيع من شعلة تنبعث من شمعتي الدانية إلى الذبول..
والتي لا تكسوها سوى مكتبتي، وما عليها من كتب وأوراق سودت وجهها بأسطر من تأملات و تساؤلات و أفكار قلقلة، مستحيلة، مبعثرة، كتبعثر أوراق أشجار دنت منها قسوة الخريف فأذلها وهي زاهية و بعثرها وهي هاوية و من ثم أذبلها..
نظراتي الباردة الحائرة بما حولي، حلقت بي عالية على أجنحة من الحيرة و الوحشة.. فحلقت ومعي نفسي و قلبي المتعثر في براكين من الهموم..
فطرنا معا في فضاء أبصرت فيها الماضي بوحشته وخياله الباهت، والحاضر بما فيه وما يخالجني من الآلام.. و المستقبل الآتي بمجهوله.. فالتبست الأشياء علي.. وتخالطت الأمور بعضها مع بعض فلم يبق من صبري و قوتي إلا شفاهى فصرخت صرخة يأس و معها هويت في بحر لا قرار فيه من الالام والأحزان.. فلم أجد بدا عن النزوح مما أنا فيه سوى الرحيل فحزمت حقائبي و عزمت النوى.. و أقسمت بأن ما من قوة تستمهلني عما نويته إلا السعي للراحة الأبدية..
فألقيت نظرة أخيرة على الزوايا الأربع لغرفتي و على بقايا أحلامي المنزوية المستكينة المحدقة بي بنظرات عابرة، عاتبة عتب أغصان هجرتها طيورها فخلفت وراءها سكينة و وحشة؛ فخرجت وفي قلبي غصات من الألم.. وفي نفسي تذمر و شكوى أطلقها مع زفراتي الحارة ظنا مني أنني قد برأت منها.. فتعود بصداها إلي لتزيدني يأسا و قنوطا.. ما أن فارقت بخطواتي باب غرفتي و بدأت أسير حتى أحسست بوجود طيف يلاحقني, فأن سرت سار معي و أن توقفت توقف معي..فوقفت لبرهة أسترق السمع و النظر كي أسمع أو أبصر ما يلاحقني.. فلم أسمع سوى سكون الليل الموحش و لم أبصر سوى خيوط الليل المظلم المدلهم اللامتناهي فتابعت المضي مجددا مع نفسي المتناقلها بهمومه، غير آبهة و لا مرعوبة.. 00
و أوحيت لنفسي اطمئنانا لها بأن لليأس أشباحا يطلقها لتحط من عزيمتنا وتحطمها. أما النفوس الكئيبة بطبيعتها فإذا جنحت لليأس فلا تردعها واخزات الخوف الذي يلم بسريرته حتى وهو في حالات ضعفه.. فما من نفس لامستها الكآبة دون أن تغوص في أعماقها فمن غاص في أعماق ذاته ولم يرتعب فلا خوف عليه من حلكة الليل.. أو أشباح اليأس ما أن سرت بضع خطوات أخرى حتى سمعت همسة تهمس في إذني ليقول لي هامسة.. لا ترتعبي ولا تخافي وسيري معي فقد طال تحدقي لخطواتك المتثاقلة المترددة..
سيري معي و سأريك ما يبهج عينيك و يمحو عنك غصات قلبك.. و يقذف بموجات الأسى بعيدا عن شواطئ كيانك.. فترسي على بر من السكينة و الأمان.. سيري معي فقد طال تجديفك في عرض بحر هذه الحياة فكل ساعداك ومل أشرعتك لبلوغ شاطئه فمبتغى كل بحار إبحاره و مبتغى الإبحار مرساه.. سيري معي لأهبك نورا تهتدي به.. كلما أجنحت اليأس على سماء قلبك.. وحولته إلى ليلة غاسقة.. سر معي مرة فسوف تراني.. سائرا معك.. و عائدا معك.. وهائما بك في أي فضاء تسبح فيه ما أن سمعت بهذه الكلمات حتى اقشعرت بدني و ارتجفت رجفة وكأن جسدي عاري في عز الشتاء لا تكسوها خرقة بالية.. فاستجمعت قواي وشددت من عزيمتي ورباطة جأشي.. و قلت في نفسي أضرب الجنون برأسي فأودى بعقلي أم خانتني قواي فأودى بعزيمتي؟ فقلت صارخة.. خائفة.. من أنت؟
فأجاب: مذ كنت ناعم الإظفار و أنا معك أسعد لهناء عيشك أحزن لشقاء نفسك.. أشفق لبلاء قلبك..
قال: هذا و صمت لبرهة.. و كأنه يستمهلني كي المم أشتات أفكاري التي تناثرت.. و لوهلة أحسست من جنوح نفسي إلى السكينة و الهدوء إن كلماته قد أصاب أعماق نفسي.. فسكنتها.. و هدأتها.. فطمئنت له وبدأت أساوره.. و أكاشفه عن مكنون ذاتي و دخائل قلبي.. فأسأله وفي صوتي رنة من الحزن و القلق, و يجيبني وفي صوته نغمة يطرب لها قلبي و ترتاح بها نفسي..
فقلت: العذابات طوت أجنحة روحي.. و الأفكار أثقلتني، وأثقلت عليّ وطأة الأيام بلياليها فاستحالت أعماقي حلكة، وكياني وحشة و قلبي لوعة لا يفارقه حزن مقيم ساكن فيه, أجابني برنة.. صوت أعذب و ارق من هديل الحمام..
-ليست العذابات ما تطوي أجنحة الروح بل قلة الإدراك لمتطلباتها.. وليست الأفكار ما تثقل بل صعوبة انعتا قه من عالم اللاوجود إلى الوجود..
فقلت له بنبرة حزينة قلقة يخالطها الرجاء والتمني: تساؤلات كثيرة تداهم أفكاري، أحيانا تجرفني بعيدا جدا عن المنطق و الواقع الذي تعودت أن أعيشه، فأقتنع و أقول:
إن الحياة طرق يأتي بنا من الفناء و اللاوجود و يسير بنا نحو المجهول.. بل انه يقين تعانق روحي وكياني بأذرع من الحقيقة العارية.
أجابني: انتم يا بني الإنسان.. تشكرون الأيام جزيل الشكر و تعلنون لها الطاعة و الولاء.. إذ ما دار حسب ما تشتهون و تبتغون..وإذا العكس فسرعان ما تتراجعون وتبدءون بالتذمر والشكوى بقسوته عليكم
فقلت له بلهجة معاتبة.. على الحياة و عذاباتها التي لا تنتهي... مخاض الحياة لا ينتهي وفي كل مرة يولد.. تولد آلاما و عذابات عميقة ... و بين كل ما أعاني ضاع عمري وتشرد فكري و تيتم ذاتي فأحس بغربة تقشعر لها بدني..
أجابني بلهجة هادئة.. أما الوجود فسر تكتشفونه حينما يسدل نقاب الجهل عن كنزكم الذي أودعه الخالق في أعماقكم.. فكل منكم له عالمه، ألا وهو فكره.. و بيت يأوي إليه ألا وهي قلبه.. و كنز ثمين ألا هو عقله فحينما تكتشفون هذه الميزات و النعم و تحسون بها سوف تجدون الأبدية الخالدة.. أما الغريب بينكم هو من ينظر إلى الحياة بعينين، عين ترفضه و عين تفرضه من دون إدراك الأسباب.. فإذا رفضتم بينوا سبب رفضكم، و إذا فرضتم بينوا سبب فرضكم، إذا تباينتم الأسباب زالت شعور الغربة لديكم فالأسباب شموع تنير لكم مآلكم واقعكم.... ما لكم.. إلا أن تقروا مالكم وما عليكم كي تأخذوا ما لكم و تدفعوا ما عليكم.. فالأخذ و العطاء سمتان من سمات الأرواح النبيلة..
فقلت له برنة صوت أكثر حيوية من ذي.. أحيانا نحتاج إلى أشياء كثيرة في هذه الحياة فنرفع أصواتنا متضرعين طالبين من الحياة أن تمنحنا من حنانها دفئا و من قلبها حبا.. ومن حكمتها عقلا.. ومن طولها خلودا فلا نسمع لأصواتنا إلا صداها..
أجابني.. صبركم عليها يا بني الإنسان.. ما الحياة إلا الأمس بماضيها.. واليوم بما فيه و الغد بما يحمل.. فإذا لم تصنع من ماضيك كتابا ومن يومك إثباتا قلن تعيش غدك مشرقا..
قلت: وإذا قلت لك.. أضعت نفسي مرتين.. مرة مع أحلامي الضائعة، ومرة وسط قراراتي الحاسمة.. فوجدتها تارة حزينة مذلولة و تارة شامخة مزهوة فدهشت نفسي و استسلمت..
أجابني: أنت يا بني الإنسان.. تبحثون عن راحتكم بين و في شقائكم فأية حلكة تجده ذاتكم.. وتبحثون عن أنفسكم و انتم في ذروة غروركم.. فأي غموض تجده روحكم!!! ابحثوا عن راحتكم لكن بين واقعكم المفروض.. وابحثوا عن أنفسكم لكن بين عورات إحساسكم و صفاتكم لتتميزوا لأنفسكم صورة واضحة غير مشوهة..
قلت: أفكار مشتتة.. مبعثرة.. لا تريد أن تجتمع كما تجتمع السحب زائلة باكية مهرعة إلى الجداول.. لتعود إلى أصلها.. ولأشد ما يكابده قلبي من تشتته و تبعثره.. فيعتصره الهم مجتلبا معه غمامة سوداء من اليأس لتقطر علي يأسا و سقما..
أجابني: تجلدوا.. تصبروا.. ما هي إلا حين من الدهر يمضي لتهب رياح الأمل و العزم فيكونه سحابه همة.. لكن أحذروا ما أن أحسستم بأن في داخلكم أنين فلا تمهلوها ولا تكبتوها لأنه سيأتي فجرا تكسرون فيه جميع قيود جسدكم حينها ستعرفون لذة الانتصار و الافتخار..
فقلت له: بعد أن أنهلت على مسامعي بغيث كلماتك... أبعدت عني حرقة اليأس لا يسعني إلا أن أشكرك لما أحدثته من راحة لنفسي و نور لدربي..
أجابني: اعلمي أن هذا النور هو نور الأمل فالأمل هو عجلة الحياة.. الأمل هو القوة الكامنة و المسلطة على جيوش اليأس.. فلتتذكروا آلامكم دون قنوط و تذمر لأنكم كلما تذكرتم آلامكم تعرفتم على آمالكم فالألم هو الوجه الخفي للأمل فلولا مرارة الألم و حلكته لما تخبطتم و تعثرتم و بحثتم عن نور تهتدون إليه..
سمعت العبارة الأخيرة و كأنها نجوى القلوب الهامسة للمشاعر أما أن يسمعها حتى يفهمها و يعمل به أو يذهب بفحواه و صداه مع الريح فلا يبقى سوى و لوله الرياح أما أنا فأحسست وكان نفسي قد صغت من غيوم كانت متراكمة منذ أمد..
فقلت: الشكر لك.. يا... يا... لم أعرف أسمك بم أناديك..؟
فلم أسمع ردا ولا جوابا..
فألتفت يمنة ويسرة فإذا بي واقفة وسط غرفتي من جديد الملم الامي الماضية بعيون ثاقبة. . ابحث بين ثناياها عن أسباب تنير لي درب الحياة من جديد.. فأسير فيها رافعة بجبيني نحو العلى لتقبلها شفاه النجمات المتلائمات الناظرات إلي بغنج ودلال..
انتهت..



#بناز_فاتح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بناز فاتح - ومضة الأمل