أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الرحمان - من هم -الشعبويون - , وكيف يحاربون الماركسية اللينينية ؟؟؟ - الجزء الاول -















المزيد.....



من هم -الشعبويون - , وكيف يحاربون الماركسية اللينينية ؟؟؟ - الجزء الاول -


عبد الرحمان

الحوار المتمدن-العدد: 2635 - 2009 / 5 / 3 - 09:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



" أن يكون المرء ماركسيا حقيقيا , لا مزيفا , هو أن يكون مناصرا لطبقة البروليتاريا تحديدا ولديكتاتوريتها , لأنها الطبقة الوحيدة التي تنتج ثروة المجتمع جماعيا , والطبقة الثورية الوحيدة التي تعمل على محو جميع الطبقات و إلغاء ذاتها , بعكس جميع طبقات المجتمع الأخرى" -عبدالرحمان-
أردنا لهده المقالة- الجزء الأول – أن تكون بمثابة مدخل ضروري لابد منه , لمقالات أخرى لاحقة , نعتزم جازمين نشرها , مرتبطة اشد الارتباط بنفس الموضوع المعنون أعلاه , موضوع" الشعبوية" وعلاقتها بالماركسية اللينينية . كما نؤكد جازمين كذلك , أننا سنبقى أوفياء للمنهجية التي رسمناها وأردناها أن تكون بوصلتنا ومرشدنا , في هده المقاربة المتواضعة , والتي لا تدعي الاطلاقية في شيء , لموضوع ا سيل حوله الكثير من المداد , وقيل حوله الكثير ألا وهو موضوع" الشعبوية".؟؟؟. يقينا أن مااردنا تكثيفه و التأسيس له , من خلال هدا المدخل , هو ما توخيناه , أن يكون الأهم والأساسي في هذه الدراسة ونقصد أجزاءها اللاحقة . ارتأينا السير على هذه الخطى , انطلاقا من قناعتنا بان الانبهار ب" الشعبوية ", ولها, لازال يمتد ويتمظهر في الحاضروباشكال أكثر كاريكاتورية وصبيانية؟؟؟؟ . تمظهر يدعي التجديد , ويتخفى وراء أفكار وأراء........ , لايمكن الشك في كونها - لم ولن- تشكل , رغم ادعاءات اصحابها , وزعيقهم , نظرية للطبقة العاملة. أردنا هذه المساهمة أن تكون إضافة, تنضاف إلى مساهمات المناضلين, التي تم نشرها أو التي سيتم نشرها لاحقا, المناضلين الذين يربطنا ويجمعنا معهم موضوعيا, حريق الأسئلة و حريق البحث عن الإجابات السديدة والعلمية , خدمة للثورة والتغيير الثوري ببلادنا..., المناضلين المخلصين للبروليتاريا و عموم المعدمين , المناضلين المناصرين لديكتاتورية البروليتاريا , ولا ديكتاتورية أخرى غير ديكتاتورية البروليتاريا , سواء في المغرب أو خارج المغرب...الخ.
جلي كذلك --كما علمتنا الماركسية دائما وأبدا , كما علمنا اساتد تنا الكبار ماركس , انجلز و لينين--, أن دراسة" الشعبوية" , كما هو شان دراسة وتحليل أية مسالة او ظاهرة أخرى , يقتضي من بين مايقتضيه , دراسة ورصد , كيف نشأت الظاهرة المعنية بالدراسة تاريخيا , دراسة المراحل التي اجتازتها هده الظاهرة في مجرى تطورها , وكدا دراسة ماالت إليه الظاهرة , موضوع الدرس والتحليل في الوقت الحاضر , نتيجة لتطورها ذاك.......الخ.

يعود اكتشاف قوانين تطور المجتمع الرأسمالي , كما هو معلوم , إلى كارل ماركس ورفيقه في الدرب والكفاح فريدرك انجلز,الذين خلصا إلى أن المجتمع البرجوازي العصري, المجتمع الرأسمالي , الذي قام على أنقاض المجتمع الإقطاعي , لم يلغ التناحرات والصراعات الطبقية , بل احل فقط محل الطبقات القديمة , طبقات جديدة , وحالات استعباد و اضطهاد جديدة , وأشكالا جديدة للنضال ......لقد بصر ماركس بشكل ثاقب وجلي , النواقص الأساسية للمادية القديمة , التي لم تعرف كيف تفهم , ولا كيف تقدر أهمية شروط النشاط العملي الثوري , و هو ماحدى به , اعتمادا على المفهوم المادي الدياليكتيكي , على التحليل الملموس للواقع الملموس , إلى الاهتمام بمسائل تاكتيك نضال البروليتاريا الطبقي . خلص ماركس بعد ذلك , إلى أن التاكتيك الصحيح للطبقة المتقدمة في المجتمع , يقتضي حساب الحساب وبشكل موضوعي لمجمل العلاقات بين جميع الطبقات في المجتمع المعين , و في نفس الآن , حساب الحساب للدرجة الموضوعية لتطور هذا المجتمع في علاقته مع سائر المجتمعات الأخرى...لم يكن ماركس إطلاقا, ينظر إلى جميع الطبقات و جميع البلدان من حيث مظهرها الثابت, بل من حيث مظهرها المتحرك, لا من وجهة نظر الماضي فقط, بل من وجهة نظر المستقبل أيضا.....لقد برهن هذان الثوريان العظيمان ماركس وانجلز , على أن تطور المجتمع الرأسمالي والصراع الطبقي بين البرجوازية والبروليتاريا , سيؤدي حتما إلى انتصار البروليتاريا والقضاء التام والنهائي على الرأسمالية , وستقوم ديكتاتورية البروليتاريا على أنقاض ديكتاتورية البرجوازية ......في نقده لبرنامج غوتا , كتب ماركس يقول : "بين المجتمع الرأسمالي والمجتمع الشيوعي , تقع مرحلة تحول المجتمع الرأسمالي , تحولا ثوريا إلى المجتمع الشيوعي , تناسبها مرحلة الانتقال السياسي , لايمكن أن تكون الدولة فيها سوى الديكتاتورية البروليتارية".......الخ
ماركس وانجلز , أكدا أن البروليتاريا لاتستطيع انجاز رسالتها الثورية التاريخية و بلوغ هدفها النهائي , المتمثل في دحر الرأسمالية , وتشييد الاشتراكية كبرزخ للشيوعية , إلا بالاعتماد على العنف الثوري المنظم , لسحق البرجوازية, كما لم يخامرهما اذنى شك , أن الطبقة الأكثر ثورية في المجتمع الرأسمالي , لايمكن أن تكون إلا البروليتاريا , وهي بدلك قادرة أن تجمع حولها جميع القوى المتضررة من الرأسمالية , والتي لها المصلحة في القضاء على الرأسمالية و دكها, وتقودها في هجومها على معاقلها , كما خلصا الى , أن انتصار البروليتاريا على الرأسمالية , على العالم القديم , وخلق مجتمع جديد لاطبقي , المجتمع الشيوعي , رهين بان يكون للبروليتاريا حزبها الخاص , حزب الطبقة العاملة المستقل , مستقل في مرجعيته الفكرية , في خطه السياسي الثوري وفي بنياته التنظيمية , و أن تكون لها دولتها الخاصة , دولة ديكتاتورية البروليتاريا , التي تمكنها من كبح مقاومة البرجوازية و جل الاعداء الطبقيين للبروليتاريا , في اتجاه القضاء النهائي على الطبقات ومحوها , بما فيها البروليتاريا ذاتها. ماركس وانجلز برهنا كذلك , و بشكل علمي, على أن النظام الرأسمالي سينهار – كما انهار من قبله نظام القنانة- لان الرأسمالية خلقت مند ظهورها حفار قبرها , المتمثل في البروليتاريا الثورية ولايمكن عتق وتخليص الإنسانية , من الرأسمالية ومن الاستغلال والاضطهاد , إلا بنضال البروليتاريا الطبقي الضاري , والدي لاهوادة فيه , حتى الانتصار التام والنهائي على الرأسمالية و تشييد الاشتراكية ثم الشيوعية
ولقد كتب انجلز يقول قبل وفاته : " ولكي تصبح البروليتاريا في اللحظة الحاسمة قوية إلى حد كاف , وتستطيع تحقيق النصر, لابد لها –وقد أصر ماركس وأنا على هذا الموقف مند العام 1847 – أن تشكل حزبها الخاص , المنفصل عن الأحزاب الأخرى كلها والمجابه بها , الحزب الذي يعي نفسه كحزب طبقي ".
لقد حدد ماركس مهمة الشيوعيين في البيان الشيوعي, قائلا:" إن الشيوعيين يكافحون في سبيل مصالح الطبقة العاملة وأهدافها المباشرة, ولكنهم في الوقت نفسه يدافعون عن مستقبل الحركة "..."وطروحات الشيوعيين النظرية لاتقوم قطعا على أفكار , على مبادئ ابتكرها واكتشفها هذا أو ذاك من مصلحي العالم , إنها فقط تعبير عام عن الشروط الحقيقية لصراع طبقي قائم على حركة تاريخية تجري أمام أعيننا.."...الخ.

كان" النضال الثوري" في روسيا , قبل ظهور الحلقات والمجموعات الماركسية الأولى , يقوم به" الشعبويون". لقد تشكلت النواة الأولى" للشعبوية" , من الضباط الشباب الذين تبلوروا في حركة سميت آنذاك ب"حركة الديسمبريين الشباب " , الذين كانوا على اطلاع واسع على أذاب أوربا الغربية الثورية , وأدركوا أهمية الثورة البرجوازية الفرنسية , التي وضعت حدا للنظام الإقطاعي في فرنسا نهاية القرن الثامن عشر . في عام 1816, تم تأسيس منظمة ديسمبرية سرية سميت ب"جمعية أبناء الوطن المخلصين والأمناء" أو "اتحاد الاتقاد " , وبعدها عام , 1818 تم تأسيس منظمة أخرى أطلق عليها اسم "اتحاد الإقبال" وكانت كل خطبهم ومقالاتهم تتوجه بالنقد , إلى نظام الحكم المطلق وفضح استبداد الإقطاعيين......في نهاية العقد السادس من القرن التاسع عشر , بلغت أزمة النظام الإقطاعي حدتها وأوجها وازدادت حدة وضراوة التناقضات الاجتماعية إلى أقصى الحدود , وعرفت حركة الفلاحين , إلى جانب حركة العمال , اتساعا ملحوظا في روسيا , كماشهدت هده الفترة تطورا للرأسمالية الصناعية بشكل سريع , و عرف معه عدد العمال ارتفاعا كبيرا خصوصا في المصانع الكبرى والمعامل والسكك الحديدية. كان تأسيس الأممية الأولى عام 1864 , عاملا قويا للحركة الثورية العالمية , وفي العام 1870 تشكل الفرع الروسي للأممية الأولى , وهو مايدل على ظهور بوادر الاهتمام بالماركسية والحركة الثورية العالمية بين الثوريين الروس , كما هو دلالة قوية , على ان راهنية النضال البروليتاري تقتضي منظمة حقيقية للنضال , والاستعاضة عن التشييع.... . يقول ماركس في رسالته إلى فريدريك بولته في نوفمبر 1871 : "......لقد تأسست الأممية بغية الاستعاضة عن الشيع الاشتراكية ونصف الاشتراكية , بمنظمة حقيقية للطبقة العاملة من اجل النضال , وان النظام الداخلي الأولي والبيان التأسيسي يشيران فورا إلى هذا , ومن جهة أخرى , ماكان في وسع الأممية أن تترسخ , لو لم يكن مجرى التاريخ قد حطم التشييع " . ويضيف ماركس دائما في نفس الرسالة :"وبديهي أن الحركة السياسية للطبقة العاملة , هدفها النهائي , وهو الظفر بالسلطة السياسية في صالحها , ولهذا الغرض , لابد بالطبع من تنظيم تحضيري للطبقة العاملة يبلغ درجة معينة من التطور , وينبثق ويتنامى من النضال الاقتصادي نفسه.....وليس للشيع مبرر تاريخي, إلا طالما لم تنضج الطبقة العاملة لأجل التحرك التاريخي المستقل..........في أواخر 1868 , انتسب الروسي باكو نين إلى الأممية لكي ينشئ في قلبها , تحت قيادته بالذات أممية ثانية اسمها –حلف الديمقراطية الاشتراكية-....كان برنامجه عبارة عن خليط من الأفكار الماخودة بصورة سطحية من هنا ومن هناك , المساواة بين الطبقات , إلغاء حق الوراثة بوصفه نقطة انطلاق الحركة الاجتماعية, الامتناع عن الاشتراك في الحياة السياسية.....فان القرارات الأول والثاني والثالث والتاسع, تعطي الآن لجنة نيويورك سلاحا شرعيا لأجل وضع حد لكل تشييع , ولكل فرق الهواية المبتذلة, ولأجل طردها عند الاقتضاء...... " انتهى كلام ماركس .

كانت أهم مطالب"الشعبويين" آنذاك , وهم "ممثلو الحركة الديمقراطية الثورية " الروسية , تتلخص إجمالا في التوزيع العادل للأرض على الفلاحين وتخفيف الضرائب , تحويل الكمونة الفلاحية إلى الشكل الأعلى الشيوعي للمجتمع...... , وهذا نابع من اعتقادهم الخاطئ , بان المهمة الأساسية للثوريين الروس تتلخص في الدعاية والتحريض بين الفلاحين , وليس بين الطبقة العاملة؟؟؟. لم يستطع" الشعبويون" أن يدركوا , ولا كان بإمكانهم إدراك ,الدور الطليعي للبروليتاريا , التي أضحت مع تطور الرأسمالية في روسيا , قوة ثورية ذات وزن عظيم , قادرة على القيام بنضال ثوري منظم وضاري....كان" الشعبويون" يعتقدون خطا , أن الطبقة الثورية الرئيسية , ليست هي الطبقة العاملة, بل جماهير الفلاحين ,عجزوا عن إدراك انه بدون تحالف صغار الفلاحين مع الطبقة العاملة وتحت قيادتها , لايمكن إطلاقا إلحاق الهزيمة بالقيصرية وكبار ملاكي الأراضي . كان" الشعبويون" ينظرون إلى ظهور البروليتاريا في روسيا على انه" نكبة تاريخية" , وكانت مجمل كتاباتهم تسميها –اقصد البروليتاريا- ب"القرحة البروليتاريا" . إن هذا الفهم المثالي" للشعبويين" ,عن سير التاريخ والتطور الاجتماعي , قادهم حتما, إلى عقم شديد, حال دون إدراكهم و فهمهم, وجهة نظر المادية الماركسية. يقول البيان الشيوعي : " والبرجوازية , بالتحسين السريع لكل أدوات الإنتاج , وبالتسهيل اللامتناهي لوسائل المواصلات , تشد الكل , حتى الأمم الأكثر تخلفا إلى الحضارة..." ويضيف "...والبرجوازية مثلما أخضعت الريف للمدينة , والبلدان الهمجية وشبه الهمجية للبلدان المتحضرة , أخضعت الشعوب الفلاحية للشعوب البرجوازية , والشرق للغرب............." , ويقول انجلز : "إن الفلاح , بوصفه عاملا من عوامل القوة السياسية , لايظهر نفسه حتى الآن في غالبية الأحوال إلا بلامبالاته , التي تمتد جذورها في عزلة الحياة الريفية . وهذه اللامبالاة لدى جماهير واسعة من السكان هي أقوى سند, لا للفساد البرلماني في باريس وروما وحسب, بل أيضا الاستبداد الروسي....."ويضيف "...ولكن أشياء كثيرة تغيرت مذ ذاك .فان تطور شكل الإنتاج الرأسمالي قد بتر عصب حياة الإنتاج الصغير في الزراعة, وهذا الإنتاج الصغير يسير بسبيل الهلاك والتدهور بلا مرد...."مسالة الفلاحين في فرنسا وألمانيا –انجلز-.......الخ.
إن عدم فهم الأساس المادي للتطور التاريخي , قاد" الشعبويين" إلى العجز عن اكتناه , دور وأهمية كل من طبقات المجتمع الرأسمالي..." من بين جميع الطبقات التي تناهض البرجوازية اليوم , فان البروليتاريا وحدها هي الطبقة الثورية حقا , فالطبقات الأخرى تنهار , وتتلاشى أمام الصناعة الكبيرة , والبروليتاريا هي نتاجها الخاص....والطبقات الوسطى –الصناعي الصغير , الفلاح الصغير والتاجر الصغير والحرفي الصغير-كلها ليست ثورية , بل محافظة , وفضلا عن ذلك, إنها رجعية تسعى إلى جعل عجلة التاريخ ترجع القهقرى..."-البيان الشيوعي-.
على ارضية فهمهم المثالي , و الغير علمي إطلاقا , كانت المحاولات الأولى "للشعبويين ", تقوم على أساس جر الفلاحين , إلى" النضال" ضد القيصرية, وكانوا لهدا الغرض يرتادون ملابس الفلاحين, و يذهبون إلى الأرياف عند جماهير الفلاحين لتحريضها ضد القيصرية , انطلاقا من اعتقادهم بان حركات تمرد الفلاحين , قادرة على قلب سلطة القيصرية وكبار ملاكي الأراضي . لقد توهم" الشعبويو ن" , بان الاشتراكية لايمكن تشييدها في روسيا , بواسطة ديكتاتورية البروليتاريا , بل بواسطة المشاعة الفلاحية , وهو ما قادهم حتما إلى استنتاج قاتل , يتجلى في اصرارهم , أن رجل المستقبل في روسيا هو الفلاح أو الموجيك , و هو عكس ماتقول به الماركسية , أي أن العامل هو رجل المستقبل في روسيا, وفي جميع المجتمعات الراسمالية ...العامل هو الممثل الطبيعي مادام استثمار الشغيلة في روسيا هو رأسمالي من حيث الجوهر....استثمار واسع, معمم, ومركز....الخ. , وكانت الحكومة القيصرية تترصد خطواتهم و تلقيهم ضربات موجعة تلو الضربات, وتلحق بهم هزائم نكراء متتالية, الشيء الذي دفعهم فيما بعد إلى تغيير أسلوبهم؟؟؟ والاعتماد على قواهم الذاتية؟؟؟ , فوقعوا في أخطاء أكثر فداحة وضررا.
في الأول من مارس 1881, قامت الجمعية الشعبوية السرية "نار ودنايا فوليا"أو" إرادة الشعب" , بقتل القيصر الكسندر الثاني بقنبلة , فخلفه قيصر آخر هو الكسندر الثالث , والذي زادت في عهده , أحوال وحياة العمال والفلاحين , سوءا على سوء, وتعرضت معها , الحركة الثورية للقمع الوحشي والقهر والملاحقات البوليسية.......إن عقم النظرية الشعبوية" نظرية الأبطال" , والتي استوحوا منها سياسة" الإرهاب الفردي " , هي بدون جدال , نظرية مغلوطة ومضرة بالثورة....إن عجز" الشعبويين" عن إدراك الدور الطليعي للطبقة العاملة في المجتمع الرأسمالي و في الثورة , كما هو عجزهم عن جر جماهير الفلاحين للنضال ضد القيصرية , قادهم إلى انتهاج أسلوب "الإرهاب الفردي" , المعيق لأية مبادرة ونضال ثوريين , لدى الطبقة العاملة و جما هير الفلاحين....... , يقول انجلز في مقدمة كتاب كارل ماركس ,الصراع الطبقي في فرنسا :"لقد ولى زمن الهجمات المفاجئة , وزمن الثورات التي تقوم بها أقلية واعية ضئيلة لتترأس الجماهير الغير الواعية . وحين يكون المقصود تحويل النظام الاجتماعي تحويلا تاما , ينبغي على الجماهير بالذات أن تشرك في هذا , ينبغي عليها أن تدرك الهدف الذي ترهق دمائها وتضحي بحياتها , من اجله " .

بليخانوف-- بعد أن قطع مع آراء وأفكار الشعبوية في المهجر, الذي لجا إليه مكرها , بسبب اضطهاد الحكومة القيصرية له على خلفية نضاله الثوري , حيث أسس في جنيف المجموعة الماركسية الأولى سنة 1883 وهي" فرقة تحرير العمل"-- , كان أول من خا ض نضالا ضاريا لاهوادة فيه , ضد" النظرية الشعبوية " الزائفة في روسيا , ووجه لها نقدا ماركسيا حادا و جذريا , وكرس معظم كتاباته , لفضحها وكشف تناقضاتها مع المفاهيم الماركسية الأساسية...فقد ساهمت مؤلفاته: "الاشتراكية والنضال السياسي" "النظرة الأحادية للتاريخ" "اختلافاتنا"..., ساهمت بشكل كبير وعميق, وكانت ذات أهمية بالغة, في انتصار, وانتشار الماركسية في روسيا, و" تنقية" الطريق أمامها.
يقول بليخانوف: "لقد كان زمن حاول الشعبيون أن يستنهضوا" الشعب" , وهم يقصدون طبعا من هذه العبارة-أي الشعب- الفلاح , حامل المثل الأعلى المشاعي , لكن الفلاح , وهذا ماكان من الواجب توقعه , قد أصم أذنيه عن نداءاتهم" الثورية" , بحيث اضطروا ,شاءوا أم أبوا , أن يحاولوا القيام بالثورة بوسائلهم الخاصة .....وأمام هذه الأوضاع , ونظرا لنظرياتهم , فانه لم يبق أمام الاشتراكيين الشعبيين مخرج آخر , إلا مايسمونه الإرهاب عندنا , أو"الثورة المنفردة" حسب تعبير السيد تيخوميروف , لكنه ليس في مقدور أية" ثورة منفردة" أن تقلب الحكومة......".انتهى كلام بليخانوف
لقد انطلق بليخانوف من السؤال , الدي طالما اعتمده الشعبويون حجة ودريعة , لتدعيم" وجهة نظرهم" و الذي يقول : " ا يجب أم لايجب أن تتطور الرأسمالية في روسيا"ا؟ كان رد بليخانوف قاسيا , بالقول :"الحقيقة هو أن روسيا قد دخلت مند زمان في طريق التطور الرأسمالي , وليس بوسع أية قوة أن تصرفها عنه...." . بليخانوف, وهو يستشهد بالوقائع الدامغة والعلمية , لتبيان وتوضيح , مستوى التطور الرأسمالي في روسيا , ولتفنيد" المعزوفة الشعبوية" , التي تنكر كون روسيا دخلت طريق التطور الرأسمالي مند زمان , أكد أن مهمة الثوريين الأساسية , هي الاعتماد على أهم قوة ثورية تخلقها الرأسمالية في مجرى تطورها , أي الطبقة العاملة, تغذية الوعي الطبقي لديها, تنظيمها, مساعدتها على بناء حزبها الخاص والمستقل , وإنارة الطريق أمامها , حتى تضطلع بدورها التاريخي القيادي وعلى طول كافة المراحل الثورية...الخ. يقول بليخانوف: "إن الاشتراكيين الديمقراطيين الروس يرون واجبهم الأول والاهم هو تأسيس حزب عمالي ثوري , وان نمو هذا الحزب وتطوره سيصطدمان مع ذالك بمقاومة بالغة العنف من قبل الاستبداد الروسي المعاصر...ولذا كان النضال ضد الاستبداد واجبا حتى بالنسبة إلى الحلقات العمالية الصغيرة التي تشكل حاليا مضغة حزبنا الثوري المقبل. إن الاشتراكيين الديمقراطيين الروس يرون أن التحريض في الطبقة العاملة ونشر الأفكار الاشتراكية والمنظمات الثورية في صفوفها يشكلان الوسيلة الرئيسية التي في متناول الحلقات العمالية من اجل النضال السياسي ضد الاستبداد......ويضيف وهو يرد على" الشعبويين" دائما : " إنكم أشبه برجل يريد أن يمضي إلى الشمال , فيصعد في قطار وجهته الجنوب , أما نحن فإننا نعرف طريقنا, لقد صعدنا إلى قطار التاريخ الذي يقودنا بأقصى سرعة نحو هدفنا......"انتهى كلام بليخانوف. " الشعبويون" ينكرون الدور الطليعي للبروليتاربا في النضال الثوري , ويشككون في أهليتها وقدرتها لقيادة الثورة , أكد بليخانوف في هذا السياق , ومن وجهة نظر ماركسية , انه رغم تفوق الفلاحين عددا بالمقارنة مع عدد العمال , فمن واجب الثوريين الروس , أن يبنوا أملهم كله على البروليتاريا, الطبقة المرتبطة بالشكل الاقتصادي الأكثر تقدما أي الإنتاج على نطاق واسع,.وبحكم ظروف العمل في الإنتاج الكبير , فليس لديها ماتخسره في مجرى الثورة سوى أغلالها , عكس جماهير الفلاحين , المرتبطة بأكثر الأشكال الاقتصادية تأخرا وتخلفا , وهو الإنتاج الصغير, وبالتالي لايمكن أن تشكل إطلاقا قوة طليعية للثورة , والقول بدلك ماهو إلا وهم ولغط ...ليس إلا. يقول بليخانوف: " منذ حوالي عام 1880, وبصورة دقيقة جدا منذ انشقاق جمعية" الأرض والحرية"-وهي منظمة سرية أسسها" الشعبويون" عام 1876 ," التشديد من عندي" -, لم يفعل العمل الثوري بين الفلاحين, بدلا من الاتساع, سوى الذبول, ويمكننا دون خطا كبير أن نمثله بصفر في الوقت الراهن......ونحن على قناعة تامة بان الشعبيين عندنا, حين يدركون السبب في إخفاقهم, سيعرفون كيف يتجنبون تكرار خطيئتهم....."-بليخانوف-
لقد برهن بليخانوف , من وجهة نظر مادية , أن تطور المجتمع , أي مجتمع , لا تحدده في نهاية المطاف رغبات وأمنيات الأفراد , بل إن تطور الشروط المادية لوجود المجتمع ذاته , علاقات الطبقات وتغيرها في ميدان الإنتاج , الطبقات و صراعها , تغير أسلوب الإنتاج......هي التي تحدد تطور المجتمع في الأول والأخير. فبطولات الأفراد مهما عظم شانها , تبقى في نهاية التحليل , ضارة ولا فائدة منها , خصوصا إذا كانت تتناقض مع مطامح و تطلعات الطبقة الطليعية في المجتمع. إجمالا , قامت" النظرية الشعوبية" كما اشرنا سابقا , وبإيجاز شديد , على إنكار الدور الطليعي للطبقة العاملة في الثورة , وإسناد هذا الدور إلى الفلاحين بقيادة المثقفين , كما زعموا أن مايسمى "المشاعة الزراعية" الريفية , هي نواة الاشتراكية وأساسها .....من جهة أخرى , إن عجز" الشعبويين" عن إدراك قوانين التطور الاقتصادي والسياسي للمجتمع, حال دون إدراكهم , أن الطبقات وصراع الطبقات وتناحرها , هو القوة المحركة والصانعة للتاريخ , حال دون إدراكهم أن أسلوب" الإرهاب الفردي" المعزول , مضر بالثورة كذلك......أما المرتكز الآخر" للشعبويين " , فهو ادعائهم أن البروليتاريا لن تتطور في روسيا ولا يمكن لها أن تتطور, لان الرأسمالية على حد زعمهم" حادث مؤقت و عرضي" في روسيا.....؟؟؟
لقد سدد بليخانوف ضربات قوية و موجعة" للشعبوية" , على" المستوى النظري"؟؟ , وكان لنضاله في دحض أفكارها العقيمة والتخريبية , تأثير عظيم في أوساط المثقفين الثوريين الروس ..... لقد قال لينين عن مؤلفات بليخانوف , السالفة الذكر , وخصوصا كتاب "النظرة الأحادية للتاريخ" , انه "تقف جيلا كاملا من الماركسيين الروس" – لينين- المجلد 14 .

وبالعودة , إلى برنامج الاشتراكيين –الديمقراطيين الروس , الذي صاغته فرقة" تحرير العمل" , وخصوصا في نسخته الأولى عام 1884 , ورغم إقرارنا بدوره الهام , في اتجاه بناء حزب اشتراكي –ديمقراطي ماركسي في روسيا, فان هذا لن يمنعنا رغم ذلك , من الإشارة السريعة , على سبيل المثال لا للحصر, إلى بعض الأخطاء والنواقص التي يحتويها البرنامج المذكور , ومنها : "الإقرار بتكتيك الإرهاب الفردي" , "عدم إدراك أن المسار الثوري للبروليتاريا في روسيا , سيحتم عليها أن تجر وراءها فقراء الفلاحين","الاقرار بدور البرجوازية الليبرالية في الثورة " ......الخ. هذه الأخطاء السالفة الذكر لفرقة" تحرير العمل" , هي التي شكلت فيما بعد , أساسا ومنطلقا , للاتجاه المنشفي التحريفي لبليخانوف.....؟؟؟؟؟؟.

فرقة" تحرير العمل" , وكما قال عنها لينين "لم تؤسس الاشتراكية في روسيا إلا نظريا"................و بالتالي فمعركة اندماج الماركسية بحركة الطبقة العاملة في روسيا , كما هي معركة الإجهاز النهائي على" الشعبوية".... , كخصم للماركسية وكعدو لها, بقيت ملقاة على عاتق لينين العظيم والثوري الفذ......سنكتفي بهذا القدر-المدخل- الآن , ونترك هذا المحور , إلى الجزء الثاني من هذه المساهمة.

ملحوظة

للمزيد من الاطلاع , يمكن الرجوع إلى إسهامات بليخانوف في هذا الشأن : "الرأسمالية و الملكية المشاعية للأرض" , "الرأسمالية في روسيا" , "المشاعة المثالية للشعبيين" , "الرأسمالية ومهمة الاشتراكيين الروس"المهمات الحقيقية للاشتراكيين في روسيا"," مسالة الفلاحين في فرنسا وألمانيا –انجلز-" ," البيان الشيوعي" , "بليخانوف المؤلفات الفلسفية –المجلد الاول-" ..........الخ.
- يتبع-



#عبد_الرحمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
- السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الرحمان - من هم -الشعبويون - , وكيف يحاربون الماركسية اللينينية ؟؟؟ - الجزء الاول -