أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيّاد جيّوسي - من عبق (كأعمى تقودني قصبة النّأي) للشّاعر محمّد حلمي الرّيشة














المزيد.....

من عبق (كأعمى تقودني قصبة النّأي) للشّاعر محمّد حلمي الرّيشة


زيّاد جيّوسي

الحوار المتمدن-العدد: 2632 - 2009 / 4 / 30 - 10:31
المحور: الادب والفن
    


[url=http://www.servimg.com/image_preview.php?i=154&u=12018225][img]http://i61.servimg.com/u/f61/12/01/82/25/13113410.jpg[/img][/url]

ولأنّك الحُبّ الّذي يسكنني منذ عصور "أيتّها القصيدة الأبجديّة" ولأنّك طيفي الّذي يرافقني كظلّي، كنت دومًا "فاتني الأبقى، وشعري الباقي، راحلاً بينهما فيهما"، أشتاق إليك في بعادك الّذي طال عصورًا فأناديك: "أيّتها القصيدة.. لا تتركي الشّاعر يكوّنك ثمرة على شجرة دون قطاف"، ولأنّك الأجمل وأنت أسطورة الأنثى "تظلّين تنتظرين يدًا عارفة مذاق عينها الثّالثة"، ومهما غبت وابتعدتِ في شطحات الجنون تبقين الأجمل "لأنّك تعودين الشّاعر، كلّ مرّة، بيضاء من غير سوء.. يحاولك حبره من جديد"، فأنت وليس غيرك من "تجعلين الشّاعر، أوّلاً، ورقة خضراء، ثمّ صفراء"، وفي لحظات التّفجّر تجعلين دموعه تسيل "ثمّ متنًا بين دفّتيّ سِفرٍ، ثم لا يجد أناه حتّى في هوامشه".

هو السّؤال الّذي أسائله دومًا منذ عرفتك: "كيف يسافر الشّاعر فيك، ولا يصلك أبدًا؟"، ولأنّك أنت برعم الياسمين الّذي نما في الغياب، "يدع الشّاعر كلّ شيء لأجلك إلاّك"، فأبتسم لأنّك "ذكيّة أنت في اجتذاب لا وعيه نحوك طائعًا، لانخطافه/ منصتًا لأوار صمتك يضجّ في خلاياه"، فلا تبتعدي وتحمِلك أجنحة الغياب، فكفاك غياب امتدّ ألف عام، ولن أحتمل غيابًا يمتدّ ألف عام آخر، فتعالي فأنت "تشبهين الحبّ جيّدًا؛ قلق القلب.. توتّر الرّوح.. رجفة الجسد.. خوف الغياب.. سهر الظّنّ.. هزّة الشّكّ.. نظرة الغيرة.."، وأنت كنت وما زلت مصدر إلهامي وسهري، "ألستِ من علم الشّاعر- أوّل الكائنات الجميلة- هذا المعجم؟"، فلا تؤلمي العاشق في الغياب "رغم أنّه يقتنع بوردة الفرح".

في الليل، وفي ظل ثورة البركان والجنون، تهمسين من البعيد: أحبّك "تغيّرين كلّيّة الشّاعر بقسوة حنوّك"، فيهدأ البركان، وتعود الحمم المشتعلة إلى داخله، ويصرخ بألم: أحبّك فتعالي، وفي حبّك "يقامر الشّاعر حتّى على خسارة الحياة"، وفي الغياب الّذي طال كان "لك هبّة غامضة تذيب وعي الشّاعر في غيبوبة المجهول"، فيستعيد الذّكرى والذّاكرة، ولا تغيب عن ذهنه تفاصيلك الصّغيرة، فأنت من "تهبين الشّاعر ذاتك بألفة وحشيّة"، فأهمس لنفسي: "كم أنت بهذا باذخة الوجع".

في ذلك الصّباح المشرق، وقفت أنظر إليك كما نظر الإنسان البدائيّ بدهشة إلى النّار الّتي يراها لأوّل مرّة، حين رأيتك على شرفة القمر بملابس نومك في ذلك الصّباح المبكر، همست لك في داخلي: أحبّك.. ومنذ تلك اللحظة صرت أعرف أنّ "السّيف للشّرّ.. الطّيف للشّعر"، فصرتِ قصيدتي الّتي لن تنتهي، وفي لحظات شطحات الجنون أعرف أنّ "كلّ ذاك الرّكام الجاف ليس أنت"، وأنّك تشتاقين لمن فجّر براكينك وأحبّك أكثر لأنّك "لن تكوني بدون عاطفة الشّاعر اللغويّة"، فمن غيرك لي؟ ومن يجعل روحي تحلّق وتكتب غيرك؟ وأنا أدرك وأعترف أنّك "أنت الطّعم الّذي يهبط ويعلو، أمام بصيرة الشّاعر في عميق قلبه"، وأصرخ من البعيد "كوني جمال كلّ شيء.. لا يكون الشّاعر خارج هذا التّألّق أيّ شيء".

حين أخفاك الّذي هو أقرب إلى النّفس من النّفس خلف ستارة التّناسي ماذا استفاد؟ "فلا هو يصطاد، ولا أنت تشبعينه". تركني أجول أعالي البحار أبحث عن مرفأ قد أجدك فيه، وهو يعلم أين المرفأ، فأفتّش المرافئ والواحات ورقة ورقة بأمل اللقاء ولا أعثر عليك، فأنادي عليك وأنت في البعاد المجهول: "استمرّي في جموحك.. لن يعتلي صهوة قوسك النّاريّ، إلاّ الشّاعر السّهم"، ووحده "يعرف الشّاعر أن ينزل مجراك، ولا يعرف أين مرساك.. هكذا تمضين في ماء جمالك إلى أبديّته"، وفي القرب والبعد "لا تكفّي عن فتنة الشّاعر"، فأهمس لنفسي من جديد: "أمدّ جناحي.. أحرّك هوائي.. لم تعد الأرض تشبهني".

"إنّه الليل، سحابة تمطر عتمًا على جفاف النّظر"، والمطر والرّيح والزوابع والبرد.. أفتقد الدّفء.. أشتاق إلى الياسمين "في عتمة الخريف، تكفي زهرة ياسمين، كي تضيئه حديقة".. وحدي "لا صوت.. لا صدى"، فتنزل من عيني دمعة شوق ومن الأخرى دمعة ألم، "لو أيّ شيء.. لو كلّ شيء، لن يجفّف دمعة الوردة، الّتي سالت من عينيّ"، وأحلم باللقاء وأكتب "كلّ يوم أربعاء، ما أعذب رزنامة الحلم، في تأويل يقظة العاشق"، وتبقين أنت "غيمة تمطر لأعلى، ما زلت أشهقني، كلّما لمست زنبقة الذّاكرة".

حين قبّلتك تحت القنطرة، كان شعرك المنسدل "كقيثارة تشعل أصابعي"، فانسكب الدّمع من عينيك "سائلاً.. مائعًا.. ذاهلاً، مشفقًا عليّ، يساقط الحنين بدوي يراعة"، فأرتشف الدّمع فثمّة "يد تكثف الرّيح، يد تعلي شراعًا، يد ثالثة للعاصفة"، فأهمس اللحظة مع الرّيح الغربيّة: تعالي من جديد لنعتلي القمة الّتي كانت تضمّنا في غفلة من الزّمان، تداعبنا النّسمات الغربيّة، فأضمك ونذوب حتّى ننصهر عبق ياسمين ونصبح "ميلان ماء الشّمس، على وجه زهرة الياسمين، نقش أبدٍ، في رخام الإياب"، فأنتظرك وأنا أعلم أنّك لست من "تنـزل لي سياج حقلها.. وتشرّدني"، فأنت طيفي الّذي حلمت.. أنت حروفي الخمسة الّتي أنتظرها منذ عصور.. أنت الّتي أحبّ.



* كلّ ما هو بين أقواس التّنصيص للشّاعر محمّد حلمي الرّيشة، من مجموعته الشّعريّة الأخيرة "كأعمى تقودني قصبة النّأي"، 2008م.



(رام الله 25/2/2009)



http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com
http://www.arab-ewriters.com/jayosi







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- دميترييف: عصر الروايات الكاذبة انتهى
- عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما ...
- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيّاد جيّوسي - من عبق (كأعمى تقودني قصبة النّأي) للشّاعر محمّد حلمي الرّيشة