السلاطين..وعالم القرية والعمدة

سالم اسماعيل نوركه

الحوار المتمدن-العدد: 2629 - 2009 / 4 / 27 - 03:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

السلاطين..وعالم القرية والعمدة!
آن الأوان للساكتين أن يتكلموا فقد حان وقت الكلام ،ف الأفكار كالأسلحة تتبدل بتبدل الأيام والذي يريد أن يبقى على آرائه العتيقة هو كمن يريد أن يحارب الرشاش بسلاح عنترة بن شداد.1 والقوم ما زالوا على أفكارهم وآرائهم القديمة والعالم من حولنا بسرعة البرق يتغير ويتكون من جديد خذ مثلا أوربا ما تجري فيها من تحولات ،عملة مشتركة برلمان موحد ومحاولة صياغة دستور أوربي وأشياء أخرى على الطريق والسلاطين عندنا لا يفسحون لنا المجال لكي نتعلم ونتطور تارة حرصا على عاداتنا القديمة وتارة أخرى خشية علينا من عادات وتقاليد الآخرين وهم في كلتا الحالتين غير صادقين !يقول علي بن أبي طالب(ع) لا تعلموا أبنائكم على عاداتكم فأنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم؟(2)
يقول الشاعر:ملء السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ
وسلاطين المنطقة فارغون من كل شيء إلا من الظلم والتعسف وسفح المال والدماء دون وجه حق خشية منهم على كرسي الحكم الذي يريدونه كالأمس ليرثه الابن عن أبيه كما حصل أيام زمان يوم تربع على كرسي الحكم بنو أمية من41 -132 هجرية إلى أن جاء العباسيون فأخذوا منهم السلطة والجاه وجرعوهم المر والعلقم وبدأت مسيرتهم من132 -656 هجرية يوم سقوط بغداد على يد الأجانب .
وخلفاء اليوم وهم كثر كخلفاء الأمس منهم من يرتل القرآن بخشوع ويقبله ويضعه على جبهته عدة مرات كل يوم ،ولكن هذا لم يمنعه من أن يقضي المساء بين هزات البطون ودقات الطنبور ،ثم يغمى عليه بعد ذالك من خشية الله.(3)
في العالم المتحضر الرؤساء والملوك يخشون من رعيتهم ويحسبون لهم إلف حساب ،أما نحن فنخشى رؤساءنا وملوكنا ونخاف كثيرا إذا غضب أحدهم منا لا لشيء إلا لأننا لم نطعه طاعة عمياء دون فكر أو أبداء الرأي على مبدأ "نفذ ثم ناقش"أي ولا تناقش !
لأن العالم تحول إلى قرية وبفضل انجازات العلماء طفحت على السطح الريحة الكريهة للأنظمة الدكتاتورية والشمولية وإفرازات هذه الأنظمة المتخلفة بدأت تتطاير هنا بل هناك أيضا سبب من أسباب الإرهاب الدولي الإفرازات السيئة لهذه الأنظمة وهناك أسباب أخرى لا مجال لذكرها .
كان العالم بالأمس إن صح التعبير ،يقف متفرجا أمام حماقات هذه الأنظمة إن لم نقل كانت تقف معها ،ولأن الصورة وضحت والضرر مس البعيد كما مس القريب ولأن العالم تحول إلى قرية فاليوم لا تجوز تسمية الأشياء إلا بأسمائها الحقيقية إلى حد كبير.
من لا يؤمن بأن العالم قد تغير جهله يؤدي به إلى هزيمة منكرة في نهاية الأمر.
هؤلاء السلاطين لو جئت لهم بالشمس في رابعة النهار لما اقتنعوا بأن يوم سحقهم من قبل العالم الجديد قد حان وهم الآن أضحوكة للتاريخ إن شعروا.
العالم تحول إلى قرية وكما نعرف لكل قرية عمدة!
فمن هو عمدة العالم الجديد؟
الأمم المتحدة أم أمريكا أم آخرون؟
وقبل أن أجيب عن هذا السؤال أود أن أقول:عالم اليوم إن شئنا أم أبينا يتجه بالاتجاه المضاد لتلك الأنظمة التي لا تجيد إلا العنف وتصفية الخصوم لغة لها بدلا من أتباع لغة الحوار ،وأعداء هذه الأنظمة ليست الجماهير الرازحة تحت حكمهم ألجلادي فحسب بل أصبحوا أمام العالم الجديد،العالم القرية،فأيامهم في كل الأحوال أصبحت قريبة والنهاية معروفة سلفا ،وكما دفع صنم العراق فاتورة حسابه الثقيلة دفعة واحدة هم كذلك سوف يدفعون الحساب دفعة واحدة ولكل سلطان جائر يوم يموت فيه.
تراكمات الأخطاء والاستهتار بإرادة شعوبهم وضعهم في حالة لا يحسدون عليها،يبحثون عن المعجزة للخلاص بجلدهم من هذا المصير الأسود القاتم.
دعوات التغير من الداخل مع بقاء هذه الأنظمة شيء أشبه بالمستحيل مع عدم تشابه المثل بالكامل مع الموضوع المطروح كأننا نطلب من القط أن يلعب مع الفأر وهذا محال .
قرية أيام زمان كانت شبه معزولة عن محيطها الخارجي لندرة وسائط النقل والمواصلات والاتصالات إن لم تكن معدومة تماما وما تحصل داخل القرية مدار حديث الناس المجتمعين عند أحد وجهاء القرية أو عند عمدة القرية الذي هو الآمر والناهي وكيف الحال اليوم والكل يقول إن العالم برمته أشبه بالقرية والآن نعود إلى السؤال الذي طرحناه:
من هو عمدة العالم باعتباره كالقرية اليوم؟
إذا قلنا الأمم المتحدة فهي تمتلك الشرعية إلا أنها لا تمتلك القوة والوسائل لتنفيذ قراراتها ،أما إذا قلنا أمريكا فهي تمتلك القوة إلا أنها لا تمتلك الشرعية حيث كثيرا ما تنفرد بقراراتها وتعمل خارج نطاق الأمم المتحدة ,
وعلى ضوء ما نرى في هذا العصر الذي نعيش فيه،الواقع يقول أمريكا هي العمدة،بعد أن كان للعالم عمدتين،وعليها كدولة عظمى بكل مقاييس القوة أن ترجع لها وتفعل قراراتها"إي الأمم المتحدة"لتأخذ شرعية عمدتها منها،ولكي لا ترتفع الأصوات بوجه العمدة ويقولون لها "يرضيك يا عمدة"

الهوامش
1 –مهزلة العقل البشري د.علي الوردي ص293
2-المصدر السابق عن محمد عبده ج 1.ص188
3 –المصدر السابق ص 171
4-أسطورة الأدب الرفيع د علي الوردي الطبعة الثانية 1994 دار كوفان -لندن

#سالم_اسماعيل_نوركه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات