أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مقبولة نصار - الارض هي القضية والقضية هي الارض السياسة الصهيونية للاستيلاء على الارض الفلسطينية المحتلة عام 1948















المزيد.....

الارض هي القضية والقضية هي الارض السياسة الصهيونية للاستيلاء على الارض الفلسطينية المحتلة عام 1948


مقبولة نصار

الحوار المتمدن-العدد: 803 - 2004 / 4 / 13 - 09:46
المحور: القضية الفلسطينية
    


تحول الثلاثين من اذار على مدار السنوات التسع والعشرين الماضية، الى يوم للتشديد على قضايا شعبنا ورفع الصوت في وجه الاحتلال وصلف السياسة الاسرائيلية، ليثبت ان قضية الارض تلبس صوراً جديدة خلال التطورات الحاصلة في القضية الفلسطينية، لكنهاجمعياً صوراً للصراع في وجه الاستيطان الاستعماري الصهيويني، وصوراً للبقاء مقابل محاولات التغيير الديمغرافي والتهويد ... واليوم نواجهة شبح الجدار، الذي لم يعد شبحاً بل حقيقة شرسة تقطع اوصال الارض الفلسطينية وتفصل المزارع الفلسطيني عن حقله ولقمة عيشه وعن هويته.

تبنّت الصهيونية منذ البداية سياسة الاستيلاء على الأرض كطريقة لدق اوتاد الدولة الصهيونية ، فكانت محاولات امتلاك الارض واستعمال سطوة الانتداب البريطاني قبيل عام 1948 اهم السبل لتحقيق ذلك (الزرو 1998)، ليؤل ما نسبت 6.4% فقط من اراضي فلسطين لملكية يهودية حتى ايار 1948 (بما في ذلك املاك الانتداب والاراضي المشاع) ولتتحول هذه النسبة الى 79% في اعقاب النكبة، رغم ان مساحة الدولة اليهودية كما نصّ عليها قرار التقسيم عام 1947 شكلت 57.99% من مساحة فلسطين.
كانت هناك محاولات يهودية اولى لشراء بلاد فلسطين بالمال خلال النصف الاول من القرن التاسع عشر (في حقبة حكم محمد على باشا على البلاد) وخلال فترة السلاطين العثمانيين والملاكين العرب في النصف الثاني (بشير 2004). وتلا ذلك محاولات صهيونية للسيطرة على الارض بدأت منذ مطلع القرن العشرين، بمحاولات امتلاك الاراضي الزراعية المتفرقة، وذلك بهدف المطالبة بخلق امتداد جغرافي بينها، تنتهي بالمطالبة بالسيادة السياسية على هذه المناطق لاحقاً (خمايسي 2003). لكن كما ذكرنا، فان هذه المحاولات لم تحقق السيطرة الا على نسبة قليلة فقط من الارض رغم الاستيلاء على جميع الاراضي التي كانت رسمياً تعود الى صالح الانتداب (والبالغة 175 الف دونم).


ما بعد النكبة:
بقي في اعقاب النكبة، واقامة الدول الصهيونية في البلاد، ما يقارب 15% من الفلسطينين (150-160 الف) فقط، فيما تم تهجير الغالبية الساحقة وتحويلهم الى لاجئين في الدول العربية المحيطة. وجدت هذه الاقلية الفلسطينية نفسها في هذه اوضاع مستضعفة تكافح للبقاء، في ظل حكم عسكري يقوم على مجموعة قوانين مجحفة وعنصرية، فيما استمرت مخططات الاستيطان بمنهجية مبرمجة، مبطنة احياناً ومعلنة احياناً اخرى، ومسوغة بقوانين عنصرية سنت خصيصاً لالتهام ما تبقى من الارض الفلسطينية، في الداخل وفي الضفة والقطاع بعد احتلالها عام 1967.
ربما يكون من اكثر ما يعكس قضية الارض في السياسة الاسرائيلية ويلخصها نجده في مقولة يوسف فايتس، (وهو احد اهم المؤثرين في تحديد السياسة الاسرائيلية في هذه القضية قبل وبعد النكبة بحكم عمله كرئيس ادارة "الصندوق القومي لإسرائيل" لمدة طويلة قبل النكبة)، اذ يقول في كتابة "الصراع على الارض" (1950، 143-145) ما يلي: " تعتقد فئات معينة من الجمهور العبري انه وبعد اقامة الدولة تعود كل البلاد للدولة ... وعليه فإن مسألة الارض قد وجدت حلها وتم خلاص الارض ... حقاً فان الارض تابعة للحكومة ولكن هناك عيب واحد فيها، فإن الحق عليها يعود الى جميع المواطنين في الدولة، ومن ضمنهم العرب ... لهذا السبب هناك حاجة ضرورية للعمل على ان تكون غالبية الارض بملكية اليهود، لهذا يجب الاستمرار في عملية خلاص الارض".
وعليه فقد تضمنت الرؤية الاسرائيلية ضرورة "خلاص الارض" من العرب، "مواطني الدولة"! لذلك صودروانتزع حتى عام 1975 ما يقارب 1,250,000 دونم اراض بملكية عربية خاصة، وذلك من خلال ما يسمى "أمر تنظيم الارض"، والذي بموجبه، كل الاراضي تعود للدولة الا اذا اثبت المدعي حقه عليها، وعليه كان كل فلسطيني بقي في بلده وارضه مطالباً بالاثبات ان ارضه التي ولد عليها وزرعها ودفن اجداده في ترابها هي ملكاً له!! في حين لم يكن على الدولة الصهيونية اثبات اي شيئ !.
من جانب آخر صادر قانون عنصري آخر وهو قانون "املاك الغائبين" ما يقارب 5,200,000 دونم من املاك اللاجئين الذين تم تهجيرهم من قراهم عام 1948، بما في ذلك مهجري الداخل حتى لو بقيوا على بعد امتار من ارضهم.
إذ خوّل هذا القانون "الوصي على املاك الغائبين" بالتصرف بالارض، والذي قام بدوره بتحويلها لجهاز "ادارة اراضي اسرائيل"، وحوّل هذا الاخير جزءاً كبيراً منها الى الوكالة اليهودية، والتي تستثمر الارض لمصلحة السكان والمهاجرين اليهود فقط (خمايسي 2003).وهذه احدى اهم طرق التحايل المشرعة لسلب حقوق الفلسطينين الباقيين في ارض فلسطين التاريخية من اي حق على الارض او الاستفادة منها . وبالتالي فإن سياسة الارض كما تتبعها اسرائيل لم تتوقف قط عن المضي قدماً في المشروع الصهيوني، كما حددته المؤتمرات الصهيونية الاولى، مروراً بمراحل عديدة من ضمنها احداث يوم الارض وحتى اليوم . وعلية فإن الاستيطان الاستعماري الصهيوني لا يفرق بين الاراضي المحتلة عام 1948 او عام 1967 .

يوم الارض والهجمة على اراضي الجليل:
في مقولة وردت على لسان دافيد بن غوريون، رئيس الوزراء الاسرائيلي الاول، انه وفي معرض تجواله في الجليل استشاط غضباً لرؤية القرى العربية "تحتل المكان" وعقب قائلاً: "ان من يتجول في الجليل ينتابه شعور انه ليس جزءاً من اسرائيل" (مقتبس لدى: بشير 2004).
لهذا لم يكن صدفة اعلان مصادرة 20 الف دونم من اراضي الجليل لاغراض التهويد في عام 1975 ("لاغراض عسكرية" كما يصطلح عليها رسمياً في اسرائيل). على اثر هذا القرار تشكلت "لجنة الدفاع عن الاراضي" التي بادرت الى سلسة من الاجراءات الاحتجاجية لمنع تنفيذ هذا المخطط، وصلت هذه الاجراءات ذروتها في اعلان الاضراب الشامل يوم الثلاثين من اذار عام 1976، بيد ان هذه الوقفة البطولية لشعبنا في وجه مخططات الاقتلاع قوبلت بأشرس محاولات القمع، حيث لم تتوانى الحكومة الاسرائيلية عن نشر قواتها العسكرية وتطويق القرى العربية، والاقدام على التنكيل بالناس العزل والممتلكات تحت سطوة السلاح. ليتكلل هذا اليوم الحافل بالمواجهات الممتدة من الجليل الى النقب بأستشهاد ستة من ابناء وبنات شعبنا .. تكرست ذكراهم عام بعد عام في محطات النضال.
ان قرار الغاء مصادرة الاراضي، الذي اطلق شرارة يوم الارض، لم يكن كفيل بإلغاء مصادرة ملايين الدونمات، والمستمرة حتى اليوم , لكن العبرة الاساسية للاقلية الفلسطينية الصامدة في فلسطين هي ان شوكة الاحتلال قابلة للكسر, وان عصر الارهاب والخوف الذي ساد خلال فترة الحكم العسكري قد ولى .. والاهم هو ان النضال قادر على استعادة الاراضي المسلوبة , حتى لو كان على نطاق 20 الف دونم فقط .
لقد حررت احداث يوم الارض جزء من الارض فقط , لكن بتحولها الى مناسبة وطنية متجددة للتعبئة النضالية وشحن الاجيال الشابة , قد لعبت دوراً في تاريخ القضية الفلسطينية وكونت رمزاً يربط ابناء الشعب الفلسطيني في كل مكان , لا سيما فلسطيني المناطق المحتلة عام 1948 .

القرى والمدن العربية جيتو جديد:
ان استمرار خطوات النضال خلال السنوات التالية ليوم الارض قد نجحت بإلغاء هذا القرار وتحويله من قرار مصادرة الى قرار اغلاق وليتم الغائه نهائياً عام 1985 , ولكن يبدو ان احداث يوم الارض كانت درس بمفهوم آخر للاحتلال , والذي شرع بإبتكار الطرق لمصادرة الارض بالذات في منطقة الجليل واليوم يستكلب على اراضي النقب .
اذا كانت مساحة النفوذ للمدن والقرى في الاوضاع الطبيعية في العالم، هي دالة طردية مع عدد السكان، او العكس طبعاً، فإن فحص مدى التقليص في مساحات نفوذ السلطات المحلية العربية سيدفع للاعتقاد ان السكان الفلسطينين في اسرائيل آخذين بالانقراض ...!, يشير تقرير "المؤسسة العربية لحقوق الانسان" في الناصرة (HRA) الى ان مساحة الارض نسبة لعدد الافراد بين الاقلية الفلسطينية في الداخل قد تقلصت بـ 27 مرة منذ عام 1948 وحتى اليوم.
في تمعن في حالة الجليل كهدف استيطاني اساسي، نجد ان هناك عدة مدن يهودية خطط لها وزرعت بهدف كسر التفوق الديمغرافي للفلسطينين في المنطقة، حيث اقيمت هذه المدن والمجالس الاقليمية في قلب الجليل وعلى اراض القرى العربية (عوض 2000). حوّلت هذه المدن والمجالس القرى والمدن العربية الى مناطق سكنية مكتظة ومحاطة من جميع الجهات، دون اي منفذ للتوسع او للتطور الزراعي او الصناعي, بشكل لا يختلف عن "الغيتو" .
من ناحية اخرى فإن سياسة البناء وتخطيط الخارطة الهكيلية الاسرائيلية, اعتمدت دفع واجبار الفلسطينين على الاكتظاظ السكاني, وتغيير انماط البناء بحيث يقيمون بيوتهم عمودياً (بنايات متعددة الطبقات) وليس افقياً، فيما وجهت الاستيطان اليهودي نحو التوزيع السكاني على مساحات شاسعة (خمايسي 2003). مما يعني ان الحكومات الاسرائيلية حولت ولا تزال تحول القرى والمناطق العربية الى كتل اسمنتية دون استثمار في البنى التحتية,تقوم بتضييق مساحاتها بشكل دائم , ومع ازياد عدد السكان العرب , هذه الكتل السكانية ليس لها سبيل الا البناء غير المرخص والتعرض لهدم بيوتها بعد ذلك, او الانفجار على اوضاعها في اي لحظة ......
مستوطنة مسجاف في الجليل مثال بشع لهذه السياسة, اذ يدخل في حدود منطقة نفوذ المجلس الاقليمي مسجاف، والذي اعلن عن اقامته عام 1982 كجزء من مشروع تهويد الجليل بتخطيط من الوكالة اليهودية، حوالي 200 الف دونم، نسبة كبيره منها كان قد صودر في السابق وحوالي نصفها تعود الى ملكية سكان فلسطينين يقيمون في 20 قرية عربية في الجليل.
في مقارنة مع اوضاع القرى العربية في الجليل، والمطوّقة بمستوطنات المجلس الاقليمي مسجاف، نجد ان 12,000 نسمة من اليهود ينعمون اليوم بحوالي 200 الف دونم ارض، اي بمعدل يصل الى 16.7 دونم للفرد فيما تبلغ مساحة نفوذ 22 قرية عربية والتي يسكنها 225 الف نسمة 215 الف دونم اي اقل من دونم واحد للفرد...

في ذات الوقت تبلغ نسبة الملكية العربية للارض في اسرائيل ما يزيد عن الـ 4% من مساحة الدولة، لكن مع ذلك فان نسبة مساحات نفوذ القرى العربية مجتمعة في البلاد هي 2.5% فقط، اي ان قسماً كبيراً من الارض التي تعود الى ملكية عربية تخضع لادارة سلطات يهودية (بشير 2004).
ان ضم اراضي بملكية عربية، بما فيها الاراضي الزراعية، الى مجالس اقليمية يهودية، تحمل ابعاداً خطيرة من اهمها، وجود خطر مصادرتها حسب قانون يخوّل المجالس الاقليمية مصادرة حتى 40% من اراضي نفوذها للمصالح العامة! وعدم منح التراخيص للتصرف بالارض (على امل عرضها للبيع لجهات يهودية طبعاً)، اضافة الى اجهاض امكانيات التوسع والتطوير في اراضي زراعية وصناعية للقرى لمصلحة السكان العرب.

مشكلة الحكومات الاسرائيلية !!
من الوهم ان نعتقد ان الجليل هو الهدف الوحيد للمصادرة والتهويد، اذ انه وبعد فترة وجيزة من يوم الارض تمت مصادرة 90 الف دونم من اراضي النقب. اضافة الى مساحات واسعة في منطقة المثلث ووادي عارة بما في ذلك الاراضي الزراعية وغير الزراعية التي التهمها ما يسمى شارع عابر اسرائيل.
فإذا كان الجليل قد قضّ مضجع رئيس الوزراء الصهيوني الاول دافيد بن غوريون، فإن النقب لا يزال يقضّ مضجع رئيس الوزراء الاخير ارئيل شارون، والذي عبّر عن الاستهداف الجليّ لاراضي النقب بشكل صريح في تصريح له من عام 2000 حيث يقول : "تواجه اسرائيل مشكلة صعبة جداً في النقب، فان حوالي 900 الف دونم من الارض ليست بايدينا بل بأيدي السكان البدو" (مقتبس لدى: خمايسي 2003).
واليوم نعرف ان مخطط استعماري صهيوني ضخم يعد للاستيلاء على اراضي النقب , هذا المخطط بدأ بطلب 5 مليارات دولار من الادارة الامريكية لتمويل "تطوير" النقب, والذي على ما يبدو سيشكل موقع جذب استيطاني لمستوطني الضفة الغربية والقطاع . وفي ذات الوقت اتمام مخطط شارون بنهب كل الاراضي المتبقية بأيدي الفلسطينين لكن هذه المرة بتمويل امريكي ! .
فقد أفاد موقع "عرب 48" أن طاقماً خاصاً من وكلاء النيابة الاسرائليون يعكف مؤخراً على تقديم دعاوى ضد خمسة من أصحاب الأراضي من عرب النقب، الذين قاموا بتسجيلها في دائرة التسوية في بداية السبعينات، وذلك ليتسنى لهم اتخاذ سابقة قانونية، يستطيعون من خلالها تقديم دعاوى ضد 3000 مالك للأرض من عرب النقب. وحسب المعطيات التي وردت فإن أكثر من نصف عرب النقب يملكون نحو (650) ألف دونم مسجلة لدى دائرة التسوية , وهذه هي الارض التي ترغب الحكومة الاسرائيلية اليوم بتشريع سلبها .


استهداف الزراعة العربية:
نجحت السياسة الاسرائيلية خلال العقود الماضية بدفع اعداد كبيرة من المزارعين العرب لترك مهنتهم، في محاولة منها لاضعاف اهم روابطهم بالارض، وذلك عن طريق استعمال شتى الطرق لتضييق الخناق على المزارعين. شملت هذه الطرق تحديد قسري لنوعية المزروعات المسموح زراعتها، التمييز في المنح والحوافز الحكومية والتمييز في توزيع مياه الري وفرض الضرائب الجائرة على الفلاحين الفلسطينين.. وغيرها.
ليس من الممكن ان لا تدور اشكالية من هذا النوع في فلك مخطط التهويد والاستيلاء على الارض . ان اضعاف الزراعة العربية هو احد انماط الاستيلاء على الارض، حيث يهدف تغييب دور الارض كمصدر رزق كبير ومصيري الى اضعاف مقاومة المصادرة.
ومن ناحية اخرى فان تحويل الاراضي العربية الى مساحات غير مستغلة وغير مجدية اقتصادياً، يؤدي الى تخفيض قيمتها وبالتالي قد يسهل بيعها مع وجود ظاهرة السماسرة والانتهازيين من ابناء شعبنا. هذا ناهيك عن تحويل الانسان الفلسطيني من منتج ذا اكتفاء ذاتي الى مستهلك غير خلاّق، وبالتالي الى تحويل المجتمع العربي الى سوق للمنتجات الاسرائيلية!!.
ان النقب والجليل يمثلان الحالة الفلسطينية في هذا المجال كذلك, بالنسبة لاراضي النقب وبرغم كونها اراض شبه صحراوية الا انه حتى عام 1948 زرع العرب في جنوب فلسطين مساحة 2 مليون دونم، امتدت بين الفالوجة شمالاً وحتى راس رامان (ما يسمى متسبيه رامون اليوم) جنوباً، والبحر الميت شرقاً وقطاع غزة غرباً.
ورغم توقيع وثيقة بين عرب النقب والاحتلال بعيد عام 1948 تنص على احتفاظ عرب النقب بأرضهم وصيانة امنهم, الا ان قوات الاحتلال قامت بعد ذلك بـ ثلاث سنوات فقط بطرد وتهجير 85% منهم الى شرقي الاردن وقطاع غزة .
بعد انتهاء الحكم العسكري عام 1967 ، حاولت حكومات إسرائيل تقليص رقعة الأرض التي يعيش عليها عرب النقب البدو، بتركيزهم في سبعة مجمعات غير زراعية وغير صناعية. في تلك الفترة أعلنت "دائرة عقارات إسرائيل" رسمياً أن كل مواطن دون سن الأربعين لن يحصل على أراضٍ للزراعة، بحجة أن بإمكانه من الناحية الجسدية "العمل في الزراعة والصناعة لدى اليهود".
وفي الجليل شمال فلسطين يعتبر سهل البطوف من اخصب اراضي فلسطين , حيث تبلغ مساحته 14 الف دونم , الا ان هذه المنطقة تحولت في السنوات العشرين الماضية الى اراض غير مستغلة ومهملة , بعد ان اضطر اصحابها من الفلسطينين في الجليل الى تركها , والسبب الاساسي هو سياسة تضييق الخناق عن طريق السبل المذكورة اعلاه , ومن اهمها منع المزارعين من الحصول على الماء للزراعة , وفرض ضرائب قاسية تهدف الى افقارهم ودفعهم للعمل لدى اليهود , بدل من فلاحة ارضهم .
خلال الستينات صودرت مساحات واسعة من سهل البطوف, لتمرير مشروع قناة ماء ضخمة لتصريف مياه بحيرة طبريا, واليوم تمر هذه القناة من اراضي البطوف, فيما تحرسها سيارات بولبسية من الجانبين لمنع اي مزارع فلسطيني من نقل قطرة ماء منها الى ارضه .
ولكن القصة لا تنتهي هنا , اذ ان هذا السهل لا تنقصه المياه , فبسبب جغرافيته تجتمع كميات هائلة من الامطار في المناطق الدنيا من اراضيه , كميات المياه هذه فيما لو توفيرها عن طريق مجمعات , تكفي لري جميع الاراضي في السهل , الا ان الحكومة الاسرائيلية تفشل وتماطل في تنفيذ هذه المشروع رغم المصادقة عليه منذ عام 1964 .
قد يكون من المضحك الاشارة الى ان قرية عرابة البطوف, المجاورة للسهل والمسماة على اسمه, هي قرية تعاني من حالة بطالة قاسية, وصلت الى حد اضطرار بعض العائلات لتلقي مساعدات غذائية ارسلت من احد الكيبوتسات الاسرائيلية في النقب ... فيما سهلها الخصب مهمل وهم غير قادرين على زراعته!! .
ان هذه الحالة هي الهدف المبرمج لاسرائيل من خلال هدم الزراعة العربية, هدم للاقتصاد, هدم لشخصية الفلسطيني/ة وتحويلهم الى متعلقين بالمشغل اليهودي في لقمة عيشهم, وافقارهم بشتى الطرق من اجل الوصول الى تقويض روح المقاومة, ومن ثم سلب الارض ومن يعرف قد يصلنا الدور بالتهجير( الترانسفير) ..
ان اسرائيل لا تولي هذا الجهد لقضية الملكية الفلسطينية الا لكونها تعبر عن الصمود وعن تقويض مشروع التهويد و"خلاص الارض" كما يصطلع عليه معجم الصهيونية, فمن بقي من الفلسطينين على ارضة وبقي يملكها الى اليوم انما يعني تغلبه على محاولات الترحيل والكسر السابقة.
لهذا فإن التمسك بالارض في حالتنا كأقلية فلسطينية مهددة ، وفي ظل تراكمات القضية الفلسطينية من النكبة الى اليوم، هواعلى مراتب النضال حيث تبقى قضية الارض قضية وجود.


المصادر:
بشير، نبيه (2004). حفريّات في السياسة الإسرائيليّة: حول "تهويد البلاد" – المجلس الإقليميّ "مسغاف" في الجليل (دراسة حالة)، حيفا: المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية – مدى (لم ينشير بعد).

خمايسي، راسم (2003). "انماط السيطرة على الارض وتهويد الحيز في اسرائيل "، عند: ماجد الحاج واوري بن اليعزر(محرران), باسم الامن: "سوتسيولجيا الحرب والسلام في اسرائيل في عهد المتغيرات" حيفا : دار النشر بارديس , جامعة حيفا ,ص 421-443.

الزرو، نواف (1998). "الارض في الفكر السياسي الصهيوني "، صحيفة العرب اليوم الاردنية , ص 1-10

عوض، خالد (2000). كي لا ننسى: 25 عاماً على يوم الارض ، الناصرة : مركز النورس للانماء التربوي .

المؤسسة العربية لحقوق الانسان ,(1999). الفلسطينيون العرب في اسرائيل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية : الناصرة.
موقع الانترنت: www.arab48.com



#مقبولة_نصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرزق البرتقالي...
- تناسخ .....


المزيد.....




- مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال ...
- هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي ...
- رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي ...
- رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
- الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا ...
- البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف ...
- السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل ...
- هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
- أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مقبولة نصار - الارض هي القضية والقضية هي الارض السياسة الصهيونية للاستيلاء على الارض الفلسطينية المحتلة عام 1948