أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاتح شيخ - الازمة الاقتصادية الراهنة ضربة اخرى للصدارة الامريكية للعالم















المزيد.....

الازمة الاقتصادية الراهنة ضربة اخرى للصدارة الامريكية للعالم


فاتح شيخ

الحوار المتمدن-العدد: 2621 - 2009 / 4 / 19 - 09:25
المحور: مقابلات و حوارات
    


مقابلة برتو مع فاتح شيخ
ترجمة: يوسف محمد وفارس محمود
برتو: دفعت اخبار وتحليلات الاسبوعين الاخيرين الخاصة بالازمة المالية بقية القضايا العالمية نحو الهامش. ماهي حقيقة ماحدث؟ وماهي اخر اخبار الازمة؟
فاتح شيخ: في خضم الازمة الاقتصادية، تواصل البرجوازية وحكوماتها، وبالتزامن مع اشتداد المنافسة من أجل إلتهام بعضها للبعض الآخر والتدخل من فوق للسيطرة على الازمة، اعطاء تصوير مقلوب للمجتمع حول ما يجري، وتغرق الجماهير في تفاصيل الاخبار حتى تبعد عن اذهان الجماهير المشكلات الحقيقية والاسئلة الاساسية. انها تربي الجماهير على "عقلية الازمة" (شدّوا الاحزمة!)، وفي الوقت ذاته لا تدعها تعرف ما هو جوهروعلة الازمة. ان هذا جزء من التعريف المهني للاعلام، رجالات الدولة، صياغ السياسات الاقتصادية، اصحاب البنوك، المضاربين والكثير من الصحفيين والمحليين خدام الراسمال، وكذلك قسم مهم من الية الخروج من هذه الازمة وبدء مرحلة جديدة من تراكم الراسمال في قلب تشديد استغلال الطبقة العاملة وتحميل فقر اكبر وعمل اشد على رقبة هذه الطبقة. وإزاء غابة الضجيج والخداع هذه، فان اول عمل ضروري يجب ان يقوم الشيوعيون به هو طرح تصوير حقيقي، واضح ومفهوم للجميع حول ماهية وسبب الازمة وكذلك خصوصية اية ازمة خاصة في الاوضاع الاجتماعية الراهنة. اسئلة مهمة يتم طرحها على صعيد اوسع مع هذه الازمة: بعد مرور عقدين على انهيار راسمالية الدولة وازدهار السوق الايديولوجي لـ"السوق الحرة"، الا تفند هذه الدرجة من تدخل الدولة في الاقتصاد وتهدم خرافة "السوق الحر"؟ أ ليست الضربة التي وجهتها ومازالت تو جهها هذه الازمة لمكانة امريكا في الاقتصاد العالمي، ضربة اخرى لتصدر امريكا للعالم؟ ما هو تاثير عملية اعادة تقسيم العالم، صراع روسية والغرب، غياب النفوذ والاعتبار المركزي في العالم، حتى على صعيد عدة اقطاب، تغير ميزان القوى وسيادة الفوضى على العالم، على مسار الازمة وعواقبها؟ ماهي صلة الاوضاع الاجتماعية العالمية الان والمكانة العالمية للطبقة العاملة وبالاخص في البلدان المتقدمة بالازمة الراهنة؟ ماهو البديل البروليتاري والشيوعي لهذه الازمة ولمجمل هذه الاوضاع؟ يجب الرد على هذه الاسئلة. بدءا، لنعرف ماهي اخر الاوضاع.
لقد بدأت الازمة الراهنة التي توصف بانها اكبر ازمة بعد الازمة الكبيرة في عام 1930، تحديداً مع الهزة التي تعرض لها الوال ستريت جراء اعلان افلاس بنك ليمن براذرز (الاحد 14/15 ايلول-سبتمبر). بعدها جرت سلسلة هزات في اوربا، اليابان، روسيا وبقية العالم. ان مركز الزلزال مازال يهتز، تتساقط بنوك اكثر في امريكا. في اوربا كذلك. القيام بحملة لتملك وشراء فروع ليمن براذرز باسعار رخيصة، البيع الاجباري لمريل لينج الى امريكان بانك، افلاس اكبر بنك ضمانات في امريكا: آي أي جي (امريكان انترناشيونال كروب)، اشتداد المنافسة لابتلاع البنوك المنهارة، تدخل الدولة والبنك المركزي الامريكي بخطة 700 مليار دولار، رد الفعل الاولي الايجابي للسوق تجاه هذه الخطة ولكن حدوث موجة سريعة من الرد السلبي بعد تردد الكونغرس الامريكي وتاخره في اقرارها، التصاعد غير المسبوق لسعر النفط 25 دولار في غضون يوم واحد فقط (الاثنين 22 ايلول)، استمرار تهاوي سوق الاسهم في اسيا واوربا وامريكا، اكبر عملية افلاس مصرفي في تاريخ امريكا (واشنطن ميوجوال)، انهيار بنك بي اند بي في بريطانيا، فورتيس في بلجيكا، سانتاندار في اسبانيا، مد هذه الازمة المالية ليدها على اقسام اخرى للراسمال (ايطاليا على حافة الانهيار وتتعقب مشتري، وهو الامر الذي لم يتم)، ان هذه هي خلاصة مكثفة للاسبوعين الذين هزا اقتصاد العالم. بيد ان هذين الاسبوعين، مرحلة الانفجار الاخير لهذه الازمة، يعود بدايته الى حزيران 2007 وازمة قروض السكن في امريكا وبرطانيا والتي انهار جرائها عدة بنوك كبيرة من بينها نورتم راك في بريطانيا مما حدى بالدولة كأمر لامناص منه الى تخصيص رأسمال خرافي من اجل تأميمها، ومع تاميم بنك بي اند بي، تكون هذه ثاني حالة تاميم في بريطانيا بغضون اقل من سنة. علينا ان ننتظر ايضا الايام القادمة لنرى ما الذي سييحدث. وعلى الرغم من ان خطة امريكا (700 مليار دولار) بعد اسبوع من المفاوضات بين الحكومة والكونغرس تم حسم هذا الامر في الساعات الاخيرة من يوم الاحد، اي قبل بدء عمل سوق الاسهم في اسيا، فيما واصلت سوق الاسهم في اسيا واوربا صباح الاثنين 29 ايلول مسارها التنازلي للاسبوعين المذكورين. ان تهاوي سوق الاسهم في بريطانيا وفرنسا والمانيا ونيويورك بنسبة 3% حتى بعد الاعلان النهائي لخطة 700 مليار دولار، يبين عمق الازمة وعدم عودة "الثقة" بالسوق.
برتو: ماهو مصدر ومحتوى الازمة الاقتصادية الراسمالية، وماهو سبب هذه الازمة المحددة؟
فاتح شيخ: ان الازمة الاقتصادية هي سمة ذاتية ولامناص منها في الانتاج الراسمالي ولكن كل ازمة خاصة تبرز من جراء مبررات خاصة وفي اوضاع احتماعية محددة يمكن تفسيرها استنادا الى الحركة الواقعية للانتاج الراسمالي، اعتبار والنفوذ في الاوضاع ذاتها. ان اساس التفسير والتوضيح هي الميول العامة والتضادات الذاتية للانتاج الراسمالي نفسها بالطبع. ان بروز الازمة يعني ان التناقض الذاتي للانتاج الراسمالي قد بلغ امتداداً لحركته التدريجية الى انفجار راهن. يتمثل هذا التناقض الذاتي بميل اسلوب الانتاج الراسمالي الى النمو المطلق لقوى الانتاج دون وضع في الحسبان انتاج القيمة والقيمة الاضافية، بهدف انتاج فائض القيمة و... الراسمالي في تصادم دائم، نمو المضطرد لقوى الانتاج وتنامي الانتاج، يكون باعث للميل التنازلي لسعر الربحن وذلك لان قوة العمل محدودة بيد ان تراكم الراسمال غير محدود. وعليه، فان سعر الربخ ذات ميل تنازلي.ان هذا الميل هو اساس امكانية الازمة. للحيلولة دون حدوث هذه الامكانيةن فان الرسماليين وحكوماتهم .... العناصر والميول المتقابلة من بينها: شراء الراسمال والتكنولوجيا بصورة رخيصة، تصعيد استغلال وتخفيض اجور الطبقة العاملة، الدفع اناس اضافية لسوق العمل و... وعبر هذه الطرق بوسعهم تعويض انخفاض سعر الربح، ولكن ليس بوسعهم استشصال هذا الميل ذاته وبالتالي امكانية الازمة، ولهذا فان امكانية الازمة وميل انخفاض لسعر الربح هما قانون الانتاج الراسمالي.
تتفجر الأزمات الدورية حين لا تستطيع الاتجاهات الرادعة والوقائية من التصدي لمسار تدني أسعار الفائدة. وعلى أية حال تستطيع الرأسمالية، بالاستناد على العوامل والآليات التي ذُكرت فيما تقدم، أن تتجاوز الأزمة التي ظهرت وأن تبدأ مرحلة أخرى من تراكم الرأسمال. ونفس الأزمة الدورية هي أحد الميول المواجهة للاتجاه التنازلي لأسعار الفائدة وآلية بدء مرحلة جديدة من تراكم الرأسمال، وبالطبع بالنتيجة الحتمية في أن الأزمة المقبلة ستكون أشمل وأكثر مشقة وصعوبة.
الأزمة القائمة بدأت قبل عام وبضعة أشهر، وبتحديد أكثر في حزيران 2007 بأزمة القروض العقارية في أمريكا وبريطانيا. أزمة الائتمان ومع الارتفاع السريع لأسعار العقارات الناجم أساساً عن مضاربات البورصة في أسواق العقارات من قبل رساميل البنوك، قسم كبير من المقترضين عجزوا عن الوفاء بديونهم، بالنتيجة خسروا بيوتهم وفي نفس الوقت واجهت البنوك أزمة ثقة بسبب القروض غير المسددة. المضاربة في سوق العقارات وارتفاع أسعار العقارات أضعاف قيمتها الواقعية هي السبب المشخص لظهور الأزمة الحالية وكانت بوادر انفجارها الأولية في حزيران 2007 بإفلاس البنوك في أمريكا وبريطانيا. هذه الأزمة لم تنحسر وادت في استمرارها الى الانفجار الكبير قبل نحو أسبوعين في وول ستريت حيث يقال أنها أصعب وأشد أزمة اقتصادية أمريكية بعد أزمة عام 1930. وقبل زلزال وول ستريت، صرح وزير المالية البريطاني، اليستر دارلينغ، بأن بلاده تواجه أسوأ ازمة اقتصادية خلال ستين عاماً (منذ نهاية الحرب العالمية الثانية). وبالإضافة الى أزمة الثقة بالعقارات هناك عوامل أخرى سرَّعت في ظهور الأزمة الأخيرة وتركت أثرأ في تعمقها واتساع مدياتها حيث يشكل الارتفاع الصوري في أسعار النفط لأكثر من 140 دولار للبرميل الواحد في الفترات الأخيرة أهم تلك العوامل. وكانت الأوضاع السياسية العالمية المضطربة أيضاً، وتوتر علاقات روسيا بأمريكا والغرب واضطراب معادلات السلطة بضرر أمريكا والغرب على الصعيد العالمي الأمر الذي عبر عن نفسه بوضوح في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، من جملة العوامل والظروف التي تركت أثراً بارزاً على مستوى الأزمة، واستمرارها وصعوبة إعادة "الثقة" بالأسواق.
برتو: لماذا استوجب الأمر هذا المستوى الضخم من تدخل الدولة في الاقتصاد في مسار هذه الأزمة؟ يقال أن هذه هي بوادر نهاية السوق الحرة، ما مدى واقعية هذا الحكم؟ كيف تقيمون مستوى التأثير الذي سيتركه بالفعل هذا التدخل وبشكل أكثر تحديداً الخطة المالية الضخمة للحكومة الأمريكية على هذه الأزمة؟ وما ستكون نتائجها على معيشة الطبقة العاملة والموطنين المتوسطي الدخل أو "دافعي الضرائب" في أمريكا والبلدان الأخرى؟ وأخيراً، ستتواصل الأزمات الدورية بنفس الشكل أم أن الرأسمالية ستزول، في خاتمة المطاف، أسيرة بين فكي أزمة كبيرة وشاملة؟
فاتح شيخ: باعتقادي أن هذا النوع من تدخل الدولة في الاقتصاد لا هو بجديد، وليس له أية علاقة بالمواجهة التاريخية بين رأسمالية الدولة ورأسمالية السوق الحر. فنظام رأسمالية الدولة من الطراز السوفيتي والصيني، الاقتصاد المختلط من طراز الاشتراكية الديمقراطية الغربية، التدخل الواسع للدولة في الاقتصاد في فترات الكساد بين الحربين العالميتين وكذلك في مرحلة إعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية والاقتصاد المدار من قبل الدولة للبلدان المتخلفة في عقد الخمسينات، جميعها كانت نتاج وحصيلة ظروف تاريخية لمرحلة معينة من تطور الرأسمالية وانتهت بالثورة التكنولوجية وثورة المعلومات في عقد السبعينات والثمانينات، وقد فقدت بوصلتها وأقطابها العالمية وتم غلق ملفها بالسقوط الدراماتيكي للاتحاد السوفيتي، وانعطاف الصين السريع وانعطاف الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية نحو اليمين. لقد انتهى عهد ذلك النوع من النظام وذلك النوع من تدخل الدولة في الاقتصاد ولن يعود أبداً وانتفت أية إمكانية لعودته بالقفزات الكبرى للتكنولوجيا ورسوخ الرأسمالية في كافة أرجاء عالم (العولمة) في العقدين الأخيرين. غير أن تدخل الدولة في الاقتصاد سيظل قائماً وموجوداً بمثابة سرج للرأسمال الخاص وبوصفه تتمة وناظماً للسوق الحر. وعلى العكس من ذلك فإن وحشية اليمين البرجوازي المتطرف والصعود الهزيل اليمين المعتدل الذي يحب "اليسار" الساذج المحتج أن يأخذه على محمل الجد، وتدخل الحكومات الأمريكية والبريطانية وغيرها لا تشكل أبداً بوادر نهاية السوق الحر. على الرغم من أن علامات النهاية هي نفس الإدعاءات الهزيلة حول "نهاية التاريخ" والمبدأ القذر "هذا هو الموجود" لليمين المتطرف. هذه الأزمة واضطرار الدول لصرف مليارات الدولارات من أجل التصدي للسقوط والوقوف بوجهه، دليل وبرهان على حقيقة أخرى ألا وهي :حقيقة تناقض كل النظام الرأسمالي مع الظروف الاجتماعية للعالم المعاصر ومع أبسط حاجات ومتطلبات البشرية المعاصرة.
وفيما يتعلق بقضية إن كانت خطة ال 700 مليار دولار أمريكي ستحل هذه الأزمة أم لا، فإن الشكوك التي تنتاب نفس الهيئات الحاكمة في أمريكا هي شكوك قوية وجدية. فالدولة تقول أنها مضطرة للإجابة على "أكبر أزمة بعد أزمة عام 1930" وإلا سيصيب الضرر الاقتصاد الأمريكي بدرجات أكبر وأكبر وبالتالي سيصيب "دافعي الضرائب". بالإضافة الى ذلك فإن تضرر الاقتصاد الأمريكي سيوجه ضربة أخرى لصدارة أمريكا العالمية. يجب الانتباه الى أن الوزن الحقيقي لمراهنة الدولة على التراكم الناجم عن استغلال الطبقة العاملة من أجل إنقاذ الرأسمال الطفيلي المصرفي، هو أكثر من ألف مليار أيضاً، وفي هذه الحالة فإن معنى ردود الفعل السلبية للسوق في يوم الاثنين هو أن هذا المبلغ مازال غير كافي لإعادة الاستقرار للاقتصاد الأمريكي. خلاف الديمقراطيين المسيطرين على الكونغرس مع حكومة بوش هو على كيفية صرف هذا المبلغ لا على حتمية ضرورة وحتمية تخصيص هذا المبلغ. الخطة موجهة لاستثمار الرأسمال في المراكز الأكثر إنتاجاً وتقليصه في المراكز الأقل إنتاجاً. وقد كان خطاب نانسي بلوسي رئيسة الكونغرس حين قالت: "لا بأس، وول ستريت لن يغفر لأحد، فقد انتهت اللعبة" دلالة على عمق تعفن وفساد الرأسمالية في العالم المعاصر. وقد قال جورج سوروس الملياردير المشهور في نفس هذه الأيام: "المضاربة جزء من السوق". ويجب الإضافة أن العفن والفساد والمضاربة الطفيلية هي أركان أصلية من وجود الرأسمالية. واليوم فإن النظام الرأسمالي هو نظام طفيلي بأكمله. علي أية حال ليست هناك أية علامات على فعالية هذه الخطة حتى الآن، ولم يطرأ لحد هذه اللحظة أي تغيير على شاخصين من أسس هذه الأزمة :1- مازالت أسعار العقارات ترتفع، و2- مازال الضغط المتواصل لبنوك الائتمان لسحق بعضها البعض الآخر مستمراً وبالتأكيد سيجلب معه الكثير من حالات الإفلاس. ومن الواضح أن نتائج ضخ المليارات من الدولارات في أمريكا وبريطانيا والأماكن الأخرى، هي التضخم المتزايد يومياً والارتفاع الفوري والعالمي للأسعار الذي يضغط قبل كل شيء على حياة الطبقة العاملة والأكثرية الفاقدة للرأسمال في المجتمع.
وفي الإجابة على القسم الأخير من السؤال: نفس الحقيقة التاريخية في أن الأزمات الدورية موجودة، تعني أن الرأسمالية استطاعت التغلب عليها. وستتمكن من ذلك في المستقبل أيضاً، إلا إذا ارتقى الصراع الطبقي بين العمل والرأسمال لمستوى الصراع على النظام نفسه، أي أن تزيح الطبقة العاملة البرجوازية من السلطة وتقضي على سلطتها السياسية وسيادتها الاقتصادية. يمكن للصراع الطبقي ويجب عليه أن يرتقي نتيجة لهذه الأزمة الى مستويات أعلى من النضال الاقتصادي، ولكن من ناحية أن نتيجة تصاعد هذا النضال الى هذا المستوى لا يمكن تخمينها مسبقاً، وليست هناك أية أزمة تعد أزمة "نهائية" للرأسمالية. والأزمة الحالية ليست بأزمة نهاية ويمكن السيطرة عليها وتجاوزها من قبل البرجوازية. أما مسألة كم ستطول هذه الأزمة وفي خضم أية مرحلة جديدة من تراكم الرأسمال ستبدأ هي مسألة مرهونة بعوامل وأسباب مختلفة حيث يشكل صراع الطبقة العاملة لمواجهة نتائج الأزمة أكثر تلك العوامل والأسباب أساسية، ليس فقط ضمن إطار الدفاع عن معيشتها بل وخلال هجمتها ضد الملكية البرجوازية القذرة، كما جرى في الأشكال غير المنظمة والفاقدة للقيادة من "ثورات الجياع" خلال الأشهر الأخيرة في الكثير من أرجاء العالم وفي الأشكال الأكثر تنظيماً في الحركات العمالية خلال السنوات الأخيرة في فرنسا.
برتو: ما هو البديل العمالي (الشيوعي) تجاه هذه الأزمة الاقتصادية؟ وبشكل أكثر تحديداً ما العمل في خضم أوضاع العالم المعاصرة؟
فاتح شيخ: البديل العمالي الشيوعي تجاه الأزمة الاقتصادية هو القضاء على نفس النظام الرأسمالي بمجمله، باستغلاله (العمل المأجور)، بتراكمه (الملكية البرجوازية لوسائل الانتاج)، بمضارباته وإفلاسه وبأزماته الدورية. فبدون القضاء على النظام الرأسمالي وعلاقات الاستغلال بين الرأسمال والعمل، لن تقتلع جذور الأزمة، وستظهر بين حين وآخر وستحول الحياة بالنسبة للطبقة العاملة والأغلبية التي لا تملك الرأسمال في المجتمع الى حياة أكثر مشقة وصعوبة على التحمل. على الطبقة العاملة العالمية الدفاع عن معيشتها وكافة حقوقها الإنسانية من خلال صراع طبقي شامل اقتصادي وسياسي وفكري، وأن تمسك بالسلطة السياسية، وأن تتغلب أيضاً على الفراغ الأيديولوجي السياسي الموجود خلال العقدين الماضيين. وهذا مرهون بالتحديد بهمة وعزيمة شيوعيي القرن الحادي والعشرين العماليين حيث عليهم ملئ هذا الفراغ الأيديولوجي السياسي من خلال هجمة شيوعية وماركسية منظمة على الأسس الاقتصادية والسياسية والفكرية للرأٍسمالية. وهذا ليس سوى نقد جذري من منظار الطبقة العاملة المعاصرة العالمية لرأسمالية العولمة المعاصرة. مثل هذا النقد موجود. وتعاليم ماركس هي اليوم أكثر صحة من أي وقت وتمثل إجابة على حاجات وطموحات البشرية وطليعتها في مسيرتها نحو التحرر والخلاص. إن الحزب الحكمتي بتمسكه براية ماركس وحكمت وبالتعاليم والممارسة الثورية اللينينية قادر في هذه المرحلة على أن يلعب دوراً في طليعة صفوف شيوعية القرن الحادي والعشرين المتدخلة. هذه المرحلة هذه مرحلة "ما قلناه" نحن، لا مرحلة "ما قاله" الاشتراكيون الديمقراطيون ومؤيدو رأسمالية الدولة المختلفون.
في نفس الوقت على الشيوعيين أن يكونوا حملة الراية في ميدان الإصلاحات وأن لا يفسحوا مجالاً للإصلاح الشكلي والعديم الأسس: فإذا كانت الدولة تأخذ المليارات من الخزانة المركزية لدعم الرأسمالية المتعفنة، فإن حقانية مطالب الطبقة العاملة الإصلاحية من أجل المجتمع، من قبيل رفع مستوى الأجور بالتناسب الطردي مع نسبة التضخم، ضمان البطالة الكافي للجميع، تمتع المواطنين بالخدمات الطبية المجانية، الضمان الصحي الشامل، حق السكن والحصول على مساعدة السكن،..و..وبكلمة واحدة أصل مسؤولية المجتمع والدولة تجاه أفراد ومواطني المجتمع هو أوضح وأوجب بدرجات كبيرة.
هذه المرحلة مرحلة علو الكلمة الشيوعية، وبناء الحزب الشيوعي يتمتع بضرورته وحقانيته وأسسه وإمكانيته العملية أكثر من السابق. هذه المرحلة هي مرحلة أما أن تؤدي فيها المنافسة الإمبريالية من أجل تقسيم العالم من جديد لحرب عالمية أخرى أو أن تؤدي الى فرض أوضاع العبودية (مثل النموذج الصيني والروسي للعامل الرخيص والمقموع) على الطبقة العاملة وخصوصاً الطبقة العاملة في المجتمعات الغربية المتقدمة وسلب مكتسبات قرنين من نضالنا وصراعنا الطبقي. ولكن بوسع الطبقة العاملة والشيوعيين الثوريين قلب الأوراق، بوسعهم ليس فقط الدفاع عن هذه المكتسبات بل والدفاع عن كل قلاع التحضر والتمدن البشري تجاه تهديدات كل أقطاب الرجعية الإمبريالية.




#فاتح_شيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمال فرنسا: خطوة جديدة للامام
- صعود حماس: الفاشية قبالة الفاشية
- -لا- كبيرة هزت اوربا!
- حول شعارين فيما يتعلق بالاستفتاء: استفتاء في كردستان قبل الا ...
- خارطة اي طريق؟ الى متى ستبقى جماهير فلسطين ضحية طاحونة الدم ...


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاتح شيخ - الازمة الاقتصادية الراهنة ضربة اخرى للصدارة الامريكية للعالم