سوسن الشاعر
الحوار المتمدن-العدد: 801 - 2004 / 4 / 11 - 06:25
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
يبدو ان السلطة البحرينية هي أيضا بحاجة لوقت حتى تتأقلم مع طبيعة دورها ضمن الإطار الإسلامي الجديد وليست المعارضة التقليدية البحرينية فحسب. فالسلطة في تعاطيها مع التحركات السلمية للجمعيات المقاطعة لأي خصم سياسي ظلت متمسكة ببعض الأساليب التقليدية القديمة التي تثمر دائما وأبدا نتائج عكسية وسلبية، فهي إلى اليوم ليست عاجزة عن تقبل الاختلاف فحسب، بل عاجزة عن الدفاع عن خياراتها بالمنطق، فتضطر ان تلتف على حق التعبير الدستوري للمختلفين معها من المواطنين بأساليب هي ليست في حاجة لها.
اختلفنا معها حول أسلوب تعاطيها مع المؤتمر الدستوري، ونختلف مع أسلوب تعاطيها اليوم حول قصة جمع تواقيع العريضة، ونختلف معها وبشدة حول ما حدث أخيرا من تجاوز للخطوط الحمراء من تشهير بأحد الأشخاص من المحسوبين على المعارضة ونشر اسمه في قضية أخلاقية، فهو تعاط لا ينم إلا عن قلة حيلة وعجز، يتعدى الحدود ولا يمت إلى أصول وقواعد الخصومة السياسية بصلة أبدا، عدا ان عدم مراعاة الأهل والعائلة والتشهير بها بهذا الشكل يتنافى مع أخلاقنا وأصالتنا. وكأن السلطة فقدت بوصلتها، وفقدت أدواتها الشرعية وفقدت حجتها القوية فما عاد لها سوى محاولات التشويه والعرقلة على خصومها، وهي أدوات الضعيف! فإن كانت لا تعلم ان هذه هي الصورة التي تخرج بها حين تتصرف بهذا الشكل فلتعلم الآن (اللوم يقع على الصحف أيضا).
وهي تبدو ضعيفة حتى حين تتذرع بالنص القانوني لمنع توقيع العريضة، فإن كان المقاطعون يلامون على التمسك بحرفية النص من أجل التصعيد والمواجهة مع السلطة، فإن الحكومة لا تقل عنهم لوما أبدا في تمسكها بحرفية بعض القوانين أو بالتفسيرات الأحادية لها من أجل تبرير ذلك التصعيد، انها تلتف على مشروعية التعبير السلمي بحجج وأساليب مكشوفة، لتظهر بمظهر الخائف من الرأي الآخر والباحث عن أي وسيلة لمنعه وعرقلته.
متى ستقتنع السلطة بأن من صوت على الميثاق واختار قرار المشاركة والذين هم 53% من الشعب البحريني جديرون بل وقادرون على حماية خياراتهم والدفاع عنها؟ لماذا لا تدرك بأن دورها في الحراك السلمي دور محدود يقتصر على بعض الاجراءات والتراخيص ومن ثم التنحي جانبا وترك الناس تدافع عن معتقداتها وخياراتها؟
دعوا الناس تمارس حقها في التعبير... فذلك أبسط وأهم وأقوى الحقوق التي دافعنا عنها حين صوتنا على المشروع الاصلاحي، انها حجة على المشككين وتأكيد على مصداقية هذه التسوية، فلا تقارع الحجة إلا بالحجة، والمنطق إلا بالمنطق، أما تلك الطرق والأساليب التي أكل عليها الدهر وشرب وتنم عن قلةحيلة وعجز فلا تثير غير الاستهجان.
عملية المشاركة في الانتخابات كانت هي المبايعة التي تناصف فيها المشاركون والحكم بالتساوي في ملكية «التسوية الأخيرة»، لذا فان حق التصرف واجب حماية هذه الملكية بات واجب على الاثنين معا ضمن الحدود الدستورية والقانونية والأخلاقية أيضا، فلماذا تعتقد السلطة بأن مهمة الدفاع عن هذه القناعة مهمتها وحدها، فتتحرك وتتصرف إلى الآن وحدها (كما اعتادت؟) والمصيبة انها مازالت تتصرف بشكل يفقدها الحجة باستخدامها أدوات لا تتوانى فيها عن الضرب تحت الحزام، وبدلا من ان تقوي حجة هذا الخيار الذي ارتأته الأغلبية تضعفه وتظهره بمظهر العاجز.
ان شركاءهم في التسوية نجحوا من خلال مشاركتهم في الانتخابات ومن خلال عملهم الدؤوب في كل مرة يعبرون فيها عن قناعتهم في تشكيل جبهة دفاعية لا يمكن اختراقها، ومنحوا «التسوية» قوة ومصداقية نجحت في ضم الكثير لها من المعتدلين المعارضين، بل ونجحت السلطة نفسها في تقوية حجتها من خلال عملها الدؤوب على اجراء التغيرات الفعلية في العديد من المواقع بما يتماشى مع روح الاصلاح، فتأتي وتنسف هذه الجهود بتلك التصرفات غير المسؤولة! فتقوي خصومها بدلا من ان تضعفهم.
الأغلبية قادرة على الدفاع عن خيارها والذود عنه، وللأقلية الباقية الحق دوما وأبدا في التعبير عن رأيها والعيش حسب قناعتها، وعلينا احترامها وحمايتها والدفاع عنها مثلما نطالبها باحترام خيارات الآخرين، هذه هي الديموقراطية، ما دام التعبير متمسكا بالوسائل السلمية فعلى السلطة ان تتنحنى جانبا وتترك المجال للناس كي تعبر عن قناعاتها.
السلطة مطالبة بل وملامة ان هي لم تتدخل لحماية الأمن ان جرت محاولات لانتهاكه والاضرار بأرواح وممتلكات الناس، السلطة ملامة ان هي قصرت في هذا الدور ومنحت مهمة الحفاظ على الأمن ـ بالقانون ـ لغير جهازها الرسمي، هذا هو دورها ضمن الأطر الإصلاحية، إنما يبدو انها تحتاج لوقت لاستيعابه!
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟