محمد سقراط
الحوار المتمدن-العدد: 2619 - 2009 / 4 / 17 - 05:39
المحور:
الادب والفن
بعد عناء يومين من المعاندة والإحتجاج ضد نفسي ومع نفسي ،فأنا لا احيا سوى مع نفسي بعيدا كل البعد عن الإجتماع مع الآخرين ، الآخرين هم المجتمع , المحيط العائلي ، الحومة ، الحلاق , المقهى ، انهم بالنسة لي مواضيع للدراسة للتأمل وغرباء أكتشفهم يوما عن يوما , كم هو الأمر مؤسف يا عيشة حين تشعرين بهذه الغربة و العزلة داخل نظام اجتماعي كنظامنا المغربي ؟
أو حين تعزلين نفسك عن ذلك النظام بالقوة ، ليس لأنك أقوى أو أذكى أو أفضل بل لأنك عاجزة عن التواصل معهم أو العيش معهم ضمن نطاق أفكارهم وتمثلاثهم الفكرية والدينية . انني اشعر بالضجر بالملل والسأم وربما برغبة في الموت حين اكون بينهم ، حين اعيش بينهم ، حين اعجز عن فهمهم أو تقبلهم كما هم . اعجز عن مشاركتهم أفارحهم وأحزانهم وأعيادهم وكل ما يمرون به . حتى داخل اسرتي ! تخيل أن امي لامتني اليوم لأنني لم استقبل ضيوفها أفراد عائلتنا أولائك الغرباء عني !! تخيل أن اختي لامتني لأنني لم اجلس ولم ألتقط صورة معها أثناء خطبتها ؟
لما أفعل كل هذا ؟
لما أنعزل اذن عن مجموعة تلك القيم الإجتماعية ؟
هل هناك خلل ما في في اعماقي في نفسيتي في تفكيري ؟
هل أنا عنصري لهذا الحد ؟
قبل العيد بليلة وقعت مشادة كلامية بيني وبين أبي ، خلاف , شجار ربما ,تألمت كثيرا , من جراء ذلك , ليلة باكملها كان صدري يؤلم ، جاءت الي امي تسألني ما بك ؟ لما أنت على هذه الحال ؟ كيف اجيبها ؟ انظري ، ذلك المتخلف القابع هناك سيقتلني بتخلفه ! أبي متخلف !! هل رأيت عقوقا مثل هذا ؟؟
لما تبدو الأشياء مقرفة ومملة لهذا الحد ؟ جاء العيد اذن , المؤذن يؤذن , أشعر بالأرق , اقوم من النوم واتوجه الى الحمام , استحم وارتدي ملابسي ، حتى الرغبة في الإستحمام تنعدم ! أصوات الأكباش تنعق كأنها تحتج على مصيرها ، كأنها تلعن يوم ولادتها ، امسك كتابا وابدء فقرائته , انثوية العلم , سلسلة عالم المعرفة , الكتاب يتحدث اجمالا عن ذكورية العلم أو , محاولة الذكور السيطرة على المجال العلمي واقصاء دور المرأة والغائه بالمرة تحت تبريرات بيولوجية وعنصرية ان صح القول , اعجب بالكتاب واسترسل في قرائته, 100 صفحة قراتها ، أترك الكتاب , اقوم مجددا , جاء أبي من المسجد , اتوجه اليه , اقبل يديه , عيدك مبارك يا ابي ، نوع من الصلح , اقبل يدي امي , عيدك مبارك يا امي ,اعود مجددا الى غرفتي , لا جديد , لا يهمني ما سيحدث بعد ، ارسل رسالة معايدة لصديقي ، صباح الخير عزيزي .
افكر فيك , هل ارسل لها معايدة ؟ هل اكتب لها عيدك سعيد يا عيشة ؟؟ لا…لا….لا… لا تذكرني بها ، أضع الهاتف جانبا ً , أتوجه الى السطح , من أجل مشاهدة عملية ذبح الأكباش ونحرها أمام الأطفال , ما البث أشعر بالملل من ذلك المشهد وأعود مجدد الى غرفتي , احمل كتابا آخر , وابدء في قرائته , التحليل النفسي , احاول فهم هدا الكتاب , اقرا فيه الكثير ثم اتركه وهكذا , الملل , يا عيشة , لكنك كنت في تفكيري ايضا , طوال اليوم , ترى كيف هي ، كيف تشعر وتفكر وتعيش العيد .؟ هل هي سعيدة ومرحة بالعيد مثل الأطفال ؟ هل هي كذلك ؟ هل تشاهد مشهد الذبح وتبتسم مثل الأطفال ؟
يمضي منتصف اليوم ، ارتدي ملابسي واهرب بعيدا ، الى اين لا أدري , المهم , لا أريد ان التقي احدا, لا اريد أن يقبلني احد , ويقول لي عيدك سعيد ، لأني لست سعيدا , اذهب . هل تعلمين الى أين حيث اختبأ لساعات طوال هناك ؟ أذهب , لكي اقامر .
القمار يجري في دمي مثل حبك , لكن , في عز الخسارة التي منيت بها تسائلت : ايهم أقوى القمار أم حب عيشة ؟ بدى السؤال تعزية عن مرارة الخسارة التي منيت بها , وحتى الإجابة عنه غير مجدية ، خسرت مبلغ 500 درهم في ظرف ساعات ، كنت اريد ان اربح لكي اسافر الى الدار البيضاء , كي اراكي ربما و وارى , حديقة الحيوان , وربما اغير الجو ,وأنتشي بجو جديد , اشم رائحة جديدة والتقي باناس جدد ، لكنني خسرت , لم اربح , تبخر كل شيء , ازدادت حالتي النفسية سوءا بعد الخسارة , بث مضجرا وكئيبا , في تلك الأجواء الحزينة , ضمني احدهم الى صدره وبدأ يقبلني , عيدك سعيد محمد , بالرغم من انك لا تؤمن بمعتقداتنا ومقدساتنا , شعرت بالحبور للحظة , هناك من يحيني ويقبلني , بالرغم من انه يعلم أنني لا اؤمن بمقدساته !! كلمني ذلك الغريب لبعض الوقت , ثم اختفى , لم أشعر به ابدا , لم أعرف ماذا قال بعد أن قبلني وضمني الى صدره ، بالرغم من أنه تحدث كثيرا , ثم تركني , مع نفسي مجددا , مع تلك الخسارة , ومع علامات استفهام كثيرة تحيط بي , دخنت سيجارة بعدها , و ذهبت الى الحلاق , حيث جلست انتظر دوري , كم كان الإنتظار مملا ؟ والأهم هو احاديثهم , ودردشتهم ، العيد ….الأضحية …..الغلاء ……الصلاة …..الخطبة….. الدعاء …… جاء احدهم فجأة وضمني الى صدره مجددا , بغتة !عيدك سعيد محمد، لم اتلكم بكلمة معه , ولم أنبش بحرف , كم كنت فضاُ معه ؟ وجاء الآخر ليضمني ايضا , لكنني دفعته وممدت له يدي فقط ، اسلم عليه ، جاء دوري , اجلس فوق الكرسي , الحلاق صديقي , قال لي :
هل اتصلت بلطيفة ؟؟
قلت له باندهاش : من هي لطيفة هذه ؟؟
أجاب : تلك التي أعطيتك رقمها ، ألم تقل لي انك تحتاج الى فتاة ؟؟( حلاق و قواد و سمسار)
آه تذكرت , لم اتصل بها .
- لما ؟ لو رأتك لتعلقت بك , انخا فتاة جميلة !!
- سافكر في الأمر , فربما أنسى عيشة !!
ـ من هي عيشة تلك التي تهلوس بها ؟؟
- فتاة من الدار البيضاء.
قهقه عاليا : آه كم انت مسكين , هل مازلت تحبها ؟؟
-ربما ,لا اعرف .
-اتصل بلطيفة , لعلها تنفعك , انها قريبة منك , ليست ببعيدة . لي قريب من العين قريب من القلب .
ـ حسنا سافعل ,ذكرني برقمها .
يفعل , ادون الهاتف , أتصل بها ,لا ترد ,العلبة الصوتية , اللعنة .
-الحلاق: لا عليك , حاول غدا .
-حسنا .
ينتهي من الحلاقة , اقوم من على الكرسي , أهمس في أذنه :
- ليس معي سنت واحد.
يقهقه , لا عليك يا صديقي ,يكفي أنك جئت .
اخرج , ينتابني شعور بالغثيان , رغبة في التقيؤ , أتوجه الى السيبير .اجلس , يستقبلني صاحب السيبير بالبشاشة والفرح قائلا :-عيدك سعيد .
ـيحاول تقبيلي فامتنع , ابتعد عنه قليلا , شعرت بالحرج ,لا يهم , اجلس قبالة الحاسوب , افتح صفحة انترنت , أول شيء افعله ابحث عن اغنية الحسين السلاوي ( خلخال عويشة ) ـ ثم افتح علبة رسائلي , لا رسائل منك , اتجول قليلا , يعاود ني الغثيان , الشعور بالحموضة في معدتي , علما انني لم آكل شيء طوال اليوم .
- شهية مغلقة , ربما .
لم اشعر بالجوع , حالة اكتئاب حادة , اخرج من السيبير , ثم اعود مجددا , اكتب لك رسالة وداع , كيئبة , حزينة, ربما .
في الجهة الأخرى تحيني فتاة : عيدك سعيد معاذ , كيف انت . رسمت ابتسامة على وجهي , أو اكتفيت برسم ابتسامة على وجهي وتركتها تتحدث لوحدها . تذكرت أنني طلبت منها لقاء ذات يوم , فخدلتني وتركتني انتظر على الشاطئ ، آه ,أيتها العاهرة قلت في نفسي ، اتمم الرسالة ’ ارسلها لك , اخرج من السيبير,ملوح بيدي الى صاحبه, الى الغد , فهم القصد , فانا مفلس من اين سادفع له ؟؟.
أتوجه الى البيت , أتسلل عبر الدرج حتى لا يراني احد بتلك الحالة .
قهقهة وضحك , يبدو البيت ممتلئ بالضيوف ؟؟ ما العمل ؟ ما الحل ، اتوجه مباشرة الى غرفتي كأن لا احد موجود , تأتي امي , تسأل:
- الن تسلم على الضيوف ..؟؟
-لا….لا يا امي .
-هل تريد الأكل ؟
-ايضا لا.
ـ ما بك يا محمد ؟؟ هل تشعر بشيء ؟
أصمت أتركها تضرب يدا على اخرى و تنصرف مهمهمة : الله يرزقني الصبر معاكم .
أنام ,أو أحاول النوم .
ربما تشرق شمس افضل غدا ……………
آسف عيشة لم اجد ما افعله , ففكرت في الكتابة لكي …. 11/12/2008, 19:19:57
محمد سقراط
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟