أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - حسن ناجي - كاظم فرهود في ذكرياته... هكذا كان قادة النضال الشيوعي















المزيد.....

كاظم فرهود في ذكرياته... هكذا كان قادة النضال الشيوعي


حسن ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 2614 - 2009 / 4 / 12 - 02:28
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


((سيرة وذكريات ... وود مقيم)) هذا ما اختاره القائد الفلاحي الشيوعي "كاظم فرهود" عنوانا لكتابه المطبوع في مطبعة الخير. وللأسف لم تتوفر في مكتبات شارع المتنبي الا نسخ مصورة تصويرا رديئا للكتاب الذي حوا صورا فوتوغرافية ضاعت معالمها في رداءة الاستنساخ.
ولد "أبو قاعدة" عام 1926 أو 1927، في أطراف ناحية "السنية " من محافظة الديوانية، لعائلة فلاحية معدمة. وبسبب الفقر والعوز لم يكمل دراسته و دخل دورة تمريض ليعمل ممرضا في فترة من حياته، قبل ان يكرس حياته للنضال الشيوعي.
يقول عن ولادته ((ولادتي لم تكن أكثر من اضافة رقم جديد محسوبا على أنفار هذا العالم الذين تضيق بهم الأرض على سعتها)) ... واذا كان هذا هو المقدر لأبن عائلة فلاحية معدمة، فواقع الحال ان كاظم فرهود لم يقنع بالمقدر، ولم يصبح مجرد رقم في عديد أنفار هذا العالم، فباختياراته ونضاله وتضحياته أصبح قائدا فلاحيا شعبيا متمرسا، كان له دور مشهود في قيادة النضال ضد ظالمي شعبنا من اقطاع واستعمار وطغاة، حتى أصبح رئيسا للاتحاد العام للجمعيات الفلاحية عقب ثورة تموز 1958، وقائدا شيوعيا عرفته ساحات الكفاح والسجون وتبوأ مراكز حزبية وتحمل مسؤوليات متقدمة، يشهد له زملاؤه حسن اضطلاعه لها.
وحين نطالع سيرته نجده:
- شيوعي مخضرم... ففي عام 1944 انتمى للحزب وعرف قادته التاريخيين، فهد وسلام عادل، وتعلم منهم.
- ربيب سجون... سجن ثلاث مرات، وقضى أكثر من عشر سنوات من شبابه في السجون والمعتقلات، وعرفته سجون الحلة والكوت ونقرة السلمان وبعقوبة والفضيلية وموقف بغداد المركزي. وكان قائدا جسورا للسجناء الشيوعيين في نضالهم ضد عسف السلطات القمعية وادارات السجون وجلاديهم.
- خبير في الهروب من قبضة سجانيه وحفر أنفاق الهروب... كان الأول هروبه من المراقبة والمنفى في بدرة عام 1955، تليها خمس محاولات هروب من السجون، مرة بالقفز من سيارة تنقل السجناء من سجن السلمان الى السماوة ومرات بحفر أنفاق للهروب من سجون الكوت والحلة وبعقوبة والفضيلية.
- قائد فلاحي متمرس في تنظيم الجماهير وقيادة كفاحها. شارك في كل معارك الشعب من أجل حقوقه ومصالحه وحريته، منذ منتصف الأربعينات ثم انتفاضة 1948 التي سجن اثر قمعها. وبرز كقائد لنضالات الفلاحين وجمعياتهم من أجل الاصلاح الزراعي عقب ثورة تموز، في زمن كان الفلاحون يشكلون ما يقرب 60% من سكان العراق.
- مناضل عمل سري بارع، حين يلزم الأمر، قضى سنوات في النضال السري وتمرس فيه، وعرف معاناة وتضحيات هذا النمط من النضال الصعب.

وبعد خروجه من السجن اثر اطلاق سراح السجناء الشيوعيين بعد انقلاب 1968 ... يكتب في ذكرياته (( في نهاية أيلول وبداية تشرين الأول دخلت في "واد غشيته ضروس" أي واد مطره قليل، حيث جمدت نفسي عن العمل الحزبي تحت تأثير الشعور النفسي السلبي والمرارة)).
كان بعيدا عن سياسة التحالف مع البعث غير مقتنع بها وغير مساهم لا في صياغتها ولا في تنفيذها، ولم تتلوث يديه أو يتثلم ضميره بذنوب تلك السياسة.
وحين عاود نشاطه مع الحزب في 2004-2005 في الميدان الفلاحي وتأسيس اللجنة التحضيرية للاتحاد العام للجمعيات الفلاحية، اعترض على دمجها مع جماعة أياد علاوي....واعتزل العمل.

معروف عن كاظم فرهود حسه الشعبي المرهف، وكفاءته في الاقناع واختزال الموقف بحكمة شعبية او بحكاية من حكايات الفلاحين الأثيرة، يشاركه في هذا الفقيد "أبو كاطع". وفي ثنايا كتابه عن سيرته وذكرياته و"الود المقيم" نجد بعضا من ذلك. فلكي يلخص مناقشته لكتاب عن الاصلاح الزراعي للـ"بروفسورة دورين ورينر" ترجمه خير الدين حسيب، وكثرة الأخطاء التي فيه، يورد "ابو قاعدة" حكاية أجنبي يتعلم اللغة العربية، كتب رقعة أمام الذي يعلمه اللغة، والمفروض بالأخير ان يصححها له كي يتعلم. كتب الدارس ((الخسن والخسين.. سلاستهما بنات.. مغاوية!!))، وحين قرأها المدرس ضحك وقال له"ماذا أصلح فيها؟... كل ما كتبته خطأ في خطأ".
أو حكاية كطان سيد حميد ، التي يوردها على لسان فلاح يصف حال "الفلح" مع ثورة 14 تموز. و سيد حميد صياد رمى شبكته في النهر، وبعد لحظات شعر ان شبكته ثقلت واشتدت، فظن ان فيها صيد ثمين، وراح يسحبها وهو يردد فرحا "اللهم صلي على محمد وآل محمد"، وحين اخرج الشبكة من الماء ظهر منها رأس "جني" فرمى الشبكة وولى هاربا وهو يردد "يا حافظ... يا حفيظ".
وما أشبه خيبة ظن "سيد حميد" بخيبة ظن العراقيين بقادة البلاد الجدد.

و في سرده لذكرياته وسيرته الغنية، لا نجد ذلك النفس الذي نلمسه في مذكرات بعض القادة الشيوعيين من تبرير للأخطاء وتبرئة النفس ورمي الذنوب على آخرين. فهولا يتردد بالاعتراف بالخطأ، بدءا بالأمور الحياتية اليومية، وما يورده عن حديثه بمصطلحات ومفاهيم لا تتناسب وادراك فلاح بسيط كان سجينا معه نهاية الأربعينات، الى اعترافه بخطئه حين عوقب واخرج من تنظيم الحزب في سجن السلمان عام 1949 لأنه فقد أعصابه في الحديث مع مسؤولي الحزب في السجن وسلوكه بما يخالف قواعد التنظيم.
الى اقراره بأخطاء ارتكبها أثناء قيادته للاتحاد العام للجمعيات الفلاحية بعد ثورة تموز، سواء في انتخابات الهيئات الادارية للجمعيات الفلاحية أو في التعامل مع "عراك الزكم" وجماعته في قيادة الاتحاد.
وفي كتابه يذكر كاظم فرهود عددا كبيرا من أسماء مناضلين، من طينته، ويخصص صفحات وافية للحديث عن بعضهم، وفاءا لهم وعرفانا بتضحياتهم ونضالهم، ويعتذر لمن فاته ذكرهم. أسماء لمناضلين مجهولين عند الأجيال الراهنة، ما كان لنضال تلك الأيام أن يكون بدونهم وبدون تضحياتهم وأدوارهم.
ولعل من بين الآراء الثمينة في الكتاب التي لو أخذ بها قادة الشيوعيين اليوم لأغتنوا وأغنوا ((ان الحكمة وبعد النظر يتطلبان اعارة اهتمام كاف وانتباه شديدين الى وعي وادراك أعضاء الحزب وجماهيره، وعدم الاستهانة والاستخفاف بأحد. حينما يتطلب الأمر التغيير والتبديل في سياسة الحزب أو رسم تكتيكه)).
ومن يقرأ سيرة كاظم فرهود الذي كرس شبابه وجل حياته في الحزب الشيوعي، وتحمل الاضطهاد والسجون وتضحيات الاختفاء والعمل السري، وساهم في اعلاء شأن الحزب ومكانته وتعزيز نفوذه، يجد ان هذا الرجل لم تكن غايته الحزب بذاته، بل مصالح الشعب والوطن ومصيرهما، والحزب عنده اداة نضال لتحقيق تلك القضية النبيلة التي نذر حياته لها. فحين يجد ان سياسة الحزب تتعارض مع مصالح الشعب وقضيته كان يعتزل العمل الحزبي أو يجمد نشاطه الحزبي.

في هذا الكتاب ما يقوله هو عن سيرته وبعض ذكرياته، ولا شك ان هناك ما يقوله الذين عرفوا "ابوقاعدة".
وأنا أعرفه منذ كنت صغيرا، دون أن يكون بيننا صلة أو تعارف شخصي. كان عمري 11-12 سنة حين كنت أزور مع أهلي أخي السجين في معتقل الفضيلية أعوام 66-67، وكان كاظم فرهود علما بين زملائه وممثلا لهم أمام ادارة السجن. ومنذ ذلك الحين أتابع أخباره ومواقفه.
كنت منتبها لهذا الرجل الودود ولمكانته بين السجناء واحترامهم وحبهم له، شاهد صغير على أحداث جرت في معتقل الفضيلية كان له فيها دورا رياديا، مثل اضراب السجناء الذي كان معركة غير متكافئة بين عشرات من المعتقلين الشيوعيين والنظام العارفي، كسبوها ببسالة وجدارة. ثم محاولة الهروب من المعتقل بحفر نفق.
كان رفاق "أبوقاعدة" في الفضيلية يتندرون بالطريقة التي واجه بها ادارة السجن حين فشلت عملية الهروب وانكشف أمر النفق...((هذا "الزويريف" أنا حفرته وأنا أتحمل مسؤوليته))... بهذه البساطة المهيبة كان يجادل ادارة المعتقل الهائجة.
كنت مأخوذا بقيم وجسارة هؤلاء الرجال وبطولتهم. عشرات من المسجونين خلف جدران وسياجات وأسلاك شائكة، يتحدون الحكومة بجيشها وقواتها الأمنية وجلاديها، أصحاب مباديء ومثل وقضية تخص مصير وطن، يحملوها على أكتافهم كأنها قضيتهم الشخصية.
وفي أيام انتفاضة آذار 1991 كنا قلة من الشيوعيين ببغداد نحاول ما نحاوله، حين جاءنا من يبلغنا ان "كاظم فرهود" ومعه آخرين مستعدون للمساهمة مع مناضلي الحزب بما يمكنهم، معبرا عن موقفه بأن ((من المعيب الجلوس في بيوتنا والشعب واقف على حيله)). وأقل ما يقال عن هذا الموقف انه كان دعما ثمينا وشد أزر لمن كان في بغداد من الشيوعيين.
ومما يحسب له، انه لم يصطف مع البعث الحاكم سواء في السبعينات أو في ظل حكم صدام حسين المباشر لاحقا، وفشلت كل محاولات استمالته وشرائه.

وفي هذه الأيام حيث احتفل الشيوعيون واليساريون بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الحزب، جدير بهم أن يتوقفوا أمام سيرة مناضلين وقادة جماهيريين من طراز "ابو قاعدة"، كانت أدوارهم متميزة في صنع ذلك التأريخ الحافل بالمآثر، والذي يشكل اليوم الرصيد الأكبر لعمل الشيوعيين وسمعتهم.
قادة صلب دربوا النضال الشعبي وعلمتهم السجون والمعتقلات وميادين العمل بين الناس ما جعلهم قادة كفوئين لنضالات صنعت تاريخا مشرقا للشيوعيين ولعموم اليسار في العراق.
عرفوا كيف يكون النضال وكيف تقاد الجماهير. جاهدوا في بناء حزب جماهيري مناضل واسع النفوذ والتأثير، وكانوا في طليعة المضحين حين تتوجب التضحية. لم يقودوا الذين ائتمنوهم وناصروهم من وراء المكاتب ولم يفكروا بمنافع ذاتية لهم او لذويهم، او بمناصب وأمجاد شخصية. لم يهادنوا ولم يتهيبوا من قوة الخصوم ولم يتقزموا أمام أحد.
قادة كانوا دائما بين الناس أصحاب المصلحة والقضية ولم ينعزلوا عنهم أو يستعلوا عليهم، وكان نصيب عائلاتهم وذويهم الحرمان والاضطهاد والملاحقة. وكاظم فرهود في مقدمة كتابه يعتذر لعائلته و يرجو غفرانهم ((فيما لو ألحقت ضررا بهم من قريب أو بعيد بسبب تكريس نفسي لخدمة شعبي وحزبي)).
ولأن "أبو قاعدة" يكبرني بما يقرب من ثلاثين عاما، أشهد انه وأمثاله أدركوا مسؤوليتهم أمام الأجيال القادمة وبذلوا ما بوسعهم وقدموا تضحيات جسيمة في محاولتهم تأمين حياة كريمة ومستقبل يليق بالبشر للقادمين بعدهم. ولا أملك الا أن أسجل عرفاني بجميل نضاله من أجلنا وتكريس حياته لنا.
العمر المديد والصحة الوافرة لـ"كاظم فرهود" الذي يكفيه شرف المحاولة الصعبة.



#حسن_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - حسن ناجي - كاظم فرهود في ذكرياته... هكذا كان قادة النضال الشيوعي