أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد فؤاد منصور - محاكمة البشير .. والرقص على المنصة !!















المزيد.....

محاكمة البشير .. والرقص على المنصة !!


محمد فؤاد منصور

الحوار المتمدن-العدد: 2603 - 2009 / 4 / 1 - 04:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقف زعماء العالم العربي هذه الأيام على ساق واحدة يتدبرون أمرهم فيمابينهم ويناقشون المذكرة المهينة التي صدرت بحق الرئيس السوداني عمر البشير والخاصة باعتقاله أو دعوته للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية .
ووجه الغرابة في الأمر أنها السابقة الأولى التي تصدر فيها مذكرة بهذا الشكل في حق رئيس دولة مايزال يتربع على سدة الحكم ويمارس سلطاته كاملة ، ولأن من أهم أدبياتنا في عالمنا العربي أننا ننصر أخانا ظالماً أو مظلوماً ، لابالمعنى الذي أشار إليه الحديث النبوي الشريف وذلك برده عن الظلم إن كان ظالماً وإنما بنعرة الشعور القبلي الزائد بالكرامة إن تراصت الصفوف بالحق أو بالباطل خلف واحد من قادة العرب ، أو الإحساس بالمهانة إن تم سوقه من وسطنا ونحن وقوف نتأمل وننظر مايفعل بنا .
والأمر فعلاً لايخلو من إهانة يحسها كل عربي حين يصبح رئيس دولة عربية مهدداً بهذا الشكل السافر والذي لاينطوي حتى على أبسط قواعد المجاملة للحكام العرب أو للشعوب العربية التي تصلها الرسالة المهينة بشكل أو بآخر ، بل إن المذكرة ومضمونها يستفزان التحدي للشخصية العربية وهوماعكسته تصرفات البشير نفسه حين بلغه أمر صدور مذكرة توقيفه فراح- من باب تحدي الإرادة الدولية- يرقص بالعصا في اجتماعات جماهيرية تارة ، ويسب ويلعن لويس أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ، بل وفي لهجة غاضبة تبدو عنترية إلى حد كبير أعلن أن كل اعضاء المحكمة الدولية من رئيسها إلى حاجبها "تحت حذائي"!! .. هكذا قال بالنص الصريح بما يعكس حالة لاتنكر من التوتر العصبي والغضب المدمر فلا الرقص بالعصا أمام الجماهير الغفيرة دليل سعادة وهناء ، ولاضرب الأرض بالقدم وسب العالم ومحكمته وممثليه دليل انتصار وسؤدد .. فللأمر جوانب كثيرة خافية ينبغي مناقشتها بروية وحكمة .
ولأن الروية والحكمة ليستا من سمات الشخصية العربية فقد راحت المظاهرات الغاضبة تجوب شوارع السودان لتعلن تأييدها وتمسكها برفض القرار الدولي المهين ، وراحت وسائل الإعلام – وقد وجدت على مايبدو مادة ثرية لبرامجها – تدبج المقالات وتعقد المناظرات ليل نهار لمناقشة الأمر وتقليبه على كافة الوجوه .. فمن قائل إن الغرب يطمع في ثروات السودان وبالذات مايروى عن ثروات طائلة تحتضنها أراضي إقليم دارفور ، إلى قائل بوجود مؤامرة صهيونية تشترك فيها اسرائيل مباشرة بهدف تطويق العالم العربي من جهته الجنوبية .
وكما هي عادة المتناظرين العرب في كل أمر انقسم المتحاورون إلى مؤيد ومعارض واختلطت الأوراق اختلاطاً عجيباً ومعيباً حتى لم نعد نفهم على وجه الدقة ..هل عمر البشير برئ ممانسب إليه فعلاً ، ام أن الأمر لايعدو انتصار الأخ لأخيه ظالماً ومظلوماً حتى لوشرب من دماء بقية أخوته وعذبهم وشردهم ونكل بهم وقعد لهم كل مرصد ؟!
لابد أن يدرس الأمر دون انفعال ، ومن منطلق أننا اعضاء في المجتمع الدولي وأنه لامفر من التعامل معه وبلغته حتى لوبدا لنا أننا موضع سخرية واستهزاء أواستصغار لشأننا فالأمر جد خطير ، ولاتحسمه لغة السب والشتائم والرقص على المنصة ولازيارات التحدي التي يقوم بها البشير شرقاً وغرباً لإظهار أنه لايأبه لمايدبر لشعبنا العربي في السودان والذي ندعو الله أن يحفظه ويجنبه كل سوء.
لابد أن نعترف أولاً أنه لاالبشير ولاغير البشير قد جاء إلى سدة الحكم بإرادة شعبية خالصة حتى يكون من حقه أن تخرج الشعوب بالملايين لتدافع عنه وعن زعامته ، البشير جاء بانقلاب عسكري على الشرعية القائمة ، وهو مستمر في الحكم بقوة العسكر وليس بالإحتكام لصناديق الأنتخاب ، ولابد من الإعتراف بأن هناك تجاوزات ترقى لحد الجرائم قد قام بها رجاله ضد أهل دارفور مما أمكن توثيقه وتعريته ومن ثم توريطه في محاكمة جنائية دولية وبرعاية مجلس الأمن ولانظن أن صدور مذكرة الإعتقال بحقه هي الحلقة الأخيرة في سلسلة حلقاتها .
قد يحلو للبعض منا أن يندد بمذكرة الإعتقال وبمن أصدروها ..قد نكيل الإتهامات يميناً ويساراً عن ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين وغض الطرف عما ترتكبه اسرائيل من جرائم وانتهاكات بحيث تبدو دولة فوق الحساب ولاتخضع للقانون الدولي كغيرها من الدول ، وكل ذلك في مجمله صحيح ولايفكر أحد في معارضته أو الأعتراض عليه ، ولكنه ليس هو مدار الحوار ولالب القضية التي نحن بصددها ولامصدر قلقنا ومخاوفنا في الفترة القادمة .. إنما نعنيه بالدرجة الأولى أن البشير قد تم بالفعل ضبطه متلبساً بالتنكيل بقسم مهم من شعبه ،وقد أمكن توثيق ممارساته التي دفعت به إلى قفص الإتهام أمام المحكمة الدولية سواء رضينا عن الإجراءات التي تمت أو لم نرض عنها .
مايهمنا حالياً ليس البشير كحاكم عربي كغيره من بقية حكام العرب جاءوا على أسنة الحراب ، واستمروا ويستمرون رغم أنوف شعوبهم ، وهم قادرون في كل وقت على التنكيل بمعارضيهم بل والزج بهم في المعتقلات إن خالفوهم الرأي أو قتلهم أو ذبحهم إذا اقتضى الأمر، فالمسألة لم تعد شأناً داخلياً يمكن غض الطرف عنه وإنما أصبحت مواجهة ساخنة مع المجتمع الدولي وبمباركة مجلس الأمن ، مايشغلنا هو إلى أين تقود سياسة المواجهة والتلويح بالعصا تارة وبالحذاء تارة مصير شعبنا العربي في السودان ؟
وماالسبيل للخروج من المأزق بأقل الخسائر الممكنة حتى يمكن الحفاظ على وحدة أراضي السودان وسلامتها ؟
في تصوري أن الجهود المبذولة حالياً لتأجيل الإجراءات لمدة عام هي خطوة هامة يجب الوقوف خلفها ودعمها ، على أن تستثمر هذه الفترة في ترتيب البيت السوداني من الداخل ، بحيث يتخلى الرئيس البشير في نهايتها عن الحكم ويكون جاهزاً للمثول أمام المحكمة ، ومن الممكن في هذه الحالة تبني مسئولية الدفاع عنه كقضية عربية يمكن الإلتفاف حولها .. أما سياسة التسفيه والتخبيط والتهوين من شأن المجتمع الدولي وممثليه فلن يقود ذلك إلا إلى حصار خانق يعقبه تدخل سافر ، ولن يدفع فاتورة التعنت وقتها سوى أخوتنا في السودان .
إن سلامة البشير ليست بديلاً عن سلامة السودان أرضاً وشعباً وسماءً ..
فهل نعمل العقل لبعض الوقت ، ونكف عن سياسة التلويح للمجتمع الدولي بالعصا والحذاء ، ونعامله بأدواته طالما ارتضينا أن نكون جزءاً منه ؟ ..
هذا هو السؤال الصعب الذي ولاشك ستجيب عنه الأيام .



#محمد_فؤاد_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذين لايقرأون التاريخ...!
- عندما ينهار البناء..!!
- ماذا يراد بنا؟ مصر بين العرقنة واللبننة


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد فؤاد منصور - محاكمة البشير .. والرقص على المنصة !!